خاص: إعداد- سماح عادل
“السر خضر” مترجم وناقد سوداني.
التعريف به..
“د. السر خضر” أستاذ اللغة الانجليزية في الجامعة والمترجم والناقد. ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﻤﺘﺮﺟﻤﻴﻦ، ﻟﻘﺒﻪ ﺍﻟﺒﺮﻭﻓﻴﺴﻴﺮ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ “ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﻚ” في 1984 ﺑ”ﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤﺘﺮﺟﻤﻴﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ”، قام بعمل ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮجمات ﻣﻦ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ مجالات ﺍﻟﻤﺴﺮﺡ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﻭﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻗﺎﺭﺋﺎً ﻟﻠﻨﺸﺮﺓ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﺑﺈﺫﺍﻋﺔ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ.
ﻗﺎﻡ ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﺃﻭﻝ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺷﻌﺮ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ ﻟﻺﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ، ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺗﺮﺟﻢ ﻟﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻭﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻭﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﺸﻴﻜﻲ ﻭﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﻭﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ. ﻭﻋﻤﻞ ﻣﺘﺮﺟﻤﺎً ﻓﻮﺭﻳﺎً ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎﺕ ﻣﻨﺬ 1994.
ﺗﺮﺟﻢ ﻟلغة الاﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻛﺘﺎﺏ ”ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺇﺳﻼﻣﻲ” ﻟﻠﺒﺮﻭﻓﻴﺴﻮﺭ”ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ” ﻭﺻﺪﺭ ﻓﻲ أمريكا في 2009. ﻭﻣﻨﺢ ﺍﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ.
الإبداع العربي..
في حوار معه أجراه الشاعر السوداني “محمد نجيب محمد علي” يقول “السر خضر” معرفا لنفسه: “من أصعب الأشياء أن تتحدث عن نفسك، لذا فلندع الأشياء تقول ما تحب أن تقول دون الرجوع إلي الذات، باختصار أنا رجل بسيط من مدينة بسيطة وجميلة، تلقيت تعليمي في مدينة ود مدني والخرطوم ثم مارست التدريس وأثناء الحياة الطلابية والمهنية مارست الترجمة وإلي الآن. أنا شغوف بالترجمة ومحب لها والتهم الكتب التهاما. أنا أصحو مبكرا وأنام متأخرا.
وعن الخروج بالإبداع العربي إلي آفاق عالمية عبر الترجمة يقول: “لماذا لا يكون العكس، لماذا لا يتكلم المبدعون العالميون عن الخروج من العالم الغربي إلي الوطن العربي؟. نحن خرجنا إليهم منذ آلاف السنين، والآن مخطوطة إبن سينا الكتاب الذي وضعه في الطب وترجم إلي اللاتينية موجود في السوربون كأول مطبوعة مترجمة إلي اللغة الفرنسية في السوربون. ولكننا نقصر دائما في حقوقنا.
أزمة الترجمة..
وعن أزمة الترجمة في عالمنا العربي يقول “السر خضر”: “الترجمة الآن في العالم تلعب دورا هاما في رسم خارطة جغرافية جديدة تزيل الحدود ونحن نحاول أن ننقل إبداعنا وكل ما هو مفيد للعالم كما نحب أن يأتينا كل ما هو مترجم مفيد لنا، ولكن المشكلة تتكون من غفلة العالم العربي والإنسان الذي يستطيع أن يترجم، غفلته في نقل كل ما يجب أن ينقل للعالم. ونحن نعتمد علي الإعلام الخارجي في نقل ما يريد هو وهذا خطأ”.
وعن تجربته في ترجمة الشعر العربي القديم يقول: “قمت بترجمة شعر الغزل في العصر العباسي في ديوان كامل بدأته بقصيدة أبو فراس الحمداني:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوي نهي عليك ولا أمر
بلي أنا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له سر
بدأت ترجمته قبل عشر سنوات وأعجبت به وأكملته الآن.
تعبان لوليونق..
ويجيب سؤال “كنت أنت أول من قدم الكاتب الجنوبي السوداني البروفسير تعبان لوليونق، ما موقع تعبان من منظومة الكتاب الأفارقة” يقول: “هو كاتب موهوب وفنان تشكيلي، وكان أول أفريقي يحصل علي درجة الماجستير من احدي الجامعات الأمريكية. وكان يعمل أستاذا في جامعة جوبا في عهد الرئيس نميري ترجمت له قصة في ذلك الزمان فنشرت له هذه القصة في أمريكا. والكتاب الأفارقة لهم فرصة نشر أعمالهم في أمريكا وإنجلترا في وقت الكتب السودانية لا تخرج من الحدود الجغرافية السودانية، ولو كان العكس صحيح لكان السودانيون في مقدمة الكتاب.
ولوليونق يأتي في مقدمة الكتاب الأفارقة وهو في طليعة الشعراء في شرق إفريقيا، رغم أني اقدر كثيرا شعراء غرب إفريقيا وول سوينكا وكريستو اوكينو وغابرائيل اوكارا والشعراء النيجيرين، وكتاب القصة أيضا هم من أميز المبدعين الأفارقة”.
جمعية الدراسات السودانية بأمريكا..
وعن احتفاء جامعة “إيوا” وجمعية الدراسات السودانية بأمريكا بترجماته ل”محمد عبد الحي” يقول: “من ضمن الذين يقومون بهذا الجهد المقدر الدكتور عبد الله جلاب، وكان ذلك في الاحتفال بذكري محمد عبد الحي شاركت فيها زوجته البروفسير عائشة موسي السعيد، وقدمت فيها ورقة بجانب مساهماتي التي قمت بترجمتها، وهذا جهد مقدر أن يكون هناك مركز للدراسات السودانية في أمريكا في جامعة ايوا ليؤدي هذا الدور، ولماذا لا ننقل كتبنا وأشعارنا للإنجليزية ثم تطبع في أمريكا. طباعة الكتاب هناك تكلف القليل وأنا قمت بترجمة كتاب “العولمة من منظور إسلامي” للإنجليزية، كلفت طباعته هناك ألف دولار فقط ووصلت منه خمس نسخ للسودان. هناك يتيسر أمر الطباعة”.
ثورات الربيع العربي..
وعن مقولة أن الترجمة أفسدت نقل ثورات الربيع العربي يقول: “هذه الترجمة تدخل عبر التعتيم الإعلامي، هناك “سنسرة” وليست ترجمة لما وراء الأحداث وصنع الأحداث وكتابة الأحداث نفسها. والربيع العربي أفسده المترجمون العرب أكثر من الأجانب. والعالم الخارجي يكتب حسب ما يرونه هم ويريدونه وأقول العرب بخير ولكن بعض العرب ليسوا بخير”.
شيخ المترجمين السودانيين..
في مقالة بعنوان (السّر خضر.. شيخ المترجمين السودانيين) كتب “حاتم الكناني”: “الطفل في المكتبة المدرسية، ينفلت إلى إحدى غرفها الجانبية، فيستثير فضولَه كِتابٌ باللغة الإنكليزية، قبل أن يراه أمين المكتبة الإنكليزي، فيقرأ له عنوان الكتاب ويُترجمه لعقل الطفل الصغير المُتفتّح. هذا الحدث البسيط والعميق في آن، ظلَّ قادحاً لذاكرة شيخ المترجمين السودانيين السر خضر، كما أطلق عليه علي المك في إحدى ليالي مدينة واد مدني في أوائل التسعينيات وجعله كما يقول يُعلِّمُ نفسه بنفسه الترجمة.
وربما أيضاً كان هذا الحدث سر إيمانه بأن الترجمة هي القاعدة الثابتة التي تحرك الثقافات للأمام، ونقلة إلى المستقبل. يقول السر: “دون الترجمة لا تعرف ماذا سيحدث؟. والثقافة بلا ترجمة تموت تلقائياً كما تموت المدن”.
ويقول أيضاً: “أهمية الترجمة في أنها تنقل الحياة الأدبية من عصر إلى عصر. الآن أعمال شكسبير تُنقَلُ من لغتها المُفخَّمة القديمة إلى اللغة العادية””.
ويكمل تعريفا به: “درس السر خضر بجامعة الخرطوم كلية الآداب سنتين، ثم أكمل البكلاريوس ناضجاً, وهو من دفعة يذكر لنا منها الخاتم عدلان، عبد الهادي الصديق، محمد المهدي بشرى، كامل عبد الماجد، محمد وقيع الله، شوقي عز الدين؛ وعاصر شعراء وأدباء، يذكر منهم علي عبد القيوم ومحمد عبد الحي، وخالد المبارك، وإسماعيل الحاج موسى، وفضل الله محمد. عمل بالتعليم العام وتدرَّج من معلم إلى ناظر إلى موجه تربوي، وعمل فترة قصيرة بسلطنة عمان، وهو الآن أستاذ جامعي، وبيته بود مدني ظل مُلتقىً للأُدباء والكُتَّاب من أمثال محمد عبد الحي، ومحيي الدين فارس ومصطفى سند، وغيرهم كثر.
يقول الشاعر عالم عباس عن السر خضر: “لو كنا في عصر المأمون لكان السر خضر صنواً لابن المقفع، ولكانت لدينا روائع التراجم مثل كليلة ودمنة، عملاً إبداعياً خلاقاً، نكاد لا نهتم أو نعرف الأصل الذي ترجم منه، وربما كان السر خضر من الذين ترجموا لنا رباعيات الخيام التي تبارى فيها المترجمون الحُذَّاق من لدن الصافي النجفي وأحمد رامي وغيرهما”.
ويضيف عالم في وصف الترجمة الخلاقة: “في راهن زمننا هذا ثمة فتية نذروا أنفسهم لهذا العبء العظيم، فمنهم من ترهبن في ديره لم يصرفه عنه صارف أو يشغله شاغل، أفنوا عمرهم في ترجمة النصوص بفنونها المُختلفة. ليست الترجمة الحرفية (من الحرفة والصنعة) وهذا باب آخر إنما عَنَيْتُ الترجمة الخلاقة الإبداعية، التي هي أساس صنوف الترجمة، لأنها أشبه بالترجمة الروحية، وكأنها نصوصٌ مُوازية للأصل، ترجمة تتغلغل في المعنى وروحه، وبخاصة تلك النصوص التي تتدثَّر بالكلمات ورنينها وموسيقاها، فتُحِسُّها في النفس، وتتلمَّظها بلسان روحك، وتتذوق حلاوتها في قلبك، تلك النصوص الفالتة المُحلِّقة النافرة المنطلقة الحرة، ولا يُروِّضُ جموحها إلا التراجم الحُذَّاق الخبراء بأسرار (الديانات واللّغى)، ذوو الهمم والقدرات المتجددة، وأشهد أن السر خضر منهم””.
شيء من الروح..
وعن رأيه في الترجمة تتابع المقالة: “يرى السر خضر أن الترجمة شيءٌ من الروح، ما بعد المناهج الأكاديمية المعروفة التقليدية، ويقول: “هناك ترجمة، ولكنَّ هناك قليلاً من المترجمين في عصرنا، عصر التشظي المعلوماتي، خاصة ترجمة الشعر”، ويضيف: “الترجمة نصوصٌ حية، وليست معبراً يتلاشى، بل هي نسيج واحد لعمل واحد، وماعون شامل لكل العلوم والفنون والآداب والفلسفات، وليست معادلات، ولا نستطيع وضع قوانين للترجمة، ولا يمكن إقصاء مبدأ الذاتية فيها، وخصوصاً ترجمة الشعر التي تختلف عن ترجمة الرواية، لأن ترجمة الشعر تحتاج إلى إلهام وحدس ومعرفة باطنية، وأدوات قريبة من كتابته” وكما يقول أيضاً، فإن الترجمة هي المعادل الموضوعي للقصيدة يصف المترجم والناقد وأستاذ اللسانيات د.أحمد الصادق ترجمة السر خضر بالنصاعة والنضارة، وهو كما يقول: “مترجم شفيف ورقيق، حفظ ديوان الشعر السوداني عن ظهر قلب، وتوغَّل في إيقاعاته وفنون نظمه وبمعرفة وحساسية، ولم يسبقه في ذلك أحد، وكانت النتيجة مجلداً ضخماً يحتوي مختارات من الشعر السوداني الحديث، تم تمثيل الخطاب فيها بوعيٍ بالذاكرة الشعرية وفتوحات اللغة وكشوفاتها وفتوقات السؤال، وقد ظل أستاذنا لما يقارب نصف قرن أميناً لمشروعه ولم يحد عنه””.
وعن شغفه بالترجمة في طفولته توضح المقالة: “يحكي السر عن طفولته حيث وعى باكراً أهمية الترجمة: “الترجمة بدأت عندي بإشارة من أمين المكتبة المدرسية مستر ويليامز الإنجليزي، وفي المرحلة الوسطى بمدني، آنئذٍ، كُنَّا نُدَفَعُ لمكتبة المدرسة، وكانت تُوضع أمامنا مجلات تُناسب أعمارنا. حتى انفلت يوماً إلى غرفة جانبية بالمكتبة، وتناولت كتاباً وبدأت أقرأ، ضبطني مستر ويلمياز أمين المكتبة وسألني عن اسم الكتاب باللغة الإنكليزية، قرأ العنوان ثم ترجمه لي. هذا الموقف أثارني كثيراً وحفزني على الترجمة”.
رغم أن السر خضر نشر ترجماته كثيراً في الصحف والملاحق الأدبية في السبعينيات، وقد أُذيع له شعر مترجم في إذاعة (بي بي سي)، ونشر له محمد الماغوط تراجم في الشارقة، إلا أنه لا يكترث لمسألة جمع أعماله ومخطوطاته ونشرها في كُتبٍ ومُجلَّدات، ويقول: “أُترجم لأستمتع ولا أهتمُّ بالنشر””.