11 مارس، 2024 5:13 ص
Search
Close this search box.

(بعد ساعات) مقبرة أحلام الفرد واغترابه

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

كتب: سعد ناجي علوان

تواجه الحرية وهي تنشد سعة آفاقها العديد من السلطات التي يخلقها أساطين المال وحكماء التطور المادي لكبح مسار تلك اﻷحلام وخلق مديات أخرى للحياة ضمن منظومتها الخاصة.. ولن تتأخر السينما كوسيلة حياتية ومعرفية أن تكون في مقدمة المشهد الناقد مهما بدت صعوبات تناول اﻷمر….

وهنا يعود “سكورسيزي” ليردد ماقاله سابقاً: “نحن نفقد ذواتنا بطريقة ما…ونفقد اﻷحساس بمن نحن”. من خلال فيلم “بعد ساعات”حصل فيه على جائزة أفضل إخراج1986رغم ميزانيته المحدودة وتصويره في نيويورك فقط  وبطله المجهول.. لكنها طريقة “سكورسيزي” الذي يقنعك دائما أنك تعرف هؤلاء الممثلين وتصدق تماما بما يفعلون……. بمعنى أنه يقدم أحداثا غير واقعية بطريقة واقعية ﻻنعترض عليها…

ومنذ أسم الفيلم تبدأ اﻷسئلة ..فما الذي يحصل “بعد ساعات” خسارات مضافة أم فرح يملأ مساحات الروح. لتبدأ اﻷغنية…..من ينتظرك في زوايا الطرقات ليسلبك سكينتك تحت أقل الذرائع شأناً.. أم أن هناك من يهبك ماتحلم به لتتكامل وتدرك بنفسجة العمر..

هكذا هو كابوس/ هاكيت/غريفث دون /المنتج واﻷختيار الموفق للدور/ لحظة وصول “هاغيت” إلى حي “سوهو”  وتعرفه على الفتاة مارسي.. وتفضيلهما المشترك لعوالم الكاتب “هنري ميلر”.. أملا في الحصول على ليلة هانئة..دون الالتفات لمدى اتساع الهوة بين “سوهو” وعالمه الخاص ..

يتضح عدم التجانس والاختلاف منذ ركوبه سيارة التاكسي إلى مجموعة المصادفات الهجينة وتوابعها التي كادت أن تودي بحياته أكثر من مرة حتى ساعة خروجه من الضاحية وعودته لشركته… بغرابة لن يجرأ حتى أن يحلم بها…

فالفتاة التي ظنها مرجا يانعا ورغبة جميلة بدت وجودا أنهكه اﻷستلاب وشراسة المخدرات مما يجعله يغادرها مغتما من اضطرابها وعدم اتزانها… والتي لن تتأخر لتسدل ستائر وقتها وتنتحر…….. نموذج من نساء “سكورسيزي” المبتليات بالخوف والاستلاب وفقدان ألقهن أمام ضواري اﻷيام ليصبحن مجرد وجود هش سرعان ما يتراكم رمادهن في الزوايا….

يسرع “هاكيت” لمحطة القطار كي يعود مسرعا لبيته فيجد أن سعر التذكرة أرتفع بعد منتصف  الليل.. ولن ينفعه غضبه وتذمره أمام هذا العبث  ولامبالاة قاطع التذاكر وسيتراجع مقابل تمظهر القوة لشرطي المحطة مرددا أسئلة حانقة ومريرة تغذي التذمر السلبي المساعد على جعل الفرد عرضة للعطب السريع وتسيد بوادر الانفلات اﻷخلاقي والانتقام من أقرب الناس كرد فعل ﻷثبات ذاته أمام تجبر السلطات وسحقها الفرد بأي وسيلة……

كالفعل الذي تقوم به النادلة “جولي”حيث ترسم صورة “هاكيت” وتلصقها على أعمدة الكهرباء كسارق شقق ليطارد من قبل الناس والشرطة…. وهنا تسرح كاميرا “سكورسيزي” بعرض “سوهو” نموذجا للقسوة والوحشة.. فالنفايات تملأ اﻷمكنة وﻻ خدمات سوى سيارة تاكسي واحدة…….

وما أسهل الجريمة.. فبإمكان زوجة أن تطلق النار على زوجها لمجرد شجار بسيط وهي بملابس النوم……فلا أحد يمثل اﻷمن إﻻ شرطي المحطة…..

تضيق المنافذ على “هاكيت” ليسقط على اﻷرض خائفاً… يرفع يديه صارخا مخاطباً السماء”لم.. لم.. ماذا فعلت… لماذا.. لماذا …هل أغضبتك”.

وﻻ يبقى له ملاذا إﻻ نادي برلين عله يجد “كيكي” لكن المكان الخالي يلجأ لسيدة العزلة…. يرقص معها عله يهدأ قليلا…. لكنه يضطر إلى الاختباء في أستوديو سيدة العزلة التي تصب عليه مادة الجبس وتغلق فمه بشريط ﻻصق كي تحميه من مطارديه ..

لكنه  يصبح هدية مجانية للصوص التحف الذين يغادرون “سوهو” بسرعة وبهجة ستشمل “هاكيت” أيضا، حين يسقط نتيجة السرعة  والحظ الحسن من صندوق السيارة أمام شركته دون علم اللصوص….  يزيل ماتراكم من غبار على ثيابه وينهض ليدخل عالمه بعد وﻻدة جديدة وتجربة مؤلمة مخيفة

لن تتكرر بالتأكيد..

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب