4 مارس، 2024 11:19 ص
Search
Close this search box.

تحليل خطاب الرئيس في القمة العربية: الرؤية المصرية لأزمات المنطقة

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ مصطفى صلاح
كان لتحديات الأمن القومي العربي، والتي هي عنوان القمة العربية في المملكة العربية السعودية، أول المحددات لوجهة مصر الخارجية ورؤيتها للعديد من قضايا المنطقة، حيث شكلت التحديات المتعلقة باستقرار الدولة ووجودها، والأفكار المتعلقة بتهديد المؤسسات الوطنية، لصالح كيانات أخري طائفية وتنظيمات إرهابية، والتي تمثل من وجهة النظر المصرية تحديًا حضاريًا للمشروع العربي الوطني بعد فترات الحروب التي خاضتها الدول العربية منذ مرحلة التحرر العربي من الاستعمار بكافة أشكاله.

وعلى خلفية هذه التحديات برزت السياسة الخارجية المصرية كمبادر لتحرك عربي مشترك لإعادة بلورة قرار عربي موحد خاصة في ظل الأوضاع المتردية التي أصابت الدول العربي وتراجع السياسة الخارجية لصالح مواجهة التحديات التي تواجه الدول العربي علي المستوي القطر الواحد.

الرؤية المصرية للأمن القومي العربي

أوضح الرئيس عبدالفتاح السيسي رؤية مصر الخارجية من خلال العديد من المحاور ولعل أهمها:

1) رفض التدخلات الإقليمية والدولية في شئون المنطقة العربية، مؤكدة علي حقوق الشعوب في حق تقرير المصير، والذي يقوم علي المصالح الوطنية الداخلية.

2) رفض احتلال كل من تركيا وإيران للعديد من المناطق السورية، وأعربت مصر علي لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي رفضها لأي تدخل خارجي في تسوية الأوضاع الداخلية السورية، مشيرًا إلي أنه لابد من التصدي لهذه التدخلات في إطار البيت العربي الواحد لإنهاء الحرب الدائرة والتي أزهقت أرواح ما يزيد عن نصف مليون سوري.

3) توحيد الجبهة العربية في مواجهة التحديات الخارجية والعمل علي ربط المصير العربي الواحد، بعيدًا عن التوازنات الإقليمية والدولية.

4) أوضحت مصر خياراتها تجاه استخدام العديد من الدول الخارجية، العديد من الجماعات الإرهابية المسلحة والطائفية في زعزعة أمن واستقرار الدول العربية، مشيرًا إلي التمويلات التي تحصل عليها هذه التنظيمات لتخريب الدول العربية وتنفيذ مخططات خارجية تضر بمصالح الدول الوطنية، والتي اعتبرتها مصر مدخل التقسيم للدول العربية والعمل علي مواجهة هذا الجماعات.

5) التأكيد علي محورية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية المصرية خاصة والأجندة العربية بشكل عام، والتأكيد علي تفعيل القرارات الدولية، مع الإعلان عن رفض فرض الاحتلال الإسرائيلي الأمر الواقع كسياسة للتعامل مع القضية الفلسطينية.

ملامح الاستراتيجية المصرية

أوضحت مصر استراتيجيتها في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة العربية والتي تهدد الأمن القومي العربي، من خلال إعادة تأسيس العلاقات العربية – العربية علي علاقات واضحة متضمنة التنسيق بين الدول العربية لتحقيق الأمن القومي الإقليمي العربي، في إطار من الشفافية والقواعد الواضحة.

وأعلنت مصر سياساتها الخارجية والتي تقوم علي تبني احترام سيادة الدول العربية علي أراضيها والامتناع عن أي تدخلات في الشئون الداخلية العربية كإطار حاكم لهذه السياسة.

وفي هذا الصدد، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة العربية، أن مصر والدول العربية تسعي إلي تبني استراتيجية عربية شاملة للأمن القومي العربي وتقويم استراتيجيات الدفاع الفعال ضد أي اعتداء للمحاولة للتدخل في الداخل العربي.

إن الاستراتيجية المصرية تجاه مجمل هذه التحديات تقوم علي استعادة زمام المبادرة العربية تجاه القضايا العربية ومواجهة الانتهاك المتكرر لسيادة الدول العربية سواء بالتدخل الخارجي في مجريات التطورات الداخلية أو من خلال دعم الجماعات الإرهابية والطائفية والتي تُستخدم في إطار زعزعة أمن واستقرار الدول العربية.

مصر الحارس الأمين

تبنت السياسة الخارجية المصرية منذ وقت بعيد، ومن خلال ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، سياسة خارجية مبادرة كانت ولا تزل “الحارس الأمين” لقضايا المنطقة العربية، حيث دعمت مصر القضية الفلسطينية والتي تعد القضية المركزية الأولي، فعملت مصر علي في ديسمبر 2017م، علي مشروع قرار أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 128 دولة، للتأكيد علي الحق الفلسطيني المشروع في القدس، الذي أعتبرته مصر حق ثابت وأصيل، خاصة بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية في 6 ديسمبر 2017م، والذي تمثل في إعلان الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والذي يصاحبه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس الشرقية، والذي يمكن أن يؤدي إلي موجة جديدة من أعمال العنف في الشرق الأوسط.

وعليه أكدت مصر، أن فلسطين وعاصمتها القدس حق ثابت وأصيل، غير قابل للتحريف أو المصادرة، ولايزال العرب متمسكين بخيار السلام خيارًا استراتيجيًا وحيدًا، مع العمل مع المجتمع الدولي للوقوف أمام سياسات تكريس الاحتلال وخلق حالة أمر واقع علي الأرض تعصف بالجهود المصرية والعربية والدولية لإحلال السلام.

وعليه أكدت مصر بأن المبادرة العربية للسلام الإطار الأنسب لإنهاء الاحتلال، وتجاوز عقود من الصراع الذي أتي علي الأخضر واليابس، لتبدأ مرحلة من البناء آن لشعوبنا أن تجني ثمارها.

مصر واستمرار المواجهة

تبنت مصر سياسة داخلية وخارجية قائمة علي تقديم الدعم للدول العربية في مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في الداخل المصري، وكذلك في دعم جهود الدول العربية وتقديم الدعم اللازم للدول العربية في مواجهة هذه الجماعات، خاصة في العراق وسوريا واليمن وليبيا.

وكانت العملية العسكرية الشاملة في سيناء أبرز الدلالات علي رغبة الدولة المصرية لمجابهة التنظيمات المتطرفة، والتي بمثابة الدرع الحامي ليس لمصر فقط ولكن للعالم العربي كله، ولعل الجهود الجبارة التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة المصرية، في معركة الحياة والشرف، معركة سيناء 2018، التي تتواصل نجاحاتها يومًا بعد يوم، لدحر قوي الشر والإرهاب التي لا تهدد مصر وشعبها فحسب، بل تهدد المنطقة والحضارة الإنسانية بأسرها.

وعليه تتبني مصر سياسة خارجية من شأنها العمل علي تطوير المنظومة العربية الشاملة لمكافحة الإرهاب، وأشار الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه يجب التوقف نهائيًا عن رعاية الإرهاب ودعمه، بشكل يتناقض كليًا مع تعاليم الإسلام، وأواصر الأخوة والعروبة، بل وقيم الإنسانية والحضارة، خاصة في ظل وجود العديد من الدول العربية والإقليمية التي تدعم بعض الجماعات الإرهابية كجماعة الإخوان، في إشارة إلي دول مثل قطر وتركيا.

الدور المصري: تطور يفرض نفسه

يشهد الدور المصري في المنطقة العربية والإقليمية مزيد من الحضور والتنامي، خاصة في ظل سياسة خارجية مصرية خالصة تعكس التوجهات الوطنية المصرية، واستعادة الدور الريادي المصري في العديد من الملفات الإقليمية العربية.

تجاه سوريا: أدانت مصر علي لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزارة الخارجية المصرية في بيانها، استخدام القوة العسكرية التي استهدفت سوريا، مع التأكيد المصري علي دعمها لجهود المصالحة السورية في ظل القرارات الدولية، مع التأكيد علي رفض مصر استخدام أي أسلحة محرمة في الداخل السوري.

وعليه كان التنسيق المصري – السعودي في توحيد المعارضة السورية، وإبعاد التنظيمات المسلحة التي تحمل السلاح في مواجهة الدولة السورية، في إطار محدد يضمن وحدة سوريا وسلامة أراضيها.

تجاه ليبيا: وقفت مصر أمام التنظيمات الإرهابية والتي تمس الأمن القومي المصري والليبي معًا، حيث قامت القوات الجوية المصرية في فبراير 2015م، وعلي خلفية ذبح 21 مواطنا مسيحيا مصريا علي ساحل درنة، بقصف مواقع الإرهابيين، وذلك بالتنسيق مع الجيش الليبي بقيادة اللواء حفتر.

وفي مايو 2017م، هاجمت مصر العديد من المعسكرات المتطرفة، وقامت بتوجيه ضربة عسكرية للمعسكرات التي يتم التدريب فيها لتوجيه ضربات ضد مصر، وتأتي الضربات المصرية عقب استهداف مسلحين لحافلة تقل أقباطا في طريقهم إلي دير “الأنبا صموئيل المعترف” في محافظة المنيا، بصعيد مصر يوم الجمعة 26 مايو، وأسفر عن مقتل 29 وإصابة 24 أخرين. وهو الهجوم الذي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه. كما أعلنت مصر مجلس الأمن بأن الضربات لمواقع “الإرهابيين” في شرق ليبيا جاءت في إطار الدفاع المشروع عن النفس.

وعليه أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته، إن مصر مستمرة في دعم كل جهد، للحفاظ علي وحدة ليبيا واستعادة مؤسسات الدولة فيها، ولعلكم جميعًا تتابعون الجهود المصرية المستمرة لتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، وخلق ضمانة أمنية تتأسس عليها عملية استعادة الدولة الوطنية في ليبيا والقضاء علي الإرهاب.

تجاه اليمن: عملت مصر علي المشاركة في التحالف العربي مع السعودية من خلال عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل لمحاربة الجماعات المتطرفة في اليمن، والتي تحمل أجندات طائفية، تسعي لتمريرها، وفي ظل الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الاستقرار الداخلي في اليمن، أعلنت مصر عن وجهتها تجاه الأمن القومي عامة، والسعودي بشكل خاص، والتي أدانت الهجمات التي تتعرض لها السعودية من خلال الصواريخ الباليستية التي تطلقها جماعات تتبني أجندة إقليمية طائفية برعاية دول تمثل تهديد للأمن القومي العربي.
المصدر/ المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب