خاص: إعداد- سماح عادل
انطلقت يوم الجمعة 18 ديسمبر 2020 الدورة الحادية والثلاثين ل”أيام قرطاج السينمائية” وتستمر حتى 23 ديسمبر الجاري، وأقيم حفل الافتتاح في العاصمة تونس، أحيته المطربة “ليلى حجيج”، وذلك بعد جدل بشأن إقامة المهرجان في ظل حظر الحكومة للأنشطة الجماهيرية، وفرض حظر التجول ليلا بسبب كوفيد 19.
خلافا للمعتاد بعرض فيلم روائي في الافتتاح عرض المهرجان ستة أفلام قصيرة من ذاكرة السينما التونسية. هذه الأفلام هي “المصباح المظلم في بلاد الطررني” للمخرج طارق الخلادي، وهو اقتباس حر عن “في بلاد الطررني” 1973. الفيلم الأصلي مؤلف من ثلاثية هي “المصباح المظلم”، “الزيارة” و”نزهة رائقة”، للمخرجين، حمودة بن حليمة، الهادي بن خليفة وفريد بوغدير. وفيلم أو “الوقت الذي يمر” للمخرجة سنية الشامخي، المستوحى من فيلم “شمس الضباع” 1976 للمخرج رضا الباهي. وفيلم “سوداء 2” للمخرج الحبيب المستيري، وهو مستوحى من فيلم 1966 “la noire de” للمخرج الكونغولي السنغالي عثمان سمبين، الحائز على أول تانيت ذهبي في أيام قرطاج السينمائية. وفيلم “السابع” للمخرج علاء الدين بوطالب، وهو إعادة صياغة لفيلم “العرس” 1978 لفرقة المسرح الجديد، محمد إدريس، فاضل الجعابي، فاضل الجزيري وجليلة بكار. و”على عتبات السيدة” للمخرج فوزي الشلي، وينطلق من فيلم “السيدة” 1996. إلى جانب فيلم “ماندا” للمخرج هيفل بن يوسف، وهو مستوحى من فيلم “Le Mandat” للمخرج السنغالي عثمان سمبين.
وسيعرض في هذه الدورة أكثر من 120 فيلما في 16 قاعة إلى جانب السجون وسينما السيارات بمأوى تونس، وقد قررت إدارة المهرجان إلغاء التنافس على جائزة التانيت الذهبي، واكتفت بتقديم جوائز لدعم الأفلام الجديدة في طور التصوير والإعداد.
صرح رئيس ديوان وزير الشئون الثقافية “يوسف بن إبراهيم”، في كلمة الافتتاح، أن: “تنظيم الدورة 31 لأيام قرطاج السينمائية رغم وطأة الأزمة الصحية غير المسبوقة المتصلة بجائحة كورونا ورغم آثارها الاجتماعية والاقتصادية الوخيمة يترجم تعلقنا بالحياة ويعبر عن رغبتنا الفطرية في النجاح ورفع التحدي، من أجل استمرار هذا المهرجان العربي الأفريقي الرائد”.
وواصل: “أنا على يقين أن الدورة 31 ستنتظم في أفضل الظروف كما أني متأكد من أن شجاعتكم ومقاومتكم ستؤتي ثمارها وستهدي أوفياء أيام قرطاج السينمائية ومحبيها وجمهورها ووسائل الإعلام لحظات من الحياة والجمال في أبهى معانيها”.
كرم المهرجان في الافتتاح أول وزير للثقافة في تونس “الشاذلي القليبي” وكذلك الممثل المصري “عبد العزيز مخيون” الذي قال “تقديري لهذا المهرجان وأن أُكرم فيه، تقدير كبير جدا جدا، يفوق كل الأماكن والجمعيات والمهرجانات التي كُرمت فيها في مصر ذلك لأن هذا المهرجان هو مهرجان عريق، له عراقته وله أصالته، وعندما يأتي التكريم من أيام قرطاج السينمائية فهناك زملاء مسيرة وأشقاء يعرفون كيف يقرأون خريطة الإبداع في العالم العربي، ويميزون بين الفن الحقيقي والفن الكاذب الذي يزيف ويضلل، لهذا أنا سعيد جدا بهذا التكريم”.
إجراءات استثنائية..
يذكر أن الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية 2020، قررت بالاتفاق مع وزارة الشؤون الثقافية والمركز الوطني للسينما والصورة، تنظيم المهرجان مع تأخير موعده السنوي من 18 إلى 23 ديسمبر/كانون الأول، بدلا تاريخ من 7 إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، مع الحفاظ على معظم فقراته، بما في ذلك برمجة السجون والجهات باستثناء حجب المسابقات الرسمية. يتضمن المهرجان عادة أربع مسابقات رسمية: للأفلام الروائية الطويلة، الأفلام الروائية القصيرة، الأفلام الوثائقية الطويلة والأفلام الوثائقية القصيرة.
وقررت إدارة المهرجان، إلغاء جائزة “التانيت” الذهبية، لعدم تمكن اللجان الدوليين من السفر لتونس بسبب الخوف من الإصابة بفيروس كورونا، على أن تمنح فقط جوائز الشبكة التكميلية المدعومة من عدة جهات محلية ودولية، لمساعدة المخرجين الشبان على استكمال الأفلام.
وتماشيا مع الوضع الوبائي قامت إدارة المهرجان بالاستعانة بعدد من المختصين في الصحة، لتقديم النصائح اللازمة في كل مرحلة لضمان أن تمر الدورة دون أخطار، حسب تصريحات المخرج التونسي “رضا الباهي” مدير المهرجان، وتقليص أعداد المتفرجين في كل قاعة إلى النصف، على أن يتم عرض نفس الفيلم مرتين أو ثلاث.
مراجعة المهرجان..
ينظم المهرجان أربع ورشات كبرى بهدف مراجعة المهرجان، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، يشارك فيها عدد من السينمائيين والمهنيين، وسيتم الإعلان عن توصياتها ومقترحاتها عبر منتدى سيقدم ضمن فعاليات المهرجان. ومراجعة الإطار القانوني والتشريعي للمهرجان، وجمع شتات ذاكرته ورقمنة أرشيفه بصفته أقدم مهرجان سينمائي أنصف سينما دول الجنوب.
يقول مدير المهرجان معلقا عن هذه الورشات: “في ظل تقليص عدد الضيوف وغياب المسابقة الرسمية ارتأينا أن ننظر ونناقش مستقبل ومصير مهرجان قرطاج السينمائي، وعما إذا كان سيبقى تابعاً لوزارة الثقافة أو تتولى جمعية الإشراف عليه أو المركز الوطني للسينما والصورة. ولهذا استدعينا أهل الاختصاص، بما في ذلك القانون والمالية، للقيام بهذه المهمة عبر ورشات عمل سيتمخض عنها كتيب يضم مخرجات هذه المناقشات، يصدر قبل انطلاق المهرجان، سيقدم لوزارة الثقافة والبرلمان حتى تتغير التشريعات، ويصبح لهذا المهرجان كيان قانوني واضح ونهائي”.
الارتهان للسينما الفرنسية..
يقول المخرج التونسي “حبيب المستيري”، أحد المخرجين المشاركين في سهرة افتتاح المهرجان ويشارك “حبيب المستيري” بفيلم قصير ضمن عرض الافتتاح وهو مستوحى من فيلم للمخرج السنغالي “عثمان سمبين”، الحائز على التانيت الذهبي، ومن الفترة التي قضاها الاثنان في إيطاليا سنوات التسعينيات: “لقد كنت من أبرز الداعمين لفكرة تنظيم هذه الدورة لضمان ديمومة هذا المهرجان العريق، لأن الانقطاع سيكون عاملاً سلبياً في مسيرته. كما أن هذا الحدث السنوي هو نافذة السينما التونسية، وخاصة الشباب ومن ورائهم الشباب الإفريقي والعربي، على العالم للتعبير عن وجودنا، في ظل سيطرة قوى كبرى على المهرجانات العالمية، ولهذا من المهم أن تظل أيام قرطاج السينمائية قائمة، حتى نستمر في طرح أفكارنا وأعمالنا ونواصل المقاومة والبقاء للدفاع عن وجود السينما يعود للمهرجان”.
ويضيف: “حان الوقت للانفتاح على السينما العالمية بدل الارتهان للسينما الفرنسية التي تتعامل معنا كسينما من الدرجة الثانية، يوجهوننا ويقدمون التمويل، لفرض نوع من الذائقة لا تتواءم في كثير من الأحيان مع قضايانا. هذا الخيار لم يعد ناجعاً اليوم. نحتاج إلى مقاربة جديدة تتكلم بلغة العالم، لتسهيل وصول الأفلام إلى أكبر دائرة ممكنة، وتستهدف لا فقط العرب وإفريقيا وبعض الدول الفرنكوفونية، بل آسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها. هذا ما يجب أن تراجعه هذه الدورة من المهرجان”.
أيام قرطاج السينمائية..
يذكر أن “أيام قرطاج السينمائية” مهرجان سينمائي كان ينتظم بتونس كل سنتين خلال شهر أكتوبر- تشرين الأول وأصبح بعد ذلك مناسبة سنويّة يكون موعدها مع الجمهور مابين شهر أكتوبر- تشرين الأول، ونوفمبر- تشرين الثاني من كل عام، وقد تأسس عام 1966 بمبادرة من الطاهر شريعة، وتشرف عليها لجنة يرأسها وزير الثقافة وتتكون من مختصين في القطاع السينمائي. أيام قرطاج السينمائية هو أقدم مهرجان سينمائي في دول الجنوب لا يزال يعقد دوراته بانتظام. وهي إحدى ثلاث تظاهرات فنية تستكمل بعضها، إذ نجد كذلك أيام قرطاج المسرحية، أيام قرطاج الشعرية وأيام قرطاج الموسيقية. ومنذ سنة 2015 أصبح المهرجان يعقد سنويا حيث انتظمت الدورة من 21 إلى 28 نوفمبر 2015 تحت إدارة إبراهيم لطيف. ويذكر أن درة بوشوشة كانت مديرة الأيام في 2014 وقبلها محمد المديوني. وتولى نجيب عياد إدارة المهرجان لحين وفاته في 2019. وانعقدت الدورة الثلاثون من 26 أكتوبر إلى 2 نوفمبر 2019.
كان البرنامج الرسمي لأيام قرطاج السينمائية يحتوي على المسابقة الرسمية، وأهم جوائزها التانيت الذهبي، وعلى قسم للبانوراما مفتوح للأفلام العربية والإفريقية، وأقسام أخرى منها “القسم الدولي” وهو مفتوح لأحدث الأفلام الضخمة مهما كان مصدرها، وقسم “تكريم” لسينما إحدى الدول المشاركة أو لإحدى الشخصيات السينمائية الشهيرة. هناك أيضا “ورشة المشاريع” وترمي إلي تنمية مشاريع الأفلام الإفريقية والعربية بتمكينها من “دعم للسيناريو “، وقسم مسابقة فيديو للأشرطة الطويلة والقصيرة. ومع المحافظة علي الطابع الإفريقي والعربي.