15 نوفمبر، 2024 11:58 ص
Search
Close this search box.

النفوذ الإيراني في أفريقيا وتهديده للأمن القومي المصري

النفوذ الإيراني في أفريقيا وتهديده للأمن القومي المصري

إعداد/ علي عاطف حسان
يُثار الجدل في السنوات الأخيرة حول مدى التمدد والنفوذ الإيراني في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، إلا أن جدلاً أقل حدة ذلك الذي تتناوله وسائل الإعلام بمختلف أذرعها حول محاولة مد إيران نفوذها في قارة إفريقيا وآثار ذلك على الدول العربية الإفريقية.

وهنا سنحاول إلقاء الضوء على محاولات النظام الإيراني توسيع نفوذه في القارة الإفريقية ومدى تشكيله تهديداً لمصالح الدول العربية وأهمها مصر.

أولاً- طبيعة النفوذ الإيراني في إفريقيا

شكّلت محاولات إيران مدّ نفوذها خلال العقود القليلة الماضية في إفريقيا أمراً لا يمكن إغفاله؛ وذلك لمحاولتها مد نفوذها بشكل ملحوظ عدد من دول القارة الإفريقية، خاصة دول شمال غربي إفريقيا ثم دول غرب القارة. ونتناول هنا تنامي النفوذ الإيراني في القارة الإفريقية من جانبين، الأول دورها في دول شمال غربي إفريقيا، وثانياً في شرق القارة، وذلك على النحو التالي:

النفوذ الإيراني في
أ‌- الدور الإيراني في دول شمال غربي إفريقيا

يُعد النفوذ الإيراني في دول شمال غربي إفريقيا هو الأبرز في دول القارة كلها، وذلك لعدة أسباب يأتي على رأسها:

– ارتفاع نسبة المسلمين في هذه الدول، فعلى سبيل المثال، يبلغ عدد سكان دولة مثل نيجيريا أكثر من 193 مليون نسمة يمثل الأطفال فيها نسبة كبيرة للغاية، ويشكل المسلمون أكثر من 75% من مجموع الشعب النيجيري. كما يشكل المسلمون نسبة تبلغ حوالي 94% من مجموع السنغاليين البالغ حوالي 14 مليون نسمة.

وعلى ذلك، يمكننا أن نرى أن النفوذ ومحاولات المد الإيراني في القارة الإفريقية تقل وتتضاءل إلى حد ما كلما اتجاهنا جنوباً في القارة؛ وذلك لانخفاض عدد المسلمين في دول وسط وجنوب القارة عنها في شمال غربها.

– انتشار الفقر بين كثير من مواطني هذه الدول، فعلى الرغم من أن نيجيريا تُعد دولة غنية بالغاز والنفط والغاز، إلا أن الشعب النيجيري يعاني الفقر في مناحي متعددة؛ ويعود ذلك لأسباب مختلفة من أهمها اعتماد الاقتصاد على تصدير خامات الطاقة، كما لا يتجاوز مستوى الدخل لنحو 70% من النيجيريين مستوى دولار واحد يومياً.

– حاجة مواطني هذه الدول إلى المساعدات الخارجية، وهي نتيجة مترتبة على ما سبقها، وهي أمر لا يمكن إغفاله؛ حيث إنه يمثل مدخلاً مناسباً لمثل ما يريد الأجنبي، سواء كان إيرانياً أو أوروبياً في القرون الماضية، أن يبثه داخل هذا المجتمع الإفريقي. فإيران تحاول استقطاب العديد من الشباب داخل هذه الدول وتوفر لهم منحاً دراسية في جامعاتها كي يعود بعضهم لنشر الأفكار التي درسوها في الجامعات الإيرانية.

طبيعة الدور الإيراني في دول شمال غربي إفريقيا

اتخذ النظام الإيراني من هذه الحقائق السالف ذكرها في دول شمال غرب إفريقيا منطلقاً لمحاولة بث النفوذ داخل هذه الدول عن طريق التغلغل بينهم بوسائل متعددة، أهمها الوسائل الثقافية والتعليمية والإنسانية، وأخيراً الدعم العسكري لبعض الميليشيات والجماعات المسلحة.

ولم يبدأ الدور الإيراني في هذه الدول خلال الفترة الأخيرة، بل إن النظام الإيراني الجديد آنذاك عام 1979 بدأ، خاصة، بعدما فرغ من الحرب مع العراق، بالتغلغل في هذه المنطقة منذ فترة بعيدة وكان ذلك من خلال المراكز الثقافية وتقديم المساعدات “الإنسانية”.

والجدير بالذكر هنا أنه كان للحرب الأهلية اللبنانية إبان القرن الماضي أثر في ذلك عن طريق هجرات بعض من الشباب اللبناني الشيعي للخارج والتي كان منها إفريقيا، حيث كانوا إحدى العوامل التي ساعدت على التغلغل الإيراني. حيث كانت الحرب الأهلية في لبنان (1975- 1990) سبباً رئيسياً للهجرة خارج البلاد، حيث قاربت حوالي خمسين ألف نسمة سنوياً في فترة (1975­ 1980).

وتطور الدعم الإيراني في هذه المناطق وأصبح واضحاً وملموساً أكثر خلال الأعوام الماضية ومن أبرز الأمثلة على ذلك هي نيجيريا، تلك الدولة التي استفحل فيها خطر المد الإيراني حتى بات يمثل تهديداً لباقي دول القارة. وسنحاول هنا ضرب بعض الأمثلة على طبيعة الدور الإيراني في هذه الدول الواقعة شمال غربي قارة إفريقيا من خلال تناول دولتين هما الجزائر والسنغال، الأولى لأنها دولة عربية والثانية، بعد تجنب المثال البارز على التمدد الإيراني وهي دولة نيجيريا، لأنها تقع في أقصى غرب قارة إفريقيا:

– الجزائر…معاناة صداع نصفي سببه إيران:

تطورت محاولات العبث الإيراني في الداخل الجزائري وباتت مؤخراً مؤشراً خطيراً تنبهت له السلطات الجزائرية.

تنشط الحركة الشيعية الإيرانية بين الجزائريين بشكل ملحوظ تنبهت له السلطات الجزائرية هناك وتحاول مؤخراً السيطرة عليها وإيقافها. وما كانت الاضطرابات الطفيفة الأخيرة في العلاقات بين طهران والجزائر إلا تعبيراً عن حالة السخط والغضب الجزائري من حدة الخطر الإيراني داخل هذا البلد العربي.

فعلى الرغم من أن العلاقات الجزائرية الإيرانية كانت جيدة في أوائل عهد الثورة الإيرانية، وكانت الجزائر الراعية للمصالح الإيرانية في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد قطع العلاقات بين طهران والأخيرة نتيجة عملية احتجاز الرهائن، إلا أن العلاقات بدأت تتدهور بشكل كبير مذ أن اتهمت الجزائر طهران بدعمها لـ “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” التي حلتها الحكومة بشكل رسمي في مارس 1992(1).

وتصاعدت الخلافات؛ بسبب التدخل الإيراني في الشئون الجزائرية، إلى أن قُطعت العلاقات بشكل رسمي عام 1993، ثم عادت في سبتمبر 2000 بعد لقاء جمع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ومحمد خاتمي آنذلك. وسارت العلاقات بعد ذلك بشكل إيجابي بين الطرفين.

إلا أن تصاعد النشاط الإيراني في الداخل الجزائري وبين المواطنين دفع بالعلاقات إلى التوتر، حيث بدأت الأمور تتصاعد وظهر على المشهد المحلي في الجزائر بعض “الشيعة الجزائريين” الذين يُختلف على أعدادهم، والذي لم يكن ليسمع عنهم من قبل.

وعمل بعض شيعة الجزائر على الترويج الإلكتروني فباتت هنالك مواقع تابعة لهم، مثل شبكة “شيعة الجزائر” التي يُرجع مديرها والمشرف عليها الملقب بـ”محمد العامري” سبب تشيع عدد من الجزائريين إلى عمل كثير من المعلمين الشيعة القادمين من العراق وسوريا ولبنان في الجزائر، مما ساعد على تحويل الجزائر إلى “أرضية خصبة”، حسب تعبره، للنشاط الإيراني.

وكانت النقطة الفاصلة في عملية تجييش الداخل الجزائري ضد الحراك الإيراني في المجتمع الجزائري هي تعيين المحلق الثقافي الإيراني المدعو “أمير موسوي” والحملة المضادة التي أعقبت ذلك من قِبل الكثير من الجزائريين ضد النشاط الثقافي غير العادي للبعثة الدبلوماسية الإيرانية في الجزائر، وعلى رأسها موسوي.

فموسوي يُعرف عنه دفاعه عن الانتشار الشيعي والدعم العسكري للميليشيات التي تدافع عنها بلاده، وكانت له أنشطة في دعم النفوذ الإيراني داخل الجزائر مما أثار ضجة كبيرة داخل الأراضي الجزائرية بأنشطته المعروفة عنه بميله لنشر المذهب الشيعي ودعم جماعات مسلحة. وهو ما أيده أحد الكتاب الجزائريين بقوله: “موسوي يقوم بنشر التشيع في الجزائر من خلال تنظيم زيارات لجزائريين إلى قم وطهران”(2).

إن قصة “موسوي” ليست إلا واحدة من المؤشرات الخطيرة حول الدور الإيراني في الجزائر، ولكن تتعدد القصص والمؤشرات التي لا يتسع المجال هنا لذكرها حول الخطر الإيراني “الحقيقي” في الجزائر، إلا أنه لا يجب إطلاقاً إغفال رفض الشعب الجزائري لمحاولة التدخل الإيراني العبثية في شئونه الداخلية، والتي تجلّت في الرفض الشعبي لزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الجزائر في مارس 2017.

ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلى أنه وبعدما كانت عملية التشيع الإيرانية في الجزائر مستترة، فإنها قد بدأت مؤخراً تخرج إلى العلن، وأشارت إليه العديد من المؤشرات المادية الملموسة من خلال شرائط فيديو أو كتابات حائط، كما أشارت تقارير إلى ذلك وسجلت إحداها في ولاية خنشلة شرقي الجزائر وقالت التقارير إن سلطات الأمن الجزائرية بدأت التحقيق في منشورات تدعو للتشيع هناك، وعلى وجه الخصوص في ولاية غرداية وبسكرة في الجنوب.

إذاً لا يمكن إغفال بأي حال من الأحوال النفوذ الإيراني، المتنامي في الجزائر “الواقعة في شمال غربي إفريقيا”، والذي كانت إحدى أدواته الإيرانية التقارب مع الجانب الجزائري، وتداعيات ذلك على الدول المجاورة لها، حيث إن هذه الأحداث وقعت بسبب عدم التفات الجزائريين إلى النموذج الإيراني في السودان.

– السنغال…تهديد إيراني آخر للقارة:

تشكل الجوانب الاجتماعية والثقافية في السنغال منافذ لإيران تحاول من خلالها بثّ أفكارها داخل المجتمع السنغالي. ومثّلت الجالية اللبنانية في السنغال في العقود الأخيرة مدخلاً مناسباً للنظام الإيراني للانطلاق في نشر المذهب الشيعي بين المواطنين السنغاليين. وكان إرسال “الإمام موسى الصدر”، الذي اختفى في ليبيا في 1978، لأحد رجال الدين الشيعة، وهو اللبناني عبد المنعم الزين، كمعلم لأفراد الجالية اللبنانية الشيعية في السنغال الخطوة الأولى في نشر التشيع بين السنغاليين، حيث لعب ذلك دوراً جلياً في التمهيد لنشر الفكر الشيعي في السنغال. وقد أشاد الزيني في كتاب له بما قام به من محاولات لتشيع الشباب السنغالي.

ثم استغلت إيران الحركات الصوفية هناك للتمدد أكثر داخل المجتمع، وقامت بدعم العديد من المؤسسات التعليمية والدينية وأنفقت على الطلبة داخلها بسخاء، ولا زالت. فعلى سبيل المثال قامت جامعة المصطفى الإيرانية، التي تخضع لإشراف المرشد الأعلى الإيراني نفسه والتي تهدف للترويج للمذهب الشيعي، بافتتاح فرع لها في السنغال إلى جانب مؤسسات أخرى مثل “مزدهر” و”والفجر”(3).

والجدير بالإشارة هنا أن هذه المؤسسات لا تقوم بدور تعليمي فقط، بل بدور ثقافي واجتماعي غير عادي. وكان مسئول بجامعة المصطفى الإيرانية بالسنغال قد قال مسبقاً إن الجامعة تستقبل 150 طالباً على مدار العام وتعمل على تقديم خدمات مجانية لهم بالإضافة إلى المال، وذلك بالطبع مقابل الترويج للفكر الشيعي “الإيراني”، كما قال كذلك أحد الاساتذة في قم بإيران.

وليس هذا فحسب، بل إن إيران تتخذ من المشاريع الاقتصادية في دولة السنغال منطلقاً لإيجاد حالة من القبول لها داخل المجتمع. فعلى سبيل المثال، أسست إيران في عهد الرئيس السابق محود أحمدي نجاد مصنعاً للسيارات عام 2007 تبعه بعد ذلك في عام 2008 عقد اجتماعات متبادلة بين البلدين للتعاون بمجالات من أهمها الزراعة والطاقة.

وعلى إثر ذلك، بات للشيعة في السنغال، التي لم تكن تعرف التشيع منذ عقود قليلة، العديد من المدراس والحوزات والدعاة فيما بات يُختلف على عدد الشيعة هناك.

ب‌- الدور الإيراني في دول شرق إفريقيا وجنوب البحر الأحمر

تختلف أهداف الدور الإيراني في دول شرق إفريقيا عنها في دول شمال غربي القارة، كما سيتضح لاحقاً عند مناقشة هذه النقطة. وبشكل عام، تُضاف نقطة غاية في الأهمية عند الحديث عن الدور الإيراني في دول شرق إفريقيا جنوب البحر الأحمر، ألا وهي أن الدور الإيراني هناك لا تكمن أهدافه فقط في التوسع والنفوذ والرغبة في إنهاء العزلة الدولية المفروضة، ولكن يهدف النظام الإيراني من وراء ذلك إلى التمركز في هذه المناطق لخدمة أهداف استراتيجية، كما يتضح مؤخراً من دوره في اليمن.

النفوذ الإيراني في السودان …لم ينته بعد

على الرغم من اتخاذ الحكومة السوادنية خلال الأعوام الأخية خطوات جدية تجاه تحجيم النفوذ الإيراني في دولة السودان، إلا أن الدور الإيراني في هذه الدولة ينبغي أن يلتف أنظار الجميع، فإن كانت العلاقات السودانية الإيرانية يشوبها أحياناً بعض الاضطراب إلا أن تبعات التغلغل الإيراني في السودان تركت آثارها في هذا البلد العربي الإفريقي.

فمن أوائل الدول الإفريقية التي بدأ النظام الإيراني الجديد النظر إليها على أنها ذخر استراتيجي مستقبلي له، بعد رفض المجتمع الدولي لسياسات النظام الإيراني منذ أعوامه الأولى، كانت دولة السودان. وأدت التوترات السياسية في السودان خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي إلى توفير موطئ قدم لإيران للتدخل في الشئون السودانية. فقد كان هناك آنذاك في السودان من يؤيد إقامة نموذج إيراني في السودان، بل والرغبة في تطبيقه خارج بلدهم.

إلا أنه ومع بداية العقد الأخير في القرن المنصرم، تزايد بشكل ملحوظ النفوذ الإيراني داخل السودان وذلك عبر إنشاء العديد من المراكز الثقافية الإيرانية في السودان والتي لعبت أدواراً كبرى في التمهيد للتغلغل والنشاط الشيعي الإيراني في السودان. فكان أول هذه المراكز الثقافية الإيرانية قد تم افتتاحه عام 1988، أثناء حكومة “الصادق المهدي”.

وتزايد نشاط هذه المراكز الإيرانية في السودان خلال العقود التالية، إلى الحد الذي دعا معه كثيرين من داخل السودان إلى الاعتراض على مثل هذه النشاطات وباتوا يناقشوا جدياً خطراً شيعياً داخل الأراضي السودانية. بل واستدعى ذلك تدخل دول إقليمية أخرى لوقف هذا التمدد الإيراني في السودان الذي يهدد مصالح آخرين.

واستدعى كل ذلك الحكومة السودانية إلى إغلاق هذه المراكز الثقافية الإيرانية واستدعاء المسئول الإيراني في سفارة بلاده وأعلنت ضرورة مغادرة الأفراد العاملين في هذه المراكز خلال 3 أيام. إلا أنه وعلى الرغم من كل ذلك باتت عواقب التدخل الإيراني في الشئون الداخلية للمجتمع السوادني حاضرة إلى الآن وذلك في أعداد الشيعة المختلف عليها في السودان والحسينيات، حيث تقول إحدى التقارير الموثوقة إن هناك حوالي 20 حسينية في السودان تتمركز أشهرها في العاصمة الخرطوم. وعلى ذلك لا يمكن إطلاقاً الجزم بأن خطر وعواقب التدخل الإيراني في السودان قد انتهت إقليمياً وليس فقط داخلياً.

وعقب إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في السودان، توترت العلاقات السودانية الإيرانية واتجهت في المقابل إلى توثيق علاقاتها مع دول إقليمية أخرى سنية مثل المملكة العربية السعودية التي لعبت دوراً مهما في مواجهة النفوذ الإيراني داخل الأراضي السودانية.

ثانياً- “التمركز الإيراني” في القرن الإفريقي خطر يهدد دول البحر الأحمر بشاطئيه

إذا توجهنا بأنظارنا إلى الخطر والتداعيات الإقليمية للنفوذ والتدخل الإيراني في دول القارة الإفريقية، يمكننا القول إن أخطر التداعيات “الإقليمية”، وليس فقط داخل القارة، لهذا التدخل تكمن في النفوذ و”التمركز الإيراني” في دول القرن الإفريقي.

جيبوتي و إريتريا…الأهم استراتيجياً للبرنامج الإيراني في إفريقيا

– جيبوتي:

إذا ما قلنا إن النفوذ الإيراني في دول شمال غربي إفريقيا والسودان ينحصر غالباً في الأمور الثقافية والدينية، فإن الأمر يختلف كثيراً عند الحديث عن “التمركز” الإيراني في دول القرن الإفريقي عسكرياً وهو الأمر الذي يهدد صراحة دول البحر الأحمر بشاطئيه.

فمنطقة القرن الإفريقي تمثل أهمية كبيرة ليس فقط لدى إيران ولكن لجميع دول العالم المهتمة بتوطيد أقدامها في منطقة الشرق الأوسط والشام؛ وذلك للموقع الاستراتيجي المهم والحيوي الذي تمتلكه جزر هذه الدول والتي يمكن من خلاله التحكم في حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس ومنها إلى الشرق الأوسط وأوروبا(4).

وتزايدت أهمية القرن الإفريقي لدى إيران خلال الأعوام الأخيرة؛ وذلك لاشتداد حدة الصراع السياسي والعسكري بين إيران وبعض الدول الإقليمية الشرق أوسطية. فحاولت إيران توطيد علاقاتها السياسية والعسكرية والأمنية مع هذه الدول حتى استطاعت إقامة قاعدة لها في إحدى الجزر في البحر الأحمر.

وعملت إيران خلال ذلك على توثيق علاقاتها مع دولة جيبوتي منذ مطلع العقد الماضي وذلك مع تولّي الرئيس إسماعيل عمر جيله عام 1999، حيث كان جيله يطمح إلى توطيد علاقات بلاده مع إيران.

ومن الناحية المذهبية، تعمل إيران على الدعوة للمذهب الشيعي بين مواطني جيبوتي ويقوم عدد من الجيبوتيين بزيارة إيران ومنها شخصيات دينية بارزة في جيبوتي. وافتتحت إيران عدداً من المراكز الشيعية في جيبوتي والتي يأتي على رأسها “مركز أهل البيت” وذلك خلال عام 2014. وتطور النشاط الإيراني الشيعي مؤخراً في جيبوتي وبات ظاهرة علنية بعد أن كانت سرية وذلك من خلال الأنشطة التي تقوم بها هذه المراكز الشيعية هناك.

فعلى الرغم من خطر مثل هذه المنظمات، إلا أنها لا تلقى اعتراضاً رسمياً من السلطات في جيبوتي، بل إن هذه المنظمات تتلقى دعماً خارجياً سواء من إيران أو حتى عدد من المنظمات الدولية الشيعية المعنية بالأمر، وهو بكل الأحوال يمثل خطراً وتهديداً اقتصادياً واستراتيجياً لدول البحر الأحمر والمنطقة؛ لأن هذا النفوذ الشيعي في جيبوتي يدعم، إلى جانب التعاون العسكري، النفوذ الإيراني في البحر الأحمر وبالتالي الشرق الأوسط ويُعد تهديداً حقيقياً للدول المطلة عليه؛ لتهديده الملاحة في البحر الأحمر.

ومن الناحية العسكرية، توطدت العلاقات أكثر ما بين إيران وجيبوتي عام 2008 بعد تعهد الجانب الإيراني بعدم تقديم المساعدة العسكرية إلى إريتريا. وكانت المحطة الأبرز في طريق تعزيز التعاون العسكري بين طهران وجيبوتي كانت في عام 2011 عندما وفد عسكري إيراني بزيارة جيبوتي ولقاء مسئولين كبار هناك عُقدت بموجبها اتفاقات تعاون في مجال تقديم الدعم العسكري الإيراني البحري إلى دولة جيبوتي.

وأفادت تقارير صحفية بعد ذلك أن تعاوناً عسكرياً بين إيران وجيبوتي “الواقعة على مضيق باب المندب”، إلا أن العلاقات يشوبها بعض الغموض أو ما يمكن أن نطلق عليه “التوتر” مؤخراً بين البلدين وذلك بعد إعلان جيبوتي دعمها الكامل لعملية عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية في اليمن، إلا أنه يبدو أن التعاون العسكري بين البلدين لا يزال يأخذ مساحة بين البلدين.

فالبحرية الإيرانية لازالت تنشط في موانئ جيبوتي، على الرغم من الاضطراب الأخير في العلاقات، وهو ما يثير القلق حول الملاحة البحرية والمصالح الاقتصادية لدول البحر الأحمر بشكلي كلي، فإيران لم تكن لتستطيع تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية إلى ميليشيات الحوثيين في اليمن بدون مثل هذه الموانئ والعلاقات مع دول شرق إفريقيا القريبة من اليمن.

– إريتريا:

كان للصراع بين إثيوبيا وإريتريا التي استقلت عن الأخيرة عام 1991 آثاره الكبيرة على العلاقات ما بين إريتريا وإيران في قضية النزاعات الحدودية. فقد كان الدعم الغربي لإثيوبيا ضد إريتريا عاملاً في توجه الأخيرة نحو توثيق العلاقات مع إيران، وكان ذلك مدخلاً مهماً لطهران للبدء في ذلك فعمدت إلى تعزيز العلاقات مع أسمرة، حتى جاءت زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى طهران عام 2009 والتي صرح خلالها بما أسماه أهمية الاستفادة من الخبرات الإيرانية.

وجاء بعد ذلك التعاون الإيراني مع إريتريا في أشكال متعددة يُعد أهمها الجوانب العسكرية. فقد استطاعت طهران أن تمثل تهديداً للأمن القومي العربي، خاصة للدول الواقعة على البحر الأحمر، عن طريق تأسيسها لقاعدة بحرية تقع على باب المندبـ تستخدمها إيران حالياً في العديد من عملياتها لدعم ميليشيات الحوثيين في اليمن.

وليس هذا فقط، بل أرسلت طهران المئات من المنتمين للحرس الثوري الإيراني، خاصة فيلق القدس (الذراع العسكري الخارجي للحرس الثوري)، إلى إريتريا، كما قامت بتنصيب عدد كبير من بطاريات صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى والصواريخ مضادة للطائرات في إحدى الموانئ الكبرى لإيريتريا وهو ميناء “عصب”، الذي يُعد ثاني أكبر الموانئ في البلاد.

أما من الناحية المذهبية، فإن النفوذ الإيراني الشيعي في إريتريا لا تخلتف أساليبه كثيراً عن نظيراتها في جيبوتي من حيث أنشطة المراكز الثقافية ودعم “العمل الإنساني”. إلا أن الجدير بالذكر هنا هو أن القرب الجغرافي ما بين إريتريا واليمن قد ساعد على توسع النفوذ الشيعي الإيراني في البلاد.

حيث إن وجود العديد من اليمنيين الحوثيين الشيعة في إريتريا، والمعروفين بولائهم للنظام الإيراني قد ساعد على انتشار التشيع داخل المجتمع الإرتيري، هذا بالإضافة إلى الوجود المكثف للحركة الصوفية في إريتريا مما يمثل أرضاً خصبة لنمو الفكر الشيعي داخل المجتمع الإريتري. كما لا يخفى دور الطلاب الإرتيريين الذين درسوا في إيران وعادوا محملين بفكر وآراء شيعية يحاول بعضهم نشرها داخل أوساط المجتمع الإريتري(5).

ثالثاً- أهداف الدور الإيراني في القارة الإفريقية

من خلال تتبع الدور الإيراني في الدول الإفريقية، يمكن استنتاج أن أهدافه في إفريقيا يمكن حصرها في التالي:

– مد النفوذ الإيراني في الخارج وتصدير ما يُطلق عليه “تصدير الثورة” والمنصوص عليه في الدستور الإيراني، وذلك من خلال نشر المذهب الشيعي في الخارج، فكل من يتشيع تَعُده طهران ذخراً لها؛ لأنه تلقائياً يكون تابعاً لإيران ونظام ولاية الفقيه، مثل كثيرين من الشيعة في نيجيريا.

– الخروج من العزلة السياسية الدولية المفروضة على النظام الإيراني بسبب العديد من الملفات المثارة، كالملف النووي والصاروخي ودعم الإرهاب.

– إيجاد منفذ اقتصادي تجاري لإيران مع الدول الإفريقية.

– استخدام بعض الدول الإفريقية كتهديد استراتيجي لبعض الدول الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط كالمملكة العربية السعودية، فإيران تستخدم على سبيل المثال السواحل الإريترية والجيبوتية لتهريب الأسلحة وتقديم الدعم العسكري إلى الحوثيين في اليمن.

رابعاً- كيف يشكل النفوذ الإيراني المتصاعد في إفريقيا تهديداً للمصالح المصرية؟

في ظل التقارب المصري الخليجي، خاصة في الآونة الأخيرة، تسعى إيران إلى الالتفاف على الدور المصري في الأزمة الخليجية من خلال محاولة محاصرة الدور المصري في إفريقيا وتهديد المصالح المصرية في القارة، والتي تأتي على رأسها قضية المياه، التي تُعد أهم القضايا والمصالح المصرية داخل القارة الإفريقية.

فالتقارب الإيراني في دول حوض النيل، والتي منها إريتريا والسودان وإثيوبيا وتنزانيا وغيرهم، يمثل بلا شك تهديداً للمصالح المصرية في هذه الدول. وكما ألقينا الضوء على النفوذ الإيراني في دول إريتريا والسودان، من دول حوض النيل، فإن التهديد الإيراني لا يقتصر فقط على هذه الدول، بل يمتد إلى دول أخرى في حوض النيل، كأوغندا وكينيا.

وتمثل أكثر هذه الدول أهمية لدى مصر دولة إثيوبيا، والتي سنحاول خلال الأسطر التالية إلقاء الضوء فيها على النفوذ الإيراني المتنامي معها:

أ‌- النفوذ الإيراني في إثيوبيا تهديد مستقبلي خطير للأمن المائي المصري والسوداني

ترتبط إثيوبيا منذ فترة طويلة بعلاقات قوية مع النظام الإيراني، فعلى الرغم من عدم وجود نسبة كبيرة من المسلمين داخل إثيوبيا وكون المسلمين فيها من أهل السنة إلا أن إيران تحاول جاهدة تعزيز العلاقات مع إثيوبيا بشتى الطرق.

ومن خلال الزيارات المتكررة لمسئولين إيرانيين كبار، تسعى طهران إلى إيجاد موطئ قدم ثابت لها في إثيوبيا، يساندها في ذلك التعاون الاقتصادي الذي وصل حجمه إلى 35 مليون دولار عام 2007 بعد أن كان 19 مليون دولار عام 2004.

ومنذ تولّي حسن روحاني رئاسة إيران عام 2013، سعت طهران إلى تقوية العلاقات السياسية مع إثيوبيا وتكرار زيارات كبار المسئولين الإيرانيين إلى أديس أبابا والتي نتج عنها عقد العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين الجانبين.

وكان حضور مساعد وزير الخارجية الإيراني السابق “حسين أمير عبد اللهيان” للقمة الأفريقية المنعقدة في أديس أبابا عام 2015 أبرز تلك المحطات الاقتصادية والسياسية، حيث نتج عنها مزيد من التعاون الاقتصادي بين الجانبين، ولا زالت إيران تدعو إلى زيادة استثمار مواطنيها في إثيوبيا لتحقيق مزيد من التعاون بين البلدين.

ويأتي أخطر ما يمكن الحديث عنه من الدور الإيراني في إثيوبيا والذي يمثل تهديداً مباشراً لمصر، هو حديث تقارير عن محاولة إيران المشاركة في بعض المشروعات المائية والزراعية والكهربائية التي تريد إثيوبيا القثيام بها والتي تؤثر بشكل مباشر على مياه النيل، وليس من حق أديس أبابا القيام بها لإضرارها بباقي دول حوض النيل.

وحول ذلك، ألتقى مسؤول إيراني كبير منذ حوالي عامين في العاصمة أديس أبابا بمساعدة وزير الخارجية الإثيوبي آنذاك وتم توقيع اتفاقات تعاون اقتصادي وصناعي وتطوير التجارة بين البلدين.

إن ما يمثل خطراً على المصالح المصرية هو رغبة إيران في مقايضة الدور المصري الداعم للدول الشقيقة في الخليج العربي من خلالها محاولة دعم إثيوبيا في بناء سدود بشكل غير قانوني من الممكن أن يؤثر على حقوق الدول الأخرى في المياه كمصر والسودان. والجدير بالذكر هنا أن المصالح الإسرائيلية تلتقي مع المصالح الإيرانية في هذا الصدد. فإسرائيل تحاول بشكل كبير زيادة استثماراتها فى عدد من دول القارة الأفريقية وخاصة دول حوض النيل، حيث تقدم الدعم المالي لقيام استثمارات خاصة بها في إثيوبيا.

والأهم من ذلك هو أن الدور الإيراني في إفريقيا لا يلقى اعتراضاً من الدول الغربية. فعلى سبيل المثال، تمثل مناطق النفوذ الفرنسي التقليدية في دول شمال غربي إفريقيا مرتعاً للنفوذ الإيراني المتنامي في هذه الدور وذلك أمر لا يخفى على باريس.

ب‌- الدور العسكري الإيراني في شرق إفريقيا يهدد قناة السويس:

ليس بخفي، كما سبق القول، أن إيران تمتلك حضوراً عسكرياً ملموساً في دول شرق إفريقيا خاصة في إريتريا وجيبوتي لموقعهما المتميز في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وبدون شك، فإن هذا الحضور العسكري الإيراني الذي يقدم الدعم العسكري للميليشيات الحوثية في اليمن حالياً، يمثل تهديداً للملاحة البحرية في البحر الأحمر وقناة السويس المصرية، هذا بالإضافة إلى الدور العسكري الإيراني في الصومال، والذي لن نتطرق إليه هنا.

فكما تقوم إيران بتهديد الملاحة في مضيق هرمز من خلال إغلاقه يمكنها أن تقوم بدور شبيه بذلك في مضيق باب المندب، مما يمكن أن يمثل تهديداً لواحدة من أكبر القنوات المائية الأكثير حيوية في العالم، وهي قناة السويس.

خامساً- الحلول والخيارات المتاحة لمواجهة التهديد الإيراني المتنامي في القارة الإفريقية

بعد التطرق إلى أهم المخاطر، وليس كلها، التي يمثلها الدور الإيراني المتنامي في إفريقيا، نحاول هنا تقديم بعض المقترحات التي يمكن من خلالها تحجيم الدور الإيراني المتصاعد في عدد ليس بالقليل من الدول الإفريقية، فذلك يستدعي بكل تأكيد القيام ببعض التحركات المشتركة بين عدد من دول المنطقة، والتي يأتي من بينها:

– ضرورة التحرك المصري السعودي السوداني المشترك لوقف الأنشطة الإيرانية في جنوب البحر الأحمر؛ وذلك لعدم لإضرار بحركة الملاحة البحرية من جانب ولعدم الإضرار بمياه النيل من جانب آخر.

– يأتي ذلك من خلال تدعيم علاقات هذه الدول المذكورة سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً مع دول شرق إفريقيا، فضلاً عن غربها.

– أثبتت الحقائق أن تعزيز العلاقات السعودية السودانية، على سبيل المثال، قد حجّم الدور الإيراني في السودان بعد تناميه لفترة ليست بالقليلة، مما يستدعي ضرورة لعب المملكة العربية السعودية دوراً في المحافظة على الطابع السني لهذه البلاد الإفريقية التي يقع كثير من مواطنيها نتيجة الفقر والحاجة، فريسة للمخططات الإيرانية الشيعية.

– توثيق العلاقات المصرية الإفريقية، خاصة مع الدول التي يشكل النفوذ الإيراني فيها خطراً على المصالح المصرية المختلفة.

– القضاء على خطر ميليشيات الحوثيين في المناطق الغربية الساحلية في البلاد التي تقوم إيران من خلالها بتقديم الدعم لهم، والتي تقترب من سواحل الدول الإفريقية التي تنشط فيها إيران عسكرياً.

– التعاون مع الدول الغربية لوقف الدور الإيراني في بعض الدول الإفريقية، خاصة في ظل تولّي إدارة أمريكية تتخذ موقفاً معادياً للنظام الإيراني، يأتي على رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو.

المصادر:

1- دكتور محمد السلمي، “العبث الإيراني في الجزائر إلى أين”، موقع العربية، 31 ديسمبر 2015.

https://www.alarabiya.net/ar/saudi-today/2015/12/31/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%8A%D9%86.html

2- أحمد أبو الخير، “مغردون يطالبون بطرد أمير موسوي من الجزائر.. يدير شبكة تشيّع”، موقع الخليج أونلاين، 25 يناير 2016.

http://alkhaleejonline.net/articles/1453720793023803800/%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D8%AF-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D9%8A%D8%B9/

3- ابو الفضل افشاري، “گفتگو با رهبر شیعیان سنگال”، عصر ايران، 13 يونيو 2007.

http://www.asriran.com/fa/news/19481/%DA%AF%D9%81%D8%AA%DA%AF%D9%88-%D8%A8%D8%A7-%D8%B1%D9%87%D8%A8%D8%B1-%D8%B4%DB%8C%D8%B9%DB%8C%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D9%86%DA%AF%D8%A7%D9%84

4- “چرا جیبوتی به پادگان نظامی جهانی تبدیل شده است؟”، شيعه نيوز، 27 مارس 2018.

5- “التغلغل الإيراني في منطقة القرن الإفريقي،”، مركز المزماة للدراسات والبحوث، 16 فبراير 2018.

http://almezmaah.com/2017/02/16/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%BA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1/
المصدر/ المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة