خاص: إعداد- سماح عادل
فازت الكاتبة المغربية- الهولندية “صفاء الخنوسي” بجائزة “ليبريس” الهولندية لعام 2025 عن روايتها “أوروبا”، وهي من أبرز الأصوات الجديدة في الأدب الأوروبي، بعد أشهر من فوزها بجائزة “بون” الأدبية الفلمنكية في آذار/ مارس الماضي، ما يجعل هذا التتويج المزدوج إنجازا نادرا لكاتبة في بداية مسيرتها الأدبية.
اختارت لجنة التحكيم، برئاسة الصحافية والكاتبة “شيلا سيتالسنج”، الرواية الفائزة من بين ست روايات مرشحة تمثّل أفضل الأعمال الأدبية الأصلية المكتوبة باللغة الهولندية خلال العام الماضي بوصف أنها “عمل استثنائي لا يمكن تجاهله” بحسب بيان لجنة التحكيم الذي أشار إلي أن: “هذه الرواية كان يجب أن تكتب منذ زمن، لأنها تعكس قصتنا جميعا. إنها تجربة قراءة تتطلب انتباها وجهدا، لكنها تكافئ القارئ بقوة سردية مذهلة”، مشيدا بقدرة الخنوسي على تحويل الألم الفردي إلى نص أدبي يحمل بُعدا إنسانيا واسعا.
أوروبا..
تتناول رواية “أوروبا” قضايا الهوية والمنفى والمواجهة مع الماضي، من خلال شخصية “سالومي أبرجيل”، وهي فنانة مغربية وناشطة سياسية سابقة تعيش في أمستردام، تواجه بشكل مفاجئ سجانها السابق من سنوات الاعتقال في المغرب. هذا اللقاء يعيد إليها جراح الماضي ويدفعها إلى الهروب نحو تونس، الرواية تفتح أبوابا سردية متعددة على لسان شخصيات تعيش على هامش المجتمع الأوروبي، لتنسج خريطة إنسانية من الحكايات المتقاطعة والمصائر المعلّقة.
تغوص الرواية في أعماق العلاقة المعقدة بين أبناء الجاليات المغاربية وأوروبا، حيث تتشابك مشاعر الحب والنفور في آنٍ واحد. معظم شخصيات الرواية تنحدر من جذور تمتد إلى المغرب وتونس والجزائر، لكنها تعيش على هامش القارة العجوز، مأخوذة بوهجها ومثقلة في الوقت ذاته بإرثها التاريخي الثقيل.
وتعبر بطلة الرواية، “سالومي أبرجيل”، عن هذا التوتر بمرارة، حيث تقول: “أوروبا مكان لا يرحم، كانت كذلك منذ آلاف السنين. أجدادي رأوها كارثة، وكنا نقول دائما: أي بؤس ينتظر في الضفة الأخرى من البحر؟”.
يذكر أن جائزة “ليبريس” تُعد من أبرز الجوائز الأدبية في هولندا. تأسست عام 1994 بمبادرة من رابطة بائعي الكتب الهولنديين المستقلين، وتُمنح سنوياً لأفضل رواية مكتوبة باللغة الهولندية، وتبلغ قيمتها المالية 50 ألف يورو.
تعد جائزة (Libris) الأدبية واحدة من أهم وأرفع الجوائز التي تُمنح سنويًا لأفضل الروايات المكتوبة باللغة الهولندية.الجميل في الأمر أن الجائزة قد تسهم في تغيير النظرة التقليدية إلى أدب الجريمة، سواء في الأوساط العربية أو الغربية، خاصةً أنه غالبًا ما يُتهم بعدم استحقاقه للاهتمام وتسليط الضوء عليه.
صفاء الخنوسي..
روائية مغربية-هولندية، اشتهرت في المشهد الأدبي الناطق بالهولندية بعد فوزها بجائزة ليبريس الأدبية لعام 2025 عن روايتها الأولى Oroppa. تُعد الجائزة من بين أرفع الجوائز الأدبية في هولندا، وتُمنح سنوياً لأفضل رواية أصلية مكتوبة باللغة الهولندية.
في المغرب، وهاجرت إلى هولندا مع عائلتها في سن الرابعة، حيث نشأت في مدينة أمستردام. درست الفلسفة السياسية، وعملت في المجلة المرموقة De Gids الأدبية، مما أسهم في تكوين رؤيتها النقدية والإبداعية. برز اسمها كواحدة من أبرز الكاتبات الواعدات في هولندا، إذ فازت بجائزة De Boon الفلمنكية في مارس 2025، واختيرت كـ”موهبة العام الأدبية” من قبل صحيفة de Volkskrant في عام 2024.
روايتها Oroppa، الصادرة عن دار Pluim، تدور حول اختفاء الفنانة المغربية اليهودية المثيرة للجدل سالومي أبيرجيل قبيل افتتاح معرض فني في أمستردام. تستعرض الرواية، عبر أسلوب سردي قائم على تعدد الأصوات (البوليفونية)، قصص شخصيات مهاجرة، منها هند العريان، نادلة مدمنة على الحشيش، ويوسف السلاوي، المحقق السابق في سجون المغرب خلال “سنوات الرصاص”. تمتد الأحداث عبر مدن أمستردام وباريس وتونس والدار البيضاء، وتتناول موضوعات مثل الهجرة، الذاكرة الجماعية، وتناقضات الهوية في أوروبا المعاصرة.
تمت مقارنة عمل الخنوسي بأدب سلمان رشدي، خاصة في استخدامها لأساليب ما وراء السرد (metafiction) ودمجها بين الواقع والخيال. لا تكتفي روايتها بسرد لغز أدبي، بل تنبش في إرث الاستعمار والديكتاتورية، وتطرح أسئلة أخلاقية وجودية حول الذنب والمسؤولية.