5 مارس، 2024 8:05 ص
Search
Close this search box.

ثقافة تشرين (15): مطلب (نريد وطن) تصدى لألغام ثقافة العشيرة والطائفة والمناطقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

انتفاضة جمعت في صفوفها الطلاب، وتلاميذ المدارس وربات البيوت، وسائقي التكتك،كتفا الى كتف مع الكتاب والمثقفين وأصحاب المهن، هي انتفاضة ولا شك ذات تأثيرات أبعد وأعمق من مجرد مطالب، أو تأثيرات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، فقد حفرت عميقا في وعي ليس فقط المشاركين فيها، وإنما أيضا في وعي من شاهدوها عن بعد، متفرجين في الجانب الآمن.

بمناسبة ذكرى ثورة تشرين العظيمة نواصل نشر ملف عن (تأثيرات ثورة تشرين الثقافية) وكيف تجلت تلك التأثيرات على أرض الواقع. ونجمع آراء مجموعة من الكتاب والمثقفين والمتفاعلين مع أحداث ثورة تشرين.

 شوكة في عيون الفاسدين..

يقول الطالب “أحمد قاسم”: “لا أبالغ إذا قلت أن ثورة تشرين دخلت كل مفاصل الحياة، تأثيراتها السياسية واضحة جدًا، لكنها وصلت للتأثير الكبير في مواقف المؤسسة الدينية، الدين الذي من المفترض أن يكون المحرك الأساس للمظلومين ضد السلطات الفاسدة، كان قبل تشرين يكتفي بتصريحات خجولة ضد هذه السلطات، ولربما حتى يبين أنه مع الناس البسطاء لا أكثر. اليوم أثبتت تشرين بشبابها وبناتها أنهم قادرين على كسر الحواجز وإجبار المؤسسة الدينية على الوقوف معها حتى وإن كان ظاهريًا. وتجلى ذلك عندما طالبت المؤسسة الدينية حكومة القناص اللاعادل عبد المهدي بالاستقالة”.

ويتسائل: “من منا كان يتخيل أن الطبقة الكادحة من شباب ومراهقين وحتى أطفال، يمكنها أن تطيح بحكومة فاسدة مجرمة أرست قواعدها الرصينة على أسس دينية، وتطبيقها لشعائر تستلهم عواطف الناس بسهولة (بروباغاندا). وينبغي هنا أن نذكر أن السواد الأعظم من الناس لم يشاركوا فعليًا في ثورة تشرين، لكنهم كانوا يتعاطفون معها”.

ويؤكد: “بدأت محاربة الثورة بالتجاهل (كقطع الإنترنيت وقمع الإعلام المعارض) ثم بالسخرية والتخوين وغيرها، ثم حاربوها بالسلاح القناص بدايةً، ومن ثم القتل علانيةً كما حدث في الناصرية والنجف وباقي المحافظات. وهذا يذكرني بمقولة للعظيم المهاتما غاندي: (في البداية سيتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر)، واليوم ونحن على قاب قوسين أو أدنى من الانتصار بدأوا بالتقرب والتملق للثورة والثوار بشكل واضح وجلي لذوي العقول الراجحة. خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، ولا ريب أننا سنرى مرشحين بلباس ثوري تشريني وهم كانوا من أشد الناس بغضًا وحقدًا على الثورة، ولربما شاركوا بقمع الثوار!!”.

وعن تأثيراتها على الثقافة يقول: “من هنا نستطيع القول أن ثورة تشرين أثرت في الثقافة السياسية والدينية (وإن كانت إجبارًا) أو رضوخهم مع التيار الجارف للمبادئ الرجعية. وأسفي على من يُحتسبون على الطبقة المثقفة، لم أر إلا القلة القليلة من الشعراء والكتاب والفنانين وأمثالهم قد شاركوا فعليًا في حراكنا، وددت لو رأيت نُسخًا عراقية عن جان جاك روسو أو فولتير أو مونتسكيو. فاليوم كلنا مسئولين ومن واجبنا المشاركة في خلق عراق جديد ودولة مؤسسات مدنية مبنية على مبادئ أهمها (الرجل المناسب في المكان المناسب)، ولا تبرير للتخاذل لأيًا كان على الإطلاق. وعلى الرغم من أن تعاطف الناس مع الثورة ينحسر تارةً ويتوسع تارةً أخرى، إلا أننا نستطيع القول أنها الحركة الوحيدة التي نجحت منذ عقود، ومنذ سبعة عشر عامًا على وجه الخصوص، أو على الأقل هي الأكثر نجاحًا من كل الحركات السابقة. وستبقى تشرين شوكة في عيون كل الفاسدين، ومرجعًا لكل الثورات اللاحقة”.

 

غليان جماهيري هادر..

ويقول الكاتب “سعدى عوض”: “لم تكن ثورة تشرين العراقية مفاجئة، وإنما كانت امتدادا لحراك شعبي منذ 2011 وما كانت شعاراتها منفصلة عن ذلك الغليان الجماهيري الذي أمتد صاخبا وهادرا بصوت شعبي قوي. الشباب والشيوخ وكل وطني غيور سطر بوح وجدانه مع ثورة الشباب العراقي، الذي أخذ على عاتقه تحمل كل المشاق”.

ويضيف: “من أهم انجازات ثورة الشعب في تشرين هو التحول من المطالب الخدماتية إلى مطلب (نريد وطن)، وهذا المطلب هو الذي أخاف ثلة السياسة والسلطة في العراق، لأنه تحول إلى كاسح لألغام ثقافة العشيرة والطائفة والمناطقية، وهذا في الحقيقة أهم منجز ثقافي وطني، ولهذا صار الخطاب الإعلامي والثقافي انعكاسا لصوت الشارع الهادر، وبالتالي أضمحلت ثقافة الإقصاء والخجل من تداولها. عندي هذا أهم منجز مهد لمنجزات ومعطيات ثقافية تجسدا إشراقا أكيداً”.

ويواصل نعم كانت الصحافة ما تجاوبت سريعا مع هذا الإشراق، وحتما ستأتي تجسيداتها في القصة والرواية. وأعتبر رواية “حسن عبيد عيسى” (المتحولون) ــ الصادرة في القاهرة أواخر عام 2019 الانجاز الإبداعي الأول الذي جسد الثورة في كل معانيها ورمزيتها. وبالنسبة لي الاعتمالات النفسية التي عملتها في نفسي توحي بإنجاز أكيد في المستقبل”.

 

خطاب وطني عابر للطائفية..

ويقول القاص “خالد شاطي”: “مثلت ثورة تشرين حالة جديدة في الساحة العراقية؛ بخطابها الوطني العابر للطائفية؛ وبالإصرار والتحدي؛ وبالروح الجماعية التي أظهرت المعدن الحقيقي للإنسان العراقي؛ بعد أن ظُنّ أنه اختفى ولن يظهر ثانية. أظهر الشباب العراقي أنهم القوة الحقيقية والطاقة اللازمة لأي تغيير. وأنهم الثورة والثروة في هذا البلد الذي لم يشهد، منذ عقود، استقراراً؛ ولم يتمكن من التقاط أنفاسه؛ ليمارس الناس فيه حياتهم بشكل طبيعي مثل أي مجتمع آخر”.

وعن تأثيرات الثورة الثقافية يقول: “وعلى الرغم من غزارة الفعاليات الثقافية التي رافقت الثورة وتنوعها، من شعر ونثر وتشكيل ودراما وخطابة وأداءات، فإن عظم الثورة ومطالبها وفرادتها وعنفوانها حالت- في الأعم الأغلب- دون ظهور نشاط ثقافي يرتقي لهذه الثورة. فتضحيات الشباب وصوتهم كان هو الثقافة الجديدة التي تندرج فيها كل ألوان النشاط الفني الإبداعي. وكان للأخيرة فضل التعبير وديمومة الثورة، وهو بحد ذاته انجاز من أهم انجازات الفن والأدب في كل العصور”.

نصرة المظلومين..

ويقول الشاعر “رحيم الربيعي”: “تأثيرات ثورة تشرين تجلت من خلال ولادة الكثير من النصوص والأعمال الأدبية على مستوى الشعر والمسرحية والرواية. وجميع هذه الأعمال تدعو إلى نصرة الثورة من أجل تحقيق أهدافها السامية، وسلطت الضوء  بشكل كبير على الجانب الإيجابي فيها ولا سيما المأساوي، نصرة للمظلومين في وطن تتلقفه أذرع الموت والفساد بلا رادع”.

ويواصل: “الوعي والثقافة حاضرة في الثورة ومنذ الأيام الأولى لانطلاقها، لقد عملت النخب الواعية والمثقفة على عمل ورش بسيطة داخل خيم الاعتصام، يتم من خلالها طبع المنشورات التوعوية ورفع أصابع الاتهام بوجه المؤسسات والشخصيات الفاسدة، وبيان الإخفاق في عملها، إضافة إلى أعمال فنية وأدبية عديدة ساهمت بشكر كبير في زيادة الوعي والثقافة لدى الكثير من الذين يجهلون ماهية الثورة، والحكمة من انطلاقها في وطن أنهكه الفساد والحروب. وقد بان ذلك جليا من خلال زيادة عدد المتظاهرين”.

ويؤكد: “ولن ننسى دور الأدباء والكتاب والفنانين العراقيين في دعم الثورة، وقد تجلت عندما أُطلق على العديد من نتاجاتهم مسميات تخص الثورة مثل ديوان (أبطال التك تك) وروايات تحمل اسم ثورة تشرين وأعمال مسرحية كثيرة، تحمل أسماء الشهداء الذين سقطوا في  المظاهرات وغيرها، اما بالنسبة للثقافة بمفهومها العام أصبح واضحا للجميع من خلال التعامل الراقي، وبث روح التعاون وحملات التنظيف وجمع التبرعات المالية من أجل توزيع المساعدات الطبية، ووجبات الطعام للمعتصمين والمرابطين في ساحة الاعتصام والتظاهر”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب