22 ديسمبر، 2024 10:58 ص

جائزة نوبل للآداب 2021.. الفائز يخلو سرده من أية مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين

جائزة نوبل للآداب 2021.. الفائز يخلو سرده من أية مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين

 

خاص- إعداد- سماح عادل

جاءت نتيجة جائزة نوبل للآداب هذا العام مفاجأة للجميع، حيث فاز كاتب من تنزانيا، هذا الكاتب غير معروف في الأوساط الثقافية في الشرق. فقد أعلنت الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل  فوز الروائي “عبد الرزاق جرنة” بالجائزة لعام 2021. وقد أعلنت لجنة التحكيم أنه يتميز بسرد للأحداث “يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات”.

الفائز..

“عبد الرزاق جرنة” يبلغ من العمر 73 عاما، وهو مولود في تنزانيا ومقيم في بريطانيا وقد صرح فور إعلان فوزه إنه ممتن للأكاديمية قائلا: “إنه أمر رائع، إنها جائزة كبيرة، وسط لائحة ضخمة من الكتاب الرائعين، مازلت أحاول استيعاب الأمر. كانت مفاجأة، ولم أصدق الأمر حتى سمعت الإعلان”. كما دعا أوروبا إلى اعتبار اللاجئين الوافدين إليها من إفريقيا بمثابة ثروة، وقال الكاتب في مقابلة مع مؤسسة نوبل: “إن كثيرين من هؤلاء (…) يأتون بدافع الضرورة، ولأنهم بصراحة يملكون ما يقدّمونه. وهم لا يأتون فارغي الأيدي”. وحضّ على تغيير النظرة إلى “أشخاص موهوبين ومفعمين بالطاقة”.

نشرت روايته “جنة” عام 1994 حيث تتناول حكاية طفل كبر في تنزانيا في بداية القرن العشرين. وقد نالت الرواية جائزة بوكر. وقد صرحت لجنة نوبل الآداب في بيان إعلان اسم الفائز: أن “تفاني عبد الرزاق جرنة من أجل الحقيقة، وكرهه للتبسيط، مذهلان، تبتعد رواياته عن التنميط، وتفتح عيوننا على شرق إفريقيا المتنوع ثقافياً، وغير المعروف بالنسبة لكثيرين حول العالم. تجد شخصياته نفسها في فجوة بين الثقافات والقارات، بين حياة كانت موجودة، وحياة ناشئة، إنها حالة غير آمنة لا يمكن حلها على الإطلاق”.

ولد “جرنة” عام 1948 في جزيرة زنجبار التابعة لتنزانيا، وهرب منها سنة 1968 عندما كانت الأقلية المسلمة تتعرض للاضطهاد. هرب من أرخبيل زنجبار الواقع في المحيط الهندي إلى إنجلترا، ولم يستطع العودة إلى زنجبار إلا في 1984 لرؤية والده الذي كان يحتضر.

ومع أنه يكتب منذ أن كان في الحادية والعشرين، إلا أنه أصدر عشر روايات منذ 1987 إضافة إلى مؤلفات أخرى. وتدور أحداث روايته الجديدة “أفترلايفز”، وهي تتمة “جنة”، في مطلع القرن العشرين حيث انتهت حقبة الاستعمار الألماني في تنزانيا.

وهو يكتب بالإنجليزية مع أن لغته الأولى هي السواحلية المعتمدة في تنزايا. وكان أستاذاً للأدب الإنجليزي والأدب ما بعد الكولونيالي في جامعة كنت، كانتربري، حتى تقاعده قبل مدة. وهو أول إفريقي ملون يفوز بالجائزة منذ فوز النيجيري “وولي سوينكا” عام 1986.

قال الروائي في مقابلة عام 2016: “حين جئت إلى إنجلترا لم تكن كلمة “طالب لجوء” تعني ما تعنيه اليوم، مع معاناة ناس كثر للهرب من دول إرهابية. أصبح العالم أكثر عنفاً بكثير مما كان عليه في الستينيات، لذلك هناك ضغط أكبر الآن على البلدان الآمنة، فهي تجتذب المزيد من الناس حتماً”.

وعن تصنيفه كأديب “ما بعد الكولونيالي”، أو ضمن “أدب العالم”، قال: “أفضل ألا أستعمل أي عبارة من هذه العبارات، لا أصنف نفسي ككاتب ضمن أي تصنيفات. في الواقع، لست أكيداً إن كنت أطلق على نفسي شيئاً غير اسمي”.

يتم ترشيح الفائزين بجائزة نوبل في الآداب من قبل أعضاء الأكاديمية السويدية وأساتذة الأدب الجامعيين واللغويين والحائزين السابقين على جائزة نوبل في الأدب ورؤساء يمثلون الإنتاج الأدبي للمؤلفين.

وقد اعتبر في 2019 إعلان فوز”بيتر هاندكه”  على حساب “جامايكا كينكيد وهاري كونزرو ونجوجي واثيونجو وسلمان رشدي” مستعجلا وجعل ذلك الكثيرين يشككون في مصداقية الأكاديمية السويدية.

المرشحون للجائزة..

يذكر أن الشخصيات التي رشحت للفوز بالجائزة لعام 2021هي:

– “مارجريت آتوود” كاتبة كندية وشاعرة وناقدة أدبية وناشطة في المجال النسوي والاجتماعي، وهي أحد أهم كتاب الرواية والقصص القصيرة في العصر الحديث.

فازت بجائزة “آرثر سي كلارك” في الأدب، والعديد من الجوائز والأوسمة الرسمية في كندا وولاية أونتاريو، وهي زميل في الجمعية الملكية الكندية. وكانت من بين المرشحين الأوائل للحصول على جائزة بوكر 5 مرات، وفازت بالجائزة مرتين الأولى في عام 2000 عن رواية «ذي بلايند أساسين»، والأخرى في عام 2019، حيث حصلت عليها عن روايتها «الوصايا» مناصفة مع الكاتبة الإنجليزية من أصول نيجيرية “برناردين إيفاريستو”.

– “هاروكي موراكامي” كاتب ياباني من مدينة كيوتو، لاقت أعماله نجاحا هائلا، تصدرت كتبه قوائم أفضل الكتب مبيعا على الصعيد المحلي والعالمي، وترجمت أعماله إلى أكثر من 50 لغة.

تتصف أعمال “موراكامي” بالخيال، كما تتناول معظم رواياته موضوع الانسلاخ الاجتماعي والوحدة والأحلام. ويُعد موراكامي من أهم رموز أدب ما بعد الحداثة، كما وصفته مجلة الجارديان بأنه «أحد أعظم الروائيين في يومنا هذا» بسبب أعماله وإنجازاته.

حصل “موراكامي” على عدة جوائز أدبية عالمية منها جائزة عالم الفنتازيا، وجائزة فرانك أوكونور العالمية للقصة القصيرة، وجائزة فرانز كافكا وجائزة جائزة القدس. ومن أبرز أعماله رواية مطاردة الخراف الجامحة، والغابة النرويجية، وكافكا على الشاطئ، وiQ84.

– “آن كارسون” شاعرة، ومترجمة، وبروفيسورة، وناقدة أدبية، وكاتِبة كندية، ولدت في تورونتو، وهى عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وتمكنت من الفوز بعدة جوائز، منها جائزة أميرة أشتوريس الأدبية، وجائزة قلم نابوكوف.

يذكر أنه من بين الفائزين الـ 117 في فئة الآداب منذ بدء منح جوائز نوبل، بلغ عدد الأوروبيين أو الأمريكيين الشماليين 95، أي أكثر من 80 في المائة، فرنسا وحدها حصلت على 13 في المائة من الجوائز. أما عدد الرجال الفائزين في هذه اللائحة يبلغ 101، في مقابل 16 امرأة فحسب.

ودوما ما كان يؤكد أعضاء لجنة تحكيم جائزة نوبل للآداب على أن جنسيات الكتاب لا تهمهم. ولكن وبعد حدوث فضيحة مدوية اندرجت تحت إطار  حملة “مي تو”  والتي أثرت على الأكاديمية  بشكل هائل في عام 2018 حتى أنه تم تأجيل جوائز نوبل، وهو أمر نادر الحدوث. ثم بعد ذلك أعلنت لجنة التحكيم تغيير منهجها والتوجه نحو التنوع في الأنواع والقارات حين يتم اختيار الفائزين بالجائزة.

جائزة نوبل..

تبلغ قيمة الجائزة عشرة ملايين كرونة سويدي (1.14 مليون دولار). وتأسست جوائز نوبل لأصحاب الإنجازات في العلوم والأدب والسلام بناء على وصية مخترع الديناميت السويدي “ألفريد نوبل” الذي كان من أثرياء رجال الأعمال. وتمنح الجوائز منذ العام 1901 وقد أضيفت إليها فيما بعد جائزة نوبل للاقتصاد.

وعن كيفية اختيار الفائزين في جوائز نوبل في كل عام، تتولى مؤسسات مختلفة تقديم الجائزة في كل من مجالاتها. ويجري اختيار خمسا من مجالات الجائزة الستة في السويد، أما جائزة نوبل في السلام، فيجري اختيارها في النرويج. ويتولى مهمة ترشيح الفائزين: أكاديميون، وأساتذة جامعيون، وباحثون، وفائزون سابقون، وآخرون. وتنص القواعد المعمول بها في مؤسسة نوبل على عدم نشر القوائم القصيرة للمرشحين قبل مرور 50 عاما على اختيارها.

ويُكلّل الفائز بجائزة نوبل بإكليل الغار على نحو ما كان سائدًا في مسابقات اليونان القديمة. ويمكن لشخصية واحدة أن تحرز الجائزة ذاتها أكثر من مرة، على ألا يتجاوز عدد الفوز بها ثلاث مرات. وقد حُجبت الجائزة بضع سنوات – معظمها أثناء الحرب العالمية الثانية. كما تنص قواعد مؤسسة نوبل على عدم تقديم الجائزة في مجال بعينه إذا لم يكن أحد قدّم ما يستحق به نيلها في ذلك المجال.

ويحصل الفائز بجائزة نوبل على ثلاثة أشياء هي: دبلوم نوبل، وهو قطعة فنية رائعة؛ وميدالية نوبل، وتحمل تصميمات فنية متنوعة؛ وجائزة نقدية قوامها 10 ملايين كورونا سويدية (حوالي 1,1 مليون دولار) – تُقسم على الفائزين إذا كانوا أكثر من واحد. ويتعين على الفائز أن يقدم محاضرة قبل أن يحصل على الجائزة المالية. وتقدّم الجوائز في ستوكهولم وأوسلو في احتفاليات تقام في العاشر من ديسمبر من كل عام – ذكرى وفاة “ألفريد نوبل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة