خاص : بقلم – محمود عبده سالم :
كانت مسرحية (أهل الكهف) من أول الكتب التي قرأتها في حياتي..
كان عمري 09 سنوات.. وكانت المسرحية ضمن مكتبة أخي الدرعمي..
وقرأتها حينها أكثر من مرة..
بالتأكيد كنت أصغر سنًا من تأمل المرامي الفلسفية للمؤلف من العمل..
لكن كان هناك زاوية مهمة كنت على وعيٍ بها..
كنت في الفترة نفسها قد قرأت القصة الدينية، من وجهة نظر إسلامية بالطبع، خاصة إنها واردة في القرآن بشكلٍ صريح يُبرز بعض التفاصيل ويُغفل بعضها..
وفي تلك المرحلة السّنية لم يشغلني سوى مدى التشابه بين المسرحية وبين القصة القرآنية..
بالطبع كان الاختلاف كبيرًا..
فالقرآن مثلاً لا يؤمن بالصلب ولا الصليب، بينما أحد أبطال المسرحية الثلاثة، البطل العزب أهدى حبيبته قبل دخوله الكهف صليبًا.. كمظهر من مظاهر إيمانه..
القرآن تحدث عن أهل الكهف كشباب مؤمنين لديهم عقيدة صلبة فضلوا الفرار بحياتهم على تغييّر عقيدتهم، شباب لا تشغلهم سوى الآخرة أو الملكوت بالتعبير المسيحي.. بينما “توفيق الحكيم” أوردهم أشخاصًا عاديين (آمنوا بالمسيح) وشاءت ظروفهم أن يغيّبوا عن بلدهم وعالمهم ثلاثة قرون مترادفة من الزمان دون أن يدركوا ذلك.. وهنا يبرز حيرتهم الوجودية.. وحزنهم على الحرمان من الأهل أو الحبيبة..
القرآن طرح احتمالات عن عدد أهل الكهف تصل بهم لسبعة أشخاص وربما أكثر (مع وجود كلب نسّبه لهم جميعًا)، ولكن الحكيم اختار أن يجعلهم ثلاثة منهم الراعي صاحب الكلب..
الخلاصة أن الفارق كبير بين روح القصة الدينية وبين روح العمل المسرحي..
وفي ظني أن “الحكيم” أخطأ في تحويل تلك الرواية الدينية إلى مسرحية فلسفية..
فقد أفقدها جوهرها وروحها..
فهو إن كان يؤمن إنها حقيقية دينية فليس من الصواب أن يعبث بها..
وإن كان يؤمن أنها أسطورة ملهمة، فما جدوى العبث بجوهرها ونزع الجانب الأسطوري عنها.. وجمال الأساطير في تفاصيلها.. ؟!
دعك من بعض التفاصيل الساذجة في المسرحية..
مثل أن يعود البطل العزب ليجد حفيدة حبيبته تشبهها تمامًا، في صدفة عجيبة دراميًا، تُذكرك بأفلام “حسن الإمام”.. ملك الميلودراما..
كما أن مرور 300 سنة قادر على إحداث تغييّرات عجيبة في أي مجتمع وهو ما لم يظهر عميقًا في المسرحية.. باستثناء تغيرات عامة بعضها منطقي وطبيعي، كوفاة أبناء الأبطال وأهلهم (والمفترض بعد 300 سنة أن يجدوا أحفاد الأحفاد)..
قد تكون المسرحية محّملة بالأفكار الفلسفية عن الزمن وتأثيره على الإنسان.. لكن ارتباطها بالقصة الدينية لم يكن موفقًا في ظني.. وقيّد الفكرة الدرامية ووضعها في إطار لم يكن الأنسب لها..
هذا بمناسبة الجدل حول الفيلم..