24 ديسمبر، 2024 10:40 م

تحديات ممتدة: الاتجاهات الستة الحاكمة لملامح أفريقيا 2023

تحديات ممتدة: الاتجاهات الستة الحاكمة لملامح أفريقيا 2023

تحديات ممتدة:

الاتجاهات الستة الحاكمة لملامح أفريقيا 2023

إعداد/ دكتور حمدي عبد الرحمن
على الرغم من الآثار السلبية لجائحة كوفيد-19 والحرب الأوكرانية، يتوقع أن تتجنب أفريقيا ركوداً اقتصادياً كبيراً في عام 2023 مع نمو يتجاوز نسبة 3٪ في شمال القارة وجنوب الصحراء. ومع ذلك تظل المخاوف الرئيسية مرتبطة بالأعباء الثقيلة لخدمة الديون، وعدم الاستقرار المصاحب للعمليات الانتخابية، والصراعات العنيفة والإرهاب، فضلاً عن التهديد المستمر لانعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع والظروف الجوية السيئة. ويحدد هذا المقال آفاق أفريقيا عام 2023 من خلال تحليل ستة اتجاهات كبرى سوف تشكل الملامح العامة الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية للقارة الأفريقية.

انتخابات قد تعيد التحول الديمقراطي

من المقرر أن تشهد أفريقيا انتخابات رئاسية أو برلمانية في 17 دولة في عام 2023، في حين أن 13 دولة أخرى سوف تُجري انتخابات عام 2024 مما يجعل الاستعدادات والحملات الانتخابية تتم على قدم وساق. ومن المرجح أن تؤثر هذه الانتخابات بشكل كبير على المشهد السياسي في القارة، إذ يمكن أن تؤدي فترة الانتخابات إلى اضطرابات سياسية في أفريقيا من خلال تزايد إمكانية حدوث احتجاجات سياسية وتظاهرات حاشدة واضرابات في العديد من البلدان. كما تمثل عودة الظاهرة الانقلابية تحدياً كبيراً، حيث شهدت القارة في عام 2022 انقلابين في بوركينا فاسو، فضلاً عن محاولات انقلابية فاشلة في كل من غينيا بيساو وساو تومي وبرينسيب وغامبيا. فهل يمثل عام 2023 قطيعة مع موجة الانقلابات العسكرية التي شهدتها بعض الدول الأفريقية في الأعوام السابقة أم أنه سوف يؤكد محورية دور العسكريين في التطور السياسي لمجتمعاتهم؟

تتوجه الأنظار جميعها صوب انتخابات نيجيريا في فبراير 2023 كونها واحدة من أكبر الاقتصادات في القارة، كما أنها تعاني مشاكل أمنية بالغة التعقيد، وتتسم الأجواء السياسية بالتوتر في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 217 مليون نسمة، وتوصف دوما بكونها “عملاق أفريقيا النائم”. ومن المعروف أن الرئيس الحالي محمد بخاري لن يترشح مرة أخرى بعد إكماله فترتين في المنصب، ما يجعل هذه الانتخابات أداة حاسمة للتغيير. وهناك توقعات متزايدة بين الناخبين الشباب (84% من إجمالي الناخبين) بإمكانية التغيير، حيث يمكنهم تغيير ميزان القوى بين الأحزاب السياسية الرئيسية بطريقة أو بأخرى.

وفي كل الأحوال، لدى الرئيس النيجيري الجديد قائمة طويلة ومعقدة من الأزمات التي يجب إدارتها، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة، وعنف الجماعات المسلحة، والانفصاليين والجهاديين والفساد وغياب المساءلة من قبل المؤسسات الحكومية. فلقد فشلت نيجيريا، أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا، في تحقيق مكاسب من الارتفاع الصاروخي لأسعار النفط العالمية، وربما يرجع ذلك جزئياً إلى سرقات النفط على نطاق واسع والفشل في الحفاظ على البنية التحتية لخطوط الأنابيب. ومع قلة عدد مصافي التكرير، تعتمد نيجيريا على واردات النفط لتلبية احتياجاتها المحلية.

في عام 2023، يمكن أن تتحول الانتخابات الرئاسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيريا وزيمبابوي بالمثل إلى بؤر سياسية ساخنة. حيث سيكافح الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، الذي تولى منصبه بعد انتخابات شابتها تهم التزوير في عام 2018، للبقاء في السلطة وسط عنف الميليشيات المسلحة. كما انشغل الحزب الحاكم في زيمبابوي بحبس خصومه السياسيين، حيث قامت إدارة الرئيس إيمرسون منانجاجوا، الذي أعلن ترشحه للانتخابات القادمة، بسجن شخصيات بارزة من حزب “تحالف المواطنين من أجل التغيير” المعارض. وبشكل عام، سوف يصوت الأفارقة من أجل التغيير – على الرغم من أنهم قد لا يحصلون عليه.

قلق جيوستراتيجي في القرن الأفريقي

يمكن الحديث عن ثلاثة اتجاهات إقليمية كبرى تشكل ملامح المشهد الجيوستراتيجي للقرن الأفريقي خلال عام 2023:

1-عملية السلام المراوغة في إثيوبيا: في نوفمبر عام 2022، وقعت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير التيغراي اتفاقاً لوقف الأعمال العدائية في بريتوريا بجنوب أفريقيا. توقف القتال، ولكن لا تزال هناك عقبات أمام تحقيق نهاية دائمة للحرب الأهلية في البلاد التي استمرت عامين. لم يكن انسحاب إريتريا من تيغراي جزءاً من الصفقة، ويبدو أن الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، يسعى للقضاء على جبهة التيغراي، التي قادت إثيوبيا خلال حرب حدودية ضد إريتريا بين عامي 1998 و2000. كما لا تزال الأعمال العدائية مستمرة في منطقة أوروميا، مسقط رأس رئيس الوزراء الإثيوبي، حيث يُتهم جيش تحرير أورومو بقتل مئات المدنيين، وكثير منهم من جماعة الأمهرة العرقية. إضافة إلى هذا الوضع بالغ التعقيد والتشابك، فإن ميليشيات الأمهرة التي قاتلت إلى جانب الجيش الإثيوبي في التيغراي متهمة أيضاً بارتكاب جرائم حرب في النزاعات الإقليمية. ومع ذلك، لا تزال هناك بوادر إيجابية للمصالحة مع بدء إثيوبيا معالجة الأزمة الإنسانية في التيغراي. ومن المرجح أن يكون الحوار حول المطالبات الإقليمية وإدارة المنطقة على رأس أولويات رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد خلال عام 2023. غير أن التحدي الأكبر سوف يتمثل في إعادة الإعمار، فوفقاً للإحصاءات الرسمية، تحتاج إثيوبيا اليوم إلى 3.6 مليار دولار لإعادة الإعمار، على الرغم من أن التكاليف الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير. وفي غضون ذلك، ارتفع تضخم أسعار المواد الغذائية بنسبة مذهلة بلغت 40٪.

2- ثلاثية أزمات المناخ والفساد والصراع بالصومال: على الرغم من المكاسب التي حققتها الحكومة الفيدرالية في مواجهة حركة الشباب الإرهابية فإنه بعد عامين من الجفاف مصحوباً بحرب استنزاف مطولة بين الجيش والحركة الإرهابية المرتبطة بالقاعدة، لا تزال الصومال نموذجاً قياسياً “للدولة الفاشلة”. ففي الوقت الذي يتضور فيه الناس جوعاً، لا تزال النخبة السياسية الحاكمة المنتخبة على أسس عشائرية غارقة في الفساد، ولا تستطيع تلبية طموحات القاعدة الشعبية العريضة. وقد تفاقم الوضع بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا. قبل الغزو، كانت الصومال تحصل على 90٪ من قمحها من البلدين. ولكن مع تعطل سلاسل التوريد، فإن سفن الإغاثة القليلة التي تصل محملة بالحبوب غير كافية على الإطلاق في ظل أزمات التغير المناخي واشتداد حدة الصراعات المسلحة. ومن المحتمل أن تهدد الأزمة المستمرة في الصومال، الذي كان مزدهراً ذات يوم بمناطق الصيد الغنية، بجر جمهورية صوماليلاند، التي أعلنت استقلالها من جانب واحد عام 1991، إلى الهاوية، وهي دولة ظلت حتى اليوم تقدم صورة ناجحة لبناء الدولة مغايرة تماماً لنموذج مقديشيو.

3- اقتراب إريتريا من الصندوق الأسود. في حين أن الديناميكيات التي سوف تحدد مصير كل من الصومال وإثيوبيا في السنوات المقبلة واضحة نسبياً، فإن إريتريا، التي يُطلق عليها مصطلح نموذج “كوريا الشمالية في أفريقيا”، تظل بعيدة عن حسابات وتقديرات المستقبل، إذ على الرغم من الأهمية الجيوستراتيجية لهذه الدولة الصغيرة المطلة على البحر الأحمر فإنها بمنزلة الصندوق الأسود، حيث لا تتوفر إحصاءات حول الجوع أو تأثيرات جائحة كوفيد-19. ولكن من المؤكد أن حاكمها العجوز، أسياس أفورقي، سوف يواصل إحداث الفوضى في عام 2023، حيث يبدو أن سياساته تهدف إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الفوضى في المنطقة.

تنامي “الدبلوماسية العسكرية” لرواندا

تعد رواندا دولة صغيرة غير ساحلية ذات كثافة سكانية عالية وموارد طبيعية محدودة، على عكس بعض جيرانها. لقد مرت بمسار إنمائي نموذجي بعد الإبادة الجماعية عام 1994، وهي مشهورة على نطاق واسع بنموها الاقتصادي، ومعدلات الحد من الفقر، والسلامة العامة والأمن. وعلى الرغم من سجلها السلبي في مجال حقوق الانسان، لا تزال إدارة الرئيس الرواندي بول كاغامي خامس أكبر مساهم في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على مستوى العالم – مما يؤثر على صورتها العالمية. وتتمتع كيغالي بالقدرة الدبلوماسية على التوسط في صفقات المعاملات مع الدول الأفريقية لتنويع الاقتصاد وزيادة الاكتفاء الذاتي، كما تعمل على تعبئة أصولها الرئيسية – الاحتراف العسكري، والاستقرار السياسي، و”العلامة التجارية لرواندا” – لصالح سياستها الخارجية. وعليه يجب أن يُنظر إلى عمليات الانتشار في جمهورية أفريقيا الوسطى وموزمبيق على أنها دبلوماسية عسكرية تدعم الطموحات الاقتصادية التي تغذي القوة الناعمة للبلاد. ومن المحتمل أن تدرك رواندا أنها الوكيل الموثوق للغرب في المنطقة من خلال مشاركتها في الخارج ودعمها للأمن في أفريقيا. وفي الوقت نفسه، تتابع رواندا تصنيع اللقاحات في أفريقيا. كما يطمح كاغامي في أن تصبح البلاد رائدة قارية في مجال الطاقة النووية المدنية ومركزاً للمهاجرين المستبعدين من أوروبا. ومع ذلك، فإن التوترات المتصاعدة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية سوف تؤثر على مشهد الاستقرار الإقليمي في منطقة البحيرات العظمى. إذ تواصل رواندا دعم الهجمات في شرق الكونغو من قبل جماعة متمردة من حركة 23 مارس من التوتسي. ويصر كاغامي -كما أعلن أثناء مشاركته في القمة الأمريكية الأفريقية الثانية- على أن: “المشكلة ليست من صنع رواندا، وليست مشكلة رواندا، وإنما هي مشكلة الكونغو”.

تصاعد الصراعات في غرب ووسط أفريقيا

تتسم منطقة غرب ووسط أفريقيا بتزايد عدم الاستقرار وانتشار التطرف العنيف. وقد شهدت بعض دول المنطقة مثل تشاد وبوركينا فاسو ومالي وغينيا، انقلابات عسكرية، وهو ما يعني وجود حالة من عدم اليقين بشأن عملية الانتقال السياسي في هذه الدول. ولا تزال الحالة مقلقة في الكاميرون ونيجيريا، حيث يسود انعدام الأمن بشكل كبير في أجزاء من هذين البلدين.  بالإضافة إلى ذلك، لا يزال شمال موزمبيق مصدر قلق بالغ، حيث يدفع الإرهاب الجهادي العنيف الناس إلى الفرار. كما يعتبر شرق الكونغو أيضاً نقطة اضطراب كبرى، حيث تقاتل أكثر من 100 جماعة مسلحة من أجل السيطرة على الإقليم، مما أدى إلى تأجيج أزمة استمرت لعقود. وغالباً ما يتم استهداف المواطنين. وبعد ما يقرب من نحو عقد من السكون، شنت حركة إم 23 هجوماً جديداً في عام 2022، مما أجبر العائلات على الفرار من منازلهم وتعطيل المساعدات الإنسانية.

ما الذي نتوقعه؟  من المرجح أن يزداد الوضع سوءاً في بوركينا فاسو مع تكثيف الجماعات المسلحة لهجماتها والاستيلاء على الأراضي. وقد ساهمت التوترات بين الفصائل السياسية في البلاد في حالة عدم الاستقرار، حيث استولى الجيش على السلطة مرتين في عام 2022 وحده. كما أدى تزايد عدد مجموعات الحراسة الأهلية إلى زيادة العنف. ومن المرجح أن يؤدي التوسع في عدد هذه المجموعات إلى زيادة عدم الاستقرار السياسي، لاسيما أن الجماعات المسلحة تسيطر اليوم على ما يقرب من 40 % من مساحة البلاد. كما أن بعض المدن في شمال بوركينا فاسو معزولة بالكامل تقريباً. وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 30 %، وهي من بين أعلى معدلات تضخم أسعار المواد الغذائية في العالم.

استمرار التأزم الاقتصادي ومظالم المجتمعات

تغذي الأوضاع الاقتصادية المتردية المظالم الاجتماعية في جميع أنحاء القارة الأفريقية. من المرجح أن تواجه البلدان في جميع أنحاء القارة مشكلة انعدام الأمن الغذائي، وحالات الطوارئ الإنسانية، وتراجع الدعم الحكومي وأزمات البطالة على خلفية أعباء الديون المتزايدة، مما سيؤدي إلى تقلبات سياسية وحالات من عدم الاستقرار السياسي. وسيؤدي الانكماش الاقتصادي العالمي إلى زيادة مخاطر عدم الاستقرار المالي والتخلف عن سداد الديون السيادية في جميع أنحاء المنطقة. وسوف تواجه البلدان المتخلفة عن سداد ديونها بالفعل (مثل تشاد وزامبيا) آفاق انتعاش اقتصادي صعبة للغاية. كما سوف تؤدي الظروف الاقتصادية المتدهورة إلى تأجيج حدة المظالم المجتمعية طويلة الأمد بشأن قضايا، مثل البطالة وعدم المساواة وانعدام الأمن الغذائي. لكن من غير المحتمل أن تنجح الحكومات في تهدئة حالة الاستياء من خلال زيادة الإنفاق العام من دون تفاقم أعباء ديونها. ومن المرجح أن تؤدي المصاعب الاقتصادية المقترنة بالأزمات الاجتماعية وتصورات عجز الدولة إلى تظاهرات عامة تطالب باتخاذ إجراءات حكومية في بلدان كثيرة مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا والسنغال وجنوب أفريقيا وزيمبابوي، من بين بلدان أخرى. وقد تفضي هذه العوامل مجتمعة إلى أوضاع سياسية غير مستقرة، حيث تحاول النخب الحاكمة إلقاء اللوم على كبش الفداء السياسي، وتحاول أحزاب المعارضة في الوقت نفسه الاستفادة من تراجع شعبية الأحزاب الحاكمة. وفي حالات عدم اليقين السياسي القصوى، قد يحاول القادة العسكريون الاستفادة من حالات الغليان الشعبي والصعوبات الاقتصادية للانقلاب على السلطة، لاسيما في منطقة الساحل وغرب أفريقيا.

وعلى الرغم من النظرة التشاؤمية للاتجاهات الاقتصادية الكلية فإن صندوق النقد الدولي يتوقع بأن تكون أربعة بلدان أفريقية جنوب الصحراء – السنغال وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا والنيجر – من بين الدول العشر الأسرع نمواً على مستوى العالم في عام 2023. ومن المرجح أن يفوق نمو هذه الاقتصادات في المتوسط وتيرة مستويات ما قبل جائحة كوفيد_19. وعليه يصبح من الأفضل للمستثمرين التفكير في الأسواق الأفريقية عام 2023 باعتبارها وجهة استثمارية واعدة، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن تنمو منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بنسبة 3.6٪ في عام 2023، وأفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 3.7٪.

زيادة تدهور المناخ يفرض سياسات تكيفية

لقد تسبب أسوأ جفاف منذ أربعة عقود على الأقل في منطقة القرن الأفريقي في شرق القارة والفيضانات ونقص المياه في منطقة الساحل بغرب أفريقيا في تعرض 76 مليون شخص لانعدام الأمن الغذائي. ولم يكن من المستغرب أن يتصدر الصومال قائمة مراقبة الطوارئ لعام 2022 الصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية، وهي قائمة عالمية للأزمات الإنسانية التي رصدت أزمات وصراعات في 20 دولة، التي من المتوقع أن يزداد تدهور أوضاعها خلال عام 2023. وتشهد منطقة القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف لها منذ 40 عاماً، حيث تضرر حوالي 7.8 مليون صومالي. ومن المتوقع أن يؤدي فشل موسم الأمطار الخامس على التوالي إلى دفع 8.3 مليون شخص – نصف سكان الصومال – نحو الجوع الشديد بحلول منتصف عام 2023. وقد أعرب الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، عن قلقه من أن يؤدي إعلان المجاعة إلى تحويل المساعدات الدولية عن أولويات الحكومة الأخرى، بما في ذلك قتال جماعة الشباب الإرهابية. وطبقاً لمجلس اللاجئين النرويجي فإن “المجاعة موجودة بالفعل وتقتل عشرات الآلاف في صمت في الصومال”. ومما يجعل الأمور أكثر تعقيداً هو أن أزمة الصومال متعددة الأوجه – العنف المسلح المتزايد من قبل جماعة الشباب المتطرفة المنتسبة للقاعدة، إلى جانب ظروف الجفاف القاسية، وهو ما يمكن أن يفضي إلى مزيد من الصراع العنيف.

وفي منطقة الساحل، التي تضم دولاً مثل مالي والنيجر، ارتفعت مستويات سوء التغذية بنسبة 60٪ عما كانت عليه في عام 2018. ويعاني حوالي 1.4 مليون طفل دون سن الخامسة من الهزال الشديد الناجم عن سوء التغذية الحاد الذي يؤدي إلى الإسهال وضعف جهاز المناعة. ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن الطقس في عام 2023 سيكون أفضل من الطقس في الأعوام السابقة. ما تراه هو أن الأمور تزداد سوءاً عاماً بعد عام. ولعل ذلك يفرض ضرورة تبني سياسات حكومية فعالة للتكيف مع التغير المناخي.

ختاماً: فإن التحديات المرتبطة بالمناخ والصراعات العنيفة من المرجح أن تستمر عقبة أمام تحقيق أهداف التنمية الأفريقية. ومع ذلك فإن أعباء خدمة الديون سوف تصبح أكثر إشكالية، حيث ستؤثر الحاجة إلى تدبير مبالغ كبيرة في وقت تتزايد فيه تكاليف الاقتراض المحلية والدولية بشكل كبير على بعض البلدان في عام 2023. وقد تصبح الأمور أكثر إيلاماً في عام 2024 عندما يحين موعد سداد المزيد من مدفوعات الديون.

ومن جهة أخرى يمكن أن يصاحب الانتخابات العامة حالة من عدم الاستقرار في أفريقيا، بحيث تكون دورة 2023- 2024 مختلفة، مع وجود مخاطر عالية من الاحتجاجات السياسية والتظاهرات الجماهيرية والإضرابات في مجموعة من البلدان. فهل يستطيع شعار “الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية “الذي يؤمن به كثير من الساسة الأفارقة مواجهة هذه التحديات عام 2023؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة