25 أبريل، 2024 11:40 ص
Search
Close this search box.

تطور الإدارة الأمريكية لأزمة البرنامج النووي الإيراني

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ عمر الشيخ
مع انتهاء الحرب الباردة تغيرت البيئة السياسية الدولية فيما يتعلق بتوفير الأمن نتيجة لانتهاء تلك المرحلة ووجود أشكال جديدة للعولمة وخاصة في مجالات التحول السياسي والاقتصادي وفي مجالات نزع التسلح [1]. وبدأ وصف الولايات المتحدة بأنها بلغت لحظة أحادية القطب بامتلاكها تفوقا” لا يمكن تحديه في مجالات الأسلحة النووية والتكنولوجيا العسكرية، مدعومة بأكبر اقتصاد قومي في العالم، ونفوذ عالمي في مجال الاتصالات ويمكن القول إن الولايات المتحدة أصبحت القوي العظمي الوحيدة في العالم يعد واقعا” منذ 1989-1990 [2].

وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 شكلت تلك الأحداث حدثا فاصلا في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر، وبالتحديد الفترة التي أطلق عليها ما بعد الحرب الباردة منذ 1989 حتى تاريخ هذه الأحداث، وقد خلقت تلك الأحداث مرحلة جديدة في استراتيجية أمريكا حول وضوح الأهداف والأغراض، وأدت إلى خلق شبه توحد لدى صناع القرار السياسي لكل من الحزبين الرئيسين داخل أمريكا، وهو ما شكل نقطة تحول في الاستراتيجية الدفاعية لها بعد تعرضها لهجوم مباشر على أراضيها [3]. أيضا “كان لنتيجة تلك الهجمات ظهور متغيرين كانا خارج كل الحسابات الاستراتيجية الأمريكية والتي ظلت ثابته لأكثر من نصف قرن تجاه الاتحاد السوفيتي:

المتغير الأول يتعلق بنوعية التهديد الذي بدأ يواجه الأمن القومي الأمريكي.

المتغير الثاني تعلق بنوعية العدو، هذا التغيير في نوعية التهديد والعدو جعل الولايات المتحدة تبحث بشكل حاسم عن استراتيجية تدافع بها عن أمنها القومي يتناسب مع نوع التهديد وهوية هذا العدو غير المعلومة الذي بات يمثله “الإرهاب” والدول التي تدعمه.

ووفقا لهذه الرؤية أصبح تركيز الولايات المتحدة حول الكيفية التي تمكنها من هزيمة الإرهابيين والأنظمة التي ترعى الإرهاب، وحيث إن الكثير من هذه الأنظمة أظهرت اهتماما شديدا في الحصول على الأسلحة النووية والبيولوجية، ومن الممكن الحصول عليها وأنهم لن يترددوا في استخدامها ضد الولايات المتحدة [4]. وصرح “دونالد رامسفيلد” أن الأسلوب الوحيد للتعامل مع هذه الأنظمة وهذه التهديدات هو مواجهتها ومطاردتها حيث توجد، ولذا فإن حرب الرئيس علي الإرهاب العالمي تستند على المبدأ الذي يقضي بالعثور على الإرهابيين في أي مكان في العالم [5]. وفي خطاب الرئيس الأمريكي عن حالة الاتحاد أن بعض الدول التي ترعى الإرهاب تسعي للحصول على أسلحة الدمار الشامل، أو أصبحت تملكها وهي تساعد مجموعات إرهابية متعطشة لاستخدامها، وأن على جميع الأمم أن تعلم أننا سنفعل كل ما هو ضروري لأمن أمريكا [6]. أيضا تحدث الرئيس بوش عن تحول بلاده لشن حرب وقائية أو استباقية ضد الدول التي ترعى الإرهاب أو تموله، وضد الدول التي تفكر في الحصول على أسلحة كيماوية أو نووية [7]. وأصبح صانعو السياسة في واشنطن بعد أحداث 11 سبتمبر إلى تبني منطق أسو حالة (Worst case Scenario Thinking) والتزام الحيطة والحذر في التعامل مع مشكلات الانتشار النووي، وانعدم هذا الاتجاه بفعل هجمات القاعدة ضد نيويورك وواشنطن، وسعي بعض الأنظمة الإرهابية لحيازة أسلحة التدمير الشامل [8].

أيضا أعطت أحداث 11 سبتمبر2001 بعدا مهما لاستخدام الأدوات التي تعمل علي تعزيز حظر انتشار الأسلحة النووية وتطوير كل الامكانيات التي توفر الحماية للولايات المتحدة، ومنها كافة الاتفاقيات المتعلقة بهذا الموضوع: معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) اتفاقية الحظر الشامل(CTBT)، واتفاقية خفض الأسلحة(CTR)، هذه الاتفاقيات شكلت المكون الرئيسي في حرب بوش على الإرهاب حيث يتطلب من الولايات المتحدة استخدام هذه الآليات لمنع الانتشار من خلال دولي يقوم بعمليات دبلوماسية وعسكرية تجاه تلك الدول، وأن الولايات المتحدة جاهزة للقيام بهذه الحرب مع العالم [9].

بالإضافة إلى ما تقدم فإن الإدارة الأمريكية الحالية من خلال السياسات التي يرسمها “فريق الصقور” المعروف بالتطرف قد ربطت بين الإرهاب وبين امتلاك السلاح النووي من قبل الدول التي وصفتها بالدول “المارقة” الخارجة على القانون ومن ضمنها إيران، حيث يتبنى استراتيجية الحرب علي هذه الدول، حيث أن العدو الجديد لها بات يعرف بـ “الأصوليين الإسلاميين” مما جعل قائمة التنظيمات الإرهابية التي تعدها الولايات المتحدة تحتوي علي الكثير من الحركات التي تتبني حق مقاومة الاحتلال الصهيوني مثل “حماس” في فلسطين و”حزب الله” في لبنان، وهذه الحركات تستمد الدعم من إيران مما جعلها علي قائمة الدول التي ترعى الإرهاب ضمن دول محور الشر مع كل من العراق وكوريا الشمالية[10].

وترتبط هذه الاتهامات بموقف إيران الرافض لعملية السلام في الشرق الأوسط، وتتهمها بأنها الأكثر نشاطا في مجال الإرهاب الدولي والعداء الإيراني لوجود إسرائيل التي وصفها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية بأنها ورم سرطاني في المنطقة [11]. وعلى الجانب الآخر ترى الولايات المتحدة أن الجهود الإيرانية النووية غير مخصصة للاستخدام السلمي [12]. وأن هذا البرنامج هو غطاء تستتر خلفه إيران من خلال برنامج سري ينتج الأسلحة النووية، خاصة في ظل توفر إمكانات هائلة من الطاقة من المتوفرة من النفط والغاز الطبيعي [13]. ولضمان سلمية هذا البرنامج على إيران أن تخضع منشآتها النووية للرقابة الدولية لتبديد الشكوك حول هذا البرنامج [14].

وأن على الولايات المتحدة أن تغيير من طريقة تفكيرها في الردع لجعلها مستبق الأحداث تجاه إيران والدول التي تساند الإرهاب وأن هيكلية الردع الجديدة تجاه الإرهاب كأدوات للحرب هي: الردع –المنع -الدفاع [15].

ويري بعض المحللين والاستراتيجيين في تنامي القدرة الإيرانية خطورة كافية لتشكيل تهديد كبير على جنوب الخليج العربي وخاصة الدول التي تحت مظلة الحماية الأمريكية [16].

وهو ما يجعل واشنطن تخشى من اختلال ميزان القوى لصالح طهران في مواجهة تل أبيب، فضلا من أن وصول هذه الأسلحة لأيدي الإرهابيين تهدد أمنها القومي، ويتزايد القلق الأمريكي من إيران لأنها لا تزال تمثل تهديدا إيديولوجيا وعائقا ثقافيا أمام انتشار القيم الأمريكية بالمنطقة [17].

وفي ضوء الدروس المستفادة من حرب الخليج الثانية، وغزو العراق 2003، أن هناك حقيقة مفادها أن امتلاك القوي الإقليمية لأسلحة نووية ما يجعل من التدخل العسكري بالأسلحة التقليدية أمرا مستحيلا تجاه تلك الدول، لذا فإن الاستراتيجية الأمريكية تجاه حظر الانتشار النووي في الشرق الأوسط الأمريكية تكون في ألا تكون هناك أطراف إقليمية تمتلك تلك الأسلحة حيث إن ذلك الحظر يؤمن وضع الولايات المتحدة، ويحقق أهدافها [18].

فأي محاولة من إيران لزيادة قدرتها القومية سينتج عنه عواقب سلبية على موقع أمريكا السياسي والاستراتيجي في الشرق الأوسط، وأن تعاظم القوة الإيرانية يقوض الهدف الأمريكي في تغيير النظام الإيراني، ومن هنا تتمسك واشنطن بسياسة منع الدول غير السائرة في ركابها من امتلاك وسائل القوة [19].

لذا تبنت منذ البداية موقفا يقوم على المطالبة الفورية بنقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن بحجة انتهاك إيران لمعاهدة منع الانتشار، وسعيها لامتلاك السلاح النووي. وظل المسئولون الأمريكيون يلوحون بين الحين والآخر بأن الخيار العسكري يظل واردا بقوة في التعامل الأمريكي مع إيران، في حالة عدم امتثال الأخيرة للمطالب الدولية، وفي حالة عدم تسوية الأزمة سلميًّا. وأرادت الإدارة الأمريكية في سياق الحرب النفسية مع إيران التلويح للقادة الإيرانيين وللرأي العام الإيراني بأن ثمة عواقب وخيمة قد تصل إلى حد توجيه ضربة عسكرية طالما تبنت إيران خيار التشدد ورفض الامتثال الكامل للمطالب الدولية، غير أن موضع الخيار العسكري في استراتيجية أمريكا لإدارة الأزمة، تحيط به درجة عالية من الالتباس والغموض، وذلك يرجع إلى القيود الشديدة التي تحيط بإمكانية لجوء الولايات المتحدة للخيار العسكري ضد إيران، بالنظر إلى تورطها شبه الكامل بالعراق، وعجزها عن فتح جبهة جديدة أشد تكلفة وصعوبة مع إيران التي تمتلك للعديد من أوراق الرد السياسية والعسكرية والاقتصادية والتي قد تكبد الولايات المتحدة والغرب خسائر فادحة[20].

المبحث الأول: الأهداف والسياسات الأمريكية من إدارتها للأزمة
سيتم تقسيم هذا المبحث إلى محورين أساسيين، يتناول الأول منهما أهداف السياسة الأمريكية تجاه البرنامج النووي الإيراني، بينما يتناول الثاني أهم السياسات التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة لتحقيق هذه الأهداف، وذلك على النحو التالي:

أولاً: أهداف السياسة الأمريكية تجاه البرنامج النووي الإيراني:
يتأرجح التوتر الحالي في العلاقات الأمريكية -الإيرانية بين سياستين: الأولي: سياسة التصعيد التي قد تصل إلى حد قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية إلى المواقع النووية الإيرانية، وهو احتمال وارد ضمن الخيارات الأمريكية المعلنة، الثانية: فهي سياسة التهدئة التي قد تأخذ شكل المشاركة في مؤتمر إقليمي بمشاركة كلا الطرفين لبحث قضايا المنطقة والملف النووي الإيراني، مع وجود سيناريوهات متعددة محتملة للتصعيد أو التهدئة.

وتحت تأثير أحداث سبتمبر اعتمدت الولايات المتحدة إطارا جديدا للتهديد أوسع بكثير من كل ما كان متعارفا عليه من قبل، الأمر الذي جعل من المخاطر البسيطة سببا كافيا لشن حرب استباقية ضد دولة ما قبل أن تتحول هذه المخاطر من وجهة النظر الأمريكية إلى تهديدات حقيقية‏ [21].

وعلي رأس قائمة هذه المخاطر تأتي رعاية الإرهاب، وامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ووجود نظام للحكم غير ديمقراطي بالمقاييس الغربية، يفتقد إلى الشفافية والمحاسبة وتستند مرجعيته إلى مصادر أيديولوجية أو دينية‏، وتحدث الرئيس بوش عن تحول بلادة أيضا إلى شن حرب استباقية أو إجهاضيه ضد الدول التي ترعى الإرهاب أو تموله، والدول التي تفكر في أن تطور مستقبلا أسلحة دمار شامل أو نووية [22].

وتتشكل جوهر الاستراتيجية الامريكية في مذهب بوش على بعض ما يلي:

العمل على مواجهة الإرهاب العالمي وهزيمة، ومنع وقوع هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة.
– العمل على نشر مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

– منع أعداء الولايات المتحدة من توجيه التهديد إليها أو إلى أصدقائها.

– تحويل مؤسسات الولايات الأمن القومي الأمريكي بما يتلاءم مع مواجهة هذه التحديات وفرص القرن الحادي عشر.

ويضاف إلى ذلك الرغبة الملحة في العمل علي عودة الردع إلى القوة الأمريكية بعد إصابة هذه القيمة بشروخ بسبب أحداث نيويورك وواشنطن‏، وهو ما عبر عنه الرئيس “بوش” في الكاتدرائية الوطنية بواشنطن في ‏14‏/9/2001:‏ هذه الأمة مسالمة لكنها تصبح شرسة عندما تمور بالغضب، لقد بدأ الصدام معنا في زمن وظروف حددها الآخرون، لكن الأمر سوف يصل إلى نهايته بالطريقة وفي الساعة التي نختارها نحن، وأضاف أن الخطر الأكبر الذي يهدد الحرية يكون في التقاطع بين الراديكالية والتكنولوجيا في إشارة إلى جهود إيران النووية، مما يجعل الدول الضعيفة قادرة على إلحاق الضرر بالأمم العظمي [23].

أن وجهة النظر الأمريكية تجاه إيران فيها عناصر كثيرة ـ يمكن أن تدفع الجانب الأمريكي إلى التفكير في التعامل معها عسكريا‏. فإيران دولة من دول محور الشر الثلاث مع العراق وكوريا الشمالية، والعلاقات التاريخية السلبية بعد الثورة الإيرانية واحتجاز أعضاء السفارة في طهران رهائن لأكثر من سنة، وكذلك العلاقات التي تربط بين إيران وكل من سوريا وحزب الله اللبناني وعدد من الجماعات الفلسطينية.

هذا بجانب الخطر الأكبر المتمثل في تطوير إيران لصواريخ بالستية بعيدة المدى، وامتلاكها لبرنامج نووي قد يحقق لها امتلاك سلاح نووي‏. ‏وساهم في تعميق الشكوك الأمريكية عدد من المؤشرات منها:

ـ في فبراير ‏2003 ‏وخلال جولة له في إيران، لاحظ (البرادعي) المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود مؤشرات لبرنامج بحثي متقدم مكون من مئات الأجهزة المخصصة لإثراء اليورانيوم.

ـ أن إيران لم تبلغ الوكالة عن شراء بعض المواد النووية التي أجرت عليها بعض العمليات الحساسة‏. ‏

ـ قيام إيران ببناء وحدة إنتاج للماء الثقيل الذي يمكن استخدامه في إنتاج البلوتونيوم اللازم لإنتاج بعض أنواع الأسلحة النووية‏. ‏

_ وهناك أدلة كثيرة واضحة – معظمها تم الحصول عليها من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) – والتي توضح أن برنامج إيران النووي ليس برنامجاً سلمياً خالصاً. وأن بعض من مظاهر السلوك الإيراني ينتهك بوضوح معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT). حيث تخفي جهودها النووية لأن هذه التكنولوجيا ذات طبيعة عسكرية في الأساس وفشل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أن تجد دليلاً قاطعاً على محاولات إيران أن تطور عسكرياً من التكنولوجيا النووية لديها لا يعنى أن إيران لا تسعى لذلك بالفعل. وغموض البرنامج النووي الإيراني أمر محسوس [24].

وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة جارا لإيران ـ من ناحية الجغرافيا السياسية بعد احتلالها للعراق ـ وتملك قدرة التأثير والتأثر بما يجري داخله‏. وتخضع الآن جماعات مجاهدي خلق المناهضة لنظام الحكم في طهران لسيطرة القوات الأمريكية ويمكن توظيفها في دعم الأنشطة التخريبية داخل إيران‏، كما تزايد تيار الاحتجاج بين المعتدلين داخل إيران من الطلبة والشباب المطالبين بالديمقراطية، وحرية التعبير، وحرية المرأة، وأعلن الرئيس بوش عن دعمه وتأييده لهؤلاء المعتدلين ‏ [25]. ‏

وفي العاشر من شهر يناير 2006، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق. فقد بات من الواضح، عقب الهزيمة التي تلقاها الحزب الجمهوري في مجلسي الكونجرس أمام الحزب الديمقراطي (نوفمبر 2006)، أن هناك حاجة لاستراتيجية جديدة، وبشكل خاص في العراق، على اعتبار أن احتلال العراق وآثاره على الولايات المتحدة داخليا كان هو الموضوع الرئيسي لانتخابات التجديد النصفي للكونجرس، والتي كان من نتائجها المباشرة إقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

وإذا كانت الاستراتيجية الأمريكية الجديدة – كما أعلنها بوش تجاه العراق – لم تتضمن جديدا سوى زيادة عدد القوات الأمريكية العاملة في العراق بمقدار واحد وعشرين ألف جندي، فإن الاستراتيجية الأهم – غير المعلنة – كانت تجاه إيران وترتبط بوصول وزير الدفاع الجديد روبرت جيتس إلى منصبه، وتعتمد على تضييق الخناق على إيران وإشعارها بالتهديد المباشر بالقوة الأمريكية، والضغط على إيران من الدول المجاورة لحدودها في عمليات تفجير واختطاف وقتل داخل الحدود الإيرانية تستهدف قوات الحرس الثوري الإيراني، أو غيرها من عمليات ضد الدبلوماسيين الإيرانيين كما حدث في شمال العراق.

وقد اتضحت ملامح تغير الموقف الأمريكي تجاه إيران فيما يلي:

ـ إرسال قوة قتال بحرية تقودها حاملة الطائرات جون ستينيس لتلحق بالحاملة دويت أيزنهاور التي سبقتها إلى منطقة الخليج العربي في رسالة واضحة لإيران.

ـ مداهمة مكاتب البعثة الدبلوماسية الإيرانية في العراق واحتجاز أعضائها بتهمة تسهيل عمليات عسكرية وتمرير أسلحة تستخدم ضد القوات الأمريكية في العراق، وجاء ذلك بناء علي أمر وقعه الرئيس بوش في 26 يناير 2006 للقوات الأمريكية بالقبض على أو قتل عملاء إيران في العراق لتهريبهم أسلحة ومتفجرات تستخدم لقتل الجنود الأمريكيين.

ـ خلق حالة من عدم الاستقرار على حدود إيران، خاصة مع باكستان وأفغانستان حيث الطبيعة الوعرة للحدود، وهو ما حدث في شهر يناير 2006، عندما تسللت مجموعة مسلحة من الجانب الباكستاني وقتلت وأسرت عددا من جنود الحرس الثوري الإيراني، مما دفع الجنرال رحيم صفوي قائد قوات الحرس الثوري للتصريح بأن إيران لن تتردد في مطاردة تلك المجموعات المسلحة خارج الحدود الإيرانية.

ـ محاولة تشديد العقوبات على طهران، خاصة بعد صدور قرار مجلس الأمن 1737 الذي تضمن عقوبات على مؤسسات وأشخاص من العاملين في برنامج إيران النووي والصاروخي معا، وعدم امتثال إيران للقرار القاضي بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية، مما يفتح الباب أمام إمكانية تشديد العقوبات علي طهران [26].

هناك قواعد عامة تحكم الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع كلا الملفين النوويين الكوري الإيراني، وأولي هذه القواعد هي قاعدة التنسيق الدائم مع الدول الصديقة المجاورة للدولة (اليابان وكوريا الجنوبية) فيما يتعلق بكوريا الشمالية، و(دول الخليج العربية وتركيا وبلدان آسيا الوسطى) فيما يتعلق بإيران. وثانيها الإصرار على العمل عبر إجماع دولي، أما ثالث هذه القواعد فهو إعطاء الأولوية للوسائل الدبلوماسية حتى استنفادها تماما قبل التفكير في أي بدائل تعتمد على العنف. وقد قطعت الإدارة الأمريكية شوطا كبيرا في تطبيق هذه القواعد. كما نجحت واشنطن في دفع موسكو وبكين لاتخاذ مواقف مناهضة نسبيا لكل من كوريا الشمالية وإيران، وهو ما انعكس في تصويتها لصالح قرار مجلس الأمن 1718 بإدانة كوريا الشمالية وفرض المرحلة الأولى من العقوبات عليها، وهو ما ينتظر تطبيقه على الحالة الإيرانية.

ورغم أن جماعة المحافظين الجدد يدعون بسرعة لشن ضربة استباقية ضد إيران حتى لاتصل إلى ما وصلت إليه كوريا الشمالية من نجاح بتجربتها الأخيرة، إلا أن هناك في المقابل داخل الإدارة الأمريكية من يختلف مع المحافظين الجدد، ويرون أن استخدام القوة لن يوقف البرنامج النووي الإيراني، بل سيعجل من توجيهه نحو الوجهة العسكرية، ويرون ضرورة العمل على حشد المجتمع الدولي لممارسة الضغوط علي إيران، وحثها على وقف طموحها النووي من خلال استراتيجية شاملة للحد من الانتشار النووي [27].

لذلك من المعتقد أن الولايات المتحدة ستعود مرة أخرى إلى مبدأ الردع، وثمة خطوات محددة ستتخذها إدارة بوش تحت عنوان سياسة الردع. وستكون الخطوة الأولى هي التأكد من أن الإيرانيين ينبغي أن يدركوا جيدا أن امتلاك سلاح نووي لن يفيدهم من الزاوية العملية، كما أن تلويح إيران باستخدام سلاحها النووي كرادع للدول المجاورة لها أو الموجودة في الدائرة الإقليمية مثل إسرائيل -سيكون بدون قيمة عملية، لأنه سيواجه بتلويح مضاد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة (إسرائيل) باستخدام نفس السلاح النووي.

وهو ما تحاول وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية شرحه للشعب الإيراني حتى يكون الشعب الإيراني نفسه مدركا لحقيقة المهالك، الممكن أن يتعرض لها إذا ما أقدمت حكومته على التلويح باستخدام ما يمكن أن تمتلكه في المستقبل من أسلحة نووية، أو في حالة استخدامها. وعندما تصل الجماهير الإيرانية لهذه القناعة فإنها هي التي ستجبر حكومتها على تجميد برنامجها النووي. وأما الخطوة التالية في سياسة الردع الأمريكية تجاه إيران فتتمثل في الكف عن الحديث عن البرنامج النووي الإيراني وأخطاره المتخيلة. لأن مثل هذا الحديث يزيد من الوزن التفاوضي للورقة الإيرانية، وأخيرا تأتى الخطوة الأخيرة في سياسة الردع الأمريكية، وهي زيادة الطاقة النووية الأمريكية في الدول الصديقة للولايات المتحدة في المنطقة، لاسيما تلك الدول المحيطة بإيران في الخليج وآسيا الوسطى وجنوب آسيا، وجعل هذه الطاقة النووية ظاهرة للعيان [28].

ثانياً: سياسات الإدارة الأمريكية تجاه البرنامج النووي الإيراني:
في إطار هذه السياسات يمكن التمييز بين:

1ـ التصعيد الدبلوماسي:
الموقف الأمريكي المعارض للبرنامج النووي الإيراني ليس وليد المرحلة الراهنة، ولكنه يعود لسنوات مضت، ففي بداية عام 1995 صرح “وارن كريستوفر” وزير الخارجية الأميركي: “نستطيع أن نؤكد أن إيران تنهج النهج التقليدي لامتلاك الأسلحة النووية، وهو النهج الذي سارت عليه معظم الدول التي سعت لامتلاك هذا السلاح. وهذه الجهود الإيرانية تنطوي على مخاطر جمة، أن أي دولة مسؤولة في المجتمع الدولي تتطلع لفشل هذه الجهود، ولا يوجد مجال لقبول هذا” [29].

وجددت مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأميركية ذلك التحذير في فبراير 1997، حيث دعت أوروبا وروسيا لوقف إمداد إيران بتقنية الأسلحة النووية، وأن الاستراتيجية الأمريكية ستحظى بدعم وتأييد الإجماع الدولي داخل مجلس الأمن الدولي، لأنه عمل يجنب الأمن والسلم الدوليين من تهديدات أسلحة الدمار الشامل [30].

كما أعلن جون هولوم، مدير الوكالة الأميركية للرقابة على الأسلحة ووقف التسلح أمام لجنة من الكونجرس خلال مارس 1997 “أن إيران كانت نشطة في تطوير أسلحة نووية، وإن كانت تسير ببطء، ولن تتمكن من امتلاك القنبلة خلال الفترة 2005 ـ 2007”.

وقال جيفري كامب، مدير برامج الاستراتيجية الإقليمية بمركز نيكسون “إن مخاطر تطوير إيران لأسلحة نووية كثيرة ومتنوعة، ولن يكون ذلك مصدر قلق لدول مثل إسرائيل والسعودية والدول المجاورة الأخرى فحسب، ولكنه سيضع العقبات ويثير المشكلات للقوات الأميركية التي تحمي الخليج”[31].

وفي عام 2001 اختلطت أوراق الحرب على الإرهاب بأوراق مطاردة الدول المشتبه في امتلاكها أسلحة دمار شامل، فبدأت الولايات المتحدة في وضع تصور جديد لكيفية مواجهة الدول المارقة، في ضوء مبدأ الحرب الوقائية‏، وضاعف من الشعور بضرورة مواجهة الدول المارقة أو المعادية للسياسات الأمريكية أمكان تحالف النظم الطامحة لامتلاك أسلحة دمار شامل مع شبكات الإرهاب الدولية، لشن ضربات ضد مصالح الغربية‏ [32]. ‏

وقد تعددت الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لتصعيد حملتها ضد إيران في الآونة الأخيرة، فقد أوضحت تطورات الأحداث الدولية أن الدول المارقة طبقا للتصنيف الأمريكي أصبحت تقتصر فقط علي كوريا الشمالية وإيران بعد أن قامت الولايات المتحدة بإسقاط كل من نظام طالبان ونظام صدام حسين، وبالنسبة لكوريا الشمالية فإن إمكانية استخدام القوة العسكرية الأمريكية ضدها أمر بالغ الصعوبة نظرا للقدرات العسكرية الكبيرة لكوريا الشمالية، والقدرة الانتقامية التي سوف توجهها كوريا الجنوبية خلال ساعات قليلة من بدء أي هجوم أمريكي، هذا فضلا عن الرفض الروسي والصيني المؤكد لأي اعتداء أمريكي علي كوريا الشمالية‏، أما إيران فتبقي الهدف المحتمل القريب للهيمنة الأمريكية علي المنطقة، كما أن الولايات المتحدة في تصعيدها ضد إيران لن تجد معارضة من الاتحاد الأوربي، كما حدث في حربها ضد العراق، لأن دول الاتحاد الأوروبي نفسها تخشي من امتلاك ايران أو أية دولة من دول العالم الثالث السلاح النووي في الوقت الذي يؤكد فيه خبراء الطاقة الذرية أن إيران قادرة فعلا علي إنتاج السلاح النووي [33]. ‏

كما يأتي هذا التصعيد في ظل رغبة أمريكية قوية لتغيير النظام في إيران، هذه الرغبة تحركها عدة دوافع ـ من وجهة النظر الأمريكية ـ من بينها: النظر لإيران كتهديد ايديولوجي لها في المنطقة وعائق ثقافي أمام انتشار القيم الأمريكية في المنطقة وذلك من واقع تصديرها للأفكار الإسلامية المحافظة، والنظر لها أيضاً باعتبارها القوة الإقليمية الوحيدة في المنطقة والتي يمكن أن تشكل تهديدا للأمن الإسرائيلي وللمصالح الأمريكية في منطقة الخليج بشكل عام، فضلا” عن القلق الشديد الذي تراه دوائر الاستخبارات الأمريكية إزاء تنامي القدرة الصاروخية الإيرانية، التي ترى أن أراضي الولايات المتحدة من المحتمل أن تواجهه تهديدا من الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى بحلول 2015 [34].

هذا بجانب أن تغيير نظام الحكم في إيران يمكن أن يحقق للإدارة الأمريكية العديد من الفوائد من أهمها: ضمان عدم وجود أي معارضة إقليمية للتوجهات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وضمان الاستقرار والأمن في منطقة آسيا الوسطى للمصالح الأمريكية، وضمان السيطرة على القارة الآسيوية لإكمال تطويق أي أخطار قادمة من شبه القارة الهندية، وإكمال السيطرة الأمريكية على المناطق الرئيسية للنفط في المنطقة [35].

ولتحقيق هذه الأهداف تعددت الخطط والسياسات والإجراءات التي اعتمدت عليها الإدارة الأمريكية في تحركاتها ضد إيران، وفي إدارتها لأزمة البرنامج النووي الإيراني، ومن أهم هذه السياسات وتلك الإجراءات:

1ـ التصريحات:
حيث تعددت تصريحات المسئولين الأمريكيين في مختلف المناسبات، عن خطر البرنامج النووي الإيراني، فقد أعلن “جون بولتون” وكيل وزارة الخارجية لشئون مراقبة التسّلح والأمن الدولي في شهادته أمام لجنة في الكونجرس، في 4/6/2003، أن إيران تطوّر “منجماً لليورانيوم، ومرفقاً لتحويل اليورانيوم، ومرفقاً هائلاً لتخصيب اليورانيوم مخصصاً لتركيب عشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزي فيه، ومعملاً لإنتاج المياه الثقيلة”. وقال إن مثل هذه المرافق قادرة على دعم إنتاج اليورانيوم والبلوتونيوم المُخصّب بدرجة عالية لإنتاج الأسلحة النووية.

وأضاف بولتون: “أحد المؤشرات التي لا تخطئ حول النوايا العسكرية هو السرية وانعدام الشفافية المحيطة بنشاطات إيران النووية”، وقال: “إن الولايات المتحدة وحلفاءها أعربوا عن قلقهم في اجتماع القمة لدول الثماني في إيفيان، بالنسبة لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني السري، حيث أعلنوا: “أننا لن نتجاهل عواقب انتشار أسلحة الدمار الشامل التي ينطوي عليها برنامج إيران النووي المتقّدم، وأيضاً: إننا نتقدم بمساندتنا القصوى لإجراء تحقيق شامل تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية للبرنامج النووي في هذا البلد (إيران)” [36].

2ـ اتهام إيران بدعم الإرهاب وإيواء عناصر القاعدة:
ففي يناير 2002 نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا أشارت فيه إلى أن إيران تمارس نفوذاً في أفغانستان في محاولة للحد من التوجه الموالي للغرب وأنها تستضيف بعض اللاجئين من تنظيم القاعدة لاستخدامهم في هذا الأمر، وقد جددت واشنطن اتهامها لطهران على لسان وزير الدفاع “دونالد رامسفيلد” الذي اتهم إيران بالسماح لأعضاء تنظيم القاعدة بالعبور إلى أراضيها وأنها تواصل السعي لزعزعة الاستقرار في أفغانستان، وإزاء تلك الاتهامات الأمريكية جاء رد الفعل الإيراني من خلال مرحلتين:

الأولي: مرحلة الإعداد الأمريكي للحرب على العراق وحتى سقوط نظام صدام حسين: وفيها نفت طهران أي صلة لها بتنظيم القاعدة، حيث أكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفى، أن: “الجمهورية الإسلامية قامت بإبعاد كل الأجانب الذين لهم صلة أو يشتبه في أن لهم علاقة بتنظيم القاعدة وأن سياسة الإبعاد تم تطبيقها بشكل جدي” وأضاف: “إن إيران تصرفت بشكل واضح حيال مكافحة الإرهاب وأن أي ادعاءات غير معززة بالوثائق من جانب المسئولين الأمريكيين لن تؤثر على مواقف إيران الإيجابية التي اتخذتها بهذا الخصوص”.

الثانية: مرحلة ما بعد الحرب على العراق: وفيها اعترفت إيران بإيواء بعض أفراد القاعدة، ففي 26/5/2003 أعلن “آصفي” للمرة الأولى وجود معتقلين لدى إيران من تنظيم القاعدة إلا أن إيران لا تعرف مدى أهميتهم لعدم معرفة هويتهم بعد، وأضاف أن الجمهورية الإسلامية اعتقلت واستجوبت وطردت كل عناصر القاعدة الذين دخلوا إيران بصورة غير مشروعة وحاليا يتم استجوابهم.

ويفسر البعض هذا الإعلان الإيراني في ضوء عدد من العوامل:

ـ تزايد الضغوط الأمريكية على إيران، وتزايد لهجة التهديدات الأمريكية لإيران من خلال تسريبات الصحف الأمريكية بوجود خطة لإحداث انتفاضة شعبية للإطاحة بالنظام الإيراني، فضلا عن كونه نوعا من المساهمة في الحرب الدولية على الإرهاب.

وارتبط التصعيد الأمريكي بشأن تلك القضية بعدة اعتبارات:

ـ قانوني: حيث ترى الولايات المتحدة أن إيواء إيران لعناصر المسئولين عن القاعدة يشكل انتهاكا وخرقا لقرار مجلس الأمن رقم 1373 (سبتمبر 2001) والذي يسمح بفرض عقوبات دولية على كل دولة تتورط مباشرة أو بشكل غير مباشر في أعمال إرهابية أو ترفض التعاون في الحرب ضد الإرهاب الدولي، ووفقا لذلك فإن واشنطن قد تجد ذريعة لتوفير غطاء شرعي دولي لأي عمل تجاه إيران.

ـ أمني: ويتمثل في التقارير التي تشير إلى أن اعتقاد واشنطن أن من بين المحتجزين في إيران ثلاثة أشخاص من قياديي التنظيم (هم سيف العدل وسليمان أبو الغيث وسعد بن أسامة بن لادن) والقلق بأن تكون تلك الشخصيات مطلقة السراح داخل إيران، وأنه ربما تلقت هذه الشخصيات دعما رسميا [37].

وهنا تصاعدت الاتهامات الأمريكية لإيران، بدعم القاعدة، وإيواء عناصرها، فأعلن رئيس أركان الجيوش الأمريكية (ريتشارد مايرز) في (26/5/2003): “أن مسألة إيران واضحة”، وأضاف “علينا القضاء على جميع ملاذات الإرهابيين وإيران تؤوي بالطبع عناصر من القاعدة”، وأوضح أن “القاعدة ترسخ وجودها بانتظام في إيران منذ بعض الوقت، وخصوصا منذ تدخلنا في أفغانستان”[38].

ودعا وزير الخارجية “كولن باول” الإيرانيين إلى الضغط على المسئولين في بلادهم لدفعهم للتخلي عن دعم الإرهاب وعن قدرتهم على إنتاج أسلحة نووية، معتبرًا أن الشباب الإيراني بدأ يدرك أن المسئولين السياسيين والدينيين لا يقودونه في الاتجاه الصحيح ونحو مستقبل أفضل، آملاً بأن يتفهم الشعب الإيراني أن الولايات المتحدة ليست العدو وأن هناك حياة أفضل تنتظرهم إذا تخلو عن الإرهاب وعن تطوير أسلحة الدمار الشامل وإذا ضغطوا على قادتهم من أجل تغيير أفضل في المجتمع وفي الاقتصاد الإيراني [39].

وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكية “ريتشارد أرميتاج” امام لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي (28/10/2003):: “نحن مستعدون لإجراء محادثات محدودة مع حكومة إيران حول المسائل ذات الاهتمام المشترك”، مضيفا “لكننا لم نطرح فكرة أي حوار بهدف تطبيع العلاقات”، وأضاف: “إن واشنطن ما زالت قلقة من دعم طهران “لجماعات إرهابية”، موضحا أن الإدارة الأمريكية “تبذل جهودا ثنائية ومتعددة الأطراف بدءا بالعقوبات وانتهاء بالنداءات المباشرة لوقف دعم إيران للمنظمات الإرهابية ومن بينها تنظيم القاعدة حسبما نعتقد”[40].

وفى ظل تباعد وجهتي نظر كل من واشنطن وطهران بشأن وضع معتقلي تنظيم القاعدة، طرح البعض تصوراً لاحتمال وصول الأمور إلى صفقة بين الجانبين:

تتعلق بعناصر القاعدة التي تدعي الولايات المتحدة وجودهم في إيران، وعناصر المعارضة الإيرانية التي تدعمها الولايات المتحدة، على أن تتضمن هذه الصفقة-

قيام إيران بتسليم بعض قيادي تنظيم القاعدة المحتجزين لديها للولايات المتحدة مقابل تسليم إيران أبرز أعضاء حركة مجاهدي خلق، مع تعهد السلطات الأمريكية رسميا للمسئولين في إيران بعدم السماح لعناصر مجاهدي خلق بالقيام بأي أعمال أو نشاطات تخريبية ضد الأراضي الإيرانية، مقابل قيام إيران بتسليم باقي أعضاء القاعدة إلى بلدانهم.

وأن تقدم السلطات الإيرانية تعهداً بمنع عناصر القاعدة من استخدام الأراضي الإيرانية للقيام بأي نوع من الأعمال والنشاطات الإرهابية أو التخطيط لها، وأن تقوم بطرد عناصر ومسئولين عن تنظيم عصبة الأنصار المتحالف مع القاعدة الذين لجأوا من شمال العراق إلى إيران بعد سقوط الحكومة العراقية.

ولكن في المقابل يرى البعض أن هذه الصفقة تواجهها عدة صعوبات، فليس من المتوقع أن تقوم الإدارة الأمريكية بتسليم إيران أعضاء حركة مجاهدي خلق، فمسألة تسليمهم ترتبط من وجهة نظر الإدارة الأمريكية برؤيتها لمجمل العلاقات مع طهران حيث لا تزال هناك قضايا خلافية حادة بين الجانبين منها الوضع في العراق، وعملية السلام، والملف النووي، وقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية.

كما أن تسليم إيران أعضاء تنظيم القاعدة لدولهم تثير إشكاليات قانونية عديدة، ففي الوقت الذي توجد فيه اتفاقات أمنية بين كل من إيران والسعودية والكويت واليمن والبحرين تقوم طهران بمقتضاها بتسليم أعضاء القاعدة إلى دولهم لا توجد مثل هذه الاتفاقيات مع مصر، كما أن بعض المتهمين أسقطت عنهم دولهم الجنسية (مثل سليمان أبو غيث) وبالتالي يتعذر تسليمهم لأى دولة أخرى وهو ما يثير حفيظة الولايات المتحدة مجددا، كما أنه في حالة وجود أعضاء للقاعدة يحملون الجنسية الأمريكية، فإن القضاء الإيراني هو الذى سيحدد مصيرهم نظرا لعدم وجود علاقات بين إيران والولايات المتحدة، وفقا للمصادر الرسمية الإيرانية[41].

3ـ الضغوط الدبلوماسية:
حيث قامت الإدارة الأمريكية بتكثيف جهودها الدبلوماسية والسياسية من أجل تشديد الضغوط علي إيران من أجل وقف برنامجها النووي أو على الأقل وقف الأنشطة المثيرة للقلق في هذا البرنامج. وذلك من خلال:

أ ـ مواصلة الضغوط والإغراءات على روسيا: حيث تم التباحث في هذا الصدد بين الجانبين الأمريكي والروسي على كافة المستويات، وقام مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون نزع السلاح “جون بولتون” بزيارة لموسكو عدة مرات خلال عام 2003 من أجل الملف النووي الإيراني.

على أن المباحثات العديدة التي جرت بين الجانبين كشفت عن تباين شديد في مواقفهما، ففي الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة الروسية أن تعاونها النووي مع إيران يظل في إطار المعاهدات والاتفاقيات الدولية الموقعة حول حظر انتشار الأسلحة النووية، فإن الإدارة الأمريكية تؤكد على مشروعية قلقها تجاه المحاولات الإيرانية الرامية إلى إنتاج الأسلحة النووية، استنادا إلى المعلومات الجديدة التي تم الكشف عنها في الزيارة التي قام بها مفتشو الوكالة الدولية لإيران في فبراير الماضي.

ب ـ العمل على بناء موقف دولي قوى ضد البرنامج النووي الإيراني:

من خلال تزايد ضغوط واشنطن ولندن على إيران للكشف عن برنامجها النووي، وهو ما أكده “جون بولتون” وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشئون ضبط التسلح والشئون الدولية، من أن الولايات المتحدة تستخدم كل ما لديها من أدوات دبلوماسية للضغط علي طهران من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومجموعة دول الثماني الصناعية، ومع شركائها الروس والبريطانيين والفرنسيين والألمان [42]. حيث نجحت الإدارة الأمريكية في إقناع وزراء خارجية الدول الصناعية الثماني الكبرى في العالم في اجتماعهم في باريس في 23/5/2003، بأن يتضمن التقرير الصادر عن الاجتماع، التعبير بقوة عن القلق الدولي من البرنامج النووي الإيراني، وتحميل إيران مسئولية طمأنة المجتمع الدولي ووضع حد للتساؤلات المثارة بشأن هذا البرنامج، وطالبوا إيران أن تقوم بمبادرات من أجل استعادة الثقة بها، وذلك من خلال التوقيع على البروتوكول الإضافي للحد من انتشار الأسلحة النووية، واحترام بنوده، وقبول الآليات الدولية الخاصة بالرقابة والتفتيش على البرنامج النووي الإيراني، حتى تكون هذه الرقابة كاملة[43].

ج ـ حث الاتحاد الأوروبي على ممارسة ضغوط على إيران: حيث اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفًا متشددًا حيال طهران داعيًا السلطات الإيرانية إلى التوقيع على بروتوكول يسمح بتفتيش دولي أدق لمنشآتها النووية، مرفقًا ذلك بلهجة تحذيرية اقتربت من الموقف الأميركي، وربط وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم في لوكسمبورج تجاوب طهران مع دعوتهم بمواصلة الحوار معها في شأن إبرام اتفاق تجاري بين الجانبين. ويؤيد بعض الدول الأوربية وأستراليا وجهة النظر الأمريكية بإن المساعي النووية الإيرانية لا تدل على أن برنامجها مخصص للاستخدام السلمي [44].

كذلك أقر الوزراء الأوروبيون المبدأ الأميركي بأن “استخدام القوة قد يكون ضروريًا” حين تفشل الدبلوماسية في معالجة التهديدات الناجمة عن أسلحة الدمار الشامل، وصادقوا على استراتيجية لمكافحة انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية، وتضمنت للمرة الأولى إشارة إلى تحرك عسكري محتمل ضد الدول أو الجماعات الإرهابية التي تمتلك مثل هذه الأسلحة، في إشارة إلى إيران [45].

د ـ التهديد بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي:

حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت مكللان “إن المجتمع الدولي له نفس المخاوف التي أعربنا عنها”، مضيفا أن هناك فرصة واحدة أخيرة أمام إيران للإذعان وألا ينبغي إشعار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولم يذكر المتحدث احتمال اللجوء إلى العمل العسكري في هذه القضية قائلا إن ذلك قد يشكل استباقا للأحداث”[46].

وشهد عام 2004-2005 تصعيدا أمريكيا بالأصل أوروبيا بالتبعية للمخاوف تجاه إيران باعتبارها تهدد السلم والأمن الدوليين، والاحتمال الإيراني لامتلاك أسلحة التدمير الشامل عبر تطويرها لبرنامجها النووي، وبزغ الملف النووي الإيراني على قمة الاجندة الدولية التي تركز توجيه الاتهام لإيران بخرقها معاهدة حظر الانتشار النووي [47].

هـ ـ مطالبة إيران بتقليد ليبيا: حيث عبر وزير الخارجية الأميركي كولن باول عن أمل واشنطن بأن تدرك بيونج يانج أن الآخرين أصبحوا أذكياء وأن على الكوريين الشماليين أن يكونوا أذكياء أيضا، وأضاف باول “هذه الدعوة موجهة أيضا إلى سوريا وإيران..”، وعبر عن قناعته بأن الموقف الليبي الجديد ناجم عن مزيج من العمل الدبلوماسي والضغط العسكري الذي مارسته إدارة الرئيس بوش، مشيرا إلى أنه ينوي مواصلة استخدام هذين السلاحين، وأكد أن طهران بدأت تعترف ببرامج نووية كانت تنفي امتلاكها في السابق، ومع أنها وقعت البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلا أن واشنطن اعتبرت هذا الإجراء خطوة أولى، في عملية تهدف إلى التأكد من أن النشاطات النووية الإيرانية لا تتضمن أهدافا عسكرية [48].

وـ دعوة إيران للحوار: حيث أعلن كولن باول إن الولايات المتحدة أصبحت مستعدة للحوار مع إيران بعد أن قامت إيران بخطوات مشجعة، وقال باول: “هناك أشياء تحدث ولذلك يجب أن نترك الباب مفتوحا للحوار في اللحظة المناسبة في المستقبل.

4ـ تفعيل دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية:
حيث قام د. محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة النووية بزيارة المنشآت الإيرانية في فبراير 2003، ثم نشرت الوكالة تقريراً لها في (5/6/2003) أعتبر أن إيران “أخلت بالتزاماتها” إزاء معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وجاء في التقرير أن إيران ـ التي تبني حاليا مفاعلا نوويا في بوشهر ومصانع أخرى سيكون من شأنها أن تؤمن لها استقلالية التموين بالوقود لمفاعلها المستقبلي ـ لم تطلع الوكالة على منشآتها وعلى كيفية معالجة واستخدام معداتها النووية [49]

وفي 12/9/2003 قامت الوكالة الدولية للطاقة النووية بمنح إيران مهلة حتى 31/10/2003 لإثبات التزامها بمعاهدة منع الانتشار النووي وأنها لا تنتج أسلحة نووية وتقديم كل المعلومات الكفيلة بالتأكيد على أن برنامجها سلمي [50].

وفي اجتماع مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبتمبر 2003، وزعت الولايات المتحدة مسودة قرار على أعضاء مجلس أمناء الوكالة تتهم إيران بأنها لم تذعن لالتزاماتها النووية تجاه الأمم المتحدة، وطالبت بطرح المسألة على مجلس الأمن، إلا أن المشروع لم يحصل على التأييد المطلوب، حيث أعربت دول العالم الثالث عن تأييدها للتعاون بين إيران والوكالة، ودعت إلى استمرار هذا التعاون وتسوية هذا الموضوع في إطار قوانين الوكالة من دون الحاجة لطرحه على مجلس الأمن، كما أشارت إلى أن مسودة القرار لا تتضمن القدر الكافي من الوضوح بشأن الاتهام الموجه إلى إيران بشأن انتهاك الالتزامات الدولية [51]..

وتم التوصل في الاجتماع إلى حل آخر، حيث تقدمت كندا واليابان وأستراليا بمشروع قرار يمهل طهران إلى نهاية أكتوبر 2003 لتنفيذ التزاماتها في مجال عدم الانتشار النووي، عبر التعاون والشفافية مع الوكالة الدولية بصورة عاجلة، ومطالبتها بضرورة الإعلان بصورة كاملة عن جميع المواد والمكونات المستوردة لديها والمتصلة بالمشروع الإيراني لتخصيب اليورانيوم مع تحديد منشآتها وتاريخ ورودها لإيران.

وكذلك الموافقة على حق الوكالة في التفتيش غير المقيد لكل المنشآت النووية الإيرانية، بما في ذلك أخذ عينات إلى خارج إيران، وتقديم كل المعلومات التي تطلبها الوكالة الدولية بشأن ما تقوم به إيران من تجارب لتحويل اليورانيوم وتنشيطه، وتعليق كل الأنشطة الإيرانية الخاصة بتخصيب اليورانيوم، والتوقيع على البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر نتشار الأسلحة النووية الذى يتيح لمفتشي الوكالة الدولية الحق في القيام بزيارات مفاجئة للمواقع النووية الإيرانية المشتبه فيها، ووافقت الولايات المتحدة على هذا القرار، وأعلنت أنها سوف تمنح إيران فرصة أخيرة قبل الإعلان عن عدم احترامها التزاماتها في إطار معاهدة الحد من الانتشار النووي، وذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت تعتبر أن الوقائع المتاحة يمكن أن تبرر البدء بإجراء ضد إيران لخرقها التزاماتها في إطار معاهدة الحد من الانتشار النووي[52].

وفي 31/10/2003 طلبت الولايات المتحدة، من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكد من أن إيران تحترم تعهداتها في المجال النووي مع انتهاء الإنذار الذي يدعوها إلى إثبات الطابع المدني لبرنامجها، وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية (ريتشارد باوتشر): “إن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب أن يحدد ما إذا كانت الإجراءات التي اتخذتها إيران تحترم هذه المطالب بالكامل”، وأضاف: “ننتظر أن يمتنع الجميع بمن فيهم نحن عن إصدار حكم حول احترام إيران لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية طالما أن المدير العام لم يقدم تقريره بعد”، كما أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان أن “من الضروري تجنب ارتكاب أي خطأ، وعلى إيران أن تتحلى بالشفافية وتحترم المطالب الدولية بحذافيرها” [53].

ولم تكف الولايات المتحدة من خلال ممارستها الضغط على الوكالة الدولية لحملها على تحويل الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن، وهو أعلنه “كولن باول” وزير الخارجية الأسبق بقوله إنه يتعين على الأمم المتحدة أن تعالج طموحات إيران النووية، ويجب على الوكالة الدولية إحالة هذه القضية لمجلس الأمن، فنحن لا نود أن تصبح إيران قوة نووية أخرى [54].

ويفضي تصريح “باول” إلى استخدام القوة من خلال العودة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة علي النحو الذي سارت عليه قضية أسلحة الدمار الشامل العراقية، وفي هذا السياق أخذت الولايات المتحدة تمارس الضغوط علي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي لعدم تكرار الحالة العراقية في دول أخري، ويمكن ملاحظة هذه الضغوط في الكثير من الممارسات الأمريكية، فقد صرح ” ريتشارد بوتشير” الناطق الرسمي للخارجية الأمريكية بعد بيان الوكالة الدولية الذي صدر عن مجلس المحافظين 18\يونيو\2003، قال فيه إن كلا من بيان الوكالة الدولية، والبرنامج الإيراني مصدر قلق عميق بالنسبة لنا، حيث يمثل البرنامج الإيراني تحديا كبيرا للاستقرار في المنطقة والمجتمع الدولي ولنظام حظر الانتشار النووي[55]. وصرح أيضا أن الولايات المتحدة دعت مجلس الوكالة الدولية أن توضح لإيران التخوف الدولي من برنامجها النووي ودعوتها للتوقيع على البروتوكول الإضافي وحل المشاكل المتعلقة بهذا البرنامج والالتزام بمعاهدة حظر الانتشار النووي [56].

وفي (10/11/2003) رفعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا إلى مجلس حكامها، جاء فيه: إن إيران كان لديها برنامج لتخصيب اليورانيوم باستخدام تقنية الطرد المركزي على مدى 18 عاما، وبرنامج لتخصيب اليورانيوم بالليزر منذ 12 عاما؛ وهو ما أخفته عن الأمم المتحدة، وجاء أول تعقيب رسمي على التقرير علي لسان وكيل وزارة الخارجية الأمريكية “جون بولتون” (12/11/2003): إنه على الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أوردت بالوثائق خداعات إيران وتصريحات النفي التي صدرت عنها على مدى 18 عاما، وسجلت انتهاكات إيران الكثيرة للالتزامات الدولية النووية؛ فإن “التقرير خلص مع ذلك إلى أنه لا دليل على برنامج إيراني للأسلحة النووية”، مشددا على “أن مضمون التقرير يستحيل تصديقه”، ورأى أن التقرير يؤكد مجددا اعتقاد بلاده بأن “الجهود الواسعة والسرية لإيران لاكتساب قدرات نووية حساسة، ولن تكون معقولة إلا كجزء من برنامج للأسلحة النووية”، وقال: إن التقرير أكد أن إيران تنتهك في أمثلة متعددة التزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي”، وأضاف: “إذا اتخذت إيران كل الخطوات المطلوبة منها ـ ومنها تقديم شفافية تامة في الأنشطة النووية والسماح بعمليات تفتيش خاطفة ـ فإن هذا سيكون انتصاراً كبيراً نحو اندماجها في المجتمع الدولي” [57].

وأعد “كينيث بريل” مندوب الولايات المتحدة في بيان للوكالة تعد رسالة من الوكالة الدولية لإيران بأن السلوك الإيراني يدعم القلق الأمريكي من البرنامج الإيراني ويطالبها بالتعاون الدولي مع المجتمع الدولي لإزالة الشكوك الدولية تجاهها [58].

ومع الضغوط الأمريكية على الوكالة الدولية، تعددت التناقضات في تصريحات مدير الوكالة محمد البراد عي، مع المراحل التي مرت بها الأزمة في تطورها، ففي 28 /8/2003 اتهم البرادعي إيران بأنها تشتري عناصر نووية من السوق السوداء الدولية، وطالبها بأن تكون أكثر شفافية وإيجابية، وقال إن البرنامج النووي الإيراني مستمر منذ فترة أطول مما كانت تظن الوكالة الدولية [59].

وحث البرادعي إيران على تجميد المزيد من الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، معبرا عن عدم رضاء الوكالة عن حجم التعاون الإيراني معها حتى الآن، وقال بعد محادثات مع وزير الخارجية الإيراني (24/1/2004) في المنتدى الاقتصادي في دافوس “أنا أنصحهم بأن التجميد الشامل والواسع جداَ سيكون امراَ طيبا”، وأضاف “سيخلق ذلك ثقة وسيساعدني والأوروبيين على المضي قدما في تطبيع وتوسيع التعاون بين إيران والمجتمع الدولي” [60].

وجاء على إثر اتهام الولايات المتحدة إيران بأنها تنتهك معاهدة حظر الانتشار النووي، وأن ذلك يتطلب من الوكالة إحالة الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن، مما دعا مجلس محافظي الوكالة في قراره الصادر في 18\يونيو\2004 الوكالة توجيه اللوم لإيران لعدم تعاونها بشكل كاف، فيما يتعلق بالتأخير في إبلاغ مفتشي الوكالة عن موضوع أجهزة الطرد المركزي ال حديثةB-2 في 15 مارس 2004 [61].

2ـ التصعيد العسكري:
من المنظور الأمريكي، هناك سببان رئيسيان للقيام بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية أحدهما إلحاق ضرر بالغ بالبرنامج النووي الإيراني لدرجة تأخير خطط إنتاج أسلحة نووية لمدة خمس سنوات على الأقل. والآخر أن يكون من الواضح أن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بعمل عسكري وقائي في هذا السياق.

ومن المتوقع أن يتسع العمل العسكري ليشمل تدمير معامل الجامعة ومراكز التكنولوجيا التي تدعم البنية التحتية النووية والعلمية والفنية لإيران بطريقة غير مباشرة. وسوف تشمل الضربات الجوية على المنشآت النووية تدمير مواقع البحث في طهران والمعامل المتعلقة بالأبحاث النووية ومركز التكنولوجيا النووية بأصفهان وسلسلة المفاعلات التجريبية وتسهيلات تحويل اليورانيوم ومعمل تصنيع الوقود، وتسهيلات التخصيب في ناتانز وآراك. إذ درج كبار المسئولين الأمريكيين على تأكيد أن من غير المستبعد توجيه ضربة عسكرية لإيران إذا لم تتخل عن طموحاتها النووية، وأشارت التقارير الصحفية الأمريكية عن تسلل فرق عمليات خاصة أمريكية تقوم بمهام استطلاع داخل إيران لرصد الأهداف النووية، بهدف رصد ما يقدر بحوالي 36 هدفاً إيرانياً ترتبط بصورة أو بأخرى بالبرنامج النووي الإيراني، لضربها في حالة اللجوء للخيار العسكري [62].

إجهاض الردود الإيرانية

بالإضافة إلى البرنامج الأساسي للضربات الجوية والهجمات الصاروخية على المنشآت النووية ومواقع الدفاع والصواريخ، تهدف العمليات العسكرية الأمريكية على إجهاض أي رد إيراني مباشر. وأهم هذه الردود هو قيام إيران بفعل انتقامي يؤثر على نقل البترول والغاز الطبيعي عبر مضيق هرمز، ولذا سيكون من الضروري تدمير المدفعية الصاروخية الساحلية والسفن الحربية الإيرانية والقاعدة الأساسية وترسانة السفن في بوشهر ومراكز القيادة في منطقة بندر عباس وقواعد أخرى للقوات الجوية توجد بجزيرة خارج عند رأس الخليج ومنطقة أبو موسى في جنوب شرق مضيق هرمز حيث تم تمويلهم بأساليب دفاعية جديدة.

مفاد ذلك أن هناك إشارات واضحة لنجاح الجيش الأمريكي في إلحاق أضرار بالغة لتطوير أسلحة نووية إيرانية وفى ردع الردود الإيرانية المتوقعة [63].

وجاءت المناورات العسكرية الأمريكية الأخيرة في هذا السياق وكان الهدف منها إظهار أن الولايات المتحدة توكد على عزمها على حماية الدول الصديقة والحليفة لها في المنطقة وخاصة البحرين التي تستضيف أسطولها الخامس، أيضا” حشد أكبر عدد من الدول الخليجية للوقف في وجه إيران وهو ما يعكس بدوره على الإجماع الدولي ضدها ومحاصرة إيران بحريا” [64]. وقد برزت إرهاصات العمل العسكري ضد إيران في عدة ملامح، بدأت بزيادة الحشود الجوية الأمريكية في الخليج بإضافة مجموعة حاملة الطائرات (ستينس) إلى جانب حاملة الطائرات (أيزنهاور) وبذلك تضاعف حجم المقاتلات في الخليج إلى حوالي 150 مقاتلة، وزيادة حجم الصواريخ كروز (توما هوك) إلى حوالي 200 صاروخ، هذا إلى جانب عدد من السفن كاسحات الألغام تحسباً لقيام إيران بتلغيم مياه الخليج، كما وجه بوش أوامر مشددة لتخزين كميات كبيرة من احتياطي البترول الأمريكي، إلى جانب تخزين المواد اللوجستية اللازمة للضربة. وفى الإطار نفسه قامت الولايات المتحدة بدعم قواعدها على الساحل الغربي للخليج ببطاريات صواريخ مضادة للصواريخ (باتريوت- باك 3).

وقد اشملت هذه المناورات التدريب على إعادة فتح ممر هرمز إذا ما أغلقته إيران في وجه ناقلات النفط، واحتلال قاعدة بندر عباس الإيرانية، والتصدي لهجمات زوارق صواريخ وزوارق انتحارية، والدفاع عن القواعد البحرية في مواجهة إبرار بحري إيراني. وفى إطار الحرب السرية غير المعلنة الناشئة حالياً بين أمريكا وإيران، وقعت مؤخراً عدة أحداث كشفت عن مخططات أمريكية لشن عمليات مخابراتية تحتية وقوات خاصة ضد عناصر فيلق القدس الإيراني في العراق، ولإثارة الأقليات المتواجدة في المحافظات الحدودية الإيرانية ضد النظام الحاكم. وهو ما ردت عليه إيران بالإعلان عن المناورات (اقتدار) يوم 19 فبراير 2007 وهي الثالثة في أقل من أربعة أسابيع، على خلفية تصاعد الأزمة النووية. وقد شملت موضوعاتها اختبار أنظمة الدفاع الجوي الحديثة التي حصلت عليها إيران من روسيا أخيرا (29 بطارية Tor-Mi) بتكلفة 1.4 مليار دولار. هذا إلى جانب اختبار صواريخ أرض أرض فجر 3،5 وزلزال، وأرض/ بحر مداه 350 كم. كما طورت إيران طائرة بدون طيار لمهاجمة السفن الأمريكية عن بعد [65].

وفى إطار التخطيط للعمل العسكري، كشفت مجلة (نيويوركر) الأمريكية عن تشكيل لجنة خاصة في البنتاجون للتخطيط لشن هجوم على إيران خلال 24 ساعة من تلقى الأوامر بذلك من الرئيس الأمريكي، وأن الأهداف التي سيتم قصفها بالقاذفات والمقاتلات والصواريخ كروز (توماهوك) لن تنحصر فقط في المنشآت النووية الإيرانية، بل ستشمل أهدافاً مؤثرة أخرى استراتيجية وعسكرية، مثل مراكز القيادة والسيطرة السياسية والاستراتيجية والمطارات وقواعد الدفاع الجوي، ومناطق تمركز وحدات الحرس الثوري البرية والبحرية. هذا إلى جانب أهداف الضربة الثانية وأبرزها وحدات الصواريخ أرض أرض (شهاب3)، مراكز الصناعة العسكرية داخل إيران، ويبلغ إجمالي حجم الأهداف المتوقع أن تشملها خطة الهجوم حوالي 150 هدفاً تحتاج إلى حوالي 600 طائرة مقاتلة و200 صاروخ توماهوك، وكان الكونجرس قد أقر قانوناً منذ عامين يسمح للإدارة الأمريكية باستخدام أسلحة نووية تكتيكية منخفضة القوة في حروب أمريكا الاستباقية، على أساس أن إشعاعاتها تنحصر فقط تحت الأرض، وهو ما ليس بصحيح. كما تكثف وسائل الاستطلاع، والمخابرات الأمريكية الفضائية والجوية والبشرية والإلكترونية في جهودها لاكتشاف وتأكيد مواقع الأهداف الإيرانية التي يقوم الإيرانيون بتغيير أماكنها باستمرار والتمييز بين الأهداف الحقيقية والهيكلية، وفى هذا المجال رصدت الرادارات الإيرانية زيادة معدلات الدوريات الجوية في مناطق الحدود الإيرانية، خصوصاً مع العراق وأفغانستان، كما عبرت مجموعات مخابراتية وقوات خاصة أمريكية وإسرائيلية الحدود إلى داخل إيران لتأكيد أوضاع الأهداف التي سيتم قصفها، والاتصال بالعناصر المعارضة في الداخل للقيام بعمليات تخريب واغتيال وخطف ضد شخصيات سياسية وعسكرية وعلمية في النظام الإيراني، عندما يحين موعد الهجوم الأمريكي، وتعكف الإدارة الأمريكية منذ فترة على إعداد قائمة اتهامات ضد إيران يمكن أن تبرر بها أمام الكونجرس والرأي العام الأمريكي قرارها بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران. فقد ذكر مساعد وزير الخارجية الأمريكية “ديفيد ولش” أن الولايات المتحدة لديها أدلة واضحة على وقوف إيران وراء الاعتداءات التي يتعرض لها جنودها في العراق، وأن واشنطن لا تستبعد أي خيار للتعامل مع هذه المسألة.

أما المبررات من حيث البرنامج النووي الإيراني، فتتمثل فيما أشار إليه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقريره السنوي لعام 2007 من أن إيران قد تتمكن من إنتاج سلاح نووي في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات، ذلك أن مخزون إيران من غاز UF-6 (سادس فلوريد اليورانيوم، يبلغ 250 طن، ويتم إنتاجه في مصنع أصفهان قبل أن يضخ في أجهزة الطرد المركزي الموجودة في مصنع التخصيب في ناتانز، وهذه الكمية تكفي في حالة تخصيبها لإنتاج 30-50 سلاحاً نووياً. وأنه في حالة تشغيل الـ 3000 جهاز طرد مركزي-خاصة طراز p2، وهو ما وعد به الرئيس الإيراني نجاد، فإنه يلزم ما بين 9-11 شهراً لإنتاج 25 كجم يورانيوم 235 بنسبة تخصيب 90% كافية لصنع سلاح نووي واحد بقدرة 20 كيلوا/طن، وهو ما قد يعجل بتوجيه الضربة الأمريكية ضدها.

وعن توقيت تنفيذ الضربة ضد إيران، فهو مرتبط بعوامل كثيرة أبرزها استنفاد الوسائل الدبلوماسية والعقوبات في إجبار طهران على الانصياع لقرارات مجلس الأمن، واستكمال الحشد البحري والجوي في المنطقة، ونجاح التمهيد السياسي في إقناع الكونجرس والرأي العام الأمريكي بمبررات الضربة [66].

الضربة العسكرية لإيران والمصالح الأمريكية:

يؤكد “روبرت جيتس” المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية على أنه “من غير المحتمل أن تكون ضربة مثل هذه فعالة، بل قد تضر بالمصالح الأمريكية، لأن إيران لديها عدد من المنشآت النووية المنتشرة في البلاد، مما سيجعل من الصعب على إسرائيل استهداف مواقع نووية إيرانية ورئيسية تقع في المدن أو بالقرب منها، حيث سيزيد ذلك من فرص إيقاع ضحايا بين المدنيين”. بل أن عواقب الضربات قد تدخل المنطقة في صراع أوسع، وتتطلب تدخلاً أمريكيا لحماية إسرائيل في ضوء التهديدات الإيرانية بالرد وتدمير المدن الإسرائيلية، كما أن ضرب إيران سيثير التساؤلات حول الانتقائية الأمريكية في ضرب إيران دون كوريا الشمالية، رغم أن برنامج الثانية أخطر من الأولى.

أضف إلى هذا أن التورط الأمريكي في العراق لا يسمح بفتح جبهة جديدة في إيران، مما يثير غضب الشيعة في العراق والمنطقة على الوجود الأمريكي بصفة عامة، ويضعف موقف القوات الأمريكية في العراق، وهو ما ألمح إليه الرئيس الإيراني بقوله: “إنهم متورطون في العراق”.

وفي مؤتمر صحفي عقد في 19 يوليو 2004م، قال “زيجينو بريجنسكى” مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق ضمن تأكيده على صعوبة نجاح إسرائيل في تدمير البرنامج النووي الإيراني: “إن العمل سيضر باحتمالات التغيير السياسي في إيران، وذلك من خلال تعزيز الحماس الوطني، وقد يضر هذا الأمر بالمصالح الأمريكية وبخاصة في أفغانستان والعراق”، وذلك في إشارة منه إلى أن خطوة كهذه ستعمل على بقاء وتعزيز الحكومة الإيرانية الحالية التي تسير ـ على حد قوله ـ بخطوات متلاحقة لتطوير برنامجها النووي.

وقال: “إن إيران تستطيع نقل منشآتها النووية تحت الجبال والقيام بتخصيب اليورانيوم في الأماكن التي لا تقدر أي قنبلة أو صاروخ على هدمها”. وقد صرح في الوقت نفسه بأنه يفضل حل الخلاف القائم بين أمريكا وإيران حول الأنشطة الإيرانية النووية بالحوار.

يذكر المحللون السياسيون والعسكريون أن المواجهة المحتملة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية يصعب تخيلها، فمساحة إيران ومواردها تفترض استخدام قوات أكبر بكثير من التي استخدمت في غزو العراق واحتلالها، وإنها ستكون بداية للنزاع، حيث يمكن للرد الإيراني أن يتخذ أشكالاً عدة في المقاومة المسلحة ضد الأمريكيين، مما يعطى المقاومة الحالية حجماً أوسع بكثير. كما يمكن أن تغير طهران موقفها من المجموعات الأصولية التي تنفذ الأعمال الإرهابية بعدها كانت تعارضها بوضوح حي اليوم. ويمكن عندها أن تتركز الاعتداءات في منطقة الخليج ـ حيث هناك وجود للشيعة ـ لتشكل تهديداً للمواقع الأمريكية.

وأخيراً قد تستخدم طهران نفوذها الحاسم لدى طائفة الهزارة الأفغانية الشيعية لضرب التوازن الراهن في القوى على حساب السلطة السياسية التي نصبتها الولايات المتحدة في العاصمة كابول. ولا شك أن تداعيات أخرى لا حصر لها سوف تنتج من أي مواجهة بين طهران وواشنطن [67].

مخاطر العمل العسكري على الولايات المتحدة

وكان عدد من الخبراء الأمريكيين قد حذروا من أن أي تحرك عسكري من جانب الولايات المتحدة ضد إيران، سوف يعود ذلك بعواقب وخيمة على القوات الأمريكية الموجودة في العراق وأفغانستان، مما يزيد من صعوبة الموقف الذي تواجهه هذه القوات.

وفي هذا الصدد، أكد “جيمس كارافاتو” الخبير العسكري بمركز “هيريتج” للأبحاث أن انشغال 150 ألف جندي أمريكي في محاولة للسيطرة على الأوضاع في العراق يجعل من فكرة دخول الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية مع طهران مسألة مستبعدة، وأكد أن مثل هذه الخطوة قد تحفز طهران لاستغلال حدودها الطويلة مع العراق التي تمتد مسافة 1450 كيلومتراً ونفوذها بين الشيعة العراقيين لإنهاء حالة الهدوء النسبي الذي تمتعت به القوات الأمريكية حتى الآن في جنوب العراق لمزيد من تعقيد الأوضاع التي تعيشها قوات الولايات المتحدة هناك.

ومن ناحية أخرى أعلن البيت الأبيض في 10 مارس 2005م، عن تجديد “بوش” للعقوبات المفروضة على إيران، والتي حظر على الرعايا الأمريكيين عقد صفقات بترولية مع طهران وتمديدها سنة كاملة، وجاء تجديد الحظر في سياق بيان رئاسي، أشار خلاله بوش إلى ما وصفه بالتهديدات الاستثنائية التي تشكلها إيران في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها دعم الإرهاب الدولي وسعيها لنسف عملية السلام في المنطقة وامتلاك أسلحة الدمار الشامل [68].

المعوقات الرئيسية لاستخدام القوة المسلحة ضد إيران:

تمضي الأمور على درب الملف النووي الإيراني عند النظر إليه من واشنطن أو تل أبيب أو طهران في اتجاه واحد، هو التصعيد، الذي يتواكب مع طرح وسائل الإعلام لعدة سيناريوهات تتحدث عن احتمالية قوية لشن عملية عسكرية ضد إيران تستهدف تدمير برنامجها النووي، أو على الأقل تعطيله عدة سنوات، بل وحدد بعضها توقيت هذه العملية في ظل تقديرات لنقطة اللاعودة في البرنامج النووي الإيراني، حين تكون طهران قد بدأت تسير في اتجاه امتلاك المعرفة التقنية لتصنيع سلاح نووي.

الأمر الذي دفع المسئولين الإيرانيين للرد على ذلك بتصريحات نارية هددوا فيها بشن عمليات هجومية ودفاعية مضادة تكبد الولايات المتحدة وإسرائيل خسائر بشرية ومادية جسيمة وعلى مدى فترة طويلة لن يكون لهما قبل بتحملها، وقد أعلن روحاني أيضا” في 6 مارس 2005م “إنه يعتقد أن التهديد الأمريكى بالهجوم على غير جاد لأن الأمريكيين يعرفون مدى قدرة إيران على صد مثل هذا الهجوم وهم لن يخاطروا بالقيام بهذا العمل”.

أن “إيران سوف تتخلى عن جميع تعهداتها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها إذا أحيل الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن”، وقد نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن روحاني قوله: إن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية سوف يواجهون خسائر اقتصادية فادحة. وربما كان يعنى بذلك نية إيران بالإضرار بالمشاريع الاقتصادية الكبرى في الغرب عن طريق وقف إنتاج البترول وتصديره إلى الغرب. وصرح علي لاريجاني أن الولايات المتحدة ليست قادرة على شن حرب ضد إيران وأن الضغوط التي تمارسها ضدنا من قبيل الحرب النفسية، وأن الحرب ستكون قاسية ومكلفة لهم [69].

معوقات التخطيط:
اتفقت السيناريوهات المطروحة على استحالة شن حرب شاملة ضد إيران على نمط الحرب التي شنتها الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2001، وضد العراق عام 2003. بمعنى عدم الزج بقوات برية نظامية والاكتفاء بتوجيه ضربات جوية وصاروخية ضد المنشآت النووية والصاروخية والعسكرية ذات الصبغة الاستراتيجية الحيوية، وذلك في شكل حملة جوية تستغرق أسابيع. وإن كان من المتوقع أن تشترك وحدات العمليات الخاصة وأخرى تابعة للمخابرات لتنفيذ مهام تخريبية ضد أهداف إيرانية خاصة قد لا تتمكن الهجمات الجوية الصاروخية من تدميرها، بالإضافة لوحدات من المنشقين الإيرانيين.

ويعتبر العائق الأول والرئيسي الذي يواجه المخططين هو ضخامة عدد الأهداف التي ينبغي التعامل معها، لاسيما في الضربة الافتتاحية. حيث يقدر عددها بحوالي 125 هدفاً إيرانياً ينبغي تدميرها كدفعة أولى. من ضمنها مواقع الدفاع الجوي الأرضية، وأبرزها 29 نظاماً صاروخياً طراز TOR-M 1 وتدمير القواعد والمطارات الجوية، لاسيما تلك المتواجد بها أسراب ميج -29، والميراج F-1. كما سيتطلب الأمر أيضاً تدمير 3-4 مراكز قيادة وسيطرة استراتيجية، هذا إلى جانب حوالي 24 منشأة نووية أبرزها مفاعل بوشهر، ومنشأة UCF في أصفهان لتحويل اليورانيوم الخام إلى غاز ومنشأة ناتانز لتخصيب اليورانيوم وتصنيع أجهزة الطرد المركزي، ومنشأة أرال لتصنيع الماء الثقيل، ومنشأتها (لويران) و(شايان) للأبحاث النووية، ومنجم ساجاند لاستخراج 60 طن يورانيوم خام سنوياً، ومعمل تدوير اليورانيوم في أردكان. بالإضافة لقصف الموقع الذي كشف عنه الكمبيوتر المسروق من شركة (كيميا مادون) التابعة للحرس الثوري، والذي يعتقد أنه معد لاختبار السلاح النووي.

كما سيتعين في الضربة الافتتاحية أيضاً قصف أهداف الضربة الانتقامية الإيرانية المتوقع أن تشنها إيران خلال 10 دقائق من بدء الضربة الأمريكية، وتشمل مواقع الصواريخ (شهاب -3) لاسيما في قاعدة شاوان التي تبعد 60كم شرق طهران. ومواقع صاروخية أخرى في قاعدة بندر عباس المشرفة على مضيق هرمز، وجزيرة أبو موسى، وعدة مواقع أخرى ثابتة ومتحركة تحت سيطرة قيادة الحرس الثوري في كتائب منتشرة على الساحل الإيراني وعلى (عبارات) في شط العرب، ومواقع الحرس الثوري (بازدران)، والمتطوعين (الباسيج) سواء منهم الوحدات البرية أو الوحدات البحرية.

وبناءً على هذا العدد الضخم من الأهداف (125 هدفاً) ينبغي لتدمير كل منها أن يخصص له حوالى 4-5 طائرة قاذفة مقاتلة، كل تطلق 4-6 صاروخ أو قنبلة مضادة للتحصينات، أو 5 صاروخ كروز طراز (توماهوك)، فإذا ما قدر أن ثلث هذه الأهداف من نوع المنشآت الثابتة الممكن التعامل معها بالصواريخ كروز، فإنه سينبغي تخصيص حوالى 200 صاروخ كروز لقصف 40 هدفاً، ويتبقى 85 هدفاً يتم التعامل معها بواسطة 425 مقاتلة قاذفة تطلق حوالى 2000 صاروخ أو قنبلة موجهة جو أرض، يتطلب حمايتها ما لا يقل عن 50 مقاتلة اعتراضية، وهي قدرات خارج إمكانية إسرائيل، الأمر الذى يفرض قيام القوات الأمريكية بهذه الحملة انطلاقا من كل قواعدها في المنطقة وخارج المنطقة من أجل إنجاح أهدافها الاستراتيجية.

يزيد من صعوبة التخطيط عدم توافر معلومات مؤكدة عن الأهداف الإيرانية، إما بسبب إجراءات التأمين والسرية المحاطة بها هذه الأهداف، أو نشر الإيرانيين مواقع كثيرة هيكلية، أو أيضاً نتيجة استمرار تغيير مواقع الأهداف الإيرانية، وتوزيع مكونات الأهداف الاستراتيجية على أكثر من موقع. فرغم استمرار حصول وسائل الاستطلاع على صور ومعلومات عن هذه الأهداف الإيرانية، وإقامة محطات رصد وتنصت إلكترونية بطول الحدود العراقية -الإيرانية لا يزال المخطط الأمريكي يفتقد إلى معلومات يقينية عن الأهداف الإيرانية المطلوب قصفها وتدميرها.

وفي إطار التحضير للعملية العسكرية ضد إيران ستضطر الولايات المتحدة إلى دفع غواصاتها وبوارجها المسلحة بالصواريخ كروز وحاملتي طائرات إضافيتين (بمجموع 160 مقاتلة) إلى مياه المنطقة، هذا بالإضافة إلى بناء مخزونات كافية من الذخائر، ومواد دعم لوجيستي، إضافة إلى القواعد الأمريكية بالخليج وللدفاع عنها، تحسباً لهجمات مضادة من قبل القوات الإيرانية، وهو ما يمثل حشداً عسكرياً أمريكياً طارئاً لن يكون خافياً مغزاه عن العيون الاستخباراتية الإيرانية، التي بالقطع سترصده وتتحسب لضربه في مواقعه عند اندلاع الشرارة الأولى للحرب. بمعنى آخر سيكون من الصعب على القيادة العسكرية الأمريكية أن تخفى استعداداتها للحرب ضد إيران، أو تأمل في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية في هذه الحرب.

كما سيتعين على القيادة الأمريكية أن تستعد لشن عملياتها من عدة جبهات ضد إيران، وذلك بالنظر لانتشار الأهداف الاستراتيجية الإيرانية على كل الساحة الإيرانية. ومن ثم فإنه من المتوقع أن تدير القيادة الأمريكية عمليات عسكرية ضد إيران من أفغانستان، ومن العراق، ومن تركيا وبلدان أسيا الوسطى، إلى جانب الوجود الأمريكي بالخليج، وبالنظر لخطورة الصواريخ الإيرانية، فإنه سيتعين تدعيم وسائل الدفاع الصاروخي الأمريكية في قواعدها العسكرية بالخليج. وما يستتبع ذلك من إطلاق أقمار تجسس واتصالات أمريكية إضافية، وإدارة عمليات حرب إلكترونية جوية وبرية واسعة تؤمن إعاقة مستمرة على شبكات الرادار والاتصالات الإيرانية. وهو ما يزيد من صعوبة عمليات القيادة والسيطرة.

معوقات التنفيذ:
يعتبر التلوث الإشعاعي الذي سينتج عن قصف المنشآت النووية الإيرانية التي تحوي مواد مشعة متنوعة، لاسيما في أصفهان وناتانز، هو أخطر ما سيترتب على تنفيذ العملية، حيث من المتوقع -كما يشير تقرير الصانداى تلجراف -أن تنتشر سحابة ضخمة من الإشعاعات النووية ستخيم على الخليج كله، أجوائه ومياهه. ويزداد الأمر سوءاً إذا ما قررت القيادة الأمريكية تحت وطأة شدة خسائرها البشرية والمادية نتيجة رد الفعل الانتقامي الإيراني، أن تلجأ إلى أسلحتها النووية التكتيكية ضد إيران في محاولة أمريكية لإنهاء الحرب، حيث سيضاعف حجم التلوث البيئي في منطقة الخليج. وستضطر الطائرات الأمريكية إلى عبور أجواء دول مجاورة في آسيا الوسطى وجورجيا وتركيا وأفغانستان والخليج، وهو ما قد تحول هذه الدول دون تنفيذه تخوفاً من ردود الفعل الانتقامية الإيرانية ضدها. وتبرز مخاوف هذه الدول من ثلاثة أعمال مضادة إيرانية:

الأول: التعرض لقصف صواريخ شهاب المزودة برؤوس كيميائية.

الثاني: شن هجمات بحرية مضادة بواسطة لنشات صواريخ وزوارق انتحارية تابعة للحرس الثوري ضد القواعد الأمريكية في الخليج.

الثالث: أن تغلق إيران مضيق هرمز وتشن حرباً ضد ناقلات النفط بما يحرم دول الخليج من نقل إنتاجها النفطي إلى الخارج، وما يترتب على ذلك من قفز سعر برميل النفط إلى أكثر من 100 دولار.

كما أن امتلاك إيران تقنيات الحرب الإلكترونية والحرب الإلكترونية المضادة سيمكنها من تنفيذ عمليات إعاقة وإعاقة مضادة على الرادارات وأجهزة الاتصالات الأمريكية، وأيضا على الصواريخ والقنابل جو/أرض الموجهة والصواريخ كروز، وبما يُفشل هجماتها بدرجة ما. أما فيما يتعلق بالعراق، فقد توصلت القيادة الإيرانية إلى أن الوجود الأمريكي في العراق يجب تحويله إلى معتقل للأمريكيين، وليس كمصدر تهديد لإيران. حيث من المتوقع أن تزحف العناصر الإيرانية إلى العراق لضرب القوات الأمريكية والبريطانية، مع العمل على عزلها عن باقي العراق وبسط السيطرة الإيرانية عليها بواسطة العراقيين الموالين لإيران. وقد رصدت عمليات تهريب واسعة للأسلحة إلى مدن جنوب العراق، بالإضافة لخبراء ومدربين لرفع المستوى القتالي للميليشيات المرتبطة بطهران، وللقيام بعمليات موجعة ضد الأهداف الأمريكية في الوقت المناسب.

ولن يقتصر هذا الرد على العراق فقط، بل سيشمل أيضاً شن هجمات من جانب جماهير الشيعة ضد المصالح والأهداف الغربية والإسرائيلية على الساحتين الإقليمية والعالمية، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، وربما أيضا واسطة عناصر من تنظيم القاعدة التي يحتمل لجوؤها إلى إيران، خاصة في ظل ما يثار حول وجود تنسيق بين طهران وحركة طالبان مؤخرا. إلى جانب تكثيف هجمات حزب الله في لبنان ضد الأهداف السكانية والاستراتيجية في منطقة الجليل بشمال إسرائيل [70].

3ـ الضغوط الاقتصادية:
عانت إيران منذ منتصف الثمانينيات من عقوبات اقتصادية أمريكية متنوعة تشمل منع تصدير المعدات التكنولوجية المتقدمة وحظر استيراد النفط الإيراني إلى الولايات المتحدة، وذلك نتيجة لسلسلة طويلة من التفاعلات العدائية بين إيران والولايات المتحدة منذ قيام الثورة الإيرانية 1979م، وقد أدت هذه العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد إيران إلى توقف شبه كامل للصادرات الإيرانية إلى الولايات المتحدة.

وبسبب تصاعد الخلافات بين الدولتين بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يثير قلق إسرائيل والولايات المتحدة، والذي حاولت الأخيرة عرقلته عن طريق الضغط على الصين والتفاوض مع روسيا التي تعد الشريك الرئيسى الذي يساعد إيران في تنفيذ هذا البرنامج لكي توقف مساعداتها لها، لكن المساعي الأمريكية في هذا الصدد لم تحرز نجاحاً نظراً لحاجة روسيا للعوائد المالية الضخمة المترتبة على تعاونها النووي مع إيران.

وبالفعل اتخذت الإدارة الأمريكية في نهاية مارس 1995م قراراً بفرض حظر اقتصادي شامل على إيران يكمل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ منتصف الثمانينيات، أدى إلى منع الشركات الأمريكية من التعامل مع إيران لتسويق النفط الإيراني.وقد بذلت الولايات المتحدة الأمريكية جهوداً مكثفة لتوسيع نطاق الحظر الاقتصادي ضد إيران ليشمل الدول الرأسمالية الصناعية من القوى الاقتصادية والسياسية المهمة في العالم وهو ما عرف بقانون داماتو [71].

غير أن المصالح الاقتصادية واسعة النطاق بين إيران واليابان وبعض الدول الأوروبية الرئيسية، أسهمت في جعل هذه الدول ترفض الدعوة الأمريكية لفرض حظر اقتصادي دولي على إيران. ونظرا” للعلاقات اقتصادية وعسكرية المتنامية للصين مع إيران لم تقبل بدورها الموافقة على فرض حظر دولي على إيران، كذلك فإن روسيا رفضت مطالب الولايات المتحدة بشأن إيقاف تعاونها الاقتصادي والعسكري والنووي مع إيران لاعتبارات اقتصادية بالأساس [72].

ويفرز الإحباط الاقتصادي والسياسي العديد من المشكلات الاجتماعية في إيران لعل أهمها مشكلة تعاطى المخدرات، وتزايد ظاهرة الهجرة بين الإيرانيين وخاصة المتعلمين وبالتالي لا يبقى معرضاً للخطر في إيران سوى الطبقات الفقيرة المعدمة. وبالنظر إلى هذه الظروف العصيبة التي يعيشها الاقتصاد الإيراني لذا تقوم الولايات المتحدة باستغلال الفرصة كبيرة للضغط على المنشآت الأجنبية لتقليل وجودها أو حضورها في إيران، حيث قامت الخزانة الأمريكية بتطبيق بعض القواعد الصارمة على نقل الأموال إلى إيران بحجة أنها قد تقع في يد الإرهابيين أو تستخدم لتطوير أسلحة الدمار الشامل. وقد ساهم هذا التوجه في دفع بعض البنوك الكبرى مثل البنكين السويسريين (UBS and Swiss Credit) ومصرف بريطاني كبير هو (HSBC) إلى إصدار تقرير بأن إيران ليست مكاناً ملائماً لجذب الاستثمارات، ولهذا توقفوا عن ضخ استثمارات جديدة داخل إيران. وقد تم التعبير عن هذا التأثير من خلال مصرف كارافارين المملوك للدولة خلال تقريره عن أحوال الاقتصاد الإيراني في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2005. حيث يؤدى الخوف من فرض عقوبات من جانب الأمم المتحدة ضد إيران بسبب استمرارها في عملية تخصيب اليورانيوم إلى التقليل من الثقة في البنوك الإيرانية كشركاء تجاريين دوليين. وتعمل الولايات المتحدة من خلال تطبيق القيود على الصفقات المالية والتجارة مع إيران.

حيث تدعو قرارات مجلس الأمن رقم 1373، 1540 إلى تبنى وفرض المراقبة الفعالة على الأموال والخدمات التي تساهم في انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب. وفي ضوء قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تبين أن إيران انتهكت بالفعل تعهداتها التي تعهدت بها أمام الوكالة الدولية للطاقة.وتوجيه تحذيرات للمنشآت الصناعية حول بعض المواد التي تقدمها لإيران وتقوم الأخيرة بدورها بتحويلها من استخدامها السلمي إلى استخدامات أخرى في إطار برنامجها النووي. تحذير الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية البنوك من بعض المعاملات المالية التي قد تتم تحت مظلتها لصالح إيران. ومن الواضح أن مثل هذه التحذيرات الهادئة التي يمكن أن تكون فعالة بشكل كبير في إقناع الشركات العاملة في إيران بحجم المخاطر الكبيرة المحيطة بها عند العمل داخل إيران. كما أن التحذيرات التي تقدم من خلال الخزانة الأمريكية قد تكون فعالة خاصة بالنسبة لبعض البنوك وبعض الشركات الكبرى العاملة في مجالي النفط والغاز في إيران.

تأثير القيود الاقتصادية

من غير المحتمل أن تكون الأدوات الاقتصادية كافية لإقناع إيران بتجميد برنامجها النووي، فمراكز القوة الرئيسية للسلطة في إيران تكمن في يد المتشددين الذين يضعون العوامل الاقتصادية في آخر سلم أولوياتهم، بينما الذين يهتمون بالعامل الاقتصادي (الإصلاحيين) ليس لديهم دور كاف في عملية صنع القرار في إيران. ورغم أن هناك صعوبة في إمكانية استجابة إيران لهذه الضغوط إلا أن الاحتمال ما زال قائماً خاصة في ظل التجارب السابقة لإيران، حيث أقدمت إيران على تسويات صعبة مثل إنهاء الحرب العراقية -الإيرانية [73].

4ـ الأعمال السرية، ومن مظاهرها:
أ ـ الأعمال التخريبية:
لم تكن التفجيرات والاشتباكات المسلحة التي جرت في مدينة زهدان بجنوب شرق إيران ووقع ضحيتها 11 قتيلاً و31 مصاباً من الحرس الثوري الإيراني كانوا يستقلون شاحنة في النصف الأول من فبراير الماضي، واعترفت جماعة (جند الله) بمسئوليتها عنها، لم تكن هي العمليات التخريبية الأولى التي تقع في المحافظات الحدودية الإيرانية والتي تسكنها أقليات كبيرة غير فارسية العرق. فقد سبقتها عمليات مشابهة كبيرة شملت قتل مسئولين إيرانيين وتخريب منشآت وخطوط نفط بواسطة عناصر انفصالية تتلقى دعماً من جهات خارجية تشير أصابع المخابرات الإيرانية إلى اتهام الولايات المتحدة بالوقوف وراءها، وذلك في إطار حربها السرية غير المعلنة ضد إيران، والتي تستهدف إسقاط نظام إيران. فقد أسفرت التحقيقات التي أجرتها أجهزة الأمن الإيرانية عن اعتراف المعتقلين في أحداث زهدان بتورط جهات أجنبية في هذه العمليات.

وتشير التقارير الصحفية أن وزارة الخارجية الأمريكية خصصت مبلغ 200 مليون دولار لاختلاق أزمة طائفية في إقليم خوزستان الواقع جنوب غرب إيران، وتحويله إلى ما يشبه ما يحدث في إقليم دار فور بالسودان، وذلك من خلال دفع سكانه المكونين من غالبية عرب سنة للتمرد على الحكومة المركزية في طهران، والمطالبة بالاستقلالية في إدارة شئون منطقتهم في إطار نظام فيدرالي. وتضيف هذه التقارير أن الخطة التي وضعها مركز الدراسات الاستراتيجية في البنتاجون، وكُلفت وكالة المخابرات المركزية بتنفيذها، وأضافت أيضاً أن قيادات هذه المنظمات ستعمد إلى إعادة تفعيل إعلانها السابق بتشكيل حكومة مؤقتة، على أن يرافق ذلك تحديد برنامج عمل واضح يأتي في سلم أولوية تنفيذ انتخابات حرة ونزيهة تفسح المجال أمام إنشاء دولة في الأهواز يتم الاعتراف الدولي بشرعيتها فور إعلانها.

وكانت مجلة (نيويوركر) الأمريكية قد كشفت النقاب عن أن وزارة الدفاع الأمريكية قد شكلت لجنة خاصة للتخطيط لشن هجوم على إيران خلال 24 ساعة من تلقى الأوامر بذلك من الرئيس بوش، وأن مجموعة التخطيط التي شُكلت داخل مكتب رئاسة هيئة الأركان المشتركة، وكانت تركز في البداية على تدمير المنشآت النووية فقط، ثم إعادة توجيهها في الآونة الأخيرة لتحديد الأهداف داخل إيران، خصوصاً من يقومون بتقديم الدعم والمساندة للمتمردين في العراق ليكونوا ضمن الأهداف التي سيتم قصفها عندما يتقرر ذلك، بهدف نهائي هو إسقاط نظام حكم الملال في طهران، وهو ما يتطلب في المخطط الأمريكي إثارة الحركات والمنظمات الانفصالية ضد هذا النظام، ودعمها مالياً وتسليحياً.

وفي لندن كشفت تقارير مخابراتية النقاب عن معلومات تشير إلى قيام واشنطن بتحويل عمليات لنشر الفوضى ودعم الجماعات المسلحة المعارضة لنظام الحكم في إيران بهدف الضغط على هذا النظام لوقف ما تراه واشنطن طموحات نووية غير مشروعة، وقد أكد هذه المعلومات ضابط سابق في المخابرات المركزية الأمريكية عندما قال: إنه لم يعد سراً كبيراً أن CIA تمول الجماعات الانفصالية العرقية المسلحة المنتشرة في مناطق الحدود الإيرانية وقد أشارت صحيفة صانداي تايمز اللندنية في 25/2/2007 إلى أن جماعات الأكراد في غرب إيران، والأذربيين في الشمال الغربي، والأهواز العرب في الجنوب الغربي، والبلوش في الجنوب الشرقي نفذوا عدة عمليات تخريبية ضد نظام الحكم في إيران بتحريض وتخطيط وتمويل من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية. ونقلت الصحيفة عن فريد برتون مسئول مكافحة الإرهاب السابق بوزارة الخارجية الأمريكية قوله: إن الهجمات الأخيرة في إيران تتناغم مع الجهود الأمريكية لإمداد وتدريب الأقليات العرقية في إيران لزعزعة استقرار النظام الإيراني.

ولم تكن الأحداث التخريبية التي وقعت داخل إيران في الشهور الأخيرة وليدة مخططات أمريكية جديدة رداً على الخسائر الأمريكية الجسيمة التي وقعت مؤخراً في العراق، بل امتداداً لخطة سابقة وضعتها إدارة بوش في بداية عام 2005، بدأت ملامحها تظهر في أبريل من ذلك العام عندما اندلعت ما أطلق عليه انتفاضة عرب الأهواز، وهو ما أثار الذعر في الدوائر الحاكمة في طهران بعدما فوجئوا بها لأن أنظارهم وهواجسهم كانت تركز على مخطط غزو عسكري أمريكي أو إسرائيلي، فكانت المفاجأة أن الضربات جاءتهم من الداخل عندما نقلت واشنطن المعركة إلى قلب الأراضي الإيرانية، وقررت أن تدعم حركات المعارضة الداخلية والمطالبة بالانفصال عن إيران باسم الدفع نحو تعزيز الديمقراطية، وبهدف رئيسي هو الإطاحة بنظام الحكم في إيران، وذلك وفق استراتيجية الثورات الشعبية التي وقعت في جورجيا وأوكرانيا وقرغيزيا وأطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها.

ب-إشعال ثورة الأقليات داخل إيران:
تستند الخطة الأمريكية في شكلها الأساسي إلى استغلال الاختلافات العرقية والمذهبية المتواجدة في المحافظات الإيرانية الحدودية، وما آلت إليه من سوء أحوال سكان هذه المحافظات على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في إثارة الاضطرابات ضد السلطات الإيرانية في هذه المحافظات وبما يؤدى بها إلى التورط في صرا عات داخلية (إيرانية – إيرانية) يُجبر حكومة طهران على الانكفاء على ذاتها لإخماد هذه الاضطرابات، وبذلك تبتعد عن التدخل في العراق ومناطق أخرى من الشرق الأوسط، من ذلك أقلية البلوش في الجنوب الشرقي، والأكراد في الشمال الغربي من إيران. ويشكل تحالفهم مع الأمريكيين في العراق ومع إسرائيل هاجساً قوياً لحكام طهران، الذين اتهموهم بالعمالة وأنهم يساعدون جواسيس الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية على التسلل إلى داخل إيران، وأن فصائل كردية في العراق تتحالف مع الأمريكيين تتولى تهريب السلاح إلى حركات انفصالية كردية في إيران، وأن هؤلاء أقاموا معسكرات تدريب في مناطقهم وبدأوا في تنظيم أنفسهم لمواجهة مسلحة مع النظام الإيراني على خلفية مطالب بالاستقلال الذاتي وبحقوق وامتيازات على غرار ما حصل عليه أكراد العراق. وفى شمال إيران تخشى طهران من الانتفاضة الأخطر على أيدي الآذربيين في المنطقة المتاخمة لأذربيجان

ج -تنشيط منظمة مجاهدي خلق
ولا يقتصر المخطط الأمريكي لإثارة الاضطرابات داخل إيران على ذلك، بل إن هناك جانباً مهماً في هذا المخطط يختص بجماعة مجاهدي خلق المعارضة (15 ألف عنصر مقاتل) والتي تقيم حالياً في معسكر أشرف بالعراق تحت السيطرة الأمريكية. كما ظهر لوبي داخل الولايات المتحدة يطالب برفع مجاهدي خلق من لائحة الإرهاب الأمريكية، بل والتعاون معها على طريقة تعاون واشنطن مع التحالف الشمالي في أفغانستان الذي ساعد في الإطاحة بنظام حكم طالبان، كما أشارت التقارير إلى أن وحدات من مجاهدي خلق تقوم منذ عام 2005 باختراق الحدود الإيرانية بمساعدة وحدات خاصة أمريكية، لرصد وتصوير المنشآت النووية والأهداف الاستراتيجية ذات الأهمية الخاصة، هذا إلى جانب الاتصال بالمعارضة في الداخل وأثارة الرأي العام داخل إيران.

وفي الوقت الحالي، وبينما إدارة بوش لا تتحدث بشكل مفتوح عن تغيير النظام بالقوة، فإنها لا تزال تمارس جهدا متعاظما في دعم جماعات المعارضة، إضافة لتقديم دعم مالي يبلغ 75 مليون دولار لبرنامج الغرض منه دعم محطات الإذاعة والتليفزيون التي تستهدف الجمهور الإيراني. أيضا تعمل الولايات المتحدة للحصول على الدعم لاتخاذ موقف حاسم في مجلس الأمن، حتى وإن كانت إيران في الوقت الحالي ليست في وضع انتهاك لمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقا لشروط معاهدة حظر الانتشار النووي [74].

كما تقوم الولايات المتحدة بدعم الإصدارات الإعلامية التي تصدرها المعارضة، وتنظيم جهودها في هذا الشأن، وترى إن مثل هذه البرامج ينبغي أن تكون معزولة ومنفصلة تماماً عن الجهود المعلقة والمعروفة التي تبذلها الولايات المتحدة لمناهضة النظام الإيراني. وتقوم واشنطن شن حملة دبلوماسية لمخاطبة الداخل الإيراني تشرح للشعب الإيراني كيف أن سياسات نظام المتشددين الحاكم في إيران أضرت باقتصادهم ومصالحهم القومية ويتداول الكونجرس الآن حول إصدار قانون الحريات والدعم الإيراني لعام 2005 الذي سوف يخول لواشنطن تقديم هذه المساعدات، ويحكم الخطر الاقتصادي على إيران، وهو القانون (H.R.282 and S.333) [75].

د-الدور الإعلامي في الخطة الأمريكية:
كما تستند الخطة الأمريكية أيضاً وفى شكل أساسي على تعبئة الرأي العام الإيراني في الداخل، والاعتماد على الطلاب والشباب والقوى الإصلاحية في الثورة ضد النظام الحاكم. فبينما خصص الكونجرس 75 مليون دولار لدعم الديمقراطية في إيران، فقد تم أيضاً إنشاء مكتب داخل القنصلية الأمريكية في دبي يضم 10 دبلوماسيين أمريكيين لإجراء حوارات مع معارضين إيرانيين في المنفى. كما سبق للكونجرس أن وافق على مشروع دعم حرية إيران والذي خصص 50 مليون دولار لإنشاء قناة تلفزيونية (آزاد -حرة) موجهة إلى إيران باللغة الفارسية تحت إشراف (لبز تشيني) مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية، والمكلفة بملف نشر الديمقراطية في بلدان الشرق الأوسط. وكان الكونجرس الأمريكي قد وافق في السابق على صرف ميزانية إضافية لدعم المعارضة الإيرانية بمبلغ ثلاثة ملايين دولار، كما طلب من هيئة الإعلام الأمريكي البحث في وسائل إضافية لدعم البث الإذاعي والتليفزيوني، وتطعيم إذاعة (فاردا -الحرية) التي تبث على مدارس الساعة بالفارسية بوسائل جديدة تضاف بدورها إلى عمليات دعم الفضائيات الإيرانية التي تبث من الولايات المتحدة وتستهدف الجاليات الإيرانية في العالم. والمعروف أن واشنطن كانت قد رصدت في الفترة من عام 2000 إلى 2005 أكثر من 20 مليون دولار للبث في اتجاه إيران، وأكثر من 100 مليون دولار لاستخدامها خلال تلك الفترة لتأليب المعارضة الإيرانية ولتفجير النظام من الداخل، وإقامة مؤتمرات وطنية للمعارضة تضم معظم التنظيمات الإيرانية المعارضة، ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، ومؤسسات غير حكومية، وكانت واشنطن قد شهدت في منتصف عام 2005 مؤتمرا من هذا النوع.

وتشمل الخطة الأمريكية حملة إعلامية دولية لتشويه صورة إيران وفضح ممارسات نظامها في قضايا حقوق الإنسان والإرهاب وتهديد الأمن الإقليمي والعالمي، سواء عبر الاستمرار في البرنامج النووي أو دعم منظمات تتهمها واشنطن بالإرهاب مثل: فيلق القدس وحزب الله وحماس والجهاد. إلى جانب إيواء رموز من القاعدة وعناصر لها يقدر عددها بحوالي 300 مسلح، وأنهم يرسلون بأوامر من هناك لتنفيذ عمليات إرهابية في عدة دول عربية وإسلامية وأوروبية [76].

وأخذت حملة الدعاية الأمريكية والإسرائيلية في تضخيم المخاوف من التسليح النووي الإيراني في الساحة الدولية، واستطاعت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية جعل التهديد الإيراني موضوعاً خطيراً لا يؤرقها فحسب بل يؤرق روسيا والدول الأوروبية، والوكالة الدولية للطاقة، التي تمارس الآن ضغطاً لم يسبق له مثيل على إيران حتى لا تواصل النشاط الذى يمكنها من تجاوز الخط النووي المسموح به.وتصر الولايات المتحدة على موقفها الداعي إلى ضرورة منع إيران من مواصلة السعي لتصنيع سلاح نووي، وهذا ما أعلنه “جون بولتون” مساعد وزير الخارجية الأمريكي خلال لقاء أجراه في يوم الأحد 12 سبتمبر 2004م، مع وزير الخارجية الإسرائيلي “سيلفان شالوم”، حيث قال: “إن الرئيس بوش مصمم على إيجاد حل سلمى للمشكلة الإيرانية، ومع ذلك فنحن مصرون على ألا تكون للإيرانيين القدرة على امتلاك أسلحة نووية”.. ويعد هذا أوضح وأشد إنذار يوجه ضد إيران في الآونة الأخيرة من مسئول أمريكي رفيع المستوى [77].

وفي هذا الإطار ذكرت صحيفة ذي غارديان إن إيران وسوريا وقعتا أمس اتفاق دفاع مشترك للتصدي للمخاطر التي تواجههما، مشيرة إلى أن من شأن تلك الخطوة زيادة التوتر في الشرق الأوسط. وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تعتبر كلتا الدولتين طرفين في محور الشر، مضيفة أن إيران تتعرض لضغوط متزايدة بسبب برنامجها النووي بينما ازدادت الضغوط على سوريا هذا الأسبوع على إثر اغتيال الحريري،

وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تكثف جهودها في الوقت الحاضر من أجل فرض عقوبات دولية ضد كل من إيران وسوريا [78].

المبحث الثاني: دور مؤسسات صنع السياسة الخارجية الأمريكية
أولاً: دور الرئيس الأمريكي:
جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال قمة آيبك محذرة من خطورة نوايا إيران النووية على السلم والأمن إقليمياً ودولياً، وفى حديث الرئيس بوش مع محطة إن بي سي التليفزيونية الأمريكية بعيد حفل إعادة تنصيبه لولاية ثانية أشار إلى أن إدارته تضع نصب أعينها كافة الخيارات في التعاطي مع الملف النووي الإيراني وأنها مستعدة للجوء إلى القوة في حالة ما إذا فشلت الطرق الدبلوماسية،، وإلى أبعد من ذلك ذهب نائبه “ديك تشيني” حينما ألمح إلى أن بلاده لا تستبعد إقدام تل أبيب على القيام بعمل عسكري منفرد ضد مواقع محددة داخل إيران لإجهاض مساعيها لإنتاج السلاح النووي [79].

وكانت مفاجأة بوش التي أربكت حسابات كافة المراقبين هي الاتفاق النووي بين واشنطن

ونيودلهي، والذي كشف بما لا يدع مجالا للشك عن محاولة أمريكية لزعزعة استقرار المنطقة، وخلخلة التوازن الاستراتيجي الهش بين الهند وباكستان، إضافة إلى ضرب العمق الصيني بوصف بكين المارد القادر على تهديد عرش الإمبراطورية الأمريكية مستقبلا، وكذلك إكمال حلقة محاصرة إيران من الشرق تمهيدا لضربة عسكرية إجهاضيه للمشروع النووي. وفي هذا السياق لا يمكن فصل جولة الرئيس الأمريكي جورج بوش عن جولة وزيرة خارجيته كونداليزا رايس في منطقة الشرق الأوسط، وذلك تحت عنوان رئيسي مفاده محاصرة “الخطر الأخضر” أو ما تسميه واشنطن إعلاميا “الحرب ضد الإرهاب” الذي هو إسلامي بالطبع في إطار صراع الحضارات، ولعل إيران هي الهدف الأقرب في سلسلة الأهداف التي حددها المحافظون الجدد للقضاء علي الخطر الإسلامي بعد أفغانستان والعراق، وهي كذلك الهدف الأبرز لجولة بوش ورايس ومحاولة منعها من امتلاك التكنولوجيا النووية الإسلامية’، ولعل الاتفاق النووي الهندي الأمريكي هو الحلقة الأولى لتطويق الشرق الإيراني والضغط علي النظام العسكري في باكستان لقطع خطوط اتصاله مع طهران

وتأتي في هذا السياق جولة الرئيس الأمريكي جورج بوش الآسيوية في ظل التحركات الأمريكية الرامية إلى محاصرة إيران وضرب مشروعها النووي بأي ثمن. [80]

وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسمح بامتلاك إيران أسلحة نووية، قال بوش: “إن العالم الحر لا يمكن أن يسمح لإيران بأن تملك سلاحا نوويا، وأضاف أن العالم الحر بما فيه الولايات المتحدة يقف متحدا ليقول للإيرانيين “إن خططكم للحصول على سلاح نووي أو رغبتكم في تحقيق القدرة على امتلاك سلاح نووي غير مقبولة”. وأضاف بوش الخطاب موجها إلى فريقين، أحدهما هو الحكومة، ثم الشعب أيضا. وأوضح بوش رسالته إلى الشعب الإيراني بقوله “إننا لا نريد أن نفرض عليكم أسلوب حياتكم، لكننا نريدكم أن تكونوا أحرارا. نريد لكم أن تكونوا قادرين عن التعبير عن أنفسكم علنا دون خوف من الانتقام”.

أما بالنسبة للحكومة الإيرانية فقال بوش إن الرسالة التي يوجهها إليها فهي أنها “إذا أرادت أن تكون جزءا من الأسرة الدولية يجب عليها أن تتخلى عن طموحاتها بالنسبة للسلاح النووي”. وأضاف أن “كل الخيارات يجب أن تبقى مفتوحة، وآخر الخيارات هو الخيار العسكري. إذ علينا أن نبذل جهدنا ونستنفد كل وسائلنا الدبلوماسية[81].

ويكرر الرئيس الأمريكي جورج بوش عبارات الدعم للمعارضة الإيرانية وانتقاد الجمهورية الإسلامية، في صيف عام 2003 حيث شهدت طهران أحداث شغب كبرى عبر بوش عن دعمه لاستخدام المتظاهرين القوة لتحقيق الإصلاح [82].

في شهر فبراير 2006، تعهد الرئيس الأمير كي جورج بوش مجددا بأن تحول بلاده دون أن تتمكن إيران من تطوير أسلحة نووية، واتهمها بأنها الدولة الأولى الداعمة للإرهاب. وصرح الرئيس بوش في كلمة ألقاها بواشنطن في شهر فبراير الماضي 2006، بأن النظام الإيراني دعا إلى تدمير إسرائيل حليفة بلاده، وهو يتحدى العالم بسعيه لامتلاك أسلحة نووية [83]

وفي إطار المشاورات الدبلوماسية المكثفة أجرى الرئيس الأمريكي عدة اتصالات هاتفية مع عدد من الزعماء الأوروبيين تناولت الأزمة الإيرانية، كما رفض البيت الأبيض والخارجية الأمريكية فكرة استئناف المفاوضات بين الترويكا الأوروبية والإيرانيين قبل اجتماع الوكالة الدولية للطاقة النووية بالرغم من المبادرات التي قدمتها طهران في هذا الصدد [84].

وفى تصريح للرئيس بوش قال فيه “من المنطقي أننا لابد من أن نوقف من يريد الإساءة إلى قواتنا بالعراق ويحاول أن يوقفنا عن تحقيق هدفنا ومن يحاول قتل الأبرياء، وإن التصعيد الإيراني العسكري ضد قواتنا في العراق والشعب الإيراني البريء سوف نرد على ذلك بحزم )[85](.

وأن العراق أصبح ساحة للحرب بالوكالة بين واشنطن وطهران، والذي يشكل تحديا” بالغا” ومقلق للهيمنة الأمريكية في الخليج )[86](.

واشنطن تتحرك لاستصدار قرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع

ما أن تسلم أعضاء مجلس الأمن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أكد فيه مدير الوكالة محمد البرادعي أن إيران تواصل وتصر على استمرار برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو ما يشكل انتهاكا لطلب مجلس الأمن حتى سارع “جون بولتون” السفير الأميركي إلى تأكيد الحاجة إلى قرار يتصرف وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وأوضح بولتون قائلا “إنه من الواضح من التقرير أن إيران لم تفعل أي شيء لتنفيذ قرارات مجلس محافظي الوكالة ولطلبات مجلس الأمن لوقف أنشطتها النووية”.

وشدد بولتون على القول إن واشنطن تستعد إلى مشاورات من أجل اعتماد قرار من قبل مجلس الأمن لكي يلزم طهران على تنفيذ قرارات الوكالة الدولية ومجلس الأمن وفق القانون الدولي [87].

وكان لتقرير محمد البرادعي مدير وكالة الطاقة الذرية الذي قدم الى مجلس محافظي الوكالة قبل يومين من انتهاء المهلة، وكان مجلس الامن الدولي حدد مهلة مدتها 30 يوما انتهت في28\4\2006، لالتزام إيران بالمطالب الدولية بوقف انشطة تخصيب اليورانيوم التي تؤدي إلى إنتاج الوقود النووي الذي يمكن استخدامه في انتاج القنابل النووية. وقال إن إيران لم تلتزم بمهلة الأمم المتحدة، وأن إيران تواصل وتصر على استمرار برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو ما يشكل انتهاكا لطلب مجلس الأمن ويفتح الباب امام تصعيد دولي واحتمال فرض عقوبات على طهران.

وفي أول رد فعل له قال الرئيس الاميركي جورج بوش إن «رغبة إيران بامتلاك أسلحة نووية هي رغبة خطيرة» إلا أن الجهود الدبلوماسية ستبذل لإيجاد حل سلمي للخلاف حول الملف النووي الإيراني. وصرح بوش في البيت الأبيض «من المهم جدا أن يفهم الإيرانيون أن هناك رغبة مشتركة لدى الكثير من دول العالم لإقناعهم ـ سلميا ـ بأن عليهم أن يتخلوا عن تطلعاتهم بامتلاك أسلحة وأن تعنت الحكومة الإيرانية غير مقبول» [88].

ثانياً: دور وزارة الخارجية:
أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول إلى البرازيل اتهم إيران بالسعي نحو امتلاك أسلحة الدمار الشامل من خلال برنامج سرى لتخصيب اليورانيوم من أجل تزويد صواريخها الباليستية متوسطة المدى برؤوس نووية، وفى ذات السياق جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي نفسه جورج بوش خلال قمة آيبك بعد ذلك بأيام أيضا محذرة من خطورة نوايا إيران النووية على السلم والأمن إقليمياً ودوليا [89].

وفي خطاب نائب وزير الخارجية الأمريكية أمام مجلس الشيوخ في28 أبريل 2004 تم شرح جوانب السياسة الأمريكية تجاه طهران بأنها متورطة في العديد من السياسات الهدامة، من حيث حقوق الأنسان، وبرامج الأسلحة النووية ودعم الأنشطة الإرهابية، والتدخل في السياسات الإقليمية وعلى الأخص في عملية السلام العربية الإسرائيلية، وهوما يؤثر على الاستقرار في المنطقة وله أثار على أمن الولايات المتحدة والأمن الدولي وسوف نتخذ الإجراءات الضرورية لحماية المصالح الأمريكية [90].

وترافق مع ارتفاع حدة التصعيد في الخطاب السياسي الرسمي للإدارة الأمريكية، ففي حفل تنصيب كونداليزا رايس وزيرة لخارجية الولايات المتحدة في يناير 2005 اعتبرت إيران ضمن أهم مواقع الطغيان المتقدمة في العالم، وبلهجة أكثر حدة توالت تحذيراتها لطهران من استخدام واشنطن لوسائل غير دبلوماسية للحيلولة دون إنتاج الإيرانيين للسلاح النووي.

وصرحت “كوندوليزا رايس” في مقابلة نشرتها مجلة “لوفيجارو ماجازين” الأسبوعية الفرنسية: “بأن حل مسألة البرنامج النووي الإيراني دبلوماسياً أمر ممكن، لكن شريطة أن تلتزم طهران بوعودها في هذا الشأن وتسمح للمراقبين الدوليين في التثبت من أهداف برامجها النووية ميدانياً ودون قيود”. وحذرت بأنه “ينبغي على الإيرانيين أن يدركوا أنه إذا لم يفوا بتعهداتهم، فإن المجتمع الدولي على استعداد لحملهم على المثول أمام مجلس الأمن الدولي”.

وشدد السفير الأمريكي على أنه لا يمكن للوكالة أن تتجاهل التزامها القانوني باطلاع مجلس الأمن الدولي على الملف الإيراني لكن دبلوماسيين غربيين في مجلس المحافظين استبعدوا أن تلجأ الوكالة إلى مثل هذا الإجراء [91].

وقامت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس بجولة أوروبية في أكتوبر2005، نجحت رايس خلالها في حشد الدعم الأوروبي لموقف بلادها المتشدد حيال طهران حتى أن تونى بلير هاجم إيران محذرا إياها من مغبة التهوين من شأن الغضب الدولي جراء عنادها وإصرارها على المضي قدما في برنامجها النووي، ملوحا بعدم تورع كل من لندن وباريس عن إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي والسير في ركاب الولايات المتحدة، الأمر الذي أسهم بدوره في دفع طهران باتجاه الإعلان عن استعدادها لاستئناف المفاوضات من أجل تسوية أزمتها النووية بغية الحيلولة دون رفعها إلى مجلس الأمن الدولي. وفي سياق مواز، قامت رايس أيضا بجولة مماثلة إلى الشرق الأوسط في شهر فبراير 2006، في جولة زارت خلالها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات، سعياً إلى الحصول على دعم عربي لإحكام الطوق حول إيران، ومن ثم حملها على الإذعان للنداءات الدولية بتجميد برنامجها النووي [92].

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قد وصفت إيران، في16/3/2006 اليوم نفسه الذي ألقى فيه الرئيس الأميركي “بوش” التقرير الجديد لاستراتيجية الأمن القومي الأميركي، بأنها “من دون شك نوع من بنك مركزي للإرهاب” [93].

وفي تصريحاتها التي أطلقتها في فبراير 2006 أمام حشد من مسئولي الإدارة واللوبي اليهودي، أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس على أن الطريق نحو استخدام بلادها الخيار العسكري ضد طهران لا يزال طويلا، غير أن واشنطن تتمتع بمصداقية وجدية لا تقبلان الشك في استعدادها للجوء إليه على نحو يجعل من هذا الخيار دائما مطروحا وغير مستبعد على الإطلاق [94].

وقد شملت التحركات الدبلوماسية الأمريكية اتصالات واجتماعات أجرتها وزيرة الخارجية كونداليزا رايس مع وزراء خارجية الترويكا الأوروبية في لندن، والاتحاد الأوروبي، وأعضاء مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة النووية ومديرها د. محمد البرادعى، وسكرتير عام الأمم المتحدة كوفي أنان، واتهمت طهران بأنها تفضل المواجهة مع المجتمع الدولي على المفاوضات والتعاون، وطالبت بإرسال رسالة قوية إلى طهران قائلة: هناك العديد من الخيارات المتاحة أمام المجتمع الدولي عند إحالة القضية إلى مجلس الأمن، وأكدت في الوقت نفسه أن جميع خيارات التعامل مع إيران مطروحة أمام الرئيس بوش رغم تفضيله للحل الدبلوماسي.

كما طالبت مع وزيرة خارجية الولايات المتحدة كونداليزا رايس على عقد اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة خلال الأسبوع الأول من فبراير 2006 لبحث الملف النووي الإيراني، مع توصية بإحالته إلى مجلس الأمن. وفى هذا الإطار تم يوم 17 يناير عقد اجتماع موسع في لندن، ضم بجانب وزراء الترويكا الأوروبية وزراء خارجية روسيا والصين والولايات المتحدة، طالبت فيه الوزيرة الأمريكية بضرورة تشكيل تحالف دولي يواجه إيران، ويفرض عليها عقوبات بموجب قرار من مجلس الأمن. إلا أن هذا الاجتماع لم يسفر عن تحقيق إجماع بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، حيث رفضت كل من روسيا والصين التعجيل بفرض عقوبات على إيران [95].

آدم بيرلي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية:

قال إن أميركا تدرك أن إيران مثل عراق صدام حسين، فهي في خداع مستمر، تقوم بشيء وتقول شيئا أخر. وأضاف في تصريحات لـ “الشرق الأوسط”: لقد وجدناهم يكذبون، وقد آثرنا قضية ضدهم، وفي الاجتماع الأخير قلنا لهم أن نشاطكم لا يتماشى مع التزاماتكم، ويجب أن نبلغ مجلس الأمن بذلك”. وأكد المتحدث باسم الخارجية الأمير كية أن الحل لقضية إيران، هو الإجابة على أسئلتنا والرجوع إلى الطريق الصحيح، في مفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأنها مشكلة دبلوماسية، ويجب أن نتعامل معها طويلا لإقناع إيران أو عزلها، لكننا نريد دورا جيدا لإيران، فهم يتذرعون بامتلاك الهند والباكستان للسلاح النووي، لكن هذا لا يبرر أن لديهم نشاطات عسكرية وأن السلاح النووي غير جيد ويخيف دول الخليج ودول الجوار لإيران، موضحا أن لإيران حقا شرعيا بالدفاع عن نفسها، لكنه قال “جدلنا ليس لتطوير السلاح النووي، وإنما للسلام”. وندد بالتدخل الذي تقوم به سورية وإيران في الشأن العراقي وقال “أن موضوع إيران صعب وشديد التعقيد، أما موضوع سورية فله أشياء محدودة وليس لديهم نفس أهداف الإيرانيين، لكن إيران تدعم الميليشيات ولديها استعدادات عسكرية” [96].

كما نشرت صحيفة “واشنطن بوست” في عددها الصادر يوم 12 يناير 2005م، تحت عنوان “السياسة الصحيحة تجاه إيران” دافع “باتريك كلا وسون” نائب رئيس إدارة سياسة الشرق الأوسط بواشنطن عن النظرية التي يجب على أمريكا بموجبها أن تثق في رئاسة الاتحاد الأوروبي تجاه إيران، وإن تحذر من اتخاذ سياسة أحادية الجانب. وقال: “إن أي خطوة أمريكية أحادية الجانب تجاه إيران ستعوق الجهود المبذولة من أجل منع إيران من التحرك نحو الأسلحة النووية”.

ويرى “كلاوسون” أنه نظراً لعدم الثقة في العلاقات الإيرانية الأمريكية، فإن وضع أوروبا يكون أفضل وكلا البلدين يثقان فيها أيضاً. وفى نفس الوقت يرفض البعض بأنه على أمريكا أن تعطي لإيران امتيازات في مقابل أن ترفع هذه الدولة يدها عن البرنامج النووي ومساندة الإرهاب في العراق وأفغانستان.

وصرح جون بولتون مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون التسلح والأمن الدولي أن القدرات النووية الإيرانية قد تغير من إدراك التوازن العسكري في المنطقة وتضع تحديات جدية للولايات المتحدة فيما يخص الصد والدفاع. أحد هذه التحديات هو احتمال بروز قوى نووية متعددة في الشرق الأوسط المتقلب بالفعل. نتيجة مثل هذا السيناريو تتوقف على قدرة ومصداقية الإمكانيات الاستراتيجية الأمريكية، بالإضافة للردع النووي. أخيرا، إذا قررت دول المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية ومصر، أن ضمانات الأمن الأمريكية غير كافية، قد يغريها ذلك أن تحصل على أسلحه نووية. وبذلك تنقص مصداقية سياسة الردع الأمريكية الموسعة في الشرق الأوسط [97].

وأكد نيكولاس بيزنر وكيل وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تملك أدلة قاطعة بأن إيران تزود مقاتلي طالبان في أفغانستان بالأسلحة واتهمتها بأنها تعمل ضد قرار مجلس الأمن 1747 الذي يفرض حظرا” على تصديرها للأسلحة، وتقوم بذلك في لبنان وغزة وأفغانستان والعراق [98].

نظرا” للتوجهات الدينية لإيران والأيدلوجية التي تتبناها مع الفرق الدينية والأقليات القومية والعرقية الموجودة بإيران، سعت الدول الغربية أن تمارس ضغوطا” شديدة على إيران من خلال تنسيق استراتيجيتها وسياستها الإعلامية في هذا الشأن، ففي القرار الذي أصدرته لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أعربت اللجنة عن القلق بشأن التعامل مع الأقليات الدينية الموجودة بإيران مثل “البهائية” ووضع حقوق الإنسان بإيران تحت رقابة خاصة وتعيين ممثل لبحث هذا الشأن وصدر هذا القانون في فعاليات الجلسة الأربعين للجنة حقوق الإنسان عام 1985، و نص هذا القرار على إرسال مبعوث خاص لبحث أوضاع حقوق الإنسان في إيران[99].

بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1747 بشأن وقف برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم بدأت الولايات المتحدة مرحلة جديدة وهي مرحلة الخيارات المحتملة التي تحاول أمريكا أن تسلكها لتقويض جهود إيران النووية وذلك من خلال ثلاثة محاور:

1ـ الإجراء العسكري بهدف إيقاف الأنشطة النووية لإيران وزيادة تكلفتها في حالة تملكها لها: ويرى المحافظون الجدد أن الخيار العسكري سيكون أفضل إجراء ضد إيران، ويعتقدون أن إيران النووية سيكون التعامل معها عسكريا” في المستقبل أمرا” صعبا” وبتكلفة باهظة. ولهذه الرؤية معارضيها في الداخل والخارج لأن بعض المحللين يرون أنه في حالة اتخاذ الأجراء العسكري تجاه إيران ستفقد الولايات المتحدة التحالف الدولي وستواجه تحديات جمة في شرعية هذا الأجراء الذي ستعارضه كل الساحة الدولية، من ناحية أخرى فإن الإجراء العسكري ضد إيران سيؤدى إلى تسريع البرنامج الإيراني وتقوية المتشددون داخل إيران، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط والعراق وتعرض المصالح والقوات الأمريكية للخطر.

2ـ تعامل الغرب مع إيران، وإلزامها بالتوقف عند هذه الدرجة من التخصيب، وهو يعنى قبول إيران نووية ولكنه نوع من الحزم في التعامل مع إيران: هذا الأجراء سيكون بهدف تحزيم إيران وقمعها وهو موضع دعم الاتحاد الأوروبي والاوساط السياسية المعتدلة في الولايات المتحدة، تجد هذه الرؤية أيضا” معارضة من قبل التيار المتشدد في الولايات المتحدة لأن باعتقادهم أن هذا الأمر يسمح لإيران أن تدخل مصاف الدول النووية وهوما يمثل خطرا كبيرا على الهيمنة و المصالح الأمريكية في المنطقة على المدى البعيد، وقد صرح “ديك تشيني” بأن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بأن تتحول لقوة نووية في المنطقة.

3ـ أن استمرار الضغوط الأمريكية عن طريق مجلس الأمن والحفاظ على التحالف الموجود في الصدام مع البرنامج النووي الإيراني: هذا الخيار هو دعم وزارة الخارجية الأمريكية وهو استمرار السعي والضغوط من قبل مجلس الأمن ومتابعة أعمال الحظر عن طريق حلفاء الولايات المتحدة وهو الخيار الذي سيعطى الولايات المتحدة الشرعية القصوى في المواجهة مع إيران، وهو من ناحية أخرى سيحظى بدعم الدول العربية في المنطقة، وقد أشار “نيوكلاس إبرامز” مساعد وزير الخارجية الأمريكية إلى العمل أيضا على وجود اختلاف وجهات النظر في الداخل الإيراني وهو يترك تأثيرا إيجابيا لمصالح الولايات المتحدة داخل إيران وسيعمل على زيادة الضغوط الاقتصادية في إيران، وسيثير المتشددون ضد الملف النووي في إيران مما يكون نتيجته تغيير السلوك الإيراني وتقوية الاعتدال في هذه الدولة ويؤدى إلى تقليل نفقات الولايات المتحدة [100].

ثالثاً: وزارة الدفاع:
أعطى العسكريون في البنتاجون مزيدا من الاهتمام لاحتمال إمكانية القيام إسرائيل بعمل عسكري ضد نظام طهران، وقد كانت اللحظة الموحية بهذا الأمر عندما ناقش رئيس الأركان الإسرائيلي السابق موشيه يعلون علانية خيار القيام بعمل إسرائيلي أمريكي مشترك ضد إيران. وعقب فوز نجاد شنت الإدارة الأمريكية هجوما لاذعا”على نجاد، واتهم وزير الدفاع الأمريكي دونالد رمسفيلد نجاد بأنه ليس صديقا للديمقراطية، وليس صديقا للحرية، وتوقع حدوث ثورة شبابية ونسائية بإيران ضد نجاد وضد الزعماء الدينيين في إيران. [101]

وأن التعليقات المتداولة هذه الأيام أن الموقف الحالي مشابه بدرجة كبيرة للذروة التي سبقت بداية حرب العراق في 20 مارس 2003، لكن بينما اللغة الموحية بالحرب أو المتعلقة بها لم تبلغ بعد لمدى مساوي لتلك السابقة لحرب العراق، فإن غياب أحد أهم الكوابح على السياسة الأمريكية يشكل عاملا أساسيا تفتقده المناقشة في الوقت الحالي، وهذا العامل يختص ويتعلق بوزارة الخارجية الأمريكية [102].

وفي هذا السياق أعلن وزير الدفاع الأمريكي “ويليام بيرى” أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء تحول إيران إلى إحدى الدول العظمى في المجال النووي، وأشار إلى أن إيران تحشد قوات كبيرة في الجزر المطلة على مضيق هرمز، الذي يمر به أكثر من ثلث صادرات النفط في العالم، وأن هذه الحشود تملك أسلحة كيميائية وبيولوجية تهدد الملاحة في الخليج، وأشار إلى أن التهديد الإيراني يجعل الوجود الأمريكي في المنطقة ضرورياً ة هذا الخطر.

وتهدف السياسة الأمريكية تجاه إيران إلى تحجيم إيران ومنعها من تهديد المصالح الأمريكية والغربية، كذلك تعزيز ارتباطها بدول مجلس التعاون الخليجي عسكرياً واقتصادياً، من خلال التهويل بحجم التهديد الإيراني، وبما يمثل مكسباً للولايات المتحدة لضمان استمرار سيطرتها على منطقة الخليج بصفة دائمة [103].

لذا تقوم الولايات المتحدة بإحكام حلقة الحصار حول إيران فوجود القوات الأمريكية بكثافة في الخليج يحقق للولايات المتحدة سهولة توجيه ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية فيما لو شعرت بأن البرنامج قد وصل إلى درجة متقدمة يحتمل بعدها امتلاك سلاح نووي [104].

وفي شهر يناير 2005، وقبيل حفل تنصيب الرئيس بوش بأيام قلائل نشرت مجلة نيويوركر الأمريكية تقريراً لمحررها سيمور هيرش يشير إلى أن إيران ستكون هي الهدف المقبل للحرب الأمريكية ضد الإرهاب بعد أفغانستان والعراق، مستنداً في ذلك إلى معلومات استقاها من مصادر رفيعة المستوى بوكالة الاستخبارات الأمريكية ووزارة الدفاع البنتاجون، حيث يرى البنتاجون أن المفاوضات التي تجريها الترويكا الأوروبية مع طهران لن تسفر عن أي تقدم على صعيد منع إيران من إنتاج السلاح النووي، وأن الدبلوماسية ليست هي السبيل الأمثل لإجهاض مساعي طهران في هذا الاتجاه إلا إذا شعر الإيرانيون أن ثمة تهديداً جاداً وحقيقياً بعمل عسكري يحيط بهم، وذكر هيرش في تقريره أن وحدة من قوات الكوماندوز الأمريكية قد تم إنشاؤها في جنوب آسيا منذ عام 2003، وهي تعمل بالتنسيق مع مجموعة من العلماء والفنيين الباكستانيين الذين سبق وأن تعاونوا مع طهران في برنامجها النووي، كما ذكر أيضا أن واشنطن قد اعتمدت على حلفاء دوليين وإقليميين آخرين من أجل اختراق إيران وتحديد المواقع العسكرية المهمة التي يمكن استهدافها مستقبلاً، ومن أبرز هؤلاء الحلفاء دول أوروبية فضلاً عن إسرائيل، وأكد البنتاجون في يوم 16 يناير 2004 ما أورده تقرير هيرش نسبياً واعترف بأن هناك وحدة تسمى وحدة الدعم الاستراتيجي تعمل منذ عام 2003 في آسيا تحت إشراف مباشر من وكالة الاستخبارات الأمريكية، وهي تسعى إلى جمع معلومات عن مواقع عسكرية مهمة داخل إيران توطئة للقيام بعمل عسكري ضدها.

مفاد ذلك أن واشنطن تحاول الضغط على طهران من خلال التلويح بإمكانية توجيه ضربة عسكرية ضدها، بغية إجبار نظام الحكم بها على إبداء مزيد من المرونة والتعاون في أكثر من اتجاه، كالمفاوضات مع الأوروبيين حول تفكيك البرنامج النووي الإيراني، والشأنين العراقي والأفغاني، والترتيبات الأمريكية الجديدة في منطقتي آسيا الوسطى والشرق الأوسط، فضلا عن توجيه رسالة طمأنة إلى تل أبيب تفيد بأن الأمريكيين سيتولوا إنهاء ما يسمى بالتهديد النووي الإيراني بطريقتهم الخاصة، التي تحمل في طياتها عصا غليظة، وهو ما لا يستدعي التدخل الإسرائيلي العسكري المنفرد ضد طهران[105].

وفي أثناء عقد منظمة شنغهاي للتعاون قمتها السادسة في 15 يونيو 2006، التي شاركت فيها إيران بصفتها عضوا مراقبا. وجهت الولايات المتحدة لإيران على لسان انتقادات حادة بشأن مشاركة إيران في القمة، والتي جاءت على لسان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الذي قال: إنه من الغريب السعي لضم دولة مثل إيران التي تعتبر من أكبر الدول الداعمة للإرهاب إلى منظمة تدعى أنها ضد الإرهاب [106].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهامش
[1] بيورن هاغلينو، إليزابيث سكونز، القطاع العسكري في محيط متغير-الإنفاق العسكري والتسلح 2003،التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي-الكتاب السنوي 2003، معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي، (ترجمة: فادي حمود وآخرون، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2004، ص446.

[2] اليسون ج. ك بايلز، اتجاهات وتحديات في الأمن القومي الدولي، التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي-الكتاب السنوي 2003، معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي، (ترجمة: فادي حمود وآخرون، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2004، ص71.

[3] Mike Shuster, National Security, Nonproliferation and the War Terrorism in After 11/9: Preventing Mass –Destruction Terrorsim and Weapons Proliferation, Michael Barletta.ed.center for Non Proliferation Studies, California. U.S.A, 2002, P.1.

[4] ديك تشيني، المؤتمر القومي رقم 103-للحزب الجمهوري، 26-أغسطس 2002، الشبكة الدولية للمعلومات،الرابط..

[5]دونالد رمسفيلد، نص شهادته امام اللجنة الفرعية للدفاع في مجلس الشيوخ الأمريكي، 21\مايو2002، الشبكة الدولية للمعلومات،الرابط.

[6] جورج دبليو بوش في خطابة عن حالة الاتحاد 29\يناير\2002، الشبكة الدولية للمعلومات،www.whitehouse. gov/news/releasese/2002129.

[7] حسام سويلم، الضربات الوقائية في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، مجلة السياسة الدولية، العدد 150، أكتوبر2002، ص 290.

[8] هو منطق سائد يقرر أنه من الأفضل اتهام دولة ما عن طريق الخطأ بالسعي لامتلاك قدرات نووية عسكرية عن المخاطرة بتحمل عواقب عدم العمل في هذا الاتجاه. أنظر (د. محمد عبد السلام، البرنامج النووي الإيراني بين الاستخدامات السلمية والتوجهات العسكرية، ندوة: إيران والنظام الدولي، مركز البحوث والدراسات السياسية، القاهرة، أبريل 2006، ص 6).

[9] Lawrence J. Korb and Alex Tiersky,” the End of Unilateralism? Arms Control After September 11,”Arms Control Today) October2001, on الرابط.

[10] أحمد سلمان البرصان، إيران والولايات المتحدة ومحور الشر: الدوافع السياسية والاستراتيجية الأمريكية، السياسة الدولية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، العدد 148،2002، ص35.

[11] Pauala A .De Sutter Iran WMD and Suppurt of Terrorism, Washington, DC September 2003. 17

[12] AL J. Vender, Iran s Nuclear Ambition: Innocuous IIIusion Ominous Truth? Jane s International Defense Review.September 1997.p.29-31.

[13] Mike Shuster, Natioam Scurity, Nonprolifertion and the War Terrorism in After 11/9: Preventing Mass –Destruction Terrorsim and Weapons Proliferation, Michael Barletta.ed.center for Non-Proliferation Studies, Clalifornia.U.S.A, 2002, P.3.

[14] Mortteza Aminmansour, Iran Nuclear Waste .21/06/2004. On line:http://www.antiatom.ru/ Eng/issues.

[15(]) Willim. J. Perry “Preparing for the Next Attack “, Foreign Affrairs, 80 (November/December 2001), pp.31-45.

[16] Anthony H. Cordesman, Iran s Military Forces: 1998-1993. Center for Strategic and International Studies (CSIS), September, Washington 1994. P. 14-15.

[17] خليل العناني، الاستدراج الأمريكي لإيران، صحيفة الأهرام، القاهرة، عدد (42581) 7\7\2003.

[18] مراد إبراهيم الدسوقي، بين السلاح النووي الإسرائيلي ومعاهدة حظر الانتشار النووي، السياسة، الدولية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، عدد120، أبريل 1995، ص65.

[19] محمود حيدر، اللحظة النووية بين إيران وأمريكا. احتدام الميتا-استراتيجيا، شئون الأوسط، عدد124 ن خريف2006-شتاء2007، القاهرة، مركز الدراسات الاستراتيجية، ص111-112.

(4) د. أحمد إبراهيم محمود، إيران والغرب حرب نفسية وصراع إرادات، 2006/04/17 الرابط.

[21] مفهوم الحرب الاستباقية (preventive war) يعني أن للولايات المتحدة الحق وليس لأحد سواها ثمة هذا الحق في مهاجمة أي بلد تدعي بأنه يمثل احتمالا” لتحديها وهو مختلف عن مفهوم الحرب الوقائية التي تكون لرد فعل لهجوم وشيك الوقوع أو حالي الوقوع، والحقيقة أن هذه الاستراتيجية تم التخطيط لها منذ مستهل التسعينات، وهو ما وضحه ( بول وولفيتز)، في مذكرة رسمية عام 1992 حول توجهات أمريكا لردع أي قوة محتملة تتطلع للقيام بدور إقليمي أو عالمي بحيث يتسني للولايات المتحدة الهيمنة علي العالم الشبكة الدولية للمعلومات www.z.net 2/4/2003.:

George W.Bush, the Bush Doctrine, the White House. September 17/2002.

[22] حسام سويلم، الضربات الوقائية في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، الـعدد 150، أكتوبر2002، ص290.

[23] خطاب الرئيس جورج بوش في الأكاديمية العسكرية “ويست بوينت” 1\6\2002. أجندة السياسة الخارجية الأمريكية-أسلحة الدمار الشامل. إطار العمل الاستراتيجي الجديد، وزارة الخارجية الأمريكية المجلة الإلكترونية.

[24] Christopher de Bellagio, Think Again, Iran, Foreign Policy, May/ June 2005, pp. 23-25.

[25] د‏. ‏محمد قدري سعيد، المحطة التالية ـ طهران‏، الأهرام، عدد 42572، 28/6/2003.

[26]) د. أسامة مخيمر، المواجهة الأمريكية ـ الإيرانية… تصعيد أم تهدئة؟ السياسة الدولية، القاهرة، مؤسسة الأهرام، عدد 168، أبريل 2007، ص 138 ـ 139.

[27] السناتور لوغاريدرج، ضرورة المثابرة على العمل الدبلوماسي لمنع الانتشار النووي، وزارة الخارجية، نشرة واشنطن، 7\9\2004. الشبكة الدولية للمعلومات http://usinfo.gov/ Arabic.

[28] لواء ركن متقاعد/ حسام سويلم، انعكاسات تجربة كوريا الشمالية النووية على إيران، مختارات إيرانية، السنة السادسة، العدد 76، نوفمبر 2006، ص 98 ـ 106.

[29] وارين كريستوفر، موقع البيت الأبيض على شبكة الإنترنت: الرابط

[30]Mike Shuster. op.cit.p.2.

[31] مأمون الباقر، البرنامج النووي الإيراني واحتمالات الضربة الأميركية، الملف السياسي، البيان، الإماراتية، 20/6/2003.

[32] عزت إبراهيم، أسلحة الدمار الشامل في‏2003‏ ـ مبدأ بوش‏ النزع أو الردع‏! ‏، الأهرام، 31/12/2003.

[33] عمرو عبد اللطيف هاشم، لماذا الدور علي إيران الآن؟، قضايا وأراء، الأهرام، 6/7/2003.

[34] مجلة الدفاع المصرية العدد 190، مايو 2002، ص27.

[35] http://www.plofm.com/news_page_2696.htm.

[36] موقع وزارة الخارجية الأمريكية، 6 يونيو، مكتب برامج الإعلام الخارجي الشبكة الدولية للمعلومات الرابط

[37] أشرف محمد كشك، تنظيم القاعدة حلقة جديدة للتوتر بين واشنطن وطهران، مختارات إيرانية، عدد 38، سبتمبر 2003، ص.

[38] جريدة البيان الإماراتية، عدد 1515، 27/5/2003.

[39] تصاعد الاشتباك داخل البيت الإيراني، المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية، بيان الأربعاء، عدد 193، 16/7/2003.

[40] إسلام أون لاين، الأخبار، 29/10/2003. الرابط

[41] أشرف محمد كشك، تنظيم القاعدة حلقة جديدة للتوتر بين واشنطن وطهران، مختارات إيرانية، عدد 38، سبتمبر 2003ص.

[42] الولايات المتحدة: تستخدم الدبلوماسية للضغط علي إيران بشأن برنامجها النووي، وزارة الخارجية، مكتب الإعلام الخارجي، نشرة واشنطن، 18 أغسطس 2004 الرابط

[43] أحمد إبراهيم محمود، هل يكون الملف النووي سببا لحرب بين إيران والولايات المتحدة…؟، مختارات إيرانية، العدد 35 يونيو، 2003‏‏، ص.

[44] See : Statement by H.E. Mr.G. Ali Khoshroo,Deputy Foreign Minister for Legal and International Affairs of the Islamic Republic of Iran to the Second Session of the Pereparatory Committee for the 2005 NPT Review Conference, April 29,2003 .

[45] بيان الأربعاء، عدد 193، 16/7/2003.

[46] الجزيرة نت، الأخبار، 26/9/2003.

[47] د. باكينام الشرقاوي، ندوة: إيران والنظام الدولي مركز البحوث والدراسات السياسية، القاهرة، أبريل 2006، ص3.

[48] الجزيرة نت 24/12/2003.

[49] الجزيرة نت، الأخبار، 9/6/2003.

[50] محمد الفايز، تداعيات برنامج إيران النووي، موقع الاستراتيجية، أبحاث سياسية 21/10/2003.

[51] Jean du Preez and Lawrence Scheinman .Iran Rebuked for Failing to Comply with IAEA Safeguards. Center for Nonproliferation Studies. Washington. June18.2003.

[52] أحمد إبراهيم محمود، إيران ومهلة وكالة الطاقة الذرية، مختارات إيرانية، عدد 39، أكتوبر 2003، ص

[53] إسلام أون لاين. نت، 1-11-2003.

[54] باول: قضية إيران النووية قد تعرض على الأمم المتحدة قريبا”، وزارة الخارجية الأمريكية مكتب برامج الإعلام الخارجي، نشرة واشنطن، الشبكة الدولية للمعلومات،13 سبتمبر 2004.

[55] U.N. Atomic Agency Urges Iran to Allow Wider Inspection ,in Jean du Preez and Lawence Scheinman.Iran Rebuked for Failing to Comply with IAEA Safeguads op-cit.

[56] U.S. State Department spokesman Richard Boucher during the State Department briefing on June 16.2003.

[57] إسلام أون لاين. نت، 13/11/2003.

[58] U.N. . Atomic Agency Urges Iran to Allow Wider Inspection, in Jean du Preez and Lawence Scheinman. Iran Rebuked for Failing to Comply with IAEA Safeguads< op-cit.

[59] الجزيرة نت، الأخبار، 29/8/2003.

[60] الشرق الأوسط، 25/1/2004.

[61] Implementation of the NPT Safeguard Agreement in the Islamic Republic of Iran –Resolution adopted by the Board ON 18 June 2004 IAEA .<http://www.iaea.org /Publications /Document/Board /2004 gov2004 .49pdf.

[62]Seymour M. Hersh,”TheComing Wars: What the Pentagon con now do in secret ”, The New Yorker (htt ://www. Newyoker. Com), 2005-01-24.

[63] Paul Rogers, Iran,: Consequences of a War, Oxford Research Group, February 2006. link

[64] تقرير عن المناورات الأمريكية والمناورات الإيرانية-في إطار الملف النووي الإيراني، أدارة البحوث، مجلة شئون الأوسط، مركز الدراسات الاستراتيجية، القاهرة، عدد 124، نوفمبر 2006، ص144.

[65] لواء أ.ح.م/ حسام سويلم، احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإيران، ملف الأهرام الاستراتيجي، 148، أبريل 2007، ص 34-45.

[66] لواء أ.ح.م/ حسام سويلم، احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإيران، مصدر سابق،، ص 42.

[67] د. محمد نور الدين عبد المنعم، المستجدات السياسية، سلسلة قضايا إيرانية، العدد السابع، مركز الدراسات الشرقية، جامعة القاهرة، 2005م، ص 7 ـ 10.

[68] محمد نور الدين عبد المنعم، مصدر سابق، ص 36.

[69] طهران تستبعد أن تخوض واشنطن الحرب ضدها. الرابط.

[70] لواء (م) حسام سويلم، حرب الخليج الرابعة: المعوقات الرئيسية لاستخدام القوة المسلحة ضد إيران، ملف الأهرام الاستراتيجي، السنة الثانية عشرة، العدد 135، مارس 2006، ص 25 ـ 26.

[71] هو مشروع قانون تقدم به السيناتور داماتو عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري في يناير 1995 لمقاطعة إيران من خلال فرض حظر تجاري شامل من قبل أمريكا علي إيران، ليشمل جميع الأعمال التجارية عدا المواد ذات الطبيعة الإنسانية، لتقييد تصرفات الحكومة الإيرانية وسياساتها، وفرض عقوبات اقتصادية على الشركات الأمريكية التي تستثمر أموالها في إيران وليبيا، تم إقرار هذا القانون في5 أغسطس 1996. Washington Post Clinton Singe Sanctions, August 5, 1996.p.1.

[72] ممدوح حامد عطية، وآخرون، البرنامج النووي الإيراني والمتغيرات في أمن الخليج، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2003م، ص 159 ـ 179.

[73] Patrick Clawson, Iran’s Motives and Strategies: The Role of the Economy, The Washington Institute for Near East Policy, May 17, 2006. link

[74] بول روجرز، أمريكا وإيران. للتاريخ استحقاقات موقع “Open Democracy” 16 مارس 2006 تحت عنوان “Iran: The Real Focus”، link

[75] James Phillips, John C.Helsman Iran, s Nuclear Challenge Countering, the Heritage Foundation, Policy Research and Analysis, December 14, 2005. link

[76] لواء أ. ح متقاعد / حسام سويلم، تصاعد الحرب غير المعلنة بين الولايات المتحدة وإيران، مختارات إيرانية، السنة السادسة، العدد 80، مارس 2007، ص 82-97.

[77] د. محمد نور الدين عبد المنعم، المستجدات السياسية، سلسلة قضايا إيرانية، العدد السابع، مركز الدراسات الشرقية، جامعة القاهرة، 2005م، ص 7 ـ 36.

[78] الجزيرة نت، 17/2/2005 link

[79](1) د. حسن أبو طالب التقرير الاستراتيجي العربي، البرنامج النووي الإيراني 2004 ـ 2005، ص ص 211 ـ 216.

[80](2) أحمد أبو صالح، التحضير لضرب إيران بالتحالف مع الهند: بوش يشعل شرق آسيا، صحيفة الأسبوع 6/3/2006.

[81] نشرة واشنطن العربية، مكتب برامج الإعلام الخارجي، وزارة الخارجية الأميركية، الرابط، عدد 29 /يناير 2006

[82] سمير زكى البسيوني، قراءات استراتيجية، السنة الحادية عشرة، العدد الثاني، فبراير 2006. ص 23.

[83] د. حسن أبو طالب (تحرير) التقرير الاستراتيجي العربي 2005 ـ 2006، القاهرة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 2006، ص 257 ـ 265.

[84] لواء أ.ح متقاعد/ حسام سويلم، الدبلوماسية أو القوة في حل معضلة الملف النووي الإيراني؟ مختارات إيرانية، عدد 67، فبراير 2006.

[85] (2) U.S. Iran Giving Weapons to kill Troops. Http: //.www google com.20/1/2007

[86] (3) Jim Krane, U.S.-Iran Tensions Could Trigger War January 31, 2007 link

[87](6) بثينة عبد الرحمن، الشرق الاوسط،” تقرير البرادعي يفتح باب العقوبات ولا يستبعد حصول طهران على البلوتونيوم من الخارج”، السبـت 01 29 ابريل 2006 العدد 10014 link

[88] بثينة عبد الرحمن، مصدر سابق.

[89] د. حسن أبو طالب التقرير الاستراتيجي العربي، البرنامج النووي الإيراني 2004 ـ 2005، ص 211 ـ 216.

[90] ريتشارد أرميتاج: على الولايات المتحدة أن تساعد الشعب الإيراني في سعيه إلى الديمقراطية، الشبكة الدولية للمعلومات. الرابط

[91] محمد نور الدين عبد المنعم، المستجدات السياسية، سلسلة قضايا إيرانية، العدد السابع، مركز الدراسات الشرقية، جامعة القاهرة، 2005م، ص 36 ـ 66.

[92] حسن أبو طالب (تحرير) ، التقرير الاستراتيجي العربي 2005 ـ 2006، القاهرة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 2006، ص 257 ـ 265.

[93] منير شفيق، الاستراتيجية الأمير كية والحرب على إيران، الجزيرة، 6\4\2006

[94] حسن أبو طالب (تحرير)، مرجع سابق، ص ص 257 ـ 265.

[95] لواء أ.ح متقاعد/ حسام سويلم، الدبلوماسية أو القوة في حل معضلة الملف النووي الإيراني؟ مختارات إيرانية، عدد 67، فبراير 2006، ص

[96] نعمان الهيمص، المتحدث باسم الخارجية الأمير كية ـ إيران مثل عراق صدام… هي في خداع مستمر، صحيفة الشرق الأوسط، لندن، عدد 9811، السبـت 8 أكتوبر 2005.

[97] Kathleen J. McInnis, Extended, Deterrence: The U.S. Credibility Gap in the Middle East, the Washington Quarterly, Vol. 28, No.3, Summer 2005

[98] د. محمد السعيد إدريس، صراع السياسات والاجتماعيات بين واشنطن وطهران، مختارات إيرانية، القاهرة، مؤسسة الأهرام، العدد 85، ص 4-5

[99] د. محمد مهدى إسماعيل، إيران وحقوق الإنسان، مختارات إيرانية، القاهرة، مؤسسة الأهرام، العدد84، يوليو 2007، ص39-41

[100] مرتضى غرقى، الخيارات الأمريكية للصدام مع إيران، مختارات إيرانية، القاهرة، مؤسسة الأهرام ، العدد81، أبريل، 2007، ص83 -84.

(2) حسن أبو طالب، التقرير الاستراتيجي العربي، فوز أحمدي نجاد وردود الفعل الأمريكية،2004 ـ 2005، ص ص 203 ـ 209.

[102]بول روجرز، أمريكا وإيران.. للتاريخ استحقاقات موقع “Open Democracy” 16 مارس 2006 تحت عنوان “Iran: The Real Focus”، link

[103] ممدوح حامد عطية، وآخرون، البرنامج النووي الإيراني والمتغيرات في أمن الخليج، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2003م، ص 229 ـ 241.

[104] ممدوح حامد عطية، وآخرون، مرجع سابق، 2003م، ص 229 ـ 241.

[105](1) د. حسن أبو طالب، التقرير الاستراتيجي العربي 2004 ـ 2005، مصدر سابق، ص ص 211 ـ 216.

[106] محمد عباس ناجى، التوجه الإيراني شرقا ـ الدوافع وحدود الفعالية، مختارات إيرانية، القاهرة، مؤسسة الأهرام، السنة السادسة، عدد 72، يوليو 2006، ص 146 ـ 149.
المصدر/ المعهد المصري للدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب