7 أبريل، 2024 12:14 ص
Search
Close this search box.

النّسور والحمائم !

Facebook
Twitter
LinkedIn

رواية قصيرة

خاص : بقلم – عدّة بن عطية الحاج (ابن الرّيف) ـ مستغانم ـ:

كان حمامًا وديعًا يربت على كتفي وفجأة تحوّل إلى نسر كاسر وانقضّ عليّ على حين غفلة منّي.

كان لي حمام وديع يحوم حولي ويألف عشرتي كنت أحسن إليه وأنفق عليه من مالي الخاصّ؛ ولكنّه للأسف الشّديد نسيّ خيري كأنّني لم أسد إليه معروفًا يومًا ما، كان هذا الحمام الوديع قبل أن أتبناه يقتات من رمم المقابر ويطوف بين الشّوارع لاهثًا وباحثًا عن مأوى يقيه من الحرّ والقرّ، صار هذا الحمام الوديع يعيش في منزلي معزّزًا مكرّمًا؛ ولكنّه قرّر ذات يوم أن يتمرّد على سلطتي في المنزل ويصبح هو الآمر والنّاهي صار لا ينفّذ أوامري، قال لي: من الآن فصاعدًا لن أطيعك في أيّ شيء لأنّني سأصبح نسرًا كاسرًا.

ـ قلت له: تبًّا لك يا أيّها النّسر الحقير، نسيت إحساني وشبعت بعد مسغبة وتريد الآن أن تصبح حمامًا مستنسرًا تريد أن تعود إلى أصلك، فالنّسور لا تنسى أصلها ولا طباعها، إذا صعدت إلى الفضاء يا أيّها النّسر وحلّقت في الأجواء البعيدة سوف تخرّ على أمّ رأسك صريعًا، أين ذهب الشّموخ الذي عرفتم به يا معشر النّسور ؟ الغدر شيمتكم.

ـ قال لي: من قال لك نحن أوفياء يا أيّها الغرّ السّاذج، لقد صادفتني هائمًا في الشّوارع يطاردني الأطفال بالحجارة وأصبت بكدمات شديدة في وجهي وأنت من قام بتطبيبي ومعالجتي من الإصابات التي ألّمت بي على حين غفلة منّي، كان عليّ أن أكافئك ولكنّ النّسور لا عهد لها هي تريد التّسلّق على ظهور الآخرين، كنت حمامًا وها الآن قد صرت نسرًا وليتني بقيت حمامًا.

ـ قلت له: آه منك يا أيّها النّذل الحقير، لقد قمت بافتراس حمائمي الوديعة لأنّها رفضت التّمرد عليّ، كان من المفروض أن تكون نسرًا وديعًا، ولكن هيهات هيهات، متى أصبحت النّسور حمائمًا ؟ كنت أثق فيك الثّقة التّامة المطلقة ولكنّك خدعتني وغدرتني، من عاشر الحمائم المستنسرة لا يأمن غائلتهم، كنت طيّبًا معك ومتسامحًا ولكنّك نسر جسور تجيد المكر والخداع وسوف أقوم بإحراقك وذرّ رمادك في ذلك الوادي النّتن حتّى تكون عبرة لمن اعتبر.

انتحر النّسر عندما علم بأنّ حمائمي الوديعة عادت إلى خمّي المخملي وشيّعنا النّسر إلى مثواه الآخير في موكب جنائزي رهيب وأقمنا له في ساحة المدينة تمثالاً من المرمر وصارت حمائمنا الوديعة تحوم حوله كأنّها تريد أن تبثّ الرّوح فيه لكي يعود إلى الحياة من جديد، هل سينقضّ عليهنّ من جديد ؟ ربّما…….

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب