19 ديسمبر، 2024 4:14 م

تنشئة الأطفال في القرن 21.. والروابط العاطفية بين الآباء والأطفال تمثل الأساس

تنشئة الأطفال في القرن 21.. والروابط العاطفية بين الآباء والأطفال تمثل الأساس

خاص: قراءة- سماح عادل
في كتاب “تنشئة الأطفال في القرن 21” للكاتب “شارون كي هه”. اهتمام كبير بالصحة النفسية للأطفال. وتفصيل دقيق لكيفية تحقيق شروط الصحة النفسية منذ ولادة الطفل وحتى عمر المراهقة.
الصحة النفسية للأطفال..
يتناول الكتاب أهمية الاهتمام بالصحة النفسية: “الصحة النفسية للأطفال تحظى بتقديرٍ أقل بين الناس. أن تعزيز الصحة النفسية أو أهدافها لا تُناقَش بالدرجة التي تُناقَش بها متطلبات الصحة البدنية داخل الأسر. وبينما قد يعلم معظم الآباء والأمهات أن الأطفال الصغار بحاجة إلى ما يقدِّمونه لهم من رعاية بدنية، فإن العلاقات والروابط العاطفية بين الآباء والأطفال تمثل القاعدة التي تُقام عليها الصحة النفسية للأطفال. وتعني لَبِنات البناء الأساسية هذه أن البالغين يساعدون الأطفال في التطور حتى يصيروا آباءً وأمهاتٍ ومعلِّمين وقادةً للمجتمع في المستقبل.
فالصحة النفسية تسهم في تشكيل مستقبلهم ومستقبل عالمنا. والمجتمعات القوية تعوِّل على أفراد يتميزون بالفاعلية والانتماء والالتزام، ويدركون أن العلاقات هي سبيل التقدم، وأن مسئولية المستقبل تبدأ بالفرد.
ما تصوراتك حول ما تبدو عليه الصحة النفسية لدى الأطفال؟ ربما يمكنك أن تفكِّر في هدفين أو ثلاثة أهداف جيدة؛ فأنت تعرف على الأرجح أننا يمكن أن نتوقَّع أن ينسجم الأطفال جيدًا مع الآخرين، وأن يتمكَّنوا من الذهاب إلى المدرسة دون الشعور بكثير من الأسى، وأنهم في نهاية الأمر سيتحمَّلون قدْرًا من المسئولية عن أفعالهم. تجسِّد كل هذه الأمور أهدافًا رائعة يدركها الكثير من الأطفال، ولكن هل تعرف كيفية تعزيز هذه الأهداف”.
تعزيز الصحة النفسية..
وعن تعزيز الصحة النفسية يواصل الكتاب: “إن تعزيزَ هذا النوع من الصحة النفسية ممكنٌ ويحتاج مناقشةً بحيث يكون البالغون على دراية كاملة بالتحديات القادمة وعلى استعداد لها. هل هناك أهداف أخرى لبناء المهارات العاطفية والاجتماعية التي ترتبط بالصحة النفسية؟ نعم، فالأشخاص البالغون، مثل الآباء والأمهات والمعلِّمين، يبيِّنون للأطفال كيفية المضيِّ قُدُمًا في بيئاتهم بمهارة ورغبة في التواصل مع الآخرين يوميٍّا. يُطلِق علماء النفس على هذه المهارة أيضًا «الكفاءة الاجتماعية».
وتشير ببساطة إلى مجموعة من السلوكيات الاجتماعية الإيجابية، التي أتقنها الطفل، مع إمكانية استخدام الطفل هذه المهارةَ في المستقبل أيضًا. ومثلما تجسِّد الخطواتُ الأولى للطفل في أرجاء الغرفة دلالاتٍ على الصحة البدنية للطفل، فإن في إطارٍ من التشجيع والدفء تعد «الكفاءة الاجتماعية» الخطواتِ الصغيرةَ صَوْب اكتساب شديدةُ الأهمية لدعم الصحة النفسية للطفل.
إن غرضي من تأليف هذا الكتاب هو أن أوضِّح للقارئ أن إقامة علاقات صحية مع الأطفال الموجودين في حياتنا تساعدهم على أن يصيروا أناسًا أصحَّاء نفسيٍّا. يُطلَق أيضًا «توفيرُ الدعائم» وهو المصطلح الذي استخدمه عالم النفس الروسي ليف فيجوتسكي١٩٦٢ للتدليل على عمليةِ تيسيرِ التنميةِ الصحيةِ لوصف دعم تعلُّم الأطفال”.
توفير الدعائم..
يشرح الكتاب عن تلك الدعائم: “تخيَّلْ مبنًى قَيْد الإنشاء، ولاحِظْ دور الدعائم المُستخدمة في تيسير عملية البناء في ذلك الموقع. يلعب البالغون الدور نفسه أيضًا؛ حيث يقومون بدور الدعائم التي تسانِد تطوُّر الأطفال من خلال توفير إطار يمكن أن يَستخدمه الأطفال للنمو في البيئات التي يعيشون بها؛ فالتطور إلى أفرادٍ أصحاءَ سعداءَ يمكنهم إجادة التواصل مع الآخرين وفَهْم وجهات نظرهم بتسامحٍ والاهتمام بعالمهم؛ أمرٌ ممكن مع الأساس الصحيح، ويمكن أن يساعدنا علم النفس في إنجاز هذا العمل المهم”.
الصحة النفسية الجيدة..
ويمضي الكتاب في شرح مصطلحات جديدة: “الصحة النفسية الجيدة والمراد بها ذلك التوازنُ ببناء علاقات تقترن بمسئولية شخصية، شأنها شأن ذلك التوازن بين الأحماض والقلويات في العالم المادي. وهذا يذكِّرنا بأن الصحة النفسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحتنا ببساطةٍ إلى أن يرعى البالغون الأطفالَ. يشير مفهوم «الصحة النفسية الجيدة» بصفة يومية، ويشمل ذلك تلقين الأطفالِ ضرورةَ تحمُّل مسئولية أفعالهم، وأن هذه الأفعال لها عواقب، وأننا نتوقَّع منهم أن يتطوروا في حدود هذا الإطار لمساعدتهم في أن يصيروا أطفالًا أصحَّاءَ نفسيٍّا.
“التطور الطبيعي” ثمة أمرٌ يجب أن ينتبه إليه القارئ جيدًا يخصُّ مفهومَ درس علماءُ النفس الأطفالَ إلى الحد الذي أصبحنا نعلم فيه أي مرحلة عمرية يُفترض أن تتطوَّر بها بعض المهارات أو تُتقَن؛ وهذا يعني أن غالبية الأطفال الذين خضعوا لهذه الدراسات قادرون على استخدام المهارة في المرحلة العمرية التي نذكرها. لكن لا يعني ذلك أن هذا النموذج سيلائم جميع الأطفال؛ فالفئات العمرية وُضعت ببساطة كي تساعدنا في فهم التطور لدى العديد من الأطفال. ويحدِّد علماءُ النفس هذا المتوسطَ عبر دراسات عديدة ثم ينقلون النتائج التي توصَّلوا إليها”.
شريحة الدراسات..
ويلفت الكتاب النظر إلي أمر هام: “مع ذلك، ثمة توضيح آخر من المهم للغاية أَخْذه في الاعتبار في البداية؛ وهو أن القدر الأكبر مما نعرفه عن مفهوم التطور الطبيعي وعن الأسُر مستمَدٌّ من دراسة الأشخاص ذوي البَشَرة البيضاء المنتمين إلى الطبقات الوسطى.
لم يخضع “التطور الطبيعي” للتفاعل بين عوامل مثل الخلفيات الثقافية والعرقية والقدرة الاقتصادية والبدنية والتوجه الجنسي للدراسة الجيدة. وعلى الرغم من أن عبارة تُستخدم في وصف جميع الأطفال عامةً، فإننا لم نُجْرِ إلا الآن فقط دراساتٍ تشمل كافة الجوانب الحياتية لأطفالٍ ينتمون إلى خلفيات متنوعة؛ وهذا يعني أن جزءًا كبيرًا من هذا الكتاب يتعلَّق بالتوقعات الخاصة بالأطفال المنتمين إلى الأسُر ذات البَشَرة البيضاء المنتميةِ إلى الطبقات الوسطى وتطورهم. ولْيتذكَّرِ القارئ أيضًا أن التنوع الإنساني هو ما يجعل البشر يتسمون بالتعقيد والجمال، وأن قسطًا كبيرًا من علم النفس يسعى لاكتشاف هذا التنوع”.
اللَّبنات الأساسية للصحة النفسية..
وعن اللَّبنات الأساسية للصحة النفسية يفصل الكتاب: “رَكَّزَ علماء النفس في الماضي عند دراسة السنوات الأولى مِن تطور الطفل على مفهومَين «الانضباط الذاتي» و «الحالة المزاجية» جديرَين بالمناقشة هنا؛ فقد اكتُشف أن كلٍّا من مؤشران جيدان يتكهَّنان بالنتائج اللاحقة التي يحقِّقها الأطفال. ونحن نشير إلى مصطلح «الحالة المزاجية» في علم النفس باعتباره مفهومًا يضم السمات المُمَيِّزة للأطفال عندما يستجيبون مع البيئة المحيطة. وتشتمل السمات التي كثيرًا ما تخضع للدراسة لدى الرُّضَّع على سرعة الانفعال ومستوى النشاط والاستجابة الاجتماعية والدافعية.
ويعتقد العديد من علماء النفس أن الأطفال يُولَدون بمَيْل إما نحو الهدوء أو سرعة الانفعال والاهتمام ببيئاتهم. ونحن نضع تقديرات حول حالتهم المزاجية من خلال ملاحظة مستويات النشاط البدني والرغبة في ملازمة الآخرين. وعلى مُقدِّمي الرعاية البالغين الأصحاء الاستجابة لكلٍّ. واضعين في اعتبارهم أهدافَ تنشئةِ «الأطفال سريعي الانفعال» و «الأطفال الهادئين» من أطفالٍ أصحاء في النهاية.
ويمثِّل مفهومًا آخر يرتبط بالحالة المزاجية الحدُّ الذي يصل إليه الأطفال صغيرو السن للغاية في تعلُّم تنظيم استجاباتهم البدنية والعاطفية والاجتماعية”.
الانضباط الذاتي..
ويتابع عن مهارات الانضباط الذاتي: “إن الأطفال لديهم مجموعة من مهارات «الانضباط الذاتي» مع بيئاتهم. يعني مصطلح مثل التحكُّمِ في درجة تركيزهم أو انتباههم، والقدرةِ على تهدئة أنفسهم عند رعاية البالغين لهم، ولاحقًا التحكمِ في سلوكياتهم.
وبينما قد يبدو أن هذه المناقشة حول الحالة المزاجية والانضباط الذاتي تضع الطفل في بؤرة الاهتمام، فإن العلاقات الصحية مع مقدِّمي الرعاية البالغين تمثِّل دليل الأطفال للسيطرة على بيئاتهم. تبدأ هذه التفاعلات من خلال مفهومٍ يُطلِق عليه علماءُ النفس «جودة التوافق» ويعني هذا المفهوم أن التفاعلات بين الآباء والأطفال يبدو أنها ؛ تَحدث تلقائيٍّا نوعًا ما. وعندما يكون البالغون مقدِّمي رعايةٍ أَكْفاءَ وقادرين على أداء وظائفهم أو الأطفال «هادئين»، يمكنهم حينئذٍ الاستجابةُ بالصورة المناسبة للأطفال ومساعدةُ الأطفال في تطورهم.
على سبيل المثال، قد تلاحظ إحدى الأمهات ممن يتَّسِمْن بالنشاط والحيوية «سريعي الانفعال» عادةً أنه يجب أن تُخفض من صوتها أثناء تقديمها للرعاية لطفلتها الرضيعة التي تَتَّسم بسرعة الانفعال والنشاط البدني بهدف المساعدة في تهدئة الطفلة. وعلى النقيض، فقد تُدْرك الأم الهادئة للغاية أنها يجب أن ترفع من مستوى نشاطها البدني مع طفلتها التي تتسم بالاسترخاء والهدوء الشديدين؛ وذلك لتحفيز اهتمام الطفلة بالبيئة. يثبت مفهوم جودة التوافق في كلتا الحالتين أنه رغم تَناقُض سمات والدتَي الطفلتين مع احتياجات الرضيعتين بشكل تلقائي، فإنهما على استعداد للتغير لمساعدة طفلتيهما على التطور”.
التحفيز الحثيث..
وعن تحفيز الأطفال: “تعتمد الصحة النفسية الجيدة للأطفال على التحفيز الحثيث من ناحية البالغين الذين يهتمون بالطفل منذ الولادة وما بعدها.
يَعْلم علماء النفس أن تطوُّر بناء المهارات يَحدث عادة على مدار سنوات العمر، وأن هذا يُعد تطورًا طبيعيٍّا. وتُدرَج هذه التوقعات الخاصة بكل فئة عمرية بالترتيب الذي اكتشف علماء النفس أنها تتطور به لدى الأطفال، بدايةً من الميلاد. تظهر المجموعة الأولى من مهارات بناء العلاقات والمسئولية الشخصية منذ الولادة وحتى عمر عامين. وتضم هذه المجموعةُ ببساطةٍ السلوكياتِ التي يجب أن يمارسها الأطفالُ ويجيدونها على مدار أول عامين”.
قائمة الصحة النفسية لأول عامين من العمر..
ويذكر الكتاب هذه القائمة:
١) تستدعي الطفلةُ مقدِّمَ الرعاية إليها من خلال البكاء عادةً، وذلك عندما تكون بحاجة إلى الطعام والشعور بالراحة والأمان.
٢) تستجيب الطفلة من خلال التواصل بالعين والأصوات الواضحة التي تنُمُّ عن السعادة أو الارتياح عند الشعور بالطمأنينة أو الشبع.
٣) تهدأ الحركات الجسدية للطفلة بعد لَفْت الانتباه.
٤) تبذل الطفلة جهدًا لتقريب الأشياء المرغوبة منها لِلَّهو بها.
٥) تبذل الطفلة جهدًا لتكرار الأصوات وتبدأ عملية تناوب الأدوار بأصوات شفهية.
٦) تبدأ أصوات الغمغمة والثرثرة التي تُصدرها الطفلة في أن تبدو كالكلام “عبارات”.
٧) ترغب الطفلة في التواصل مع الآخرين وتحاول ذلك. وتبدأ في التواصل مكونة من كلمة واحدة في عمر عام واحد تتطور إلى عبارات مكونة من كلمتين وثلاث كلمات ببلوغها ثمانية عشر شهرًا.
٨) تتكون ثقةٌ لدى الطفلة في شخص أو شخصين من مقدِّمي الرعاية وتشعر بالخجل للاستكشاف، ويرتفع مستوى ارتياحها للآخرين أو الخوف من الآخرين، وتَعتبر الطفلة مقدِّم الرعاية “قاعدة الأمان” عندما تبلغ العامين من عمرها.
٩) تتعلم قواعد المنزل من حيث الأشياء المسموح بها والحدود وتَبعات أفعالها كشخصية مستقلة عن الآخرين.
١٠ ) تلاحظ الآخرين كنماذج سلوكية: الآباء والأشقَّاء والمعلمين والأقران وغيرهم. يحدث هذا التطور عندما تبلغ الطفلة عمر العامين!”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة