26 ديسمبر، 2024 11:43 م

ثلاثية غرناطة.. سرد تاريخي لمأساة سقوط الأندلس

ثلاثية غرناطة.. سرد تاريخي لمأساة سقوط الأندلس

عرض/ إلهام مزيود
وأنا أطوي آخر صفحة من رواية “ثلاثية غرناطة” للأديبة المصرية الراحلة رضوى عاشور، لم أستطع أن أطوي معها شعور الأسى والحزن الذي انتابني على ما حدث يوما في تلك البلاد التي لا نحمل لها سوى ذكريات القدامى وفواجعهم، فواجع ومواجع لازالت تضرب بجذورها إلى يومنا هذا.
“مسلم قذر”، “عربي جبان”، “كلب موريكسي”، ألفاظ تكررت كثيرا في الرواية على ألسن القشتاليين أشعرتني بالقشعريرة، سقطت بالنسيا، قرطبة فغرناطة التي مثلت الركن الأخير للوجود الإسلامي على الضفة الأخرى من المتوسط.. كل مدن إسبانيا حتى القرى والمناطق الجبلية أصبحت بيد القشتاليين. اختير للعرب أسماء غير أسمائهم وفرضت عليهم ممارسة عادات وتقاليد غير تلك التي ألفوها وأجدادهم، المرأة أجبرت على خلع ثياب الحشمة لترتدي ثياب الذل، الضياع والهوان. خربت المساجد والآثار الإسلامية وأحرقت الكتب التي مثلت لعقود طويلة منارة الأندلس في المعرفة والعلم لتحرق معها قلوب رثاها الألم في صمت صارخ.

ثلاثية غرناطة، ملحمة تاريخية بشخصيات من عالم الخيال

ثلاثية غرناطة أسطر مؤلمة لحقائق بشعة جسدتها شخصيات أبدعت في وصفها الراحلة رضوى (أبا جعفر، أم جعفر، أم حسن، سليمة، مريم، حسن، سعد، نعيم، علي…).

ثلاثية غرناطة
غلاف الرواية الصادرة عن دار الشروق
هي مئات من سنين الظلم والعذاب. انتظار للنجدة، ثم انتظار، ثم انتظار، قبل أن يجهض الأمل في كل مرة بمزيد من الخيبة. فلا العربي نصر أخاه العربي (إن لم يكن هو سبب تعاسته في الأصل) ولا أنقذ نفسه بنفسه، أما المسلم فلم يبق له من الإسلام سوى الإسم. كم تمنيت مع كل صفحة أقلبها أن أقرأ عن وصول المساعدات والإمدادات العسكرية من بني عثمان أو الشام أو المغرب، لكن عبثا تمنيت، فقد قلبت 504 صفحات على نفس الأمل ومع نفس الخيبة التي تجتر نفسها مرة بعد أخرى، مع كل صفحة يزداد الألم ويضمحل الأمل، قبل أن أعتذر في النهاية من عقلي الذي لم يستوعب هذا السقوط المخزي لغرناطة، ومن قلبي الذي ضل يشحذ فتات الأمل على محرمة الأسى ليطويها في النهاية تعتصر بدموع الخيبة.

كل شيء يبحث عن تفسير لما حدث، كل شيء فيا متعطش لمزيد من الشرح.

رغم طول الرواية الذي بلغ أزيد من 500 صفحة، إلا أنني لم أستشعر الملل أبدا، أحببتها كثيرا هذه القطعة الأدبية الرائعة، وممتنة بالكثير للراحلة رضوى عاشور.

هنا بعض الاقتباسات من الرواية:

“يعاقب الله الملوك الظالمين بموت أبنائهم وفساد عقولهم ، ولكنهم يحكموننا فنجني ثمار جنونهم ؟! يصعب أن يفهم الإنسان حكمة الله ، لغزها عميق عسير”

“لكل شئ في هذه الدنيا علامة قد لا يفهمها الإنسان أبداً، وقد يفهمها بعد حين.”

“العمر حين يطول يقصر، والجسد حين يكبر يشيخ، والثمرة تستوي ناضجة ثم تفسد، وحين يقدم النسيج يهتريء.”

المصدر/ مركز الجزائر للنشر

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة