23 ديسمبر، 2024 7:23 م

“امرأة سيئة جداً” .. الحب هو الأفق الوحيد للحياة

“امرأة سيئة جداً” .. الحب هو الأفق الوحيد للحياة

خاص : عرض – سماح عادل :

تتناول رواية (امرأة سيئة جداً)؛ للكاتبة السعودية الشابة، “هنوف الجاسر”، موضوع الحب، والذي أصبح قاسماً مشتركاً في معظم الأعمال الأدبية للكُتاب السعوديين الشباب.. وتتناول الكاتبة الحب كأفق وحيد للشعور بالحياة في مجتمعها بالنسبة للفتاة.

الشخصيات..

“مُزنة”: هي البطلة.. فتاة في أوائل الثلاثينات، تحكي عن قصة حب عاشتها عن طريق الواقع الإفتراضي، الإنترنت، وفقط، واختارت في علاقة الحب شبه الوهمية تلك اسم “بسمة”.

“بدر”: ابن خالة “مُزنة”.. ساقته الصدفة إلى طريقها فتعرفت عليه عن طريق الإنترنت، رغم أنها قريبته إلا أنها لا تتحدث معه مطلقاً ولا يراها.

“شهد”: فتاة تزوجها “بد”ر تحت إشراف والدته والعائلة.. أحبها، لكنه تحول في معاملته لها.

وهناك شخصيات فرعية ليس لها دور هام في الرواية، مثل الرجل الذي تزوجته “مُزنة” فيما بعد، وأم “مُزنة” وخالتها.

الراوي..

البطلة هي التي تحكي القصة من وجهة نظرها، وتحكي عن الشخصيات في تقاطعهم معها.

السرد..

السرد مباشر.. تخاطب البطلة الرجل الذي تحبه في بعض الأوقات، وتخاطب نفسها أيضاً، وفي أوقات أخرى تسرد الأحداث وتنقل حوار الشخصيات معها من خلال صوتها هي.. الرواية قصيرة تقع في حوالي 124 صفحة من القطع المتوسط، واللغة فيها سلسة، لكن يعاب بعض التكرار في شرح الأحداث.

الحب خطيئة..

البطلة شابة بدأت علاقة حب افتراضية؛ عندما كانت في الثانية والعشرين من عمرها، لتكتشف أن الشاب الذي عرفها بنفسه على أنه “بشار” هو “بدر” ابن خالتها، وأنها تراه كثيراً لأنه يتردد على بيتها لأنه صديق أخيها، لكنها مع ذلك لا تحادثه أو يراها بسبب العادات والتقاليد الخاصة بمجتمعها، وحين تعرف أنه ابن خالتها لا تتوقف عن تلك العلاقة الإفتراضية، وإنما تستمر لمدة ثماني سنوات رغم أن “بدر” يكذب عليها ويتزوج بمعرفة والدته من فتاة رائعة الجمال، ومن جانبها فإن “مُزنة” أيضاً تكذب عليه ولا تصف لها ملامحها التي تعتقد أنها قبيحة، وإنما توهمه أنها جميلة وحين يقرر “بدر” التزوج يختار فتاة بنفس المواصفات التي قالتها له “مُزنة – بسمة” حبيبته الافتراضية، لكنه مع ذلك لا يسعى إلى الزواج منها رغم أنه يحبها لأنه ينصاع للعادات والتقاليد وينصاع لعائلته وقيمها.

والبطلة تظل تشاهده وهو يتزوج بأخرى وينجب منها طفلة ويطلق عليها اسم “بسمة” ولا تجرؤ على مصارحته بالحقيقة، خوفاً من بطش العائلة والقبيلة بها، لكنها مع ذلك تظل تتواصل معه افتراضياً وهي تشعر بالذنب وبأنها تقوم بعمل خطيئة، ورغم ذلك تستمر فيها إلى أن تفيق ذات يوم وتقرر هجره، وحين تهجره تسوء حالته ويصبح عنيفا قاسيا مع زوجته “شهد” التي اعتبرها المعادل الجسدي لحبيبته “بسمة”، وتعرف هي ذلك لأن شهد اختارتها أن تكون صديقة لها وحكت لها عن سوء معاملة “بدر” لها.

الانتقام والغيرة..

يحدث تحول مفاجئ في شخصية “مزنة” التي كانت في الظل تترضي بحب غير كامل وتشاهد حبيبها وهو يعيش حياة زوجية سعيدة، فتقرر الانتقام منه عن طريق التقرب من زوجته “شهد” واستغلال الفرصة حتى تفرق بينهما، وبالفعل يحدث ذلك ويطلق “بدر” زوجته لكنها رغم ذلك لا تفرح بانتصارها وإنما تظل ترى نفسها امرأة سيئة، وقعت أولا في خطيئة الحب وثانيا في خطيئة الانتقام والغيرة، ثم يحدث تحول جديد في الأحداث حيث تتزوج “مزنة” من رجل أربعيني بعد أن تأخر زواجها وأوشكت على إتمام الثلاثين، ورغم أنها تزوجته فقط إرضاء للعائلة ولأبيها ولأنها لا تستطيع الرفض إلا أنها شعرت بتغيير كبير في حياتها، وأصبحت ترى حبها ل”بدر” من منظور آخر، بعد أن تحررت منه وعاشت حياة فعلية.

فقد جعلها الزواج سعيدة ومحط اهتمام من العائلة مما جعلها تنسى خيبة الحب الافتراضي شبه الوهمي الذي كان منفذا لها من العزلة والوحدة، وبدأت تشعر بالذنب مرة أخرى، وكانت وقتها قد أصبحت حاملا من زوجها وذلك بسبب انهيار صحة “بدر” الذي طلق زوجته وأضناه حبه ل”بسمة” حتى أصابه بمرض جسدي، وتأثرت هي أيضا وأصابها الشحوب.

الحب أفق وحيد للحياة..

إصابة “بدر” بالمرض الجسدي وكذلك “مزنة” تحمل بعض المبالغة وكأن الحب هو الأفق الوحيد للحياة لهؤلاء الشباب الذي تثقل العادات والتقاليد كواهلهم، فلا يجدون سوى الحب الذي يتضخم ويصبح هما وحيدا وأفقا وحيدا ومنفذا للشعور بأنهم أحياء، يتنفسون في مجتمع خانق وضاغط، مما يفسر المبالغة في تصوير المعاناة من الحب، والفراق، وتصوير مدى ضخامة هذا الحب وكأنه الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يشعرون بكونهم أحياء.

التحرر..

في النهاية تتحرر “مزنة” عن طريق إرسال رسالة أخيرة ل”بدر” تقول له فيها أنها ابتعدت لأنها عرفت بأمر زواجه وأنها لن تكون له أبدا لأنها تزوجت هي الأخرى وأصبح لها حياة، وأن عليه أن ينسى أمر هذا الحب وتنتظر منه ردا خلال يوم واحد، لكنه لا يرد ويتزوج هو أيضا بفتاة أخرى وتكون بنفس مواصفات “بسمة” التي اخترتها له، وتتحرر مزنة أخيرا من شعورها بالذنب بل ويتحول أمر علاقة الحب في نظرها من خطيئة إلى تجربة أمتعتها وآلمتها، لكنها ستحتفظ بالذكرى الطيبة وفقط، وتبدأ الانغماس في حياتها الجديدة مع زوجها وابنها الذي أطلقت عليه اسم “بشار” وقد تحررت من الشعور بالذنب تجاه “بدر” الذي اعتبرته في النهاية كاذب وخائن، وتحررت من ذنب “شهد” التي استأنفت حياتها هي الأخرى وتزوجت برجل آخر يحبها لذاتها.

قد يشعر بعض القراء أن الرواية ساذجة تتناول قصة حب بمنظور ساذج وبدائي لكن النظر بعمق إلى تلك القصة يفسر أمور كثيرة تخص المجتمع التي خرجت منه هذه الرواية، فحين لا يترك المجتمع للشباب أي متنفس للتعبير عن أنفسهم والشعور بتحقق والشعور بذاتهم من الأساس يصبح الحب ملاذهم الأخير والآمن الذي يشعرون فيه بذواتهم وبالتحقق، يمارسونه بسرية وبشعور بالذنب هائل، كما أنهم هم أنفسهم يضخمون ذلك الحب لدرجة المبالغة التي تدعو إلى السخرية، وكأن ذلك الحب نوع من الحب الذي كنا نقرأه في روايات القرن التاسع عشر الذي ينتهي بموت الحبيبين أو بلعنة ما تصيب أحدهم.

الكاتبة..

هنوف الجاسر، كاتبة سعودية شابة، لها أكثر من عمل أدبي، فقد أصدرت رواية ” ليتني امرأة عادية”، وقصة “رجل الثانية عشر ودقيقة واحدة صباحا”، ورغم ذلك لا يتوافر عنها معلومات ولا صورة لها على شبكة الانترنت.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة