20 سبتمبر، 2024 4:42 ص
Search
Close this search box.

تاريخ اختبارات الذكاء 2.. بعد الأربعين يساعد ذكاء التبلور الكتاب والفلاسفة

تاريخ اختبارات الذكاء 2.. بعد الأربعين يساعد ذكاء التبلور الكتاب والفلاسفة

خاص: إعداد- سماح عادل

بذل علماء النفس في العصر الحديث جهودا كبيرة وهامة في محاولة قياس الذكاء للإنسان، ورغم اختلاف رؤاهم وتوجهاتهم، إلا أن نتاجاتهم كانت مبهرة في محاولة قياس وفهم مظاهر ذكاء الإنسان، ومكمن مهارات العقلية.

الذكاءات السبع..

قبل عالم النفس “ثروستون” فرضية “سيبرمان ” حول قياس الذكاء عن طريق “العامل العام- القدرة العامة”، لكنه لم يعطها أهمية كبيرة باعتبارها لأنها لا تقيس الذكاء الإنساني بصورة دقيقة. ويبرر “ثروستون” شهرة فرضية “سيبرمان” بسبب سهولة قياسها للقدرات العقلية الأولية. ولقد عدها عامل ثان في قياس الذكاء، وليس عاملا أوليا. وقد حدد سبعة أنواع من قدرات الذكاء، وعد الذكاءات السبع عاملا أوليا في قياس الذكاء، وهي: فهم العلاقات اللفظية والطلاقة اللفظية والعدد والذاكرة وسرعة الإدراك الحسي والتصور المكاني والتفكير. وقد تم قبول نظريته، لكن لم تستخدم بصورة عملية إلا قليلا بسبب الصعوبات الشديدة في التحليل والتطبيق التي التي تحتاجها لتنفيذها.

فهم العلاقات اللفظية الشفهية: تعني القياس اللفظي، وزيادة المفردات، والقراءة، وما إلى ذلك.

الطلاقة اللفظية: هي القدرة على توليد الكلمات بسرعة، والتلاعب بعدد من الكلمات ذات خصائص محددة، مثل الجناس، أو النظم.

العدد: القدرة على العد بسرعة وإجراء العمليات الحسابية بدقة.

الذاكرة: امتلاك ذاكرة ترابطية.

سرعة الإدراك الحسي: السرعة في إدراك الأشياء بشكل بصري، والتركيز في التفاصيل، والمختلف والمتشابه.

التصور المكاني: امتلاك القدرة على التخيل المكاني، والقدرة على إدراك الأبعاد الجغرافية.

التفكير: المهارة في امتلاك  أنماط التفكير، كالتفكير الاستقرائي، والاستنتاجي، والمنطقي، وغيرها.

تعتبر نظرية “ثرستون” أول نظرية تتعرض الذكاءات المتعددة تحت اسم “المدخل المتعدد للذكاءات” (Multi-Factor Approach to Intelligence). لم تُستخدم على نطاق واسع لأنها لا تتنبأ بشكل دقيق بالأداء الأكاديمي. رغم أنها نظرية أكثر دقة في وصف القدرات العقلية (الذكاءات الإنسانية) أكثر من نظرية الذكاء العام (g) حيث الدرجة التي يحصل عليها الشخص في اختبار الذكاء ليس لها معني.

النموذج الهرمي..

قام عالم النفس “فيليب إوارت فيرنون”، زميل مساعد ل”سيبرمان”، بتطوير نموذجه في محاولة لعلاج الضعف الأساسي في نموذج “سيبرمان” أستاذه، يتمثل الضعف في تعظيم “سيبرمان” للعامل العام على حساب القدرات الفرعية. أعترف “فيرنون” عام 1950 أن نقطة الضعف الأساسية في نموذج “سيبرمان” هي إمكانية تحول أي قدرة عامة إلى قدرة خاصة من خلال البراعة في بناء الاختبارات. وحذر “فيرنون” عند بناء الاختبار من العوامل التي علي درجة عالية من التخصص، لأنها ليس لها أي معني في الحياة اليومية.

طور “فيرنون” (1960، 1965، 1971)، و”كارول” ( 1993) نموذج هرمي يحتل فيه نموذج “سيبرمان” “العامل العام- القدرة العامة” قمة الهرم، ثم المستوى الثاني الذي يحوي القدرات الرئيسية التي تنقسم إلى قدرتين رئيسيتين: القدرة اللفظية التربوية، والقدرة العملية الميكانيكية. والمستوى الثالث قاعدة الهرم يحوي القدرات الفرعية مثل القدرات الخاصة ل”سيبرمان” والذكاءات الإنسانية ل”ثروستون”.

هذا الدمج بين نموذج “سيبرمان” و”ثروستون” في نموذج “فيرنون” أتاح له لأن يكون أكثر النماذج قبولا في وقتنا الحالي. وقسم “فيرنون” درجة الاختبار الكلية (100 درجة) بين المستويات الثلاثة إلى: العامل العام (نموذج سيبرمان) 40%، والقدرات الرئيسة 10%: ممثلة في القدرة اللفظية التربوية، والقدرة العملية الميكانيكية، أما القدرات الفرعية 40% فتتكون من القدرات الخاصة لسيبرمان، والذكاءات الإنسانية لثروستون، أما الـ 10%، معامل تباين في درجات الاختبارات.

الذكاء والإبداع..

“جيلفورد” كان طبيبا نفسانيا مهتما بتطوير اختبارات لتحديد المرشحين للتدريب كطيارين خلال الحرب العالمية الثانية. اتسعت اهتماماته في تطوير اختبار لقياس مهارات التفكير الأخرى، ونتائج أبحاثه كانت نموذج “جيلفورد” لقياس الذكاءات المتعددة الأخرى. ل”جيلفورد” أول عالم من علماء النفس في العصر الحديث بحث في مجال “الإبداع”. وبدأ دراسته عن الإبداع من رفضه للفكرة كان الناس يعتقدون فيها، وهي أن الإبداع ناتج طبيعي لاختبار الذكاء العام “g”.

عمل “جيلفورد” علي دحض تلك الفكرة، مستخدما “تقنية العامل التحليلي” يعزل بها أنواع التفكير الأخرى عن التفكير الإبداعي الذي يتم قياسه باختبار الذكاء العام “IQ”.

خالف “جليفورد ” غالبية المنظرين لعامل الذكاء العام “g”، ورفض الاعتراف بوجود العامل العام بشكل مطلق، واقترح بدلا منه نموذجه للذكاءات، يضم 180 قدرة ابتدائية (5x6x6)، مكونة من مزيج من ثلاثة أبعاد: المحتويات: 5 أنواع، والمنتجات: 6 أنواع، والعمليات: 6 أنواع، كما التالي:

1 –  المحتويات: تعني أن الناس يفكرون بطرق مختلفة اعتمادا على اختلاف المعلومات. قسم “جليفورد” المحتويات إلى خمسة أنواع: المعلومات البصرية (Visual Information) المأخوذة من الحواس أو التصوير، والمعلومات السمعية (Auditory Information) من الحواس أو الأصوات، والعناصر الرمزية (Symbolic Items) مثل الكلمات والرموز التي تنقل المعاني، والمعاني الدلالية (Semantic Meanings)، وترتبط بالكلمات، والمعلومات السلوكية (Behavioral Information) وهي الحالات الذهنية وسلوكات الأفراد الملاحظة.

2 – المنتجات: وتعني أنواع المعارف التي يعالجها التفكير، وتنقسم ل:

– الوحدات (Unites): القدرة على إدراك “الوحدة” في محتوى معين، فالدروس (Lessons): تشير إلى تنظيم وفرز الوحدات في مجموعات ذات معنى مشترك، والعلاقات (Relations): القدرة على الإحساس بالعلاقات بين أزواج من الوحدات، والأنظمة (Systems): تتكون من العلاقات بين أكثر من زوجين من الوحدات، والتحولات (Transformations): القدرة على فهم المتغيرات في المعلومات مثل التورية في المعاني الدلالية، والتداعيات (Implications): التوقعات بناء على المعلومات المُعطاة.

3-  العمليات: تعني العمليات التي يقوم الدماغ بها في المحتويات الخمسة المذكورة. وهذه العمليات: الإدراك (Cognition): القدرة على إدراك عناصر مختلفة وتغيرات المعرفة محل التفكير، والذاكرة التسجيلية (Memory Recording): القدرة على تشفير المعلومات، والذاكرة الحافظة (Memory Retention): القدرة على تذكر واسترجاع المعلومات، والتفكير المتشعب (Divergent Thinking): القدرة على العثور على أعداد كبيرة من الأفكار المناسبة للمعرفة محل التفكير، والتفكير المتقارب (Convergent Thinking): البحث في الذاكرة عن سبب واحد للإجابة عن سؤال معين (يُطلق على هذه العملية التفكيرية: التفكير المنطقي)، والتقويم (Evaluation): القدرة على عمل محاكمات عقلية لأنواع متعددة من المعارف.

ذكاء التدفق والتبلور..

“رايموند بيرنارد كاتل” عالم نفسي أمريكي من أصل بريطاني، وصل للمرتبة السادسة عشر لأكثر علماء النفس المؤثرين في القرن العشرين، وطور حوالي 30 اختبارا معياريا. ويعتبر من المشجعين لاستخدام المناهج التحليلية للعامل (factor analytical methods)  بدلا مما أطلق عليه “التطوير اللفظي للنظرية” لمعرفة الأبعاد الأساسية للشخصية والدافع والقدرات الإدراكية.

إحدى أهم نتائج تطبيق تحليل العوامل الخاص ب”كاتل” هي اكتشافه لـ 16 عاملاً تشكل الأساس للشخصية البشرية. وأسمي تلك العوامل “سمات المصدر” لاعتقاده أن هذه العوامل تعطي المصدر الأساسي للسلوكيات الظاهرية التي يعتقد أنها تمثل الشخصية. نظريته معروفة بنظرية “عوامل الشخصية والمعيار”، وتستخدم 16 نموذجا في قياس الشخصية، و16 استبيانا لعوامل الشخصية.

درس “كاتل” الأبعاد الأساسية للنطاقات الأخرى: كالذكاء والدافع والمصالح المهنية. ووضع نظرية “الذكاء السائل والذكاء المتبلور” ليفسر ويشرح القدرة الإدراكية للبشر. كما أنتج اختبار “كاتل” المتحرر من أثر الثقافة، لتقليل انحياز اللغة المكتوبة والخلفية الثقافية في اختبار الذكاء إلى الحد الأدنى.

نموذج “كاتل” مقسم إلي: الذكاء المتدفق (السائل) وهو القدرة على رؤية العلاقات بين الأشياء، خلال الأربعين سنة الأولى في حياة الإنسان. والقسم الثاني الذكاء المتبلور بعد عمر 40 سنة، حيث يحيط بالمعارف والمهارات. وهناك عدد قليل من الاختبارات وفقا لهذه النظرية، مثل اختبار KAIT (اختبار الذكاء كوفمان للمراهقين والكبار)، وهي تنسب إلى اختبارات الذكاء العام، وتشمل مقياسين: ذكاء التدفق، وذكاء التبلور.

شرح “كاتل” علاقة عمر الإنسان بالذكاء السائل، وذكاء التبلور. حيث أن ذكاء التدفق يقل مع التقدم في العمر؛ مع زيادة ذكاء التبلور مع التقدم في العمر. فالمقابلة بين الرياضيين والعلماء تشرح هذه العلاقة العكسية بين نوع الذكاء وعمر الإنسان، يحتاج الرياضيون إلى الذكاء السائل في العشرينات والثلاثينات من عمرهم ليحققوا أفضل الأرقام، والعلماء والأدباء والفلاسفة يحتاجون إلى ذكاء التبلور لأن أفضل إنتاجهم يكون بعد الأربعين حيث يكون لديهم تراكم معرفي، وخبرات واقعية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة