13 أبريل، 2024 5:44 ص
Search
Close this search box.

جبنة في علبة كبريت

Facebook
Twitter
LinkedIn

“جبنة في علبة كبريت ” وثيقة وشهادة دامعة على جحيم معتقلات الاسر الايرانية
عامر القيسي
ربما يكون كتاب ” جبنة في علبة كبريت” للأسير العراقي واحداُ من أهم واخطر الوثائقيات التي قدمت شهادات يومية عن الجحيم الذي عاشه الاسرى العراقيون في معتقلات الاسر الايرانية من 1982 – 2003 ، حيث قضى ثلاثة اسرى عشرون عاماً في جحيم الاسر وعذاباته اليومية .
عنوان الكتاب مستوحى من واحدة من تلك اليوميات الأكثر انتهاكاً لكل ماهو انساني حتى بعد انتهاء الحرب العبثية بين العراق وايران ، حيث صنع أحد الاسرى المكلف بتوزيع وجبات الطعام على الاسرى مقلبا لزميل له ، هو في الحقيقة ادانة اكثر منه فسحة للتسلية المؤلمة ، فوضع له قطعة الجبن المخصصة له في علبة كبريت عثر عليها في ساحة المعتقل . يتساءل الاسير ” من دون علبة كبريت من سيصدق اقوالنا ؟ !
يسرد الكاتب الاسير قيس حسن أحد ايام مزاجيات حرّاس المعتقل بالقول ” في ذلك اليوم لم يعد السجن هو الجدران الاربعة التي تحيط بهم ، بل هو جحيم المهانة والخوف اللذين سيطوقانهم سنوات طويلة ، في ذلك اليوم انقلب الحرّاس الى جلادين ” الى الحد الذي أوصل الاسرى الى قناعة بان ” املهم بالعودة لوطنهم والنجاة من براثن الموت جوعا او ضربا بدا بعيداً وطريقه وعرا ” !
الكتاب عبارة عن مجموعة قصص لآلام انسانية واوجاع وفقدان الامل والتعرض الجسدي لعذابات فاقت التصورات ، حتى بدت بعض القصص كما لو كانت من صنع الخيال ، لكن الحقيقة في احيان كثيرة اغرب من الخيال كما يقول الروائي الكولومبي.
يعرف قيس حسن جيداً صعوبة تصديق القصص التي رواها في كتابة فيقتطع جزءً من رواية للروائي علي حداد تحت عنوان ” أيام كنّا نحتال على الاشياء ” التي يقول فيها مستشهدا بحفلات ” اتغوط في العراء ” التي كان يراد منها مسخ الروح الانسانية لدى الاسير من خلال احتقاره لجسده ووجوده الانساني ، يقول حداد ” انا قررت ان لا اتحدث عن المصائب التي حلّت بنا في ايران ، لاننا سنقع في الشك والريبة ، أي سنضع انفسنا في موضع الشك والشبهة ، واجد من الافضل ان اقول ، اذا كتب لنا العودة …نحن عانينا والسلام ” !!
ولعل اوضح مايمكن قوله عن قصص الاسر في المعتقلات الايرانية من خلال هذا الكتاب الوثيقة وغيره من الكتب التي وثّقت هذا العار الانساني ، في ان الاسرى كانوا يذوبون مثل الثلج الذي كان يحاصرهم بعشرين درجة تحت الصفر ، الثلج الذي كان يغطي اجسادهم المرهقة ، كانوا معزولين ولا احد يعرف مايجري لهم ويتوارون بسرية تامة الى العالم الآخر ، طوابيرهم تقف امام ملاك الموت تنتظر نهايتها .!!

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب