خاص: إعداد- سماح عادل
“جلال زنكابادي” شاعر وباحث ومترجم كردي.
التعريف به..
ولد “جلال حسين محمد زنكابادي” في سنة 1951، في إحدى القرى التابعة ل”جلولاء”، اغتيل والده في أواخر 1960 لنشاطه الوطني. عمل في أعمال متعددة، عامل تنانير، عامل بناء، عتال، بائع كتب على الأرصفة…الخ، تخرج من دار المعلمين في كركوك سنة 1969، مارس التعليم لمدة 20 عاماً. يتقن اللغات الانكليزية والاسبانية والعربية والتركية والفارسية والكردية بلهجاتها.
تعرض للاضطهاد والملاحقة من النظام السابق، عمل محرراً في المجلات والصحف، الأقسام الأدبية، من دعاة سلطة الثقافة وحوار الثقافات بين الشعوب والأمم. وقد اختار النضال الثقافي منذ بصفته ديمقراطيا راديكاليا مستقلا. بدأ الكتابة منذ 1963 ثم النشر في الجرائد والمجلاّت منذ 1967 لكنّه لم ينشر إلا القليل من كتبه المؤلّفة والمترجمة. يكتب بلغة كردية شبه موحدة لكونه من الأدباء القلائل الذين يجيدون اللهجات الكردية الخمس الرئيسة. ويعرب أحياناً مايكتبه بالكردية، ويكرد ما يكتبه بالعربية، ويترجم أحياناً النصوص الأجنبية إلى الكردية والعربية كلتيهما في الوقت نفسه، نشر باسميه (ج ورده) و(ج زنگابادي) وأكثر من عشرة أسماء مستعارة.
ساهم في تأسيس جمعية مترجمي كردستان سنة 1992، ساهم في تأسيس الحركة الشعبية الكردستانية سنة 1996، ساهم في تأسيس المركز الثقافي والاجتماعي في كركوك سنة 1998، أسس عدة مجلات أدبية مثل “نو شفق- أطفال بابا كركر”، له حوالي 30 مؤلفاً مابين الترجمة والبحث والتحقيق والشعر. شارك بدور شاهد رئيس في الفيلم التسجيلي (الأراضي الضائعة) عن سياسة الأرض المحروقة (تدمير البيئتين الطبيعية والبشرية في كردستان العراق) 2000.
صدرت له كتب:
– أوتار التنائي، فرهاد شاكلي، ترجمة عن الكرديّة، دار الحصاد- دمشق، سوريا 2004.
– ظلّ الصّوت وقصص أخرى، حمه كريم عارف، ترجمة وتقديم عن الكرديَة/ كركوك كردستان العراق 2005.
– قصائد تأبى أيَّ عنوان، جلال زنگابادي، ط1مؤسّسة الرعد كركوك 2009، ط2 دار صافي- أمريكا 2014.
– ها هي معجزتي (قصائد حب)، جلال زنگابادي، دار الجمل- بيروت بغداد 2009.
– سنة في الجحيم، مذكّرات: مهاباد قرَداغي، ترجمة عن الكرديّة 2010 وزارة الثقافة والشباب، إقليم كردستان العراق- أربيل.
– ديوان عمر الخيّام، دراسة وترجمة منثومة عن الفارسيّة، منشورات الجمل- بيروت، بغداد 2010.
– الثقافة الكرديّة، مشكلات، معضلات وآفاق، منشورات مؤسسة سردم، السليمانية 2010.
– الخادمة (رواية) كَلاويج (ترجمة) مؤسسة المدى 2012.
– أسطورة كَلي ناوكَردان (رواية للفتيان) كَلاويج (ترجمة) مؤسسة
المدى 2012.
– ثلاث قصص للفتيان كَلاويج (ترجمة) مؤسسة المدى 2012.
– خورخيه مانريكي شاعر عصره. الدار العربيّة للعلوم ناشرون، بيروت 2012.
– الرحيل الدّامي (رواية) حمه كريم عارف (ترجمة) أربيل 2012.
– 81 قصيدة مختارة لسركَون بولس ترجمة إلى الكردية، السليمانيّة 2012.
– رباعيّات الخيّام، ترجمة: عوني، تحقيق ودراسة بالكرديّة أربيل 2012.
– محنة زرادشت وقصائد أخرى لبرهان شاوي، ترجمة إلى الكرديّة، بيروت 2013.
– هكذا شطح الكائن مستقبلئذ، ملحمة مضادّة، جلال زنگابادي أربيل 2013.
– لنعرف الخيام جيدا، بالعربية، جلال زنگابادي، ترجمة حمه كريم عارف إلى الكرديّة، أربيل 2013.
– موسوعة الخيّام، رسائله العلمية، الفلسفية والأدبية تحقيق وتقديم: د. رحيم رضازاده ملك، ترجمة، تحشية وتقديم جلال زنكَابادي، دارأرجوان ودار التكوين 2013.
– عبر شبّاك تاج محل، شعر محمود كيانوش، ترجمة وتقديم جلال زنگابادي، السليمانية 2013.
– الكردلوجيا ، موسوعة موجزة جلال زنگابادي أربيل 2014.
– فرسان السّرد العراقيّون من الأرومة الكرديّة، جلال زنگابادي، قامشلو
2015.
موسوعة “الكردلوجيا”..
في مقالة بعنوان (جلال زنكابادي في موسوعته الموجزة الكردلوجيا) كتب “حيدر عمر”: “عرفته قبل ما يزيد على عشرين عاماً من خلال كتاباته، التي كان ينشرها في بعض الدوريات، ثم التقيت به في بيته في هولير يوم 2015 أثناء زيارة لي إلى إقليم كردستان، حيث عرفته عن قرب، وتلقيت منه هدية هي كتابه “الكردلوجيا/ موسوعة موجزة”، الذي يمكنني القول إنه من أهم الهدايا التي عدت بها من إقليم كردستان في زيارتي الأخيرة صيف هذا العام.
إنه الكاتب والناقد والباحث والشاعر جلال زنكابادي، متعدد المواهب في الإبداع والترجمة والتأليف ومراجعة كتب الآخرين، فقد دخل ميدان الكتابة منذ عام 1963، وهو ينشر في الصحف منذ عام 1967، وصدر له بين عامي 2004 و 2014 عشرون كتاباً توزَّعت بين القصة والشعر والتأليف والترجمة التي تعينه فيها معرفته باللغات الفارسية والانكليزية والاسبانية والتركية فضلاً عن اللغة العربية والكردية بلهجاتها الرئيسية”.
ويضيف عن كتابه: “كتابه الموسوم أعلاه صادر عن مطبعة جامعة صلاح الدين في هولير بإقليم كردستان عام 2014، يقع في 422 صفحة من القطع الكبير، وينتهي بملحق للخرائط وصور شخصية لعدد كبير من الكردلوجيين بلغ تعدادها 58 صورة.
يستهلُّ الباحث كتابه بتعريف الكردلوجيا بأنها “حقل من حقول الاستشراق يتشعَّب مشتملاً على كل كتابة (مقالة، تقرير، بحث، دراسة)، تتناول ما يتعلق بالكرد و كردستان من جغرافيا، تاريخ، لغة، فولكلور، أدب، فنون، ديانة، عادات، تقاليد، عمارة، آثار، سياسة، اقتصاد وأزياء في الماضي والحاضر”ص7. ويرى أنه من الصواب أن تتوسَّع دائرة الكردلوجيا لتضم كل المعنيين بالشؤون الكردستانية من الأجانب الغربيين والشرقيين، وضمنهم حتى المنحدرون من الأرومة الكردستانية. ص7.
ثم يتتبَّع جذور الاستشراق، فيراها ضاربة “في عصور التاريخ القديم، إبان الحروب الناشبة بين الامبراطوريتين اليونانية والفارسية، حيث طالما كانت كردستان مسرح حرب هوجاء”، ويرى أن بالإمكان اعتبار زينوفون مع المؤرخيْن هيرودوت وسترابون من أقدم المستشرقين بشكل من الأشكال. و يرى أن الاستشراق يتصف بتعددية تياراته العلمية والفكرية والسياسية، ومن هنا كانت له مذاهبه ومدارسه، فمدرسة الاستشراق الفرنسي، حسب الدكتور نوري شاكر، خطت لنفسها طريقاً خاصاً بها إذ حوَّلت الاستشراق إلى أداة معرفية قادرة على استشراف المستقبل، حتى لو رافقته محاولات كان هدفها كولونيالياً “ص8، و ارتبطت “بمؤسسات المجتمع المدني وبمراكز الأبحاث الجامعية المستقلة عن السلطة السياسية” ص8.
و من هنا فهي تختلف “عن المدرسة الاستشراقية الأنغلوسكسونية المرتبطة بمراكز القرار السياسي والعسكري وبجماعات الضغط واللوبيات المختلفة” ص8. ومن هنا كان “المستشرقون الفرنسيون أقرب إلى الثقافات المحلية للمجتمعات الإسلامية التي عايشوها”ص8”.
مراحل الكردلوجيا..
ويواصل الكاتب عرض فكرة الكردلوجيا وفقا لزنكبادي: “وإذا كان كلٌّ من (التبشير) و(الاستعمار)، متواشجين أحياناً، دافعين للاستشراق، وبضمنه الكردلوجيا، فإن للكردلوجيا “منذ نشأتها غايات سياسية واقتصادية ودينية وعلمية”ص8، ومن هنا يعزو الباحث الكردلوجيا إلى “الموقع الجيوبوليتيكي لكردستان” باعتباره من “أبرز الدوافع لنشأتها في بلدان الغرب إبان تطلعها لاحتلال الشرق، وبضمنه كردستان المقسَّمة عصرئذٍ بين السلطنة العثمانية والدولة الفارسية (ثم القاجارية) لحاجتها إلى معرفة الكرد على الصعد كافة بغية إقامة العلاقات معهم، وتعبئتهم لتحقيق غاياتها” على الصعيد الاقتصادي بحيث كانت تسعى إلى “إيجاد سوق لتصريف بضائعها والحصول على المواد الخام إبان الثورة الصناعية”.
وعلى الصعيد الديني “حيث كانت تسعى إلى نشر الديانة المسيحية في أرجاء السلطنة العثمانية وبلاد فارس بحجة الاهتمام بالمسيحيين القاطنين فيهما، وعلى الصعيد العسكري والسياسي، حيث كانت كل من بريطانيا وبروسيا (ألمانيا) وفرنسا تدعم السلطنة العثمانية عسكرياً ومالياً وسياسياً ضد توسُّع روسيا القيصرية، ولذلك كانت تبتغي استمالة الكرد إليها وتسخيرهم عسكرياً، في حين كانت تساهم في قمع انتفاضاتهم وثوراتهم لصالح حليفتها السلطنة العثمانية، بينما كانت روسيا القيصرية تسعى أيضاً إلى استمالة الكرد المتواجدين فيها وفي أرجاء الامبراطوريتين العثمانية والفارسية، وكانت في الوقت نفسه تشارك في معاداة الكرد وقمع حركاتهم التحررية، كما حصل في ثورة الشيخ عبيد الله نهري”.ص9.
و يرى الباحث أن الكردلوجيا، حسب الدكتور خليل جندي، مرَّت في ثلاث مراحل: الأولي هي مرحلة تنافس الدول الأوروبية، إثر الثورة الصناعية، للاستيلاء على سوق كردستان، واستمرت حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى. والثانية هي المرحلة الكولونيالية – الامبريالية، وابتدأت مع الحرب العالمية الأولى ومازالت مستمرَّة، للاستيلاء على ثروات كردستان، ولاسيما البترول. وأما المرحلة الثالثة، فقد بدأت في عصر التكنولوجيا والعولمة بعد 11 أيلول- سبتمبر عام 2001، و هي تشمل العالم كله وليست كردستان فقط . ص9″.
تاريخ الكردلوجيا..
وتجمل المقالة عن كتاب زنكبادي: “وينتهي الباحث هنا إلى “أن ثلاثة عوامل تواشجت وحرَّمت الكرد من حق تأسيس دولة كردستان. هي العامل الجيوبوليتيكي والعامل الاقتصادي (النفط خاصة) والعامل الديني (الإسلامي)، فبالرغم من أن الكرد كانوا في أغلب العهود محكومين من قِبَل حكام عرب وفرس وترك باسم الإسلام، وأن العرب والترك والفرس يدينون بالإسلام، فقد ظلت ذكرى إحباط الحروب الصليبية على أيدي القائد صلاح الدين الأيوبي والأيوبيين الكرد عالقة بأذهان المستعمرين الأوروبيين، ولمّا تزل”.ص10.
وفي ختام تتبُّعه لنشأة وتطوُّر الاستشراق، يذهب الباحث إلى أن أهم مغنم في مضمار الاستشراق بما فيه الكردلوجيا هو علمي ـ سياسي، حيث استقلت الكردلوجيا عن الإيرانلوجيا، فاعترفت باستقلالية الكرد كقومية لها تاريخها وهويتها الثقافية عبر الاعتراف باستقلالية لغتها الكردية عن اللغة الفارسية وتدريسها في الجامعات الأوروبية، و الاهتمام بها من قِبَل أساطين الكردلوجيا من شتى الشعوب و الأمم. ص11.
بعد ذلك يعرَّف الباحث موسوعته بأنها “موسوعة هجينة (ترجمة وتأليف وإعداد) حاول ما وسعته المحاولة أن يقدّم ما في مقدوره ممن كرَّسوا أكثر حراكهم الثقافي للكردلوجيا، فهي موسوعة موجزة قدّم فيها ثلاثة، أبحاث أحدها للكردلوجية الإيطالية ميريلا كاليتي (1949ـ2012م) وتعريب الدكتور يوسف حبي، ص 15ـ 40، تتبّع فيها الكردلوجيا الإيطالية ما بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر الميلاديين.
والثاني يقدم فيه لمحات من تاريخ الكردلوجيا الألمانية ترجمةً وإعداداً ص 41ـ50، فيرى أنه ربما كانت رحلة الصائغ البافاري يوهان اسكلتبرغر (الصحيح شيلتبيرغر) (1394ـ1427) المنشورة سنة 1473 أقدم مصدر ألماني ورد فيه ذكر الكرد. ص41، ويتتبع بعد ذلك كل ماصدر في اللغة الألمانية، سواء من قِبَل الألمان أو النمساويين أو السويديين في حقل الكردلوجيا حتى الربع الثالث من القرن العشرين. وهو إذ يرى أن رواية (عبر كردستان الموحشة) للروائي الألماني كارل ماي (1842ـ1912م) قد لعبت دوراً كبيراً في إشهار اسم الكرد ليس في ألمانيا وحدها، بل& في سائر البلدان الأوروبية، فإننا يمكننا أن نلمح في الوقت نفسه دعوته إلى متابعة الكردلوجيا الألمانية بدقة واستقراء شديدين، ذلك لأنها لا تخلو من مقالات ودراسات تصف الكرد بالقسوة واللصوصية وقطع الطرق وسفك الدماء، لاسيما ما نجده في أعمال موريتز فاكنر ونولدكة والمؤرخ النمساوي فون همر وغيرهم ممن كانوا على صلة بالدولة العثمانية عسكريين أو موظفين، فكتبوا ما يروق لها، أو ما أملته عليهم مصالحهم لدي السلطنة العثمانية”.