خاص: إعداد- سماح عادل
هذه حلقة أخرى من ملف “الهوس بالكاتب-ة” والذي جمعنا فيه آراء من الكتاب ومن الكاتبات ومن القراء حول حالة الهوس التي تنتاب القارئ تجاه كاتبة ما أو كاتب ما.
وقد طرحنا هذه الأسئلة على بعض الكاتبات من مختلف البلدان:
- ككاتبة هل تعرضت لحالة من الهوس من قارئ ما.. مثل أن يسعى للتعرف عليك أو يتقرب إليك؟ وماذا كان رد فعلك في حالة حدوث ذلك؟
- ما رأيك في هذا النوع من الهوس الذي ينتاب القارئ تجاه كاتبة ما وما تفسيره؟
- كقارئة هل انتابك هذا النوع من الهوس تجاه كاتب.. أو حتى كاتبة وأحببت أن تعرفي تفاصيل عن حياته، أو اهتميت به خارج حدود نصه؟
- هل يعني هذا الهوس بمعنى ما أن النصوص التي ينشرها الكاتب أصبحت وسيلة لعرض جزء من ذاته على الناس وبالتالي أصبحت بمعنى ما ملكا للجميع؟
الهوس تقدير مباشر للكاتبة..
تقول الكاتبة والشاعرة المصرية “أمينة عبد الله”: “حدث تقرب البعض لي بسبب الكتابة لكن لا أتصوره هوس، هو بحث عن الصورة النمطية التي يتصورها من خلال المدرسة والدراما التي تصور الكاتب طالب شديد النجابة ورومانسي وحالم، وهو ما يتنافى مع الواقع في معظم صوره وسرعان ما ينقلب الإعجاب والملاحقة إلى نفور لأنها تضرب التصور الجمعي للمبدع.
لم أنفر أبدا من رغبة أحد في التواصل معي أو التعرف علي كمبدعة بل أذهب إليهم أحيانا، لكن أكون صارمة جدا لو المساحة تداخلت شخصيا”.
وعن هذا النوع من الهوس الذي ينتاب القارئ تقول: “أراه تقديرا مباشرا للكاتبة، وفي بعض الأحيان يتصور المهووس بأحقيته في إدارة هذه الكاتبة ويشعر بمسؤولية ما تجاهها، ولكن أتمنى أن يتحول الهوس بكاتبة ما إلى رعاية كاملة لهذه الكاتبة وتفعيل دورها وتعليمها أصول الكلام واللياقة والموضة والانتشار الأليكتروني والإعلامي.
وبمناسبة الإجابة السابقة في فترة ما كنت أرى هذه النقط معيبة الكاتبة لا دور لها إلا الكتابة، وتغيرت نظرتي تماما بل أتمنى أن أجد من يقوم بتوفير هذه الأشياء لي”.
وعن هوسها كقارئة تقول: “انتابني وأظن أنني إلى الآن في هوس ببعض الكتاب المصريين والأجانب، مثلا عندي هوس بكل ما يكتب الشاعر المثقف “إبراهيم المصري”، والروائي “د. أسامة علام” والناقد “حاتم الصكر” والناقد المهتم بالحركة النسوية “عبد الغفار العطوي” والروائي “باتريك زوسكيند” الذي غيرت روايته القصيرة (هوس العمق) أفكاري ومخاوفي تجاه متلقي إبداعي، والروائيتان “آني ارنو” وروايتها (المكان) التي تعاملت مع الفقر بلا إحساس العار أو المواراة. و”فرانسوا ساجان” وروايتها المعبرة عني (صباح الخير أيها الحزن) أما “مارجريت دوراس” وكتابها (الكتابة) فهو مرجعي وقت الإحباطات، والعظيمة ” كلاريسا بنكولا” وكتابها (نساء يركضن مع الذئاب) أتصور أنه كتاب تأسيس منهجي للمبدعات”.
وعن كون هذا الهوس بمعنى ما أن النصوص التي ينشرها الكاتب أصبحت وسيلة لعرض جزء من ذاته على الناس تقول: “بالفعل أثناء الكتابة نعرض جزء منا، إن لم يكن جزء ذاتي فهو شخصي عبارة عن مشاهداتنا ومخزونا وأفكارنا وأيدلوجياتنا عن طريق شخوصنا داخل العمل الإبداعي، وأتخيل أننا جميعا ملك للجميع والجميع ملك لنا فكلنا شرائح لبعضنا البعض لا يوجد إنسان وحيد الخصائص”.
يحرر كينونة الكاتب..
وتقول الكاتبة والشاعرة المغربية “مليكة بن ضهر”: “إن الكتابة تعد من أرقى فنون التعبير والتثقف والتواصل، كل ذلك يجب أن يكون في قالب إبداعي رائع، وبأسلوب مؤثر في المتلقي. والهوس المرتبط بالكتابة يحرر كينونة الكاتب ليتماهى، في اتصال بذاته الإنسانية، وبعواطفه الجياشة.
وقد يحدث أن يتعرض الكاتب لمضايقة من مهووس ما محاولة منه إما للتقرب أو حتى لاكتشاف طينة الكاتب ومحاولة استفزازه، ولكن الكاتب المنضبط يجب أن تكون غايته ومحركه في تعامله مع الآخر هو الإحترام والصبر والتأني في الحديث، أو حتى أحيانا عدم المبالاة ودرء النفس عن أي جواب من شأنه أن يدفع إلى شيء ما قد يجعل الكاتب يندم عليه بعد حين طبعا حدث لي مرة من المرات، ولكن ليس كثيرا”.
وعن هذا النوع من الهوس الذي ينتاب القارئ تجاه كاتبة ما تقول: “إن الكتابة قد تبدأ بشغف لتستمر لحد الهوس الذي يشعر صاحبها برغبة المفرطة في الكتابة في كل الأوقات، فاللحظة التي تحضر فيها الفكرة تدون وإن لم تكن في ظروفها المناسبة.
والهوس موجود بصفة عامة في عالم الفنون كالهوس بمطرب ما أو راقص ما إلا أنه بالنسبة للكاتب غالبا يكون الهوس محدودا ومحمودا في كثير من الأحيان، وهو وسيلة لتحريك بحر الكتابة وجعلها من اهتمامات القارئ ووسيلة لإشهار الكاتب أو المبدع”.
وعن هوسها كقارئة تقول: “الكتابة ليست أمرا هينا وشيئا سهلا كما يعتقد البعض، حيث يشكل الواقع أو المجتمع عمادها، وبؤرة أفكارها، ومشتل أحداثها وفصولها.
لذا طبعا المندمج في القراءة والمطالعة والقراءة غالبا ما يكون متتبعا جيدا للكتاب أو الأدباء بصفة عامة فيأتي الاهتمام عفويا وطبيعيا نعم ذلك وارد بالطبع”.
وعن كون هذا الهوس بمعنى ما أن النصوص التي ينشرها الكاتب أصبحت وسيلة لعرض جزء من ذاته على الناس تقول: “إن الكتابة فن يشغف به الجميع ويضع الكاتب نفسه في عنصر الإبداع، وهي من شروط التفنن لتصبح لدى القارئ حظوة التملك ما أن يخرج إليه هذا الإبداع، وهذا إن حصل التجاذب بين الفكر المعبر عنه واللغة الرصينة المستعملة فهذا يجذب القارئ وينتقي ما ينساق إليه من جماليات حتى تصبح ملكا له أما أن يعرض جزءا من ذاته فبطبيعة الحال ففكره هو جزء لا يتجزأ منه وبالتالي ما يخرج يصبح ملكا للجميع بعد ذلك”.