15 نوفمبر، 2024 4:48 م
Search
Close this search box.

“تذكرني” .. رواية بوليسية بأجواء رعب تصور المشاعر الإنسانية بعمق

“تذكرني” .. رواية بوليسية بأجواء رعب تصور المشاعر الإنسانية بعمق

خاص : عرض – سماح عادل :

رواية (تذكرني)؛ للكاتبة الأميركية، “ماري هيغينز كلارك”، رواية على نسبة عالية من التشويق، تندرج تحت تصنيف الراويات البوليسية، لكنها تحمل تصوير عميق للمشاعر الإنسانية.

الشخصيات..

“مينلي نيوكلز”: البطلة.. هي كاتبة تكتب قصص للأطفال في سلسة مشهورة ومقالات جذابة، تزوجت من “آدم” منذ خمس سنوات، ومرت بحادثة مأساوية أثرت على حالتها النفسية، وبعد أن أنجبت طفلتها، “هانا”، قرر “آدم” جلبها إلى مدينة “كايب كود”، التي تربى فيها وهو صغير ليشتري لها منزلاً للعطلات وتستمر الأحداث في التصاعد.

“آدم نيوكلز”: محام محترف.. مر بحادث مأساوي وكاد أن ينفصل عن زوجته، ثم عاد إليها وحاول استئناف حياته الزوجية.

“فيفيان كوفي”: سيدة في الثلاثينيات من عمرها.. وقعت ضحية زوجها الوسيم الذي قتلها طمعاً في مالها، وكانت فتاة متسلطة نكدة الطباع، ولدت لأبوين ثريين، لكن بعد أن بلغا منتصف العمر، مما أثر على رعايتهما لها وحبهما لها وكانت علاقتها بعائلتها سيئة.

“سكوت كوفي”: زوج “فيفيان”.. فتى وسيم وجذاب، طوال الرواية يتوهم القاريء أنه شخص مهذب ولطيف، لكن في النهاية ستحدث المفاجأة.

“هنري سبراغ”: رجل مسن يعيش برفقة زوجته بعد أن ربى طفلين معها.. يراعاها ويهتم بها ويحزن لاضطراره إيداعها مصحة لكبار السن.

“فيبي سبراغ”: صحافية شهيرة.. كانت لها تحقيقاتها وأبحاثها الشهيرة والشيقة، تقع فريسة لمرض “الزهايمر”، وتظل تتجول في أرجاء المكان الذي تسكن فيه، وتكتشف نية المجرمين في القتل، لكنها تعجز عن تحذير الضحية.

“نات كوغان”: محقق في الشرطة.. دائم الشك والريبة، يظل وراء قضية مقتل “فيفيان”، إلا أن يكتشف في النهاية خيوط جريمة أخرى توشك أن تحدث.

“إيلاين اتكينز”: صاحبة مكتب للعقارات.. عانت في مراهقتها من سوء الأحوال المادية وفقدان أمها للوظائف، مما اضطرها إلى العمل بعد تخرجها من المدرسة الثانوية في حين أن زملائها التحقوا بالجامعات، وأصبحوا في مهن لها قيمتها الاجتماعية.

“إيمي”: فتاة مراهقة.. ابنة “جون”؛ وهو خطيب “إيلاين”، وترعى “هانا” ابنة “مينلي” لتساعدها على إنجاز عملها، و”إيمي” تعد أحد الأشخاص الذين تنكشف على أيديهم خيوط الجريمة.

“أندرو فريمان”: بحار عاش في القرن الثامن عشر.. عاني من مأساة في حياته وتصرف معها بحمق، دون أن يثق في زوجته وإنتهت حياته بمأساة.

“ميهيتابيل فريمان”: زوجه البحار.. تعرضت للإدعاء بأنها خانت زوجها، وحرمها زوجها من طفلتها وظلت تنتظر عودة طفلتها عامان ثم ماتت قهراً على فراقها.

“توبايس نايت”: رجل وسيم وفتي وزير نساء.. عاش في القرن الثامن عشر، واتهم زوجة “أندرو فريمان” بالزور أنها خانت زوجها معه، ليتبين أنه كان سارق للسفن وكان يخبيء المسروقات في بيت “فريمان” ويتم قتله.

الراوي..

الراوي عليم.. يتحرك بحرية في المكان، يروي الأحداث ويتلاعب بها، ويحكي عن دواخل الشخصيات بالأخص؛ “آدم” و”مينلي”.

السرد..

السرد على درجة عالية من التماسك، يعتمد على التشويق كمحرك أساس له.. تبدأ الرواية بسرد غامض عن “مينلي”، يجعل القاريء متلهف لإلتهام الرواية، ثم يحكي من البداية وبتسلسل تصاعدي، إلا أن تصل الرواية إلى الذروة التي بدأت الرواية بقطعة منها، وتتحول مسار الأحداث تماماً على نحو غير متوقع، الرواية تقع في حوالي 366 صفحة من القطع المتوسط.

التعافي من حادث مأساوي..

تعاني “مينلي نيوكلز” من حادث مأساوي هز حياتها، حيث مات ابنها الصغير، البالغ من العمر سنتان، في حادث، حيث تجاوزت خط السكة الحديدية دون الإنتباه إلى الإنذار بمرور قطار، وتظل ترى نفسها مذنبة وهي المسؤولة عن قتل ابنها وتنهار نفسياً وتودع بمصحة نفسية، وينهار زواجها من “آدم”، لكن عندما تحمل مجدداً يحاول الزوجان استئناف حياتهما الزوجية وتربية ابنتهما، “هانا”، ونسيان ما حدث، ويتجه “آدم”، الذي يعمل محامياً في “نيويورك”، إلى مدينة “كايب كود”؛ لكي يؤجر منزلاً ليهيئ لزوجته حياة جديدة تنسى فيها أحداث الماضي، ويكون هذا المنزل للعطلات وللأعياد، وتوفر له صديقته منذ المراهقة، “إيلاين اتكينز”، منزل يدعى، “ريممبر هاوس”، يعود إنشاءه إلى القرن الثامن عشر؛ كما يرتبط بأسطورة شهيرة في المدينة، وتشعر “مينلي” بالراحة في هذا المنزل وتحاول استئناف عملها ورعاية طفلتها، في حين يسافر “آدم” بين الحين والآخر إلى “نيويورك” لإنجاز العمل، لكنها تشعر بأعراض إنهيار عصبي وتبدأ تسمع أصواتاً مريبة، ويشك زوجها أن حالتها النفسية ساءت وينتوي إيداعها مصحة نفسية مرة أخرى، وتشعر “مينلي” بالخوف لأن زوجها لا يقف معها، وأنها ستحرم من طفلتها مثلما حدث لسيدة، “ريممبر هاوس”، التي حرمت من طفلتها وماتت قهراً عليها.

وتبرع الكاتبة في تصوير إحساس “مينلي”، التي تصارع تأثرها بحادثها المأساوي، وتحاول التعافي وتربية طفلتها، “هانا”، التي رزقت بها، وتعاني من تخوف زوجها وفقدانه ثقته بها وبحالتها النفسية وتحاول إثبات أنها تتعافى وأنها قادرة على رعاية طفلتها بمفردها، كما تعاني الخوف من أن تحرم من طفلتها.

قصة بوليسية بمسحة رعب..

تبدأ الرواية بنص غامض عن “مينلي”، حيث كان يتخيل القارئ أنها رواية تتحدث عن أشباح تؤذي البشر أو تثير في نفوسهم الرعب، وبالفعل تظل تسير الرواية في هذا الإتجاه، بالتزامن من قصة غرق “فيفيان” في المحيط؛ الذي تطل عليه “كايب كود”، وتصاعد الشك في زوجها الوسيم الذي تزوجها منذ ثلاثة أشهر فقط، وتتابع تكشف خيوط تلك القضية مع معايشة ألم “مينلي” وقلق “آدم” ويأس “إيمي”، التي ترفض زواج “إيلاين” من أبوها الطيب، كما تتكشف الألغاز ببحث “مينلي” عن تاريخ “ريممبر هاوس” من خلال وثائق وكتابات حرصت، “فيبي”، قبل إصابتها بالزهايمر، على جمعها في محاولة منها لتبرئة “ميهيتابيل فريمان”.

تجعل الكاتبة الجريمتان متشابهتان، فـ”ميهيتابيل فريمان” تم اتهامها زوراً بالزنا، في القرن الثامن عشر، بواسطة أحد اللصوص حتى يغطي على جريمته، وعانت من فقدان ثقة زوجها بها، وأيضاً معاقبته لها بحرمانها من طفلتها حتى ماتت قهراً، وفي المقابل “مينلي” تعاني من فقدان ثقة زوجها بها، ومن نيته في أن يودعها بمصحة نفسية مما يؤدي إلى حرمانها من طفلتها، ثم تتعرض في نهاية الرواية لمحاولة قتل من “سكوت كوفي”، بتحريض من “إيلاين”، المغرمة بـ”آدم” منذ الطفولة، والتي تريد التخلص من زوجته حتى يلجأ إليها “آدم”، وينجح “آدم” في إنقاذ زوجته.

الرواية شديدة الجاذبية والتشويق، ورغم أنها تعتبر قصة بوليسية، إلا أنها تحوي تصوير عميق لنفسيات الأبطال، خاصة “مينلي” و”آدم” و”إيمي”؛ وتقدم نماذج لشخصيات أميركية ينتمون للطبقة الغنية وتعرض بعض مشاكلهم الحياتية وإحساسهم بها.

الكاتبة..

“ماري هيغينز كلارك” روائية أميركية.. ولدت في 24 كانون أول/ديسمبر 1927، تكتب “هيغينز” الروايات التشويقية، ولقد احتلت جميع كتبها، والبالغة 51 كتاباً، قوائم الأكثر مبيعاً في كل من الولايات المتحدة ومختلف الدول الأوروبية.

كتب “ريمي ليلت”، في مجلة (الإكسبريس)؛ 19 آب/أغسطس 1988، عنها: “ملكة التشويق، وسيدة التوتر وسيطرة الجريمة، وهي الورقة القاتلة الرابحة في كل الأنواع الأميركيون مجانين بها، والأوروبيون يحبونها، ماري هيغينز كلارك التي تعتبر آغاثا كريستي سنوات الثمانينيات”…

و”ماري هيغينز”؛ مثل كُتاب الرواية البوليسية المعاصرة، غير الشعبية منها، ليست غزيرة الإنتاج، ولكن في بداية طفولتها كانت شغوفة بالقصص البوليسية، كتبت القصص البوليسية وهي في السادسة من عمرها، عملت سكرتيرة في إحدى شركات الطيران، تزوجت وأنجبت خمسة أطفال في ثمانية أعوام، وشاركت في الورش الأدبية التي كانت تعدها “جامعة نيويورك”، وباعت بعض القصص القصيرة للمجلات، ولأكثر من 500 محطة إذاعة لتذاع كمسلسلات، نشرت كتابها الأول عن “جورج واشنطن” عام 1964، وقالت: “وددت أن أكتب رواية تباع للناس”. وكانت آنذاك في السادسة والأربعين من عمرها.

ومن رواياتها القليلة؛ حصدت الكاتبة آلاف المليونات من الدولارات، وحصلت على العديد من الجوائز الأدبية التي تمنح للروايات البوليسية، يقول ابنها أنه لم يعرف امرأة بالغة الهدوء مثلها، ومع هذا فإن “كرستيان غونزالز” يقول، في مجلة (مدام فيغارو): “إنه لا توجد امرأة تثير خوف الناس في كتبها مثلما تفعل ماري هيغينز”.

تعثرت “ماري هيغينز كلارك” في أن تحقق هدفها في روايتها الأولى، وتأخرت حتى عام 1975، حين بيع من رواية (غريب ينتظر) ملايين النسخ، فاعتبر النقاد أنه ميلادها الأدبي الحقيقي، وقد وصل نجاحها أنها تحصل الآن علي عشرة ملايين دولار عن الرواية الواحدة، وهي تستقي رواياتها من قصص المحاكمات الشهيرة التي تنشرها الصحف، كما أنها تحضر جلسات هذه المحاكمات، وتقوم بقص صور المرضي النفسيين وتضعهم أمامها، وتتخذهم أبطالاً لرواياتها، كما أنها تقرأ بتركيز شديد بعض كتابات علم النفس، وهي لا ترجع ذلك إلي موهبة، بل إلي مقدرة متميزة في صياغة سيناريو.

من أهم روايات الكاتبة (غريب ينتظر) و(نامي يا جميلة) و(عيادة الدكتور هـ) و(سترين يوماً) و(سنذهب من جديد إلى الغابة) و(صيحة في الليل) و(أبحث عن امرأة ترقص).

ويقول الروائي والناقد، “جاك بيير اميت”، في مجلة (لوبوان) 1992: “إن ماري تسير على نهج ألفريد هيتشكوك، حيث تهتم بالدلائل، كأن يكون وراء سلك التليفون الممتد عبر الممر حدث مثير، ووراء عبارات الأشخاص العادية معان ودلائل لجريمة قادمة، ولذا فإن فن الكتابة يجيء من أهمية التركيز على التفاصيل الصغيرة، وهذه الأشياء تصبح عند الكاتبة بالغة الأهمية، مثل التأكيد على الطريقة التي تسعد بها امرأة، ولذا فإننا أمام كاتبة لا تتحدث عن جرائم، بل عن دوافعها، وتعكس من خلالها صورة المجتمع بعنصريته، وعنفه، وما يشكله من تهديد على الضعفاء، أو الذين يعيشون في سكينة”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة