بقلم: انصاف بن مبروك
متعبة ممتعة رواية “أحبها بلا ذاكرة” ومرهقة معجبة في الآن نفسه. فما من باحث تصدى إليها الا وانسحر بها وافتتن، وليس يتسنى الافتتان والانسحار بها الى على جسر من التعب والمعاناة، ولا سبيل للالتذاذ بمملكتي المعنى والجمال فيها الا بجهاد وجهد مضنيين حتى القسوة. فالشهد طريقه ابر النحل، وكذلك رواية: “أحبها بلا ذاكرة” للروائي التونسي الأمين السعيدي، لا تكون الا بوجع ولا تجوز الا بنضال.ولا نرى في الأمر عجبا او مبالغة، لأن رواية “أحبها بلا ذاكرة” نص يخدع القراءة التهافتية ويسخر من دفء البديهيات ويهزأ من يتم ادوات النقد الجاهزة.فالنقاد فيها متفارقون حتى التناقض الصميمي ومختلفون حتى التباعد الجذري ؟ لتبقى رواية”أحبها بلا ذاكرة” عالما مغلقة ابوابه موصدة سبله حتى لكأن الأمين السعيدي نذر نفسه ان يكون رسول القسوة على القراء،فلا بد والحال تلك من مكابدة تجربة المحنة الممتعة والالم اللذ بإعتبارهما النهج الاسلم الى تمثل الرواية واكتناه خفاياها للفوز ببرد المعنى الجليل والظفر بشهد الفن الجميل. ليس في الأمر تبدع مجاني من الروائي الأمين السعيدي ولا هو ضرب من السادية المرضية على القراء والناقدين ولا هو نوع نحو الادهاش المغسول من القصدية، فالمؤلف هو من عاش المحنة الممتعة في روايته مع سارة والسلطة والمجتمع لحظة ابداع النص وانشائه فوضعه لاثره كان بعد تجارب سنين، منذ الطفولة والدراسة وعلاقته بالمعلمة.
ان المنطق المنهجي الذي اكتناه عالمي الجمال والمعنى في رواية أحبها بلا ذاكرة وايضا في رواية ظل الشوك ورواية مدينة النساء…ليس يتسنى للقارئ في راينا الا بتبين المرجعية الفكرية والخلفية النظرية اللتين اكتملت فيهما تجربة الأمين السعيدي الأديب والانسان وهذا المنطق المنهجي لا يتحقق الا بمساءلة نصوصه النظرية واستنطاقها لاستجلاء الآسس التي تقوم عليها رؤيته للعالم وللانسان و الادب وهذه الرؤية الذهنية وأن بلورها الأمين السعيدي لا محالة في ابداعه فإنه الى ذلك فصلها بطريقة نظرية واخرى اجرائية في رواياته مما يؤكد التواصل الصميمي والترابط الجذري بينماهو إبداعي وماهو نظري عند الأمين السعيدي وهو ما يحفزنا الى الجزم بأن مؤلف “أحبها بلا ذاكرة” يرفض ان يؤل بسطحية حتى يضمن لنفسه تحقيق الظفر بالمعنى والجمال اللذين في أثره والأمين السعيدي مؤمن بأن تمثل الاثار الادبية انما ينبثق من ذلك الجدل بين النص في ذاته والقارئ دون ان تكون للمؤلف سلطة توجهية او تفسيرية…
ان فلسفة رواية “أحبها بلا ذاكرة”للروائي الأمين السعيدي تكمن في ابعادها المختلفةو تتعدد القراءات حولها وجعل المتلقي مشاركا بكل حرية في النص وهذه سمة اساسية تحكم فن الادب عند الروائي الأمين السعيدي