ثورة العراق(5): الأحزاب الحاكمة تملك ميليشيات مسلحة ودعم إيراني

ثورة العراق(5): الأحزاب الحاكمة تملك ميليشيات مسلحة ودعم إيراني

 

خاص: إعداد- سماح عادل

على كل كاتب لديه رؤية وضمير أن يساند الشعوب المقهورة التي تنتفض طلبا لحقوقها المشروعة، يتواصل الحراك الشعبي العراقي من يوم الثلاثاء الماضي وحتى اليوم، وتتطور الأحداث بوتيرة متسارعة، وسط تعتيم ليس فقط في العراق وإنما تجاهل دولي لتلك الانتفاضة العفوية. وكأن انتفاضة العراق خطر كبير لا يخشاه ساسة العراق فقط، وإنما تخشاه الدول العظمى المسيطرة على مقدرات العراق وثرواتها.

وقد سعينا لجمع آراء كتاب/ كاتبات، ومثقفين/ مثقفات عراقيين يعيشون في العراق أو خارجه حول هذا الحراك الشعبي، في محاولة للإجابة على التساؤلات الملحة وهي: هل حدوث حراك شعبي في الشارع في الوقت الحالي كان أمرا متوقعا؟ وما هي التوقعات بشأنه؟ وما هي المطالب التي من المفترض أن يتضمنها هذا الحراك الشعبي؟.

حل الميليشيات وحصر السلاح على الدولة..

يقول المخرج السينمائي “ذوالفقار المطيري” ل” كتابات”: “نعم وذلك لأنه قبل أيام تم التثقيف والنشر من قبل الناشطين المدنيين والصفحات الرسمية على “السوشيال ميديا” أنه يوم  1 أكتوبر سوف يعتزم عدد من العراقيات والعراقيين التظاهر والاحتجاج، للتعبير عن غضبهم ورفضهم للسياسات المعتمدة من قبل الحكومة، والأداء البائس لمجلس النواب وصمت بل وتواطؤ واضح من السلطات القضائية والأجهزة الأمنية. يعاني العراقيون من فقدان الأمن وغياب سلطة الدولة والقانون، وانتهاك سيادة الدولة إضافة إلى نهب منظم للثروات، واستغلال متعسف لمؤسسات الدولة وسلطاتها من أجل تهديم الدولة العراقية، ومسخ الهوية الوطنية للعراق والعراقيين، يحدث ذلك كله عن طريق تخريب البنى التحتية وإفقار المجتمع ونشر الجهل والخرافة والأمية وتشجيع هيمنة رجال الدين (المتطرفين والجهلة والفاسدين وليس المعتدلين الكرام)، والنزعات العشائرية المسلحة والهمجية العنيفة. بالإضافة إلى غياب التعليم والصحة والخدمات البلدية مثل الماء الصالح للشرب والري والكهرباء ودور رعاية كبار السن والأيتام ودور الإيواء للمشردين، فضلاً عن عدم توفير فرص عمل متكافئة ومجزّية وبيئة تجارية واستثمارية نظيفة ومنتجة ومربحة”.

ويؤكد: “لا يسعى المتظاهرون للعنف والتخريب ولا يحملون حقداً أو ضغينة ضد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بل هم أكثر من غيرهم حرصاً على سيادة الدولة والقانون وحفظ النظام وتحقيق العدالة والإنصاف. مواطنون يرفعون أصواتهم من أجل العراقيين والعراق، ينشدون وطنّاً آمناً ينعم شعبه بالأمان والرفاه والكرامة والحياة المنتظمة النظيفة. شباب ينشدون فرص عمل متكافئة ومجزية، فرسان تأبى نفوسهم أن تتكرر مجزرة #سبايكر و #سبي_الايزيديات وعودة داعش والبعث والدكتاتورية من جديد، المتظاهرون والأجهزة الأمنية عراقيون محبون لوطنهم يتعاونون من أجل الخلاص من هذا الدمار وتأسيس #دولة_المواطنة العادلة لجميع العراقيات والعراقيين”.

وبخصوص المطالب يقول: “أولاً: تنفيذ الأمر الديواني القاضي بحصر السلاح بيد الدولة وحل الميليشيات، ودمجها وإغلاق معسكراتها وسجونها ومقارّها العسكرية ومكاتبها التحقيقية، ومعسكراتها التدريبية ومخازن أسلحتها وصواريخها وأعتدتها في مدة لا تزيد عن (شهر) من تاريخ الموافقة على هذا المطلب من قبل الحكومة، والمصادقة عليه في مجلس النواب في مدة أقصاها 48 ساعة من تاريخ بدء التظاهرات.

ثانياً: الكشف عن مصير مئات المليارات من الدولارات المنهوبة من ميزانية العراق، أين ذهبت أموال العراقيين؟ نريد أن نعرف أين ذهبت أموالنا؟  ولماذا لا تتم محاسبة اللصوص من كبار المسئولين والزعماء السياسيين والدينيين الذين (أصبحوا أثرياء) على حساب المال العام والنفوذ والسلطة.

ثالثاً: توفير فرص عمل متكافئة وعادلة ومجزية بصورة عادلة أمينة نزيهة، ليس من العدل أن يتقلد المناصب الرفيعة والوظائف الخاصة والوزارات، مجموعة إقطاعيات عائلية وحزبية وعشائرية، بينما يتم الاعتداء على خريجي الجامعات بالهراوات والمياه الساخنة والقنابل المسيلة للدموع فقط لأنهم يطالبون بمنحهم فرصة للمشاركة والمساهمة في بناء وطنهم.

رابعاً: إلغاء قانون انتخابات مجالس المحافظات المجحف الظالم والمخالف لجميع معايير العدالة والتمثيل الديمقراطي المباشر للوحدات السكانية، قانون مجالس المحافظات الحالي يعني بوضوح، أن الميليشيات ومافيات الفساد والفشل التي تسمى عبثاً (أحزاباً) ستتمترس في المجالس المحلية ومجالس المحافظات وتؤسس لدولة عميقة تفصل رأس الدولة (السلطات الإتحادية)، وبين جسم الدولة المتمثل بـ(مجالس المحافظات والأقضية والمجالس البلدية والمحلية) وعليه، نطالب بإلغاء هذا القانون المجحف وتشريع قانون انتخابات ينتج تمثيلا عادلاً وأميناً للسكان المحليين، في إدارة قاعدة الدولة ومراكز قوتها الفعلية وأمنّها الوطني.

خامساً: حلّ مجلس المفوضين الحالي لأنه مبني على أساس المحاصصة الحزبية والطائفية والعرّقية وهي مخالفة واضحة لروح الدستور ونص قانون المفوضية الذي يعلن وجوب أن تكون (مستقلّة) ولا يمكن تحقيق استقلال المفوضية تحت قيادة محاصصية حزبية.

سادساً: الإعلان الفوري عن وقف العمل بجميع التعاقدات المشبوهة والتي تستنزف الاقتصاد الوطني، مثل التعاقد من أجل استيراد كهرباء بمبالغ مهولة مقابل تفكيك منظم لمنشآت النفط والطاقة والأمن في العراق.

سابعاً: إخضاع الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية إلى سلطة الدولة ومؤسساتها الدستورية بالكامل وإبعاد المكاتب الاقتصادية للأحزاب ومكاتب الميليشيات بصورة كاملة ونهائية، على أن يتحمل رئيس مجلس الوزراء والوزارات المعنية واللجان البرلمانية المختصة المسؤولية كاملة في حال حدوث أية خروقات متوقعة”.

إسقاط القناع المخادع للأحزاب الإسلامية..

ويقول الكاتب “خالد السلطان”: “بغض النظر عن نتائج هذا الحراك الشعبي بيد أنه وللمرة الأولى تحركت الجماهير بالتقاطع مع سيناريوهات الأحزاب والتيارات السياسية الحاكمة والمعارضة، كذا، وكسر أنشوطة التخندق الطائفي وإسقاط القناع المخادع للأحزاب الإسلامية وغيرها. واعتقد من الضروري تأشير سكون وصمت جماهير المحافظات الغربية ومحافظات إقليم كردستان حتى الآن، برغم أن القمع والفساد والخراب هو هو. بالتأكيد ستتواتر محاولات احتواء الحراك من الداخل والخارج. لكن الثابت أن هذا الحراك هو بمثابة البروفة الجنرال لدراما التغيير العراقية. السلام والأمان لأرواح الشهداء والشفاء العاجل للثوار الجرحى. إشكاليتنا اليوم ليست سياسية حسب إنما وجودية: أكون أو لا أكون”.

تسليم الدولة للجيش..

ويقول الطبيب والكاتب “بلال عبد الله هادي”: “الشعب العراقي في السنوات الأخيرة فقد الأمل مرتين! وتحامل على نفسه كما تم إقناعه بكل الوسائل الدينية في خطب الجمعة، ووسائل الموروث الشعبي التي كان لها مفعول المادة المخدرة, المرة الأولى كانت بعد انتهاء فترة الحكم الثانية لنوري المالكي بعد أن كان الشعب رافض لفترة حكم ثالثة للمالكي, حتى لاحت البشائر بأن المالكي لن يفوز بولاية ثالثة ومع تلك البشائر ارتفع سقف توقعات الشارع العراقي حتى تسلم رئاسة الوزراء الدكتور حيدر العبادي وعشنا أزهى عصور التقشف! وقلة الدرجات الوظيفية التي كانت قبل ذلك أصلا تمثل أزمة بين الشعب والحكومة ومع التقشف الباقة الكاملة من سوء الخدمات والمحسوبية وتكميم الأفواه، إلا أن كل ذلك بشكل أو بآخر لم يثير استياء الشارع لسبب مقنع، وهو التزامن مع الحرب على تنظيم داعش الإرهابي! رغم حدوث بعض المظاهرات بعد إعلان العبادي النصر على داعش إلا أن تلك المظاهرات انتهت بشكل مريب وغير واضح إلى الآن، وكالعادة بوعود وتسويفات لم يلمس الشعب منها شيء. المرة الثانية لفقدان الأمل والانكسار كان بعد انتهاء فترة حكم العبادي وإقامة انتخابات أسفرت عن تواجد نفس الوجوه القديمة لكن بمراكز ومسؤوليات مختلفة! بالإضافة إلى تضخم المحسوبية والشعور بأن العراق محتل داخليا من قبل الميليشيات وتصاعد الولاء لإيران بشكل مستفز، حتى أن بعض قيادات الميليشيات وبعض أصحاب المسؤولية في الحكومة العراقية أخذوا يظهرون على الفضائيات يتغنون بولائهم لإيران قبل العراق! وبعضهم وصل إلى درجة القول افتراضا لو أن حربا حدثت بين إيران والعراق فإنه سيتخذ صف إيران!! التغني والتباهي من قبل المسئولين في الفضائيات واتخاذ قرارات يراها الشارع العراقي وقحة ومستفزة وتراكمات مرحلة داعش وما بعدها، أدى إلى ما نراه اليوم من حراك لا يخضع لجهة أو شخص لحد اللحظة! ولا أعلم إن كان سيستمر كذلك, كل المؤشرات السابقة كانت تشير إلى ضرورة حدوث هياج شعبي في مرحلة مبكرة وليس الآن, لكن أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا”.

ويؤكد: “تعلمنا و تعودنا للأسف أن في أغلب دولنا العربية لا يتم تغيير الوجوه الحاكمة أو تسليم الحكم بشكل متحضر راقي, لذلك تلجأ الشعوب إلى التظاهر و التصعيد في أحيان كثيرة حيث أن آخر العلاج هو الكَي كما يقال, رغم الألم و الحسرة على شهداء التظاهرات في اليومين الماضيين إلا أن سلطة الأحزاب الدينية في العراق لم تترك للشعب حلا آخر. أما ما سيحدث وما سيلده هذا الحراك فيصعب الآن توقع السيناريو، حيث أن تم الاتفاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي على بدء الحراك والتظاهر قبل يومين فقط! حيث بدأت الأصوات تنادي بتظاهرات بعد نقل الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي إلى إمرة وزارة الدفاع وتعيين رئيس جديد لجهاز مكافحة الإرهاب يبدو أكثر ولاءً لإيران! تزامن مع هذه الحادثة قيام شاب من محافظة واسط اسمه وسام بإشعال النار في نفسه بعد أن أزالت الحكومة عربته الخشبية التي تمثل مصدر رزق عائلته, توفى بعدها متأثرا بحروقه !. ربما يصعب تصديق أن كل هذه التظاهرات هي وليدة يومين فقط! لكنها كذلك فعلا, وليدة يومين من دعوات التظاهر وسنوات من الصبر المر مع حكم الأحزاب الدينية وسيطرة الميليشيات وسطوة رجال الدين المنتفعين!. من المبكر التنبؤ بما سيحدث لكن بالتأكيد من الممكن توقع بعض السيناريوهات منها الجيد ومنها المرعب.

السيناريو الأول: هو ولادة قائد لهذا الحراك! وهو السيناريو الذي عول عليه المتظاهرون حيث يبدو ذلك جليا من منشورات موحدة على مواقع التواصل الاجتماعي تنص على أن  الأول من أكتوبر هو يوم الثورة العراقية، وتعيين الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي رئيسا للوزراء كونه رئيس جهاز مكافحة الإرهاب وله كلمة مسموعة في الكثير من قطاعات الجيش العراقي, إلا أنه وبعد ثلاثة أيام من التظاهرات وسقوط الضحايا لم نشاهد أو نسمع شيء من الساعدي ولا حتى تصريح أو تغريدة حتى هذه اللحظة التي يعتبر ما بعدها مجهول بسبب حجب الانترنت عن العراق بشكل عام، لعزل قضية المتظاهرين عن العالم!, باعتقادي أنه أمام عبد الوهاب الساعدي فرصة ذهبية ليكون البطل العراقي في الوقت الذي ينتظر منه الشعب ذلك!.

السيناريو الآخر: الذي يبدو مرعبا لي ولأغلبية المتظاهرين هو التفاف التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر على التظاهرات, هذا السيناريو مرعب لسببين, الأول أن مقتدى الصدر قاد مظاهرات سابقا ووصل إلى قلب الخضراء (منطقة حكم العراق إن صح التعبير) ثم تراجع وأمر بانسحاب الجماهير من الشوارع مقابل وعود من الحكومة لم يتحقق منها شيء, السبب الثاني هو ولاء مقتدى الصدر لإيران وولاية الفقيه التي يرفضها المتظاهرين جملة وتفصيلا كما شاهدنا صور عن حرق العلم الإيراني في بغداد، وإنزال صور قيادات حزب الدعوة وغيرها! إلى آخر التطورات وهو قيام ميليشيات تابعة لإيران بالاعتداء على المتظاهرين بالرصاص الحي والعصي و الهراوات, أسباب كهذه تجعل هذا السيناريو مرعب جدا!. أما سيناريو تنحي الحكومة وعمل انتخابات مبكرة  فإن حدث فهو مسرحية ترقيعية أخرى حيث أن استقالة رئيس الوزراء أو استقالة الرئاسات الثلاث لا تغني ولا تسمن، لأن المشكلة في العراق مشكلة أحزاب متجذرة وممتدة، وأي انتخابات مبكرة حتى ولو بوجوه جديدة فهي وجوه غير مستقلة وجذورها ممتدة لنفس الأحزاب والميليشيات المتسيدة من عام 2004”.

 

وعن المطالب يقول: “باعتقادي أن هذه التظاهرات هي ثورة عراقية متأخرة, وأن هذه الثورة ليست ثورة مطالب أو على الأقل أتمنى أن لا تكون كذلك, ماذا تطلب من هذه الوجوه التي تحكم من 2004 لغاية الآن ولم تصنع شيء؟ وهل سيعملون على توفير شيء للشعب الآن؟! برأيي الشخصي المطلب الوحيد يجب أن يكون هو تسليم أمور الدولة بيد الجيش العراقي وتعيين أحد قادة الجيش العراقي غير المنتمي لحزب كرئيس مؤقت, وتغيير طريقة الحكم عن طريق حل البرلمان الذي أصبح منذ تأسيسه كصالة بوكر كبيرة أو صالة تضارب أسهم للمنفعة الشخصية لا أكثر, ثم البدء أولا بمحاسبة وجوه القضاء التي صيرت القوانين الجديدة وفصلتها لخدمة الطبقة الحاكمة, بعدها محاسبة أرباب الحكومات العراقية من سنة 2007 لغاية الآن في قضايا القتل الطائفي والتهجير والمحاصصة و تسليم ثلاث محافظات عراقية إلى داعش!. لماذا تسليم الدولة للجيش؟! لأن الأحزاب الحاكمة تمتلك ميليشيات مسلحة ودعم إيراني لا يقارعه متظاهر مدني أعزل! ربما هذا السيناريو ليس الأسرع لكنه الأقوى والسيناريو الوحيد الذي يستطيع التغيير وإحداث الفارق بعد 3 سنوات على الأقل في حال حدوثه”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة