15 نوفمبر، 2024 10:46 ص
Search
Close this search box.

تاريخ إيران الحديثة

تاريخ إيران الحديثة

عرض: محمد بدري عيد
تمهيد
يُعد هذا الكتاب مقدمة في تاريخ إيران الحديث كُتبت أساسًا للقارئ غير المتخصص؛ حيث يسلط الضوء على فترة بالغة الأهمية من تاريخ إيران الحديث والمعاصر، والتي تمتد من نهايات القرن الـ 19 وحتى بدايات القرن الـ 21، مرورًا بقيام الثورة الإسلامية كحدث مفصلي في التاريخ الإيراني المعاصر.

ويتتبع الكتاب، في نحو 312 صفحة، التطورات الجوهرية التي لحقت بإيران، منذ ما قبل عهد الشاه، وصولاً إلى فوز الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بالانتخابات في فترة ولايته الأولى عام 2005، مع ملحقين مهمين: أولهما يتضمن تسلسلاً زمنيًا موجزًا لأهم المحطات التاريخية في إيران على امتداد الفترة الزمنية التي يغطيها الكتاب، وأما الملحق الثاني فيشتمل على تعريف مقتضب لأبرز الشخصيات السياسية والدينية والفكرية الإيرانية في هذه الفترة، من أمثال: الشاه أحمد آخر ملوك القاجار في إيران، ورئيس الوزراء الأبرز في إيران ما قبل الثورة الإسلامية محمد مصدق، والشاه رضا بهلوي وابنه محمد، ورموز الثورة والجمهورية الإسلامية: روح الله الخميني، وعلي شريعتي، والمرشد الأعلى الحالي للثورة الإيرانية علي خامنئي، وأول رئيس لإيران أبو الحسن بني صدر، والرؤساء السابقين: هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد، وغيرهم.

وعلى امتداد هذه الفترة الزمنية، يتتبع مؤلف الكتاب إرفند إبراهيميان، أهم التطورات التي لحقت بإيران، الدولة والمجتمع، على مختلف المستويات السياسية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والديمغرافية، والحضارية، وهي الفترة التي يطلق مؤلّف الكتاب عليها اسم “القرن العشرين الطويل في إيران”؛ وذلك بدءًا من أصول الثورة الدستورية في نهاية تسعينات القرن التاسع عشر، حتى توطيد دعائم الجمهورية الإسلامية في بدايات القرن الحادي والعشرين.

وخلال هذا التتبع التاريخي، وعبر فصول الكتاب الستة ذات الحجم المتوسط، يؤصّل المؤلف، لمقارنات مهمة، على المستويات كافة، بين إيران القرن العشرين، وإيران مطلع القرن الحادي والعشرين، ولاسيما فيما يتعلق بالتطورات التي شهدتها على الصعيد الداخلي.

أما مؤلّف الكتاب، إرفند إبراهيميان، فهو أستاذ التاريخ في كلية باروك التابعة لجامعة مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، وُلِد في إيران عام 1940، ونشأ في المملكة المتحدة، ويُعد من أبرز مؤرخي تاريخ الشرق الأوسط، وبصفة خاصة إيران، وله مؤلّفات عدة في هذا الشأن، أبرزها: “إيران بين ثورتين”، و”الخمينية”، و”اختراع محور الشر”.

وتهدف القراءة النقدية لهذا المؤلَّف إلى تبيان الملامح العامة للمسار التاريخي للتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إيران الحديثة، وتحقيق تراكم معرفي يوضح كيف آلت الأوضاع في هذه الدولة المحورية في الشرق الأوسط، إلى ما هي عليه الآن، ولماذا؟ بما يُمكّن القارئ من تلمس دلالات هذه التطورات في استشراف ما هو قادم خلال الفترة المقبلة، في إيران الدولة والمجتمع، لاسيما في وقت تشهد فيه دول المنطقة تغيرات وتحولات متسارعة وعميقة، على مختلف الصُعد، في ضوء تداعيات ثورات الربيع العربي.

إيران الدولة والمجتمع

يقدم إرفند إبراهيميان في الكتاب بانوراما حافلة ومسحًا عامًا لإيران في القرن العشرين، محاولاً تفسير كيف وصلت الدولة والمجتمع الإيراني إلى بدايات القرن الحادي والعشرين انطلاقًا من القرن التاسع عشر.

وفي سبيل ذلك، ينظر الكتاب إلى الديناميات المعقدة بين التطورات السياسية من جهة والتطورات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية والثقافية من جهة أخرى داخل إيران خلال هذه الحقبة الزمنية الممتدة،كما يصور التغير السياسي الحاصل كما تعكسه الأيديولوجية الرسمية للدولة والثقافية المجتمعية الأوسع.

فقد تتبع الكتاب، بتفصيل واضح وإسهاب مفرط، التغيرات العميقة التي طالت كل جوانب الحياة في إيران خلال القرن العشرين، وبيّن كيف أصبحت دولة مركزية تمتلك بنية مؤسسية وجيشًا قويين مع النصف الأول من القرن الماضي، بعدما كانت تقوم على نمط أقرب للامركزية غير المنظمة تحت حكم ملوك القاجار، منذ أواخر القرن الثامن عشر، والذين لم يرتكز حكمهم على شرعية الدين أو البيروقراطية بل من خلال الأعيان المحليين؛ حيث عمدوا إلى تثبيت ملكهم من خلال التلاعب المنظم بالانقسامات السائدة آنذاك في المجتمع الإيراني لاسيما القبلية والعرقية والطائفية والإقليمية.

ويقتفي الكتاب، أيضًا، أثر التحول من الإقطاع إلى رأسمالية الدولة، ومن الانتقال من كونها مجرد إقليم جغرافي مترامي الأطراف غير مترابط ومكون من القرى الصغيرة، إلى اقتصاد حضري مندمج تتنافس فيه الطبقات المختلفة لحيازة مصادر القوة داخل بنية الدولة.

كما يسلط الضوء، على نحو موجز وعابر، على التحولات العميقة التي حدثت، كنتاج لتلك التغيرات الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، في الذهنية الشعبية والوعي الجمعي للمجتمع الإيراني ككل. وباختصار، يمثل هذا الجزء من الكتاب، ليس فقط التاريخ السياسي أو الاقتصادي الرسمي للدولة، بل تاريخ المجتمع الإيراني كله.

الثورة الدستورية والحرب الأهلية

ساهمت الهزائم العسكرية التي مُنِيَ بها الجيش الإيراني على يد روسيا ثم بريطانيا خلال الربع الأول من القرن التاسع عشر، وما ترتب عليها من توقيع معاهدة باريس المهينة عام 1857، ومنح امتيازات واحتكارات للأجانب، ساهمت في توفير بيئة مواتية لغضب مجتمعي، زاد حدة مع إفلاس حكومة طهران وزيادة الضرائب وارتفاع معدل التضخم، فكان أن اندلعت احتجاجات في الخامس من أغسطس/آب عام 1906 ضد الشاه مظفر الدين، الذي اضطر إلى توقيع إعلان ملكي بإجراء انتخابات برلمانية أسفرت عن إصدار دستور للبلاد وتأسيس المجلس الوطني.

غير أن ما باتت تُعرف بـ”الثورة الدستورية” لم تعمر طويلاً، بسبب افتقادها لآلية توحيد ودمج القوة وكذلك لبطء تطبيق الإصلاحات، وسرعان ما انقلب عليها الشاه محمد علي، الذي ارتقى العرش عام 1907؛ مما فجّر حربًا أهلية بين أنصار المجلس الوطني والموالين للشاه في يوليو/تموز عام 1910، ونتج عن ذلك فرار الشاه إلى روسيا وتعيين ابنه القاصر محمد خلفًا له وعُيّن عمه عبد المحسن أزد وصيًا على العرش، في وقت تعززت من جديد سلطات حكام الأقاليم والأعيان، وازدادت الأوضاع الاقتصادية والمالية سوءًا، تزامنًا مع الحرب العالمية الأولى؛ حيث كانت إيران، رغم إعلانها الحياد الرسمي في الحرب، ساحة لمعارك القوى الكبرى.

حكم أسرة بهلوي

في 21 فبراير/شباط عام 1921 استولى قائد حامية لواء القوزاق في بحر قزوين الجنرال رضا خان، على العاصمة طهران وأعلن الأحكام العرفية، لكنه طمأن الشاه أحمد بأنه جاء ليحميه من البلاشفة الروس، إلا أنه سرعان ما خلعه عام 1926 ونصّب نفسه ملكًا، ليصبح الجنرال رضا خان؛ الشاه رضا بهلوي.

وخلال فترة حكمه التي امتدت نحو 15 عشر عامًا (1926-1941)، دشّن الشاه رضا بهلوي دولة إيران الحديثة، وأسسها على دعامتين رئيسيتين، هما: الجيش، والبيروقراطية، وحولها إلى دولة مركزية قوية تدين له بالسيطرة والولاء في كل القطاعات بما في ذلك البرلمان والاقتصاد والثقافة والتعليم، فيما عُرف بمنهج “الدولتية”، إلا أنه في المقابل نجم عن هذه التحولات تغيرات اقتصادية واجتماعية سلبية ساهمت في نشوء معارضة لحكم الشاه رضا من قِبل طبقة المثقفين الجدد الذي رأوا في حكمه نمط “المستبد الشرقي”، وبمرور الوقت اكتسبت هذه المعارضة الطابع العلني واتسع مداها مما اضطر الشاه للتخلي عن العرش، لابنه وولي عهده محمد، بعدما رضخ لضغوط روسيا وبريطانيا، اللتين قامتا بغزو الأراضي الإيرانية عام 1941 إبان الحرب العالمية الثانية، وقررتا عزل الشاه توددًا للإيرانيين، وأبقيتا على نظامه الملكي ضمانًا للسيطرة على إيران كممر حيوي للحلفاء.

واستمر حكم الشاه محمد رضا بهلوي ضعيفًا حتى عام 1953 حين قام بانقلاب على رئيس الوزراء الشعبي محمد مصدق، ومن ثم أعاد نظام والده واسترد سلطته المطلقة على البلاد.

وخلال أربعينات وخمسينات القرن الماضي، عاد الأعيان من جديد، ووسّعوا نفوذهم في الحياة السياسية من خلال تكتل أحزاب سياسية في البرلمان تحت اسم “الفراكسينات”، مقابل ضعف الأحزاب ذات التوجه الوطني.

وهكذا، أصبح حكم أسرة بهلوي متلازمًا مع الإمبريالية السياسية والاقتصادية، فيما تراجع تأثير تيار الاشتراكية والقومية في الأوساط الشعبية الإيرانية، ليحل محله الأصولية الدينية، ممهدة للثورة الإسلامية عام 1979.

بزوغ الثورة وتمكين الجمهورية الإسلامية

لم تفلح جهود الشاه في إحداث “ثورة بيضاء” تلافيًا لوقوع ثورة حمراء ضده، بل على العكس فقد مهّد ربما من حيث لم يكن يدري ولا يريد لهذه الثورة؛ فقد قاد اهتمامه المفرط بتقوية الجيش والأجهزة الاستخباراتية والأمنية، والبيروقراطية الحكومية؛ إلى زيادة حدة التوترات الاجتماعية والاقتصادية، فبرزت طبقات اجتماعية معارضة له أخذت في الاتساع بين صفوف المثقفين والعمال، فيما تزايد الفساد وعدم المساواة، فتضاعفت الراديكالية السياسية بين الجماهير، خاصة مع وجود مفكّرين ومنظّرين ذوي كاريزما خاصة، مثل: علي شريعتي وروح الله الخميني.

وبحلول أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي وصلت التوترات بين الدولة والمجتمع إلى نقطة اللاعودة؛ حتى إن المعارضة العلمانية الإيرانية بدأت ترفع خطاب الكفاح المسلح ضد نظام الشاه، ومع عام 1977، وفق تعبير مؤلّف الكتاب، أصبح الشاه جالسًا على بركان، بعد أن انسلخ عن كل قطاعات المجتمع الإيراني تقريبًا.

ومن ثم، تداعت الأحداث الدراماتيكية منذ احتجاجات “قم” في ديسمبر/كانون الأول 1978، مرورًا بفرار الشاه إلى الخارج، حتى وصول الخميني إلى إيران مطلع فبراير/شباط 1979 إيذانًا بنجاح الثورة الإسلامية؛ حيث شهدت العقود التالية، التمكين للجمهورية الإسلامية، حيث يرى المؤلف أن الثورة الإيرانية لم تنجح في البقاء على قيد الحياة فحسب، بعكس التوقعات بأن عمرها وشيك وزوالها حتمي، بل وأيضًا عززت قوتها بمرور الوقت.

واختُتم الكتاب، بخلاصة تفيد بأن إيران في بداية القرن الحادي والعشرين أصبحت قوة إقليمية رئيسية، وصاحبة برنامج نووي مثير للجدل الدولي، كما أن قاموسها السياسي الداخلي استبدل بمصطلحات مثل: الأعيان والاستبداد والعشيرة كانت سائدة في أواخر القرن الـ19، مصطلحات جديدة تعبّر عن إيران المعاصرة، من قبيل: المواطنة، وحقوق الإنسان، والمشاركة الشعبية، والتعددية، والمجتمع المدني.

غير أن جانبًا من هذه الخلاصة يمكن أن نوجه له ملاحظة نقدية لا يمكن تجاوزها في ضوء معطيات الواقع الإيراني منذ الثورة الإسلامية وحتى الآن؛ ذلك أنه إذا كان صحيحًا ظهور هذه المصطلحات الجديدة في القاموس السياسي الإيراني، إلا أن إمعان النظر في الممارسات والسياسات العملية للسلطة في إيران يؤكد أن هذه المصطلحات ظلت مجرد شعارات أو على أحسن تقدير تم تفريغها من جوهرها الحقيقي.

فعلى سبيل المثال لا نجد مفهوم المواطنة الكاملة متحققًا بالنظر إلى التمييز الممنهج الذي تتبناه الحكومات الإيرانية، المحافظة والإصلاحية على السواء، ضد حقوق الأقليات الدينية (السنة) والعرقية (الأكراد، والعرب، والترك وغيرهم).

كما أن مفهوم التعددية والمشاركة الشعبية يفقد جوهره بالنظر إلى التمييز المتبع ضد المرأة الإيرانية، على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بالرغم من بعض المحاولات التجميلية التي تقوم بها السلطات في طهران من وقت لآخر.

كذلك تعاني مؤسسات المجتمع المدني من قهر النظام السياسي في إيران، بما في ذلك وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، وليس أدل على ذلك من الإغلاق المتكرر للصحف الإصلاحية التي تنتقد أداء الحكومة أو حتى تسلط الضوء على بعض جوانب القصور، والتي كان آخرها صحيفة “ابتكار” التي أُغلقت في إبريل/نيسان 2014 بحكم قضائي بدعوى نشرها “معلومات كاذبة”.

وأخيرًا، لا يزال سجل حقوق الإنسان في إيران يشهد انتهاكات “صارخة” بحسب تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة، 24 إبريل/نيسان 2014، والذي عدّد هذه الانتهاكات بـأنها: كبح حرية التعبير، وخرق حقوق الأقليات، والتزايد المطرد في تعذيب السجناء والنشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين والمدونين والذين أُودعوا السجون بتهم ذات دوافع سياسية أو استنادًا إلى معايير غير موضوعية من قبيل: (تهديد الأمن القومي، أو المساس بمبادئ الإسلام)، وهو ما أكده الكشف مؤخرًا عن فضيحة تعذيب المعتقلين في سجن “أيفين” والتي تم على إثرها عزل رئيس مصلحة السجون في طهران غلام حسين إسماعيلي.

ملاحظات ختامية

اتسم كتاب “تاريخ إيران الحديثة” بسلاسة الأسلوب وبساطته كونه ليس بحثًا سياسيًا أو أكاديميًا موجهًا للمؤرخين أو المختصين، بل للقارئ العادي، ولذلك وُفّق مؤلفه إلى حد بعيد في أن يكون واضحًا ومباشرًا في طرحه من هذه الزاوية.

كما أن المؤلف لم يغفل القارئ المتخصص؛ فقام بتضمين خاتمة كتابه قائمة بأكثر المصادر أهمية وأحدثها صدورًا لتلبية من أراد التعمق أو الاستزادة في موضوع أو قضية معينة وردت في ثنايا الكتاب.

ومن الناحية المنهجية أيضًا، نرى أن المؤلف كان موفقًا للغاية في حسن استخدامه للحواشي والهوامش. واستكمل المؤلف تميزه المنهجي بالإحالة إلى مراجع موثقة وحديثة، من خلال قائمة مصنفة هجائيًا في آخر الكتاب.

أما من الناحية الموضوعية، فيُلاحظ أن الكتاب ركّز جُلّ اهتمامه على تسليط الضوء على البعد الداخلي في إيران الحديثة، فيما لم يُشِر للتطور الذي لحق بسياساتها الخارجية إلا لمامًا، على الرغم من أن هذه السياسات لحقتها تطورات بالغة وجوهرية كانعكاس للتطورات التي شهدتها إيران، منذ حكم القاجار، مرورًا بحكم أسرة الشاه بهلوي، ووصولاً إلى الثورة الإسلامية.

كما أن التطورات الداخلية في المجتمع الإيراني، خلال تلك الفترة، تركت بلا شك بصماتها وتداعياتها على سياسة طهران الخارجية، لاسيما منذ عام 1979 وما بعده.

فعلى سبيل المثال أدت التغيرات الهيكلية التي أحدثتها الثورة الإسلامية عام 1979 في بنية صنع واتخاذ القرار في النظام السياسي الإيراني، إلى تحول جذري بل دراماتيكي في طبيعة وتوجهات السياسة الخارجية لطهران، حيث تحولت من كونها حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة في المنطقة قبل 1979 إلى حالة عداء سافر حيث اعتبرت أدبيات وشعارات الثورة أميركا “الشيطان الأكبر”؛ ومن ثم انتهجت سياسة عدائية معها على امتداد أكثر من ثلاثة عقود وذلك سواء على مستوى الخطاب السياسي أو السلوك الخارجي الإيراني بما في ذلك سلوك طهران تجاه إسرائيل.

كما دفعت الأزمات الاقتصادية والتحلل الاجتماعي والثقافي الذي عايشه المجتمع الإيراني في السنوات الأولى للثورة، دفع قادتها للمغامرة بدخول حرب مع الجارة العراق، وهي الحرب التي كان من بين أهم دوافعها، الحفاظ على التماسك الداخلي وترحيل تبعات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أعقبت الثورة، بدعوى مواجهة “العدو الخارجي”.

وأخيرًا، فإن التحولات السياسية نحو رجحان كفة الإصلاحيين منذ عام 1997 وما رافقه في الانفتاح على شرائح الشباب والمرأة، انعكس في سياسة خارجية “انفتاحية” على الجوار الإقليمي ممثلاً في دول الخليج، وفي التعامل مع المحيط الدولي وإن كان بدرجة أقل انفتاحًا واقتصاره على تخفيف حدة الخطاب السياسي دون ترجمة ذلك إلى سياسات عملية للتقارب مع قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة.

وفي معرض حديث المؤلف عن إيران القرن العشرين، خاصة في النصف الثاني منه، لم يحظَ التطور النفطي في البلاد وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بنصيب وافر، وربما يجد ذلك تفسيره وعذره في كثافة الأحداث وغزارتها خلال تلك الفترة؛ مما استدعى التركيز عليها أكثر من غيرها.

وبوجه عام، يبقى الكتاب، مرجعًا علميًا وتاريخيًا مهمًا لحقبة زمنية بالغة الأهمية في تاريخ إيران، ومعينًا بارزًا يسد نقصًا واضحًا في مجال الدراسات الإيرانية على وجه الخصوص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معلومات عن الكتاب
المؤلف:إرفند إبراهيميان
ترجمة:مجدي صبحي
عرض: محمد بدري عيد
المصدر/ مركز الروابط للدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة