خاص: إعداد- سماح عادل
“بمبة كشر” راقصة مصرية، اسمها الكامل “بمبة أحمد مصطفى كشر”، ولدت لأسرة ثرية في عام 1860 ، فجدها لأبيها هو “مصطفى كشر” أحد أعيان مصر ووالدها “أحمد مصطفى” أحد قارئي القرآن المشاهير، وكانت أمها سليلة أعيان المماليك. توفى والدها وهى في الرابعة عشر من عمرها، وتزوجت والدتها من المقرئ الخاص بالخديوي توفيق، مما دفع “بمبة” وأخواتها لمقاطعة الأم والانتقال لمسكن آخر بجوار راقصة تركية معروفة وقتئذ كان اسمها “سلم”.
دون العشرين..
اكتشفت الراقصة “سلم” موهبة “بمبة” في الرقص، واصطحبتها معها في جميع حفلاتها. انفصلت “بمبة” عن فرقة العالمة “سلم” وهي دون العشرين من عمرها وأنشأت فرقة خاصة بها سرعان ما تجاوزت شهرتها الآفاق وأصبحت أشهر “عوالم” مصر، وكانت تشترط في حفلاتها ألا تشاركها مطربة أو عالمة أخري للحفل الذي تحييه. اشتهرت “بمبة “بكونها راقصة الملوك والسلاطين وأطلقوا عليها لقب “ست الكل”، وكانت في عصرها منافسة للراقصة الشهيرة “شفيقة القبطية” التي كانت ترقص وعلى رأسها شمعدان، فكانت “بمبة كشر” ترقص وفوق رأسها صينية عليها أكواب ممتلئة بالذهب، كما كانت تستخدم في تنقلاتها عربة تجرها الخيول وأمامها يجري عدد من الرجال لكي يفسحوا الطريق للعربة ويغنوا “يا بمبة كشر يا لوز مقشر”، وكانت ثاني فنانة بعد “شفيقة القبطية” تركب الحنطور، وكان الحنطور قد أحضره لها خامس أزواجها وكتب الحروف الأولي من اسمها باللغة الإنجليزية بالذهب الخالص وكان قد اشتراه لها من أوروبا.
تزوجت “بمبة كشر” 7 مرات الأولى من شخص من عامة الشعب وبعد فترة تزوجت من الفنان “سيد الصفتى” وتزوجت من “توفيق النحاس”، والزوج الرابع كان من أثرياء وجه قبلي الذي أعطاها مهرا ستين فدانا، لتتزوج بعدها من خامس أزواجها الذي غمرها بالهدايا والذهب، ثم عازف القانون في فرقتها الموسيقية والأخير كان أحد أثرياء القاهرة في ذلك الوقت. و يُقال أنّها أنجبت طفلتيْن فقط “حسن وخديجة” من “توفيق النحّاس” ابن شهبندر التجار.
“بمبة كشر” رغم الشهرة الواسعة التي حققتها لم تلحق بركب السينما، وحينما عرفت مصر طريق السينما في عشرينات القرن العشرين كانت هي تجاوزت الستين من عمرها. ومن ثم لم تظهر سوي في فيلم “ليلي” الصامت الذي أنتج عام 1927 تأليف “وداد عرفي” و”عزيزة أمير” و”استفان روستي” و”ميري منصور” وجسدت فيه بمبة كشر شخصية سلمي والدة “ليلي” “عزيزة أمير”، ثم صورت فيلم “بنت النيل” من تأليف “محمد عبد القدوس” عن مسرحية “إحسان بك”، بطولة “عزيزة أمير” و”أحمد علام” و”عباس فارس” و”حسن البارودي” بالاشتراك مع المطرب “عبد اللطيف البنا” من إخراج “روكا” و”عمر وصفي” وعرض لأول مرة في السينما 1929.. وبدأ المرض يشتد عليها بعد التصوير.
عام 1919، نُفي “سعد زغلول” إلى جزيرة مالطا بأمر الاحتلال الإنجليزي، و قيل إنّه حين عاد من المنفى، فرشت شارع الموسكي بوسط القاهرة بسجّاد فاخر احتفالا به. حتى في الفيلم الذي شاركته في بطولته عام 1923، ظهرت صورة سعد زغلول ضمن أحداث الفيلم معلّقةً على جدار.
الزار..
تعتبر “بمبه كشر” هي أوّل راقصة شرقيّة ترقص وهي تحمل على رأسها صينيّةً ممتلئة بالنقود والذهب، أصبح بعد ذلك تقليداً شعبيّاً، ثم اختفى قبل عقود. ما يُسمى بـ”حفلة” زار”، هو في الأصل من اختراع “بمبة كشر” التي قدّمت لجمهورها من الأعيان أوّل حفلة من هذا النوع، حيث كانت تُقام سنويّاً حيث استطاعت جذب وجهاء مصر والدول العربية وكبار الأعيان والسياسيين. وكان برنامج الاحتفال والمهرجان يبدأ بقيام فرقة “حسب الله” باستقبال الجمهور من جميع الأقطار بعزف السلام الوطني المصري، بينما تصطف مجموعة من الفتيات الجميلات أعضاء فرقتها ويرددون مجموعة من الأغنيات الجميلة، وينتهي برنامج الليلة الأولي دون أن تظهر هي، ثم يأتي برنامج الليلة الثانية للمهرجان ليطل المطربان “صالح عبد الحي” و”عبد اللطيف البنا” ليقوما بزف كرسي الزار الذي يحمله رجلان أو ثلاثة و”بمبة” تجلس عليه تتمايل كالسلطانة وهما يغنيان: كرسي العوافي نصبوه لك قوي اخطري وطوف حواليه الرقص الاستعراضي وما إن ينتهي المطربان من زفة الكرسي حتي يختفيا تماما، لتبدأ هي برنامجها الراقص الاستعراضي وسط حفاوة بالغة من الحضور وهكذا أصبح لمهرجانها سمعة وشهرة واسعة وصلت لجميع الأقطار العربية.
ربما تتعجب من مقدار جمالها أو منظر حاجبيها، ولكن بالنسبة لهذا العصر فكانت مصر متأثرة بمقاييس الجمال الموجودة في “ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﺟﺎﺭﻳَّﺔ”، والتي كانت موجودة في بلاد فارس “1796- 1925”.
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺟﺎﺭﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺟﺒﻴﻦ ﺍﻟﺴﻤﻴﻜﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺤﺮﻳﻢ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺍﻟﻘﺎﺟﺎﺭﻱ (ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺷﺎﻩ) ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻦ ﻣﺴﺘﺤﻀﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻞ ﻟﺮﺳﻢ ﺍﻟﺸﺎﺭﺑﻴﻦ ﻭﻭﺻﻞ ﺍﻟﺤﺎﺟﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭﻫﻦ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻼﻓﺘﺔ.
وفاتها..
توفيت “بمبه كشر” في عام 1930.
https://www.facebook.com/mostafamaherjour/videos/1174656589278381/?t=16