17 يناير، 2025 10:18 م

ثورة العراق(4):  العنف الذي تمارسه السلطة الآن هو اعتراف بالهزيمة

ثورة العراق(4):  العنف الذي تمارسه السلطة الآن هو اعتراف بالهزيمة

خاص: إعداد- سماح عادل

يتواصل الحراك الشعبي العراقي من يوم الثلاثاء الماضي وحتى اليوم، وتتسارع الأحداث، وسط تعتيم ليس فقط في العراق وإنما تجاهل دولي لتلك الانتفاضة العفوية، ورغم ذلك على كل كاتب لديه رؤية وضمير أن يساند الشعوب المقهورة التي تنتفض طلبا لحقوقها المشروعة.

وقد سعينا لجمع آراء كتاب/ كاتبات، ومثقفين/ مثقفات عراقيين يعيشون في العراق أو خارجه حول هذا الحراك الشعبي، في محاولة للإجابة على التساؤلات الملحة وهي: هل حدوث حراك شعبي في الشارع في الوقت الحالي كان أمرا متوقعا؟ وما هي التوقعات بشأنه؟ وما هي المطالب التي من المفترض أن يتضمنها هذا الحراك الشعبي؟.

نظام طائفي..

يقول الكاتب “مروان ياسين الدليمي” ل” كتابات”: “أي متابع للأوضاع السياسية في العراق منذ العام ٢٠٠٣ لابد أن يصل إلى مجموعة من الملاحظات، كلها تؤكد على أن النظام السياسي القائم طائفي ١٠٠ %، ومثل هذا النظام بالتالي لابد أن يفضي إلى نتائج وخيمة على كافة الأصعدة، والمسألة مسألة وقت فقط لكي تنضج وتتفاقم مساوئ هذا البناء الهش القائم على تدمير الهوية الوطنية، وإعلاء الهويات الفرعية تحت عناوين الدفاع عن الأقليات، وفي الحقيقة الكل خرج خاسرا، بما في ذلك الأقليات التي خسرت وطنها وتشردت.. ومن المنطقي أن تكون نتيجة هذا السياق الخاطئ في بناء الحكم والدولة انسداد الأفق، بعد أن انهارت البنى التحتية للدولة العراقية ولم يعد هناك منتوج محلي، من بعد أن كان العراق مكتفيا بذاته قبل العام ٢٠٠٣ على الأقل في منتوجاته الزراعية.. أمام هذا الخراب الشامل لم تعد شعارات المظلومية المذهبية تجدي نفعا لكل من يرفعها من أحزاب السلطة، فالمواطن يريد خدمات ويريد أن يعيش بكرامة داخل وطنه، ولم تعد تعنيه الشعارات المذهبية التي تاجر بها الساسة طيلة العقود الماضية”.

ويؤكد: “لقد ارتكبت القوى التي تحكم العراق بعد العام ٢٠٠٣ جرائم بشعة بحق جميع العراقيين دون استثناء، وحرمت المواطنين من أبسط حقوقهم. ولا اعتقد أن القمع بات مجديا لإسكات الأصوات الغاضبة، ومن المؤكد أن تغييرا ما سيحصل، قد يتأخر، وقد تفشل مظاهرات اليوم، ولكن لابد أن يحصل تغيير يزيح هذا الكيان الطائفي، الذي يتربع عليه رجال دين ولصوص ومناضلون سابقون، لوثوا تاريخهم وسقطوا في مستنفع المنافع الشخصية على حساب مستقبل البلاد”.

معنى الحرية الكامل..

وتقول “د. لقاء موسى الساعدي”: “كنت أتوقع هذا الحراك منذ زمن، عندي إيمان مطلق بقدرة الجيل الشاب على التغير ويبهرني تفردهم وتمردهم في التفكير، هذا الجيل يختلف عنا باستيعابه لمعنى الحرية الكامل، ساعدته التكنولوجيا الحديثة على الاطلاع على مستحدثات الأمور وتطورها في خارج بلدانهم، لذا هم يتحسسون الظلم ويرفضون أن يقولبوا بالمقولات الجاهزة أو يقيدوا بالموروثات. خلافا لجيل آبائنا وجيلنا الذي تربى على الطاعة في أنظمة شمولية قامعة، وفترات سادت فيها أحزاب أيديولوجية تعلم الفرد الطاعة للأحزاب وقادتها، ولا تسمح بالفكر الحر، لا استثني من ذلك أي فكر ( قومي، وشيوعي، وبعثي، وإسلامي). لذا كنت أخوض حوارات مع أصدقائي الذين كانوا يعارضون الفكرة بتصورهم لانعدام البديل، هذه الفكرة التي جعلت الناس تسكت خوفا من الفوضى، بينما لم أكن أرى فوضى أكثر مما يحدث في العراق”.

وتواصل: “هذا الحراك الذي لا يمثله إلا الصدور العارية للشباب قد نجح كليا منذ اليوم الأول لبدايته، فقد قلب الطاولة على رؤوس النظام وحرك المياه الآسنة لفساد السلطة، وعرفهم أن الدم العراقي والكرامة العراقية لا يمكن أن تظل ساكتة وهي تداس بالنعال الإيرانية والأمريكية. العنف الذي تمارسه السلطة الآن هو اعتراف بالهزيمة، وبنجاح التحرك الشبابي في هز عرش سلطة لم تنتخبها الجماهير وأتت بوسائل ملتوية قائمة على التزوير في الانتخابات الأخيرة، ومدججة بالأسلحة الثقيلة وعاجزة عن الحوار. أما عن مطالب الحراك فأتصور أن المطالب لابد أن تتضمن تغير النظام بالكامل وعدم السماح لكل رموز الفساد من المشاركة في السلطة مجددا، وتجريم الأحزاب التي دخلت في السلطة وساندت الاحتلال الأمريكي سنة 2003، مع تشكيل جبهة إنقاذ وطني من شخصيات محترمة ونزيهة لإدارة البلد وإجراء انتخابات نزيهة بأسرع وقت ممكن”.

أرفض حكم السراق..

ويقول الممثل والمخرج المسرحي “مهند الهادي”: “من يعيش في بغداد يشعر أن حالة اليأس عند غالبية الشباب، وتحديدا جيل منتصف التسعينات فما فوق، شعورهم بالمستقبل الأسود، جميع النوافذ مغلقة، وللأسف أن الحكومة لم تجد حلول عملية لاستيعاب هذا الجيل، وهناك كارثة كبرى هي الدعاة للدين، أنا اعتقد أن هناك ردة فعل عكسية تجاه المتدينين وليس الدين، بالنتيجة خلال الأسابيع الماضية اتخذت الحكومة خطوات ساخرة من كل العراقيين وليس جيل الشباب، وأنا لست هنا بصدد تعديدها، ولكن عندما يتحول الإنسان إلى إنسان بلا أمل ولا مستقبل ولا حاضر، حياة تشبه الموت تقريبا، لذا أموت وأنا أصرخ بأعلى صوتي ارفض حكم السراق، وأرفض من يتاجر بي باسم الدين”.

ويوضح: “ما يميز هذه التظاهرة عن أخواتها السابقات أنها لا تنتمي لتيار أو حزب، المتظاهرون خرجوا بعفوية دون توجيه من أيديولوجيا محددة، لذا يصعب على الحكومة تقديم رشوة إلى قائد ذلك الحزب أو ذلك التيار، أنا جد سعيد بهذا التحرك، أما توقعاتي، لاشيء حقيقي في السياسة، أنا خائف على من يسقط قتيل أو جريح، لأني أريد وطن بلا موتى أو جرحى. لم تعد المطالَب هي المهمة، ولكن المهم أن يشعر السراق بالخوف، طيلة الأيام الماضية، كل السراق وبدون استثناء إن كان معمما أو مدنيا، جميعهم يشعرون بالخوف بعد أن شعروا بالطمأنينة أن التظاهرات لم تعد مجدية، وكل ما تنتجه هذه التظاهرة هي دفعة لمستقبل أفضل، وبالمناسبة هذه التظاهرة لن تكون الأخيرة”.

رسالة تحذير شعبية..

ويقول الكاتب “نوزت شمدين”: “الحراك الشعبي في العراق قائم منذ فترة وهذه ليست أولى التظاهرات التي تخرج مطالبة بإصلاحات شاملة، لكن هذه حدتها أكبر وهناك تأييد شعبي عراقي غير مسبوق لها كونها خالية من شوائب الساسة ورجال الدين. مواطنون خرجوا إلى الشوارع بعد أن ملوا وعود الحكومات العراقية المتعاقبة، لا يطالبون إلا بأبسط حقوقهم ولم يحملوا معهم سوى علم العراق. لماذا واجهتهم قوات الأمن بالذخيرة الحية وحجبت خدمة الانترنيت لكي تخفي عن العالم ما يحدث؟  أليس هذا دليلاً قاطعاً على أن الحكومة العراقية أبعد ما تكون عن تطلعات الشعب، وأنها تعمل لصالح الأحزاب التي تشكلها وليس للمواطنين كما يفترض بها”.

ويضيف: “أتوقع أن ترضخ الحكومة في النهاية لمطالب الجماهير، لا أريد مد خطوة حلم واسعة وأقول أنها بداية سقوط هذا النظام القائم على المحاصصة والمسيطر على قراراته من قبل جهات خارجية. لكن من المؤكد أنها رسالة تحذير شعبية على الساسة في بغداد التعامل معها بجدية، وأن لا يستهينوا بغضب الشارع لأنه جارف وعواقبه وخيمة. الفساد، هو أول شيء ينبغي على الحكومة إثبات مكافحته، وتوفير فرص العمل لجيش البطالة الكبير في البلاد. هذان مطلبان رئيسيان إضافة إلى ما تتضمنه قائمة المطالب الطويلة الأخرى المتعلقة بالواقع الخدمي والصحي والتعليمي، وغيرها من القطاعات التي تعاني الإهمال الحكومي”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة