20 أبريل، 2024 6:43 م
Search
Close this search box.

بين فلم “أبو كرتونه ” و”كورونه “

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

كتب: مؤيد عليوي

الفلم من سيناريو وقصة احمد عبد الرحمن، وإخراج محمد حسيب، وإنتاج واصف فايز سنة 1991، أما بطولته فكانت البطولة المطلقة للفنان محمود عبد العزيز،فيما كان توزعت الأدوار على الفنانين سماح أنور وسعاد نصر واحمد عبد الوارث، وحسين الشربيني وحسن حسني وميمي جمال، وعثمان عبد المنعم، ومحمد ناجي و…، كما قدم الفلم وجها جديدا للشاشة السينمائية حينها، هو زين نصار، وقد أجاد الجميع في أدائه الفني.

قصة الفلم تتمحور شخصية”أبو كرتونه” وتحولاتها النفسية الطفيفة بواقعية مع خفة ظل محمود عبد العزيز، التي  تحولت من إنسان مهمش في معمل وبائع متجول للحلويات والبسكويت بكرتونة صغيرة بيده،ليبتاع منه عمال المصنع، إلى الشخصية عضو مجلس أدارة الشركة التي تدير المعمل والعمال والموظفين، والتي أجادها بعفوية مبهرة وإتقان للفن محمود عبد العزيز، كأنك وأنت تشاهد الفلم لا تعرف أن محمود عبد العزيز ممثلا وله عدد كبير من الأفلام قبل هذا، أو حتى اليوم، كأنك تراه لأول مرة يؤدي دوره هذا في الفلم، فتنطبع شخصية “أبو كرتونة” في الذهن فقط وتنسى انه الفنان محمود عبد العزيز، فيما كان الفارق الطبقي واضحا بين العمال وإدارة الشركة، من حيث  الواقع المعاش اليومي واللغوي والصحي والثقافي و…،

فمِن خلال تلك الشخصية يمر الفلم بمشكلة واقعية في عالمنا العربي والشرق أوسطي، وهي مشكلة بيروقراطية الإدارة والفساد الإرادي والمالي في مصانع الدولة وشركاتها، وعبَر زمن طويل من حكم الملكيات والجمهوريات إلى يومنا هذا..، وقد عبّر عن هذا مخرج الفلم في ديكوره، عندما لم تكن ثمة إشارة إلى أي عهد تنتمي  أحداث الفلم، فلا صورة لملك أو رئيس خلف المسئولين من مكتب المدير إلى مكتب الوزير، أو غيرهما من الأماكن في الشريط السينمائي، لقد اختفت الصورة على غير ما هو معتاد في الأفلام المصرية للدلالة إلى تاريخ أحداث الفلم، أن هذا الاختفاء من جهة ثانية، يمنح تجلي المشكلة العمالية وحقوق العمال المهدورة عبر أزمنة مختلفة ومشاكل مختلفة بين نظام ونظام فإذا مُنحت حقوق العمل قلّت أو انعدمت الحريات الشخصية والتعبير عن الرأي وغيرها من المتناقضات في الحكم العربي ملكي أو الجمهوري، وبين مدة حكم رئيس ورئيس في عاملنا العربي والشرق أوسطي، لكن النتيجة واحدة هي ضياع حقوق العمال، حيث كان سيضيع حق عمال المصنع بفرصة العمل، في فلم “أبو كرتونه”  من خلال محاولة بيع مصانع الدولة إلى القطاع الخاص بسبب مدير بيروقراطي فاسد “مهران بيه”  الفنان حسن حسني، وتكون شركته الخاصة هي مَن يشتريه، لولا أصالة “أبو كرتونه” وهو يشغل عضو مجلس أدارة، واستماعه “للأسطى ناجي” الفنان احمد عبد الوارث الذي مثل الوعي الطبقي والوطني في آن، ليوقف بيع المصنع في تكاتف جميع العمال من اجل مصلحتهم والإبقاء على المصنع دون تسريح ألف وستمائة عامل من المصنع الحكومي،

ما يجذب الانتباه ويلفت الأنظار أن الفكرة هي ذاتها بيروقراطية الإدارة وفسادها في شركة أو مصنع كما في الفلم، الفكرة ذاتها أصحبت على مستوى أدارة الدول في  أغلب  دول العربية ضمن مفهوم الخصخصة  أو إعادة هيكلة الاقتصاد عبر صندوق النقد الدولي، خاصة الدول التي حدثت فيها فوضى أداريه بسبب سقوط أنظمتها من مثل العراق وليبيا، وبعض الدول الخاضعة أصلا لشروط العولمة الاقتصادية مثل دول الخليج العربي منذ عقود والتي تضررت بأسهمها المالية العالمية سنة 2008، أو التي ارتبطت بصندوق النقد الدولي مبكرا منذ مصر السادات وتبعتها أغلب الدول العربية في شمال أفريقيا والدول الإفريقية بين فترات متفاوتة، المهم  فكرة الفلم ذاتها،فبدلا من العمال صار عموم الشعب، وبدل أدارة الشركة صارت أدارة الدولة ومنها الدولة العراقية بعد 2003 في محاولات كثيرة لبيع المصانع الحكومية وتسريح الآلاف من العمال لكنها لم تنجح بسبب وجود الحزب الشيوعي العراقي الذي يحرك العمال وبعض النقابات في تظاهرات تمنع البيع..، وبدلا من البنك الوطني الذي يطالب بتسديد الأموال المتبقية على المصنع أو الشركة بسبب فساد الإدارة في الفلم، صار صندوق النقد الدولي…، لتنجمع الثروة بيد أقلية تتحكم بالأغلبية اليوم،وهذه الأقلية تملك حرية نقل الأموال من بلد إلى بلد ومن قارة إلى قارة، بحسب شروط صندوق النقد الدولي، وهي شروط اقتصاد العولمة، فتخضع تلك الدول وشعوبها إلى شروط الأقوى المالي وهي مرحلة سيطرة رأسمال المالي غير الصناعي، أما نهاية هذا النظام المالي العالمي فكانت قريبة جدا بحسب الأكاديمي الروسي “ميخائيل خازين ” مستشار الدولة وأكاديمي في الأكاديمية الدولية لإدارة الأعمال، حين كتب مقالا عن انهيار قريب للنظام المالي العالمي فكان بعدها بأيام معه لقاء تلفزيوني يوم 1 / 1 / 2020  على قناة “روسيا اليوم “، تحدث عن تاريخ نشوء النظام المالي ونهايته المرتبط بأزمته المالية 2008 وتداعيتها إلى الآن، حيث أشار إلى نهاية وقت الأزمات المالية المرحلية، وجاء وقت نهاية النظام المالي الحالي في العالم والذي تقوده قوى العولمة الاقتصادية الرأسمالية، طبعا على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هنا يتبادر إلى الذهن هل من الممكن أن يكون وباء الكورونا من أمريكا ودس في جيب الصين إذ هي اللاعب الأقوى والمتقدم على أمريكا وقوى رأسمال العالمي برمته، إذ أخذنا بنظر الاعتبار لعبة الرأسماليين القديمة، عندما تصل الأمور الاقتصادية إلى انهيار يدخلون حرب مثل الحرب العالمية الأولى بسبب زيادة الإنتاج وقلة الأسواق، والحرب العالمية الثانية بسبب أزمة الاقتصاد العالمي سنة 1929، وربما هذه الثالثة ولكن غير معلنة،فقد استطاعت أمريكا أن توقف انهيار النظام المالي لأنها تطبع العملة العالمية والأكثر تداول في العالم “الدولار” وتسطير على حركته، كما أفادت أمريكا نفسها دون غيرها بهذا حتى بعد أن صار سعر النفط لا قيمة له، وبقي الدولار محافظا على قيمته وهو بيدها.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب