17 نوفمبر، 2024 4:43 ص
Search
Close this search box.

تداعيات ظاهرة التغيرات المناخية على الأمن الغذائي للدول الأفريقية

تداعيات ظاهرة التغيرات المناخية على الأمن الغذائي للدول الأفريقية

اعداد : ابتسام رمضاني – باحثة في العلوم السياسية بجامعة قسنطينة 3 الجزائر

ملخص:
إن تداعيات ظاهرة التغير المناخي تمثل تحديا متناميا ذو أبعاد اقتصادية وصحية وأبعاد تتعلق بالسلامة وإنتاج المواد الغذائية والأمن وغير ذلك من الأبعاد. فأنماط الطقس المتقلب تهدد إنتاج المواد الغذائية من خلال عدم الثقة المتزايدة في التساقط وارتفاع مستويات البحار التي تلوث المحزونات الاحتياطية من المياه العذبة الساحلية وزيادة خطر الفيضانات الكارثية كما تساعد بيئة الاحترار في انتشار الآفات والأمراض باتجاه القطبين بالرغم من أنها كانت محصورة من قبل في المناطق الاستوائية.
تعد القارة الإفريقية أكثر المناطق عرضة لتداعيات هذا الخطر الداهم الموسوم بالتغير المناخي، نظرا لأساب عديدة ترتبط بالطبيعة الطبوغرافية للقارة من حيث كونها واقعة في مجال المناطق الأكثر دفء في العالم، هذا من جهة. من جهة أخرى أنها ذات كثافة سكانية مرتفعة تعاني الأغلبية منها مستويات معيشية متدنية تعتمد على النشاط الزراعي لتوفير غذائها. انطلاقا من التحديات التي توجهها الدول الأفريقية نتاجا للتغيرات المناخية من جهة ومحدودية إمكاناتها الاقتصادية من جهة أخرى نطرح الإشكال التالي: كيف تؤثر ظاهرة التغيرات المناخية على تحقيق الأمن الغذائي للدول الإفريقية؟

الكلمات المفتاحية: الأمن الغذائي، التغيرات المناخية، الدول الإفريقية، التحديات، التداعيات.
The Impacts of Climate change on African states’food security
Abstract:
The repercussions of climate change represented an economic and health dimensions and proportions of safety and food production and security and other dimensions of the mounting disaster.Erratic weather patterns are threatening food production through the growing lack of confidence in precipitation and rising sea levels that pollute coastal stockpiles of fresh water and increased risk of catastrophic floods.It also helps warming environment in the spread of pests and diseases toward the poles, even though she was confined before in the tropics.
The African continent’s most vulnerable areas of the repercussions of this imminent danger is marked by climate change, since many of Assab associated with topographic nature of the continent in terms of being caught in the warmth of most regions in the world, on the one hand. On the other hand, it is densely populated suffer the majority of them living lows rely on agricultural activity to provide their own food.Based on the challenges that African countries directed product of climate change on the one hand and the limited economic potential on the other hand, ask the following forms:how the phenomenon of climate changes affect the achievement of food security for African countries?
Key words: Food Security, climate Change, African States, Impacts.

مقدمة:
تجاوزت قضية التغيرات المناخية مرحلة الفضول العلمي ولم تعد فقط أحد المخاوف البيئية والتنظيمية الكثيرة. فأصبحت الهاجس الرئيس والقضية البيئية الجوهرية في الوقت الراهن والتحدي الوحيد والأكبر الذي يواجه صناع القرار على مستويات متعددة.
فمن المؤكد الآن أن تغير المناخ يمثل تحديا متناميا ذو أبعاد اقتصادية وصحية وأبعاد تتعلق بالسلامة وإنتاج المواد الغذائية والأمن وغير ذلك من الأبعاد. فأنماط الطقس المتقلب تهدد إنتاج المواد الغذائية من خلال عدم الثقة المتزايدة في التساقط وارتفاع مستويات البحار التي تلوث المخزونات الاحتياطية من المياه العذبة الساحلية وزيادة خطر الفيضانات الكارثية كما تساعد بيئة الاحترار في انتشار الآفات والأمراض باتجاه القطبين بالرغم من أنها كانت محصورةمن قبل في المناطق الاستوائية.
تعد القارة الإفريقية أكثر المناطق عرضة لتداعيات هذا الخطر الداهم الموسوم بالتغير المناخينظرا لأساب عديدة ترتبط بالطبيعة الطبوغرافية للقارة من حيث كونها واقعة في مجال المناطق الأكثر دفء في العالم، هذا من جهة. من جهة أخرى أنها ذات كثافة سكانية مرتفعة تعاني الأغلبية منها مستويات معيشية متدنية تعتمد على النشاط الزراعي لتوفير غذائها.
تهدف هذه الورقة البحثية إلى إبراز مواطن الارتباط بين ظاهرة التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي، إضافة إلى الوقوف على واقع الآثار والتداعيات التي خلفتها والتي من الممكن أن تخلفها هذه الظاهرة الكونية على تحقيق الأمن الغذائي في الدول الأفريقية.
يستمد هذا الموضوع أهميته باعتباره من بين التحديات الإقليمية والعالمية الراهنة، كلا المتغيرين يمثلان رهانا هاما بالنسبة لدول القارة، نظرا لما تعاني منه هذه الأخيرة من عجز في تحقيقي أمنها الغذائي من جهة، وموقعها في مجال جغرافي يعد الأكثر عرضة لتبعات التغير المناخي.
انطلاقا من التحديات التي تواجهها الدول الأفريقية نتاجا للتغيرات المناخية من جهة ومحدودية إمكاناتها الاقتصادية من جهة أخرى نطرح الإشكال التالي: كيف تؤثر ظاهرة التغيرات المناخية على تحقيق الأمن الغذائي للدول الافريقية؟
نعالج هذه الإشكالية وفق المحاور التالية:
المحور الأول: تحديد المجال المفاهيمي والجغرافي للدراسة
تقوم هذه الدراسة على البحث في التركيبة العلائقية القائمة بين التغيرات المناخية والأمن الغذائي في مجال جغرافي يعد الأكثر عرضة للتداعيات السلبية لكلاهما المتمثل في القارة، وعليه سنقوم بداية بضبط هذه المتغيرات وميزاتها من خلال مايلي:

تعريف ظاهرة التغير المناخي : climat change
يمثل المناخ بمختلف مكوناته نظاما مفتوحا يؤثر ويتأثر بمختلف العوامل الداخلية والخارجية المكونة له والمحيطة به، ما أدى إلى تغيره من فترات لأخرى، ومن أجل توضيح أكثر للتغير المناخي سيتم التطرق لكل من تعريف المناخ والنظام المناخي.
يمكن تعريف المناخ على أنه: “الحالة المتوسطة للطقس واختلافه على مدى فترة زمنية محددة ومنطقة جغرافية معينة، ويقسم التصنيف الكلاسيكي للمناخ الأرض إلى مناطق مناخية متباينة، ويختلف المناخ من منطقة لأخرى بحسب خط العرض والبعد عن البحر والغطاء النباتي ووجود الجبال أو العناصر الجغرافية، كما أنه يختلف من فصل لآخر ومن عقد لآخر، أو على مدى أطول مثل العصر الجليدي، ويعبر إحصائيا عن التغييرات الهامة التي تطول لعقود أو أكثر”.[1] فالمناخ يشير، ببساطة، إلى ذلك الوصف الإحصائي للطقس في صيغة تغير الكميات في مناطق مختلفة، وفي فترات زمنية معينة، ويعتمد المناخ على تركيبة الغلاف الجوي ودينامكيته فيما يشكل النظام المناخي.
يعرف النظام المناخي على أنه :”ذلك النظام التفاعلي الذي يتألف من خمسة عناصر وهي: الغلاف الجوي، الغلاف المائي، الغلاف الثلجي، وسطح الأرض والغلاف الحيوي، وتتأثر هذه العناصر بآليات خارجية أهمها الشمس، إضافة إلى العامل البشري كقوة خارجية”.[2]حيث يعتبر هذا النظام معقدا ومفتوحا، فتنتج التغيرات المناخية عن التأثيرات المتبادلة بين مكوناته تأثيرات ناتجة عن قوى خارجية أيضا.
أصبحت هذه التغيرات المناخية ظاهرة تستقطب الاهتمام الدولي على المستويين الأكاديمي والسياسي في العقود الأخيرة لما تخلفه من كوارث طبيعية مدمرة كالأعاصير، وذوبان الجليد والأمطار الطوفانية والانهيارات الأرضية والجفاف الخ. فيؤكد الخبراء التابعين للفريق الحكومي الدولي المختصين في التغير المناخي أن الأرض تخضع ليس فقط للتغيرات المناخية الطبيعية ولكن أيضا تلك الناجمة عن الأنشطة البشرية[3]
تمثل ظاهرةالتغير المناخيclimate change في الأصل ظاهرة طبيعية تحدث كل عدة ألاف السنيين، ولكن نظرا للنشاطات البشرية المتزايدة يؤدي ذلك إلى تسارع حدوث تغير المناخ.
تعرف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التغير المناخي على أنه: ” التغير في المناخ يعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري الذي يفضي إلى التغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي والذي يلاحظ، بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ، على مدى فترات زمنية مماثلة”.[4]يلاحظ أن هذا التعريف يربط ظاهرة التغير المناخي بالتداعيات الأفعال والنشاطات الإنسانية سواء المباشرة أغير المباشرة المضافة إلى المسببات الطبيعية.
يختلف التعريف السابق للظاهرة عن ما قدمه الفريق الحكومي الدولي للتغير المناخي الذي عرفه على أنه التغير الممكن تحديده من خلال متوسط التحولات وتباين خصائص التحولات التي تستمر لحقبة زمنية طويلة عادة ما تتجاوز العقود، وتشتمل هذه التغيرات كل تغيير سواء بسبب التقلبات الطبيعية أو الأنشطة البشرية.حيث أضاف هذا التعريف عنصر الاستمرارية. ساهمت أعمال الفريق الحكومي في تحسين فهم مخاطر تغير المناخ والتوعية بها؛ حيث بين التقرير الصادر عن الفريق سنة 2007 توافق الآراء العلمية بوضوح حول أن التغير المناخي “جلي لا لبس فيه” وأن معظم الإحترار الملاحظ على مدى السنوات الخمسين الماضية ناجم بنسبة 90% عن انبعاث غازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية.[5]
بمعنى آخر فإن التغيرات المناخية عبارة عن:” تغيرات في الخصائص المناخية للكرة الأرضية نتيجة للزيادات الحالية في نسبة تركيز الغازات المتولدة عن عمليات الاحتراق في الغلاف الجوي”.[6] وهو ما يطلق عليه الاحتباس الحراري Global Warning الذي يشير إلى ارتفاع نسبة عاز ثاني أكسيد الكربون في الجو؛ حيث تعرف ظاهرة الاحتباس الحراري على أنها الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض ومن الغلاف الجوي المحيط بالأرض الناجم عن زيادة انبعاث غازات الدفيئة.
تؤكد أغلب الدراسات أن التغير المناخي المرتبط بالاحتباس الحراري قد أصبح أمرا واقعا وأن احتمالات تزايد المشكلة أكثر من أي احتمالات أخرى، وهذا ما تشير إليه الدلائل على المستوى العالمي؛[7] حيث:
-يبلغ تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء 379° جزء في المليون وهو أعلى تركيز يصل إليه خلال 650 ألف سنة الأخيرة أي منذ العصور الجليدية، كما تتسارع معدلات زيادة التركيز السنوية من عام 1995 إلى 2005 بمتوسط سنوي 1.9 جزء من المليون.
– كانت الاثني عشرة عاما الأخيرة الأكثر حرارة على الإطلاق، وقد سجل ارتفاع درجة حرارة الأرض خلال الفترة الممتدة من عام 2001 إلى 2005 نسبة 0.95 درجة مئوية.
– تم رصد ارتفاع في درجة حرارة المحيطات على عمق 3000 متر مقارنة بعام 1961، مما يعني انخفاض نسبي في قدرة استيعابها للحرارة مع إمكانية تمدد مياه البحر بسبب زيادة حرارتها.
-حدوث تراجع لأحجام ومساحات الجبال والمناطق المغطاة بالثلوج في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي؛ حيث يؤدي ذوبان الثلوج إلى ارتفاع مستوى سطح البحر.
-حدوث تغير ملحوظ في كميات سقوط الأمطار؛ فقد ازدادت في الأجزاء الشرقية من الأمريكيتين وشمال أوروبا،وشمال ووسط أسيا مقابل ظهور الجفاف في مناطق الساحل الإفريقي والبحر المتوسط وجنوب أفريقيا وبعض مناطق جنوب أسيا.
2.تعريف الأمن الغذائي وأبعاده:
كان أول اهتمام رسمي بمفهوم الأمن الغذائي من قبل لجنة الأمن الغذائي العالمي سنة 1974 وذلك بعد الأزمة العالمية لسنة 1970 وأصبح بذلك الأمن الغذائي قضية محورية تحظى بأهمية بالغة خاصة في ظل التزايد المتواصل للواردات الغذائية في الدول النامية من اجل الوفاء بحاجات السكان الغذائية، واختلفت المفاهيم المعطاة للأمن الغذائي حسب المفكرين والهيئات فنجد:
تعريف لجنة الأمن الغذائي العالمي: حيث عرفته على أنه ” القدرة على توفير الإمداد الكافي من الغذاء..”[8] فالتركيز هنا كان فقط على توفير الغذاء أي مدى كفايته للشعوب بغض النظر عن السبل المعتمدة، سواء كان ذلك بالإنتاج المحلي أو الاستيراد.
أما المنظمة العالمية للأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة(FAO) : فترى أن الأمن الغذائي يتحقق:”…عندما يتمتع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص الحصول من الناحيتين المادية والاقتصادية، على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي حاجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائية كي يعيشوا حياة موفورة النشاط والصحة…”.[9] وطبقا لهذا التعريف فإنه توجد أربعة أبعاد رئيسية لتحليل وضع الأمن الغذائي أجملتها المنظمة في:
– الوفرة الفيزيائية للأغذية بالكمية الكافية وبشكل مناسب على المستوى الوطني سواء عن طريق الإنتاج المحلي، أو الاستيراد أو المساعدات الغذائية.
– قدرة الأفراد المادية للحصول على الغذاء المناسب والكيفي .
– قدرة الأفراد على استخدام الأغذية المتحصل عليها في نشاطاتهم اليومية .
– الاستقرار في مستوى الأغذية المتوفرة سواء زمنيا أو على المستوى الكمي والنوعي.
كما تجدر الإشارة إلى انه يمكن التمييز بين مستويين للأمن الغذائي،[10]هما:
الأمن الغذائي المطلق : يعني إنتاج الغذاء داخل الدولة الوحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي، وهذا المستوى مرادف للاكتفاء الذاتي الكامل، لأن هذا التحديد المطلق يواجه انتقادات كبيرة كونه غير واقعي .
الأمن الغذائي النسبي: يعني قدرة دولة ما على توفير المواد الغذائية كليا أو جزئيا وضمان الحد الأدنى من تلك الاحتياجات بانتظام، ويقصد به أساسا توفير المواد اللازمة لتلبية هذه الاحتياجات من خلال منتجات أخرى.
3.دراسة البيئة الطبوغرافية للقارة الإفريقية:
تعد القارة الإفريقية ثاني قارة من حيث المساحة بعد القارة الآسيوية، وتبلغ مساحتها 30 مليون كيلومتر مربع، يمر خط الاستواء في منتصفها تقريبا، حيث تمتد بين خطي عرض 35° شمالا و37° جنوبا بالتالي فإن معظم مناطق القارة واقعة في نطاق الأقاليم الحارة، كما أن ترتيب فصول السنة في قسمها الشمالي مخالفا له في القسم الجنوبي. خلف هذا الموقع الفلكي تداعياته على:
-الأقاليم المناخية للقارة الإفريقية: تعد القارة الإفريقية أكثر القارات حرارة، بمعدل سنوي قدره 30° مئوية باستثناء الأطراف الشمالية والجنوبية المرتفعة بالقارة. وترتبط جملة من العوامل تجعل من القارة خارج الأقاليم الباردة أو الباردة المعتدلة. يمكن تحديد هذه العوامل في:[11]
–قلة تعاريج سواحل القارة مما يحد من توغل المؤثرات البحرية خاصة شمالا، ما جعل المنطقة موقع لأعظم صحاري العالم اتساعا وأشدها جفافا.
– غياب سلاسل جبلية كبرى مما يجعل الأقاليم المناخية في القارة متداخلة مع بعضها البعض بنوع من الانتقال التدريجي .
– توزيع الضغط الجوي على القارة؛ حيث يتأثر مناخ القارة بحركة الشمس الظاهرية نحو الجنوب في نصف السنة الشتوية ونحو الشمال في نصفها الصيفي.
– أنواع الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ أقاليم القارة عبر نظام هبوب الرياح وتوزيع درجة الحرارة في الفصول المختلفة، وتتمثل أهمها في:
-الهواء المداري: وقد يكون مداري بحري مصدره المحيط الأطلسي الجنوبي من ناحية والمحيط الهندي من ناحية أخرى، وإما ان يكون مداري قاري ينشأ عن القارة نفسها ويصل إليها من أوروبا وأسيا.
-الهواء القطبي: وإما أن يكون قطبيا بحريا مصدره المحيط الأطلسي الشمالي أو قطبيا قاريا مصدره السهول الوسطى والشمالية لأوروبا.
انطلاقا من ما سبق يمكن تحديد الأقاليم المناخية في القارة كالآتي:
أولا. المناخ الحار: ويتقسم إلى أربعة أنواع تغطي الأقاليم التالية:
-المناخ الاستوائي: يضم حوض الكونغو وساحل غانا وقسما من الساحل الشرقي في الجنوب مباشرة من خط الاستواء.
-المناخ المداري القاري: يضم نطاق كبير يحيط بالإقليم الاستوائي من ناحيتي الجنوب والشمال، كما يحيط به ناحية الشرق حيث يشمل هضبة البحيرات الاستوائية.
-المناخ المداري البحري: ويشمل معظم الساحل الشرقي للقارة إلى جنوب خط الاستواء كما يشمل الساحل الشرقي لجزيرة مدغشقر.
-مناخ الصحاري الحار: يشمل الصحراء الكبرى، وصحراء كلهاري وصحراء ناميبيا الساحلية.
ثانيا.المناخ المعتدل الدافئ: ينقسم إلى قسمين يغطيان الأقاليم التالية:
– مناخ البحر المتوسط: يتركز على طول السواحل الشمالية للقارة.
– مناخ ناتال: يمثل المناخ المعتدل الدافئ في شرق القارة.[12]
النظم الايكولوجية:
تضم بلدان إفريقيا الثلاثة والخمسين تشكيلة من النظم الأيكولوجية بما في ذلك الغابات والمراعي والأراضي الجافة والأراضي الرطبة والأراضي الصالحة للزراعة، والمناطق الساحلية والمياه والجبال والمناطق الحضرية، ويمكن للأراضي الزراعية بالقارة والتي تبلغ مساحتها 8.7 مليون كيلومتر مربع أن تعيل غالبية سكان الإقليم.يعتمد سكان القارة على الأسماك لسد احتياجاتهم الغذائية، إذ يعتمد 10 مليون نسمة على صيد الأسماك وتربيتها وتجهيزها والتجارة فيها. وتنتج القارة 7.3 مليون طن سنويا.
المحور الثاني: شواهد التغير المناخي وتداعياته على القارة الإفريقية
تعد القارة الإفريقية أكثر مناطق العالم عرضة لمخاطر مشكلة التغير المناخي لعدة أسباب منها الفقر والجهل وغياب الاستقرار السياسي في أعلب دول القارة، وكذا نقص الموارد المالية لمواجهة هذه المشكلة. وحسب خبراء المناخ سوف تتعرض منطقة شمال إفريقيا ودول الساحل منها الجزائر إلى موجات جفاف شديد. وازدياد رقعة التصحر التي سوف تأتي على 75% من الأراضي الفلاحية السهبية. ثم تأتي فيما بعد على ما تبقى من أراضي خضراء خاصة في الشريط الساحلي للمغرب العربي.هذا ما سوف يؤدي إلى استنزاف أكبر لخزان المياه الجوفية وما سيلحق ذلك من توترات سياسية. دالتا النيل سوف تكون عرضة من جهة أخرى لارتفاع مستوى البحر الذي سيغرق أجزاء مهمة من الأراضي الفلاحية الخصبة المحاذية لها، ومن جهة أخرى ارتفاع نسبة ملوحة الأراضي المتبقية. وسوف تؤدي مشكلة التغيرات المناخية في القرن الإفريقي إلى تراجع تساقط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة التي تؤدي إلى تناقض الإنتاج الفلاحي، وانتشار النزاعات واللااستقرار.[13]
بدأت أغلب مناطق القارة الإفريقية تعرف واقعيا تبعات التغير المناخي؛ حيث شهدت منطقة القرن الإفريقي في الفترة ما بين 1961-2001 تناقص كبير في سقوط الأمطار وتغيرات واضحة في درجة الحرارة التي زادت شدتها في المناطق المرتفعة أكثر مما هي عليه في المناطق المنخفضة؛ على سبيل المثال زيادة درجة الحرارة بكابال بأوغندا حيث قدرت الزيادة ب 2 درجة مؤوية تقريبا في العقود الثلاث الماضية، وتسبب ارتفاع درجة الحرارة في الذوبان التدريجي لكل من جبال كينيا وأوغندا.
هذا، وتشهد دول المنطقة موجات جفاف متتالية وسببها راجع إلى نقص التساقط في كل من الصومال، جيبوتي،شمال كينيا، أثيوبيا كما عملت شدة الأعاصير على سحب الرطوبة بعيدا عن القرن الافريقي. فسجلت كينيا سنة 2012 أعلىمعدل درجة حرارة منذ13 سنة، وواجهت جيبوتي نقصا حادا في المياه لدرجة جعلت واحد من بين 8 ألإراد في حاجة للمعونة عام 2011. في انتشار النواقل الوبائية كالملاريا.[14]
المحور الثالث: تداعيات ظاهرة تغير المناخ على الأمن الغذائي في إفريقيا:
يؤثر تهديد تغير المناخ على مختلف جوانب وأبعاد الأمن الغذائي، ومع ذلك يبقى تأثيره نسبي؛ حيث يختلف من منطقة إلى أخرى في العالم وهذا ما يؤدي بالتبعية إلى التأثير على منتجات زراعية دون أخرى، فارتفاع درجة الحرارة بسبب المتغيرات المناخية ما بين 1 إلى 3 درجة مئوية يحتمل أن يؤثر سلبا على المحاصيل والحبوب خصوصا في المناطق الاستوائية حسب ما أشار إليه الفريق الحكومي الدولي المعني بالمناخ في تقريره لسنة 2007.
يتوقع التقرير تعرض بعض الدول الأفريقية بحلول سنة 2020 إلى انخفاض في المحاصيل الزراعية بنسبة 50% التي تعتمد على الأمطار ، أما الإنتاج الزراعي فيتوقع أن يتعرض لتهديد كبير ما يؤثر سلبا على توافر الغذاء ويؤدي إلى حالة من اللاأمن الغذائي وسوء التغذية في الكثير من الدول الإفريقية .
كما يتوقع أن تزيد مساحة المناطق القاحلة وشبه القاحلة بنسبة تترواح ما بين %5و8% بحلول عام 2080، كما يتوقع أيضا أن يتعرض ما بين 75و250 مليون شخص لارتفاع الإجهاد المائي بسبب تغير المناخ عام 2020.
تؤثر هذه التغيرات المناخية القاسية إضافة إلى المشاكل الطبيعية التي تعاني منها القارة الإفريقية على الأمن الغذائي بأبعاده المختلفة، ويمكن إجمال هذه التداعيات في التالي:
-التداعيات على وفرة الغذاء: يؤدي الجفاف إلى التأثير سلبا على الإنتاج الزراعي والحيواني على حد السواء، كما يؤدي أيضا إلى تقليل كميات المياه الجوفية، ومع قلة تساقط الأمطار يتراجع إنتاج المحاصيل الغذائية المستعملة للاستهلاك المحلي أو للتصدير، وبالتالي ارتفاع أسعارها ومن تم صعوبة الحصول عليها، وتعاني أغلب الدول الأفريقية خاصة الواقعة جنوب القارة من الجفاف. فقد تعرضت كينيا منذ سنة 2006 إلى موجات جفاف حادة أدت إلى التأثير على وفرة الغذاء، كما تتأثر باقي الدول مثل إثيوبيا والصومال بموجات الجفاف التي تؤدي إلى التعرض إلى حالة اللاأمن الغذائي المزمن.[15]
-التداعيات على جودة الغذاء: يؤثر التغير المناخي على جودة الإنتاج الزراعي والمحاصيل الغذائية؛ حيث أن عوارض تغير المناخ مثل ارتفاع درجة الحرارة وزيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تؤدي إلى إصابة المحاصيل الزراعية بالتلف والعديد من الأمراض، كما يمكن أن يكون هطول الأمطار هو السبب ففي إفريقيا جنوب الصحراء سببت التغيرات في هطول الأمطار في هجرة الجراد الصحراوي خاصة إلى دول الشمال مما يؤدي إلى تدمير المحاصيل وجعلها تفتقر للجودة.[16]
هذا، ويعتبر التغير المناخي أهم العوامل المؤدية إلى ظهور وانتشار الأمراض في الثروة الحيوانية، وذلك لأن تغير المناخ يزيد من قابلية تعرض الحيوانات للأمراض من خلال الآثار المباشرة وغير المباشرة خاصة على الماشية والأبقار، كذلك الأمر بالنسبة للأسماك حيث يعد تغير المناخ وعوارضه على مدار المحيطات والبحار والمياه الداخلية حيث يمثل أهم الأسباب المؤدية إلى تلك الأمراض التي تنتقل للإنسان عند تناوله الأغذية البحرية كما تؤدي زيادة درجة ملوحة المياه إلى التأثير على جودة الثورة السمكية.[17]
-التداعيات على استدامة الغذاء: تساهم تهديدات التغير المناخي المستمرة على مدى العقود المقبلة في التأثير على استدامة الأمن الغذائي، وذلك من خلال تأثيرها على استدامة الأراضي الزراعية والإنتاج الزراعي، والتأثير على استدامة الإنتاج الحيواني، وكذا التأثير على مصائد الأسماك.[18] حيث؛ تتأثر الأراضي الزراعية في مناطق العرض المنخفضة بما فيها الدول الأفريقية إذا ارتفعت درجة الحرارة وتنخفض غلة المحاصيل ب 5% إلى 10% من الحبوب الرئيسية بحلول عام 2020 .
تؤدي باقي أعراض التغير المناخي مثل ذوبان الجليد وارتفاع منسوب سطح البحر إلى التأثير على الأراضي الزراعية. من جهة أخرى فإن تزايد طلب الإنسان على اللحوم كغذاء يواجه تهديد المناخ لهذه الثروة في ظل الإجهاد الحراري والأمراض التي تفتك بآلاف الحيوانات. إضافة إلى أن إنتاج اللحوم يتوقف على مدى وفرة الأراضي الزراعية لإنتاج الأعلاف وعلى وفرة المياه للشرب والسقي، وهذه العوام مرتبطة ومهددة بتداعيات التغير المناخي .[19]
تؤثر العوامل المناخية كذلك على استدامة الثورة السمكية خصوصا في ظل ارتفاع الملوحة وتزايد منسوب البحار وارتفاع درجة حرارتها كلها أسباب لأمراض مختلفة تهدد استدامة تلك الثروة وبالتالي تهديد استدامة الأمن الغذائي.
الخاتمة:
إن الأمن الغذائي في إفريقيا كان ولا يزال الإشكالية الأكثر استعصاء على الحل، هذا رغم الجهود المبذولة دوليا وإقليما من أجل التقليل من مشاكل انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية نظرا لتعدد أبعاد هذه المشكلة فمنها ما يتعلق بطبيعة المنطقة جغرافيا من مناخ وأراضي زراعية، وأخرى تتعلق بتدني مستوى التطور الاقتصادي والتكنولوجي من جهة إضافة آلة النمو الديمغرافي المتزايد بوتيرة لا تتماشى والمستوى التنموي وكذا إمكانيات أغلب دول القارة.
تعد ظاهرة التغير المناخي تهديد إضافيا وفعليا للأمن الغذائي الإفريقي، خصوصا في ظل هشاشة البلدان الإفريقية وعدم حيازتها للقدرة على التكيف؛ حيث يتسم موقعها بمناخ أدفء ومناطق هامشية تتعرض بقدر أكبر للأخطار المناخية هذا ما يجعل طاقة سكانية كبرى تحت تهديد خطر لم تكن هي المسبب له.
قائمة المراجع:
الكتب:
سعد الدين خرفان، تغير المناخ ومستقبل الطاقة: المشاكل والحلول، (سوريا: منشورات وزارة الثقافة-الهيئة العامة السورية للكتاب، 2009)،
Kevern Cochran, Climate Change Implications For Fisheries and Agricultur, ( Food and Agriculture Organzation of The United nations, Rome,2009),
Edward a. Page , Michael Redclft , human Security and Enivrement,(Edward Elgar publishing ,British ,2002 ).
الدوريات والمجلات
سليمان سرحان، “دراسة اقتصادية للتغيرات المناخية وأثارها على التنمية المستدامة في مصر”، المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي، عدد يونيو 2015، ص.04.
محمد نعمان نوفل، “اقتصاديات التغير المناخي: الآثار والسياسات”، سلسلة اجتماعات خبراء التنمية ب، المعهد العربي للتخطيط، العدد 24، 2007.
التقارير:
محمد حيران ولحسن التايقي، التأقلم مع التغير المناخي من المقاربة إلى الممارسة، تقرير، مشروع سيرتش المغرب، الاتحاد العالمي لصون الطبيعة-مركز البحر المتوسط للتعاون.
مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الإنسان بشأن العلاقة بين تغير المناخ وحقوق الإنسان، تقرير، مجلس حقوق الإنسان، الدورة العاشرة، جانفي2009.
الأمم المتحدة، اتفاقية مكافحة التصحر، مشروع اطر سياسات الدعوة في مجال الأمن الغذائي ، تقرير، كوريا الجنوبية، تشانغون، أكتوبر2011.
الملتقيات:
1.أمال زرنيز، الهجرة البيئية كنتيجة للتغيرات المناخية وتدهور الأنظمة الايكولوجية-دراسة حالة إفريقيا_، مداخلة غير منشورة، ملتقى التغيرات المناخية وتأثيرها على الأمن الدولي والتنمية المستدامة، جامعة قالمة، 2012.
المذكرات الجامعية:
ريم قصوري، الأمن الغذائي و التنمية المستدامة – حالة الجزائر،رسالةماجستير،غير منشورة، (جامعة باجي مختار عنابة: كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، قسم العلوم الاقتصادية، تخصص اقتصاد مستدام،2011_2012).
تسعديتب وسبعين، أثار التغيرات المناخية على التنمية المستدامة في الجزائر –دراسة استشرافية-، أطروحة دكتوراه غير منشورة، (جامعة بومرداس: كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، 2014.2015).
أمينة دير، أثر التهديدات البيئية على واقع الأمن الإنساني في إفريقيا، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة محمد خيضر بسكرة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2013.2014).
وهيبة زبيري، التهديدات البيئية وإشكالية بناء الأمن الغذائي، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة سطيف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، تخصص حقوق الإنسان والأمن الانساني،2013.2014).
[1] سعد الدين خرفان، تغير المناخ ومستقبل الطاقة: المشاكل والحلول، (سوريا: منشورات وزارة الثقافة-الهيئة العامة السورية للكتاب، 2009)، ص. 03.
[2] المرجع نفسه، ص.06.
[3] محمد حيران ولحسن التايقي، التأقلم مع التغير المناخي من المقاربة إلى الممارسة، تقرير، مشروع سيرتش المغرب، الاتحاد العالمي لصون الطبيعة-مركز البحر المتوسط للتعاون، 2014، ص05.
[4] تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الإنسان بشأن العلاقة بين تغير المناخ وحقوق الإنسان، مجلس حقوق الإنسان، الدورة العاشرة، جانفي2009، ص.04.
[5] محمد حيران ولحسن التايقي، مرجع سابق، ص.05.
[6] تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، مرجع السابق، ص.04.
[7] تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، مرجع السابق، ص.04.
[8] سليمان سرحان، “دراسة اقتصادية للتغيرات المناخية وأثارها على التنمية المستدامة في مصر”، المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي، عدد يونيو 2015، ص.04.
[9] محمد نعمان نوفل، “اقتصاديات التغير المناخي: الآثار والسياسات”، سلسلة اجتماعات خبراء التنمية ب، المعهد العربي للتخطيط، العدد 24، 2007،ص.08.
[10] Edward a. Page , Michael Redclft , human Security and Enivrement ,(Edward Elgar publishing ,British ,2002 ) ,p29.
[11] الأمم المتحدة، اتفاقية مكافحة التصحر، مشروع اطر سياسات الدعوة في مجال الأمن الغذائي ، تقرير،كوريا الجنوبية، تشانغون، أكتوبر2011، ص. 07.
[12] ريم قصوري، الأمن الغذائي و التنمية المستدامة – حالة الجزائر،رسالةماجستير،غير منشورة، (جامعة باجي مختار عنابة: كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، قسم العلوم الاقتصادية، تخصص اقتصاد مستدام،2011_2012)، ص.62.
[13] أمال زرنيز، الهجرة البيئية كنتيجة للتغيرات المناخية وتدهور الأنظمة الايكولوجية-دراسة حالة إفريقيا_، مداخلة غير منشورة، ملتقى التغيرات المناخية وتأثيرها على الأمن الدولي والتنمية المستدامة، جامعة قالمة، 2012، ص.02.
[14] آمال زرنيز، المرجع السابق، ص.03.
[15] تسعديت بوسبعين، أثار التغيرات المناخية على التنمية المستدامة في الجزائر –دراسة استشرافية-، أطروحة دكتوراه غير منشورة، (جامعة بومرداس: كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، 2014.2015)ص.07.
[16] أمينة دير، أثر التهديدات البيئية على واقع الأمن الإنساني في إفريقيا، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة محمد خيضر بسكرة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2013.2014)، ص.134.
[17] وهيبة زبيري، التهديدات البيئية وإشكالية بناء الأمن الغذائي، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة سطيف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، تخصص حقوق الإنسان والأمن الانساني،2013.2014)، ص.82
[18]Kevern Cochran, Climate Change Implications For Fisheries and Agricultur, ( Food and Agriculture Organzation of The United nations, Rome,2009), p.52.
[19] وهيبة زبيري، مرجع سابق، ص.102.
المصدر/ مجلة العلوم السياسية والقانون -المركز الديمقراطي العربي

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة