13 أبريل، 2024 8:22 ص
Search
Close this search box.

ثورة العراق (13): لا يوجد تعاون بين قطاعات الشعب في الحراك

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

مازال الحراك الشعبي العراقي مستمرا، رغم توقفه بسبب زيارة الأربعين، إلا أن الدعوات للنزول يوم 25 تنهال على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعلن عدد كبير نزولهم ومشاركتهم في الأحداث، واستئناف التظاهر ورفع المطالب، تحت شعار “نازل أخذ حقي”.

وقد سعينا لجمع آراء كتاب، ومثقفين عراقيين يعيشون في العراق أو خارجه حول هذا الحراك الشعبي، في محاولة للإجابة على التساؤلات الملحة وهي: هل حدوث حراك شعبي في الشارع في الوقت الحالي كان أمرا متوقعا؟ وما هي التوقعات بشأنه؟ وما هي المطالب التي من المفترض أن يتضمنها هذا الحراك الشعبي؟.

تضامن قطاعات الشعب..

يقول الكاتب “جودت جالي” ل”كتابات”: “أتوقع دائما أن نفاجأ بحراك وتظاهرات إذ أن العفوية صفة ثابتة، حتى الآن على الأقل، للحراك الشعبي العراقي. الحراك عفوي كما قلت وهذه نقطة ضعف خطيرة تؤدي إلى فشل كل حراك، فلا يوجد تنظيم للتظاهر ولا تنسيق مرئي، لا أحد ولا جهة تتبنى الحراك والمطالب والشعارات وتسيطر على المسار، وهذه نقطة قوة للسلطة لأنها تتذرع بعدم وجود جهة في الحراك تقوده وتمثله وتتولى التفاوض نيابة عنه أو تقوم السلطة، إذا أرادت، بتكوين جهة التفاوض بنفسها وتقدمهم على أنهم يمثلون الحراك. كلتا الحالين مصدر فشل ووصول إلى نهاية عقيمة فاجعة بالشهداء والمعتقلين. ربما تخشى الجهة المنسقة الكشف عن نفسها ولكن يجب أن يكون هناك، ولو ناطق واحد رسمي، للحراك. التنظيم ضروري للنجاح وهو ضروري أيضا للاعتراف الدولي بالحراك. الحراك العراقي مشتت والأحزاب السياسية إما تستغله لصالحها، ولو لتكون في الصورة فقط لكي لا يقال غدا أنها وقفت متفرجة، أو تعمل لإفشاله، وهو مشتت، عدة حراكات نائمة تعمل بطريقة النوبات، ولا يوجد تعاون بين ممثلي قطاعات الشعب ذات المصلحة في الحراك، نقابات، جمعيات، اتحادات وضمنها اتحاد الأدباء واتحاد الصحفيين ونقابة الفنانين، حين نزل الشباب إلى الشارع في سنة 1968 في فرنسا نزل العمال والفلاحون معهم وبالنتيجة عمت التظاهرات أوربا والعالم وحققت مكاسب تحظى بالاهتمام والدراسة إلى الآن، وحين قامت الثورة الشعبية في مصر كانت كل قطاعات الشعب حاضرة.”

ويؤكد: “لا يجوز أن ينزل الشباب يتلقون الرصاص بصدورهم والنقابي جالس في مكتبه والمثقف ينتظر أن يمنعون عنه الخمر ليثور ويدور في شارع المتنبي يصيح “بغداد لن تكون قندهار”! أنا لا أقصد الجميع يوجد مثقفون بحكم السن والوضع الصحي لا يمكنهم المشاركة، ويوجد من هو في ظروف معينة مانعة، أقصد الجهات التي تمثل قطاعات الشعب التي يجب أن تضع خطة التضامن وتتحرك حسب واقعها. حين سيتظاهر العمال غدا لن يجدوا إلى جوارهم الشاب الذي خذلوه هم، وكذلك الحال بالنسبة للفلاحين وغيرهم. هذا وضع لن يؤدي إلى نتيجة يجب أن ينظم الشعب نفسه، وبطريقة ديمقراطية وبكل ما يمكن أن تمنحه الديمقراطية من قوة”.

وعن المطالب يقول: “من الناحية المبدئية أنا أؤمن بالاشتراكية العلمية ضمن نظام ديمقراطي يفيد من تجارب الأنظمة الديمقراطية. هذا معتقدي الشخصي وحقي الفكري. غير أني لا أعمل ضد النظام لأنه أقيم بتصويت الشعب، وأتمنى أن يأتي يوم يصوت الشعب نفسه على نظام أكثر انسجاما وصالحا للعمل. لكني أرفع صوتي ضد أخطاء أو إجراءات السلطة التعسفية والفساد وكل مسعى لحرف النظام أكثر إلى نظام غير علماني أو إلى نظام يؤدي إلى احتراب طائفي أو قومي أو مناطقي وغير ذلك. عموما المطالب يجب أن تكرس الطبيعة العلمانية للنظام وتطرح حلول تغييرية جذرية دستورية وأنا أؤيد حاليا قيام تضامن دولي يتبنى المساعدة على قيام تصحيحات دستورية وحكومية، قصيرة الأمد وطويلة الأمد”.

تظاهراتنا بلا مخالب..

ويقول الشاعر”‏حسين خليل الجنابي”: “كثيراً ما تُقضم حقوقنا نحن العراقيين، وكثيراً ما نتظاهر، هكذا حدثنا التأريخ، لكننا لم ننصت جيداً ولم نستوعب الدرس أيضاً، فمنذ القدم وتنطلق التظاهرات في الشارع العراقي ضد كل محاولة من السلطة أو غيرها حين تحاول جهات داخلية أو خارجية لاستباحة كرامة الفرد العراقي، هكذا عودنا الشعب، تنتفض الأقلام وترتفع الرايات وتصدح الأصوات، ومن الملفت أننا نجد المتظاهرين دوماً في أعلى درجات التنظيم والترتيب تعكس شعاراتهم المهنية والاستيعاب الفعلي لموضوع التظاهرة، وهذا الأمر يحسب لمنظمات المجتمع المدني الفاعلة والطاقات الشبابية العاملة، وإلى العقلية الراجحة لأبناء شعبنا المثقف، هذا في السنوات القليلة الماضية بعيداً عن الشوائب التي تلون أطراف بعض التظاهرات، أما في سنوات الأبيض والأسود فإنها تُقاد بطرق عفوية منظمة ذاتياً بنظام المشاركين فيها، حتى إنني طالعت تظاهرة لطلبة بهيئة مخيفة من خلال مظهرهم الذي يعطي فكرة للمشاهد أن خلف هذه التظاهرات عقول. هذه التظاهرات وإن كانت ناجحة في التنظيم، وأن مطالبها تصل دوماً للمقصود، إلا إنّها لا تأتي بثمارها في الأغلب، ولا تلقي استجابة واضحة، فهي تفتقر للمواصلة والتنظيم الفكري، والتنظير لما قبل وبعد قيامها، وإن تواصلت افتقرت للجدية وإن اتسمت بالجدية غاب عنها العنصر الأهم وهو ما بعد التظاهر، وهنا يمكننا القول إن المسئول لو وضع في أذن طينة، وبأخرى عجينة، لن يتحقق شيء من مطالبنا، ولما كانت السلطة العراقية آمنت بأنها لن تشهد بعد التظاهرات مضاعفات أخرى، كاتساعها بنطاق شامل وتحويلها لثورة إعلامية ومقاطعة شاملة وعدم التعاطي مع إيجابيات السلطة أو سلبياتها، لتصل إجراءاتها لعصيان مدني أو رفض حقيقي للطبقة السياسية من خلال وضعهم في القوائم السوداء، هذا لن يحصل ما لم تكن هناك ثقة مطلقة بالقادة والأصوات المنظمة للتظاهرات أو ثقة مطلقة بمن يقود الرأي الجمعي، أو بروز منظمات مجتمع مدني قوية مستقلة قادرة على استمالة الشارع العراقي، وقادرة على ضمان الاستجابة للتوجيهات المستقبلية، تأخذ على عاتقها مهمة التنظير ورسم الخارطة الإصلاحية لسنوات قبل التنفيذ والتنفيذ يجب أن يكون مدروس بخطوات موقوتة”.

ويواصل: “قبل قيام الثورة الفرنسية بفترات طويلة عمل الفلاسفة الفرنسيين بالتنظير للتغيير، واستطاعوا حتى باختلاف نظرياتهم، خلق وعي جمعي وهو ما نفتقر له، هذا الوعي بطريقة غير مباشرة، يجعل كل مواطن يعرف ما هي واجباته في حال غياب مشروع الدولة، إضافة إلى أن وضع المعايير التي يجب أن يكون عليها المواطن ضمن بيئته الشاملة يعطي مساراً ونمطاً للعيش، مُطالباً من الجميع السير عليه وإلا فإن المخالف لنمط العيش المنظر له والمفترض أن يسود في البلاد يعتبر نشازاً، ومن الضروري مكافحته، وأيضاً التنظير يرسخ موضوعة وطنية الفرد وتغليب الولاء للحدود الجغرافية وللأمة قبل الطائفة، في هذه الحالة سنضمن عدم انزياح عدد من المواطنين لعمل مجموعات متطرفة أو مشتراه من الخارج، العراقيون الآن هم ليسوا أمة بقدر كونهم جماعات على أرض العراق، وعلى التنظير لملمّة الرأي العام وتوحيد الاعتقاد، من أجل ربط الأحداث التي سيرسمها المنظر على خارطة الوقت. التنظير لما يجب أن يكون عليه الشعب بعد سنوات قبل اندلاع الحركات الاحتجاجية المراد منها التغيير يضع الأوراق غير مخلوطة أمام قادة المجتمع الذين سيفرزهم المجتمع المدني الذي طُور خلال سنوات وفق برامج أعدها مسبقاً مفكرين ومخططين، ولكيف سيكون شكل المجتمع خلال تلك الفترة! أما التنظير لما يجب أن يحدث بعد التظاهرات أو خلالها ومن ثم بعدها أهم بكثير، فهو الذي يعطي شكل المجتمع المراد أن يكون عليه بعد تغيير السلطة، أو حتى توجيهها بما يخدم الفلسفة الموضوعة من قبل مفكري الأمة العراقية، هنا تبرز المشكلة بعد الدعوة للتنظير ألا وهي من سينظر، وهل سيكون محايداً بدون أيديولوجيا تضخ من هنا وهناك؛ في هذه الحالة سيكون للمجتمع النخبوي الدور البارز في الرفض أو الموافقة على بلورة الأفكار داخل المجتمع وتنميتها شيئاً فشيئاً”.

ويضيف: “المشكلة التي تجعل تظاهراتنا بلا مخالب في العراق هي أنها برأيِّ لا تتعدى أكثر من حركة يقطع فيها الشارع وتبدأ المناوشات وتسبى القوات الأمنية، يتهور منظميها ويجلدهم من لا حول ولا قوة له. التظاهرات تحدث غالباً في بلداننا بدون تشخيص لما يجب أن تدور مكوكيتها داخل منطقة الحكم، وأيضاً دون تحديد لما يراد منها باستثناء المطالب العشوائية، هذه التظاهرات تكون مجدية في الحكومات التي تستحي على نفسها، أما مثل حالتنا تحتاج لانتفاضة كبرى يجري التنظير لها وتعبئة الجماهير لأكثر من عامين. التنظير مهم جداً، وهذا الدور يجب أن يقوم به الكُتّاب الاجتماعيين وأساتذة الجامعات، وعزل الساسة ورجال الدين نهائياً من المشاركة في وضع لمسات الحركة التنويرية شعبياً. قد يكون كل الشعب يعرف أن النظام السياسي لا يصلح لإدارة حظيرة ماشية كتعبيرٍ مجازيٍ لفضي، لكن لا يستطيع ترجمة غضبه وإن استطاع لا يتعدى حرقه الإطارات في شوارع المدن. هنا يمكننا تعميم التجربة في حالة وجود اعتداءات من بلدان أخرى تتطلب خروجنا بمظاهرات جدية، فهنا أيضاً لن تجدي نفعاً؛ فالكيانات السياسية الخارجية استوعبت جيداً أننا شعب لا يستطيع إقناع أو إجبار سلطته في الداخل على تنفيذ مطالبه، فكيف وإذا بنا نطالب الحكومات الأخرى باحترام سيادتنا وعدم التطاول مرة أخرى، وهذا ما حدث فعلاً من عدة دول تستغل الوضع المتردي عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، فهي قد تنظر لتظاهراتنا بعين الازدراء؛ لكونها بلا مخالب والأمثلة كثيرة. الفكرة تتعدى قيام الشعب بحركات احتجاجية أمام السلطة، بل بقيامه بحركة تقويمية لسلوك الجماهير وبالنهاية حصولنا على مجتمع يمكن توجيهه بدون انفعالات غير مسيطر عليها”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب