ثورة العراق(3):  علی مكنسة المظاهرات أن تنظف السلطة من رؤساء الكتل السياسية

ثورة العراق(3):  علی مكنسة المظاهرات أن تنظف السلطة من رؤساء الكتل السياسية

 

خاص: إعداد- سماح عادل

يستمر الحراك الشعبي العراقي من يوم الثلاثاء الماضي وحتى اليوم، وتتصاعد الأحداث من الطرفين سواء من السلطة أو من المتظاهرين، وقد أظهر المتظاهرين صلابة وقوة رغم العنف الذي مورس عليهم، ورغم التعتيم المتعمد على الانتفاضة الشعبية، ورغم سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين، فالحراك الشعبي يستمد قوته من غضب الشعب الطويل والذي وجد أخيرا طريقه الصحيح للخروج.

وقد سعينا لجمع آراء كتاب/ كاتبات، ومثقفين/ مثقفات عراقيين يعيشون في العراق أو خارجه حول هذا الحراك الشعبي، في محاولة للإجابة على التساؤلات الملحة وهي: هل حدوث حراك شعبي في الشارع في الوقت الحالي كان أمرا متوقعا؟ وما هي التوقعات بشأنه؟ وما هي المطالب التي من المفترض أن يتضمنها هذا الحراك الشعبي؟.

الخداع لتحييد المظاهرات..

يقول الكاتب “بختيار عزيز” ل”كتابات”: ” في العراق كل شيء متوقع، لأن الأوضاع غير مستقرة، أنا شخصيا وفي كل لحظة أتوقع حراكا عاما صاخبا، يشتد ويحول الٲوضاع رٲسا علی عقب، أو يحرك المياه الآسنة علی أقل تقدير. ٳنها تنفيس عن الحالة المزرية التي تخنق الشباب العراقي، الذين يشاركون في المظاهرات، جلهم، أو أغلبهم لم يعوا حكم صدام حسين، بمعنی هؤلاء ساخطون علی هذه السلطة التي وحدها قهرتهم ولا تمد يد العون لمسيرة حياتهم الصعبة، بل علی العكس، السلطة العراقية نسيت العراقيين، ولا تفكر إلا في سرقتهم. التوقعات مرتبطة باستمرارية الحراك والٲيادي الخارجية التي ستتدخل، والخداع الذي يستخدم لتحييد المظاهرات وكسرها.. من المفترض ٲن تتكون لهم قيادة تعي الأوضاع الحرجة، وٲن لا تطلب استقالة الحكومة الحالية فقط ، بل تمنع ٲيادي رؤساء الكتل السياسية، التي تحكم خلف واجهة رئيس الوزراء، هؤلاء الذين يسيطرون علی المال والسلاح ويحظون بدعم إيران، علی مكنسة المظاهرات أن تنظف السلطة منهم، وٳلا سيعودون إلی دٲبهم ويفسدون كما سبق أن فسدوا في العراق طوال ٲعوام حكمهم البغي”.

تغيير لشخوص العملية السياسية..

ويقول الكاتب الصحفي “جعفر النصراوي”: “كل المؤشرات كانت تدل على حدوث مثل هذا الحراك، فالعملية السياسية برمتها وما نتج عنها من حكومات لم تقدم للمواطن البسيط أي من حل لمشاكله، وإنما زادت من معاناته بشكل كبير .اليوم الأحزاب في العراق ليست كما هي في العام  ٢٠٠٣ إذ نراها امتلكت أموال وأذرع عسكرية تمارس سلطتها في الشارع، وأغلب هذه الأذرع تم ضمها للمؤسسة الأمنية في السنوات الأخيرة، وبالتالي فجميع هذه الأحزاب لن تترك مواقعها بيُسر، وإنما ستقوم بقمع جميع المحاولات التي تطمح للتغيير، وكذلك الدور الإيراني الذي وجد في ضعف الشخصيات السياسية التي تتصدر المشهد فرصة كبيرة لإيجاد توازن قوى في صراعها مع الولايات المتحدة، وسوف تبذل كل أنواع الدعم لهذه الشخصيات كي تبقى في المشهد، ولكن تبقى الشعوب هي من تحدد مساراتها وإن حوصرت سوف تجد حلولا لم يكن أحد توقعها”.

ويؤكد: “المطالب يجب أن تتركز على تغيير شامل لشخوص وأحزاب العملية السياسية، وهذا لن يتم دون مساعدة المجتمع الدولي، وأي حلول ترقيعية من الحكومة لإسكات التظاهرات قد تنجح، ولكن فترة محدودة وسوف يعاود الشعب حراكه”.

القمع العنيف الدموي..

ورأي الكاتب “مازن الياسري” : “منذ شباط ٢٠١١ وحتى يومنا الحاضر، والحراك الرافض للمحاصصة السياسية والطائفية وللفساد الحكومي طقس دائم يصبح أسبوعي أحيانا، يرتفع صيفاً تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة وضعف الخدمات، ويخفت شتاءا، ويتفاعل مع متغيرات البلاد التي اشتعلت هذه السنوات بعدة متغيرات خطيرة كأزمة داعش، والتصارع السياسي، وتعميق المحاصصة واستشراء الفساد.. بالتالي فالحراك لم يكن متوقف أبدا، إلا أنه اختلف هذه المرة لجملة أسباب: أولها نفاذ الصبر، وثانيها عجز الحكومة عن الإيفاء بأهم وعودها المتعلق بمكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين، أضف لذلك البطالة المتنامية والفجوة المتسعة بين الحاكم والمحكوم، وتبقى الشرارة التي أشعلت الأحداث بإقالة الفريق “عبد الوهاب الساعدي” بتصرف اعتبره الشارع العراقي إهانة للشخصيات الوطنية المنتمية للعراق، لتحقيق منافع لشخصيات تنتمي لطوائفها وأحزابها وربما لدول مجاورة، أكثر من انتماؤها للعراق.. نستشف أن الحراك كان متوقع ولكن قمعه بهذه الطريقة لم يكن متوقع أبدا”.

ويواصل: “اعتقد أن أي حراك يتناسب عكسياً مع ردود السلطة، فلو كانت الحكومة جادة بتحقيق مطالب المتظاهرين لانخفضت الاحتجاجات، ولكن القمع العنيف وبطريقة دموية غير متوقعة، والتغاضي عن تحقيق المطالب، تسبب بارتفاع وتيرة الحراك وعمق من الفجوة بين المواطن والحكومة، أما التوقعات المرجوة فتتعلق بشن الحملة المنتظرة لضرب الفاسدين، التي أجد أن الحكومة بحاجة ماسة لتفعيلها إن أرادت امتصاص الغضب والنقمة الشعبية، مشكلة الحكومة العراقية وشخص رئيس الوزراء، أنهم راغبين بمكافحة الفساد، ولكنهم يلاحقون الموظفين الفاسدين الصغار، رغبة بعدم التورط مع الفاسدين الكبار الذين باتوا يوصفون بالشارع العراقي بمصطلح (الحيتان)، نعم هم يبتعدون عن الاصطدام بالحيتان المقربون من قادة الجماعات السياسية والدينية والمحميين من قبل كتل سياسية وشخصيات رسمية، بالتالي إن لم تضرب الحكومة عدد من هؤلاء حتى وإن كان قليلاً.. ستسمر الاحتجاجات وقد تتفاقم لازدياد الشعور المجتمعي باللا عدالة”.

وبخصوص المطالب يؤكد: “أنا على قناعة بأن الواقع العراقي بكل ما فيه من تعقيدات ليس سوى مجموعة من النتائج التي سببها سببان رئيسيان وهما (الدستور) و(البرلمان) بالتالي فمع أي ضغط شعبي جاد، يتجه الحاكم سريعاً للتستر خلف جدران الدستور وبمظلة شرعية يوفرها حلفاءه بالبرلمان، وهنا أجد أن أهم المطالب التي على المحتجين التشبث بها هو الضغط لأستحصال تواقيع نواب البرلمان من أجل إقالات الفاسدين أو التوقف عن تقسيم المناصب بمنطق الحصص الانتخابية، أو الحث لأجراء تعديلات دستورية سريعة، كما أن مشكلة البطالة تستوجب مطالب للحل، أهمها إيقاف فتح سوق عمل أجنبية خاصة بشركات النفط العالمية لفتح مجال العمل للمواطنين العراقيين.. مطلب آخر أظن أنه من المهم حضوره بهذه الاحتجاجات وهو تشكيل لجان تحقيق مستقلة، يفضل أن تكون دولية، للبحث بهدر المال العام وشبهات الفساد، وخاصة بمستوى رؤساء الحكومات والوزراء والنواب، وبطريقة على الأقل تكشف أمام الرأي العام سلسلة المتورطين وتقدمهم للقضاء العراقي بعيداً عن حصانات وفرة لحمايتهم من العقاب”.

أداء سياسيو الصدفة..

أما الشاعر “عبد الكريم هداد” فيقول: “نعم كنت أتوقعه، وسوف يتكرر المشهد مراراً، حتى يتحقق حلم أحرار الشعب العراقي في توزيع الثروة الوطنية بالشكل العادل والمرضي الذي يؤمن مستقبلاً جميلاً للأجيال القادمة أيضاً. وهنالك انتفاضات قادمة وربما أكثر دموية.. بسبب إصرار سياسي الصدفة في العراق على هذا الأداء المقرف. لكن الشعوب تبقى دائماً حبلى بالمفاجآت وبلورة أهدافها الوطنية المرحلية والإستراتيجية. والشعب العراقي قد ضاق به الغليان والاحتقان اليومي بسبب الأوضاع الاقتصادية وانعدام الخدمات التربوية والصحية والحقوق الإنسانية. لقد فشلت الحكومات المتعاقبة في توفير الحياة  المرجوة واللائقة به.  وما زالت قطاعات الشعب العراقي المسحوقة والفقيرة والواعية متوترة وغاضبة جداً، وبات جيل شبيبة ما بعد 2003 أكثر دراية ووعي بمتطلبات الحياة التي يمكن أن توفرها ثروات بلدنا الغني جداً، والتي يبددها صانعوا العملية السياسية العراقية والتي تسمى جزافاً “بالديمقراطية”، والتي هي كل مراحلها عمليات سرقة وتزوير وخداع ونهب يمارسها اليوم ساكني المنطقة الخضراء، بأوامر قاسم سليماني والسفير الأمريكي، وهي عملية نصب واحتيال على وطن وتاريخه وفقراءه”.

ويضيف: “إنه حراك جبار وعظيم وكبير، وقد أوضح مدى قدرة الشعب العراقي على خلق المفاجئة وإمكانية تحقيق حقوقه بقوة هتافه السلمي والمطالبة بحقه، ويا ليت أن يكون الهتاف في ساحات العراق “أريد حقي..!” لكي تتزلزل الأرض تحت أقدام المخادعين من خونة العراق. سيكون تمريناً أو درسا  شعبياً كبيرا وواضح المعالم، بسبب خلوه  لحد اللحظة من أية تأثير حزبي ممن ساهموا في تأسيس العملية السياسية الحالية، المنظمة على المحاصصة  الطائفية والحزبية والقومية بأمرة بريمر. وسيكتسبون من الحكمة والقدرة الإدارية الميدانية لأن تقود الجموع نفسها نحو الأهداف الوطنية الصحيحة، وإبعاد دول الخراب “برة.. برة”، وقيادة هذه الجموع المقدامة والتي أثبتت إنها فدائية وجسورة من خلال عدد الشهداء الأبرار والدماء التي سالت في شوارع المدن، يحدث ذلك أيضاً بالرغم من أنني  أسجل عدم حضور أي من منتجي الثقافة العراقية بكل أسمائها اللامعة والبارزة، وقد تأخرت في نزولها مع المتظاهرين، من أجل الأخذ بيدهم وشحذ الهمة وتشكيل الوعي العام بالهوية الوطنية والمطالب العادلة في توزيع الثروة”.

وعن المطالب يقول: “من وجهة نظري أن المطالب يمكن تلخيصها بالعناوين التالية:

أ‌-      المطالبة بتعزيز الهوية الوطنية العراقية تحديداً.

ب‌-    المطالبة وبإلحاح شديد بتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية من أجل توزيع الثروة الوطنية العراقية على الجميع، من دون مسميات إثنية أو قومية أو دينية.

ت‌-    المطالبة بتكوين جهاز قضائي مهني قانوني وخالي من الرشوة والمحسوبية والتزوير وأمرة صاحب السلطة السياسية، وأن يكون هو سلطة قضائية حقاً والمشرف على الانتخابات دوماً”.

استخدام الفن والجدال السياسي الثقافي..

وكان رأي الكاتب “سالم صالح”: “ينبغي أن نبحث عن أطر أكثر جمالية في استخدام وسائلنا للتعبير عن حالة الاستنكار والغضب مما يعيشه العربي والعراقي بشكل خاص. الوسائل التي أقصدها هو استخدام الفن، والجدال السياسي الثقافي، والتوعية النفسية، والوسائل الفنية من أجل إيصال أهداف الحراك، والاستنكار والرفض بعيدا عن الرصاص والقتل وإشاعة أجواء الحرب. نحن بحاجة للتغيير وإيصال الرسائل بطرق حديثة معبرة وليس إلى الحرب، ونحن في قرن جديد تتطور فيه الحياة بمعظم وسائلها. الكلام ليس موجه للحكومات والشعوب العربية لكي تتجاوز فكرة الحرب والتخريب والقتل. لكن هل تعي الحكومات هذا المنهاج؟ لا اعتقد لأن الوعي مازال لديها قاصرا، ولا يفهم معنى حرص الحكومة على دماء وممتلكات شعبها بل تنساح إلى رضا أنانيتها وبقاء وجودها. سنحتاج لعشرات السنين لنفهم معنى الحراك والتظاهر وكيف تقوم الحكومة بواجبها الحضاري والإنساني والسياسي لحماية شعبها، وكم دماء الناس غالية عند حكومتهم. كل هذا الكلام يطبق في حالة الاستقلال والثقافة والتطور في الرؤيا والمنهاج، والعمل المؤمن بأهداف الحياة والمجتمع. أنا انظر للحياة نظرة حديثة ومتطورة كي تفهم الناس واقعيتها سواء الحكومة أو الشعب، نحن لا نحتاج للحروب بل للثقافة”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة