6 مارس، 2024 8:57 ص
Search
Close this search box.

النساء والكتابة (9): تمركز الرجال في مراكز صنع القرار يؤثر كثيرا علي إبداع المرأة

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

هناك صعوبات أخرى استثنائية قد تتعرض لها الكاتبات غير الصعوبات الاعتيادية، مثل الحروب والاضطرار إلى الهجرة وترك أوطانهن. تجعلهن تلك الصعوبات الاستثنائية تحت ضغط كبير لكن مع ذلك ينتصر الشغف والرغبة في التعبير عن النفس المتمثل في الكتابة. كما قد تتعرض الكاتبات لتقييد متعمد من الذكور، بهدف كسر عزيمتهن والتقليل من شأن موهبتهن.
لذا كان لنا هذا التحقيق الذي يجمع آراء الكاتبات من مختلف بلدان منطقة الشرق حول الصعوبات التي تواجهها النساء حين يقررن أن يصبحن كاتبات، وتضمن التحقيق الأسئلة التالية:
1. هل تواجه الكاتبات صعوبات للتفرغ للكتابة مثل عملها، ومهام الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل؟
2. هل العوائق التي تمنع الكاتبات من التفرغ تؤثر على إنتاج الكاتبات سواء على مستوى الكم وأيضا الكيف؟
3. هل تشعرين بالظلم حين تتم مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
4. ما رأيك في انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء والذي قد يصل إلى حد الوصم؟
5. هل تشعرين أن كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد والمهتمين بالأدب؟


المجد للنص الجيد..
تقول الشاعرة المصرية “ديمة محمود”: “الكتابة بأنواعها عملية تحرّر واكتشاف للذات، واستمرار دؤوب لخلقها عبر اللغة. بل إنّ لعبة اللغة بحد ذاتها هي انفجارات تمنح الكتابة هذه القوة الناعمة لفعلها الحقيقي المتشابك لدى الكاتب والمتلقي. وفي رأيي فإن الكتابة بالنسبة للمرأة بالذات إن لم تكن شكّها المطلق في المطلق ولا مطلقها المستمر في الرؤية تحولت إلى سور كبير لا تراه فقط لبعده عن مرآها مباشرة، لكنّه يقيدها رغم ما تعتقده وتظنّه أنه فضاء وسعة. وفي الوقت نفسه لا ننكر أن جينات الأنوثة المرتبطة بالتفاصيل والإتقان والإنضاج تنعكس إلى حدّ لا يستهان به في الكتابة الشعرية لديها. لكن هذا في الوقت ذاته لا يمكن تعميمه لدى الشاعرة المرأة وللدقّة أقول أن هذا يجتمع بتكامل مع الشعرية لدى فئة قليلة ومحدودة جداً من الشاعرات، والأنوثة كثيراً ما تفسد شعريّة وقيمة النص وتعدمه الرؤية.
‏هناك طوفان (كتابي) رهيب من قبل الجميع بما في ذلك النساء يشمل ما هو جيد وما هو تافه وسطحي ولزج فلا يمكنني أن أسميه شعراً ولا رواية وهو يلصق عنوةً وتضليلاً بالأدب، ولا يعني هذا أنّني مع احتكار الكتابة بل للجميع الحق في الكتابة لكنّني ضد التضليل والمحاصصات لصالح الكتابات الرخوة والمشوّهة. والتي من ضمن صورها مؤخراً تفاقم ظاهرة الاحتفاء بالمرأة الأنثى المتخمة بالترهّل الشعري والكتابي ونصّها”.
وتواصل: “تلعب الرقميّة ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً في ذلك لا أود الآن الخوض فيه وهو بيّن للجميع والحديث فيه مكرر وهو تحصيل حاصل، ويأتي ضمن صبغة عامة وسياق كبير من الفوضى وخلط الأوراق والمفاهيم واختلاط الحابل بالنابل في الوسط الثقافي والأدبي. حيث تحولت الساحة الشعريّة إلى مكان فيه القليل جداً من الكتابة والشعر وسط ثكنة ضخمة من الجزر للفساد والتخريب والهدم، بمعاول الشعراء أنفسهم وأصحابهم من نفس الدوائر واللجان الشعرية خربة الضمير والذائقة والنقد الذي أصبح مستنقعاً وسلّماً في آن وانتهى نهائياً ولم تعد له علاقة من قريب ولا من بعيد في جرد وتجريد الأدب من الحسابات وتقييمه ووزنه في موازين القيمتين الأدبيّة والفنيّة.
وباختصار أفرزت هذه الحالة مجانية وسيولةً وابتذالاً بل ترويجاً لتمرير الربط بين التفاهة والركاكة والابتذال الفكري واللفظي والفني. وأعني بهذا الترويج قصديّةً وتعمداً وافتعالاً وصناعة لفكرة الخروج الرخو الأراجوزي لمجرد افتعال التغيير والحداثة والرفض، وحتى ما سمّيتِه أنتِ في سؤالك بالـ (الجرأة) بينما الشعرية والقيمة الأدبية والفنية في الحالة تحت الصفر، وهذا هو الفساد والتضليل والعبث بعينه”.
وتضيف: “التجريب في حدّ ذاته ضروريّ ومطلوب لكن الاختلاف لأجل الظهور و(الشو) ولفت الأنظار أو الاختلاف كي أكون موجوداً بصفة شاعر/رة أو أديب/ة فحسب ولو على رميم كلام لا يضمّ في ثناياه الاشتباك بين اللغة والدهشة والرؤية، سواء كبيرة أو صغيرة يسمى قصيدة وهو مجرد كلام لا علاقة له بالشعر، وهو إسفين في مقتل يقصم ظهر القصيدة والكتابة ويعطي مسوّغاً للاصطياد في الماء العكر من عصابيّي اليمين واليسار والرجعيين وفئات أخرى كثيرة للعبث من جهة ولقصقصة الإبداع ومسخه من أدواته كيفما كان، وبالتالي الخروج بالنتيجة التي تؤول إلى الصفر حول الجودة والقيمة الشعرية وحريّة الكتابة معاً.
‬هنا من المهم أن أقول أن ذريعة (الجندرة) والمظلومية ساهمت في ركاكة المنتج الأدبي لأنها كموضوع أصبحت سلّماً وغطاء لتبرير وسم الكتابة المثقلة بهذه الحمولات النسوية بسبب أهدافها ومقاصدها بالكتابة بالجيدة، أو قد يحدث هذا لمجرد أن الكاتبة امرأة. وفي كل الحالات فإن ما يحصل في هذا السياق هو مهزلة كبرى وإفساد ضمن فوضى الإفساد العام للنقد والكتابة والنشر”. ‬
وتؤكد: “من جهة أخرى لا يمكننا أن نتغاضى عن أن تعّدد الالتزامات والمسئوليات الملقاة على عاتق المرأة في مجتمعاتنا تشكّل تحدّياً وعبئاً نسبياً لتفرغها للكتابة والإبداع، لكن مع ذلك تثبت النساء دائماً قدرتهنّ على الإنجاز والإبداع رغم مسئولياتهنّ المتعددة والمستمرة. وهذا لا ينفي أن عديدات احتجن إلى التفرغ أو قل التخفّف بشكلٍ أو آخر من الأعباء خاصة المنزليّة للتفرغ للكتابة واستحضار التداعي والتعمق في أعمالهن الكتابية وإنجازها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن مراحل الأمومة مثلاً ربما تشكل إلهاماً للبعض ممن ينخرطن فيها بشكل عاطفيّ وعمليّ معاً، فيما تشكل المرحلة ذاتها عبئاً نفسياً وذهنياً وعمليّا يحول دون الشروع في مشاريع الكتابة أو حتى استكمال ما كان مفتوحاً. وفي الغالب تبقى الأسرة في حدّ ذاتها وكلّ ما ينشأ عنها من أعباء في بيئتنا العربية ليست مكاناً مثاليا لتحقيق الذات والمضيّ قُدماً في الانخراط في أجواء الإبداع والكتابة بالذات، فمجتمعاتنا بأنماطها الاجتماعية والفكرية والأيديولوجية مجتمعات ضاغطة من جهة، كما أنّ هناك تعب جسديّ وتشتت ذهنيّ حاصل بسبب ذلك وبسبب التزامات الأسرة لا يمكننا التغاضي عنه، على عكس ما يتاح للرجل في بيئتنا من تفرغ إمّا تامّ أو شبه تامّ يتاح له على الأقل حينما ينتهي من عمله الرسميّ الذي يشكل دخله الرئيسيّ، بعكس المرأة التي تنتهي من العمل في خارج المنزل لتكمل أعمالاً وأدواراً متعددة في المنزل.
ومن المهم هنا أن أشير أن العوائق أمام المرأة قد لا تكون ليست هذا أو ذاك مما ذكرناه، بل قد تنحصر في مجرد إعاقة الرجل زوجاً أو أخاً أو أباً لها بقصد التحجيم وسدّ المنافذ أمامها من أجل تحقيق ذاتها من خلال الكتابة، وهذا موضوع ليس هنا مجال التفصيل فيه لكنه وارد ومطروح جداً في بيئتنا العربية، وقد يحدث من قبل (رجال) يبدون ويصنّفون أنّهم منفتحون ومتحرّرون وبكل هذه التوصيفات ومرادفاتها البرّاقة. وأؤكد هنا أن هذا كلّه (أقصد تأثير الأدوار المتعددة المرأة على كمية نتاجها الأدبيّ) أمر نسبيّ وتأثيره متعلق بمدى الإنتاجية الذهنية لديها (أي زخم وطاقة الكتابة) (وهو نسبيّ أيضاً)، لكنّه بالطبع لا علاقة له من قريب أو بعيد بمستوى وقيمة المادة الأدبية وهذا أمرٌ مفروغ منه حيث القيمة الأدبية هي نتاج ملَكة وموهبة وإبداع كاتبها فقط”.
وعن الشعور بالظلم من المقارنة: “وبما أنّني لست مع فكرة المقارنة بين الكِتابات على أيّ أسس جندريّة ولا حتى أيّ مفاهيم أخرى ليست متعلقة بالقيمة الأدبية والفنية فقط للنص وبشكل مجرد، وما يرتبط بذلك من أبعاد فكرية ورؤيوية مختلفة، فأنا ضد فكرة المقارنة بين نصوص المرأة ونصوص الرجل وفكرة المظلوميّة نفسها من أيّ منطلق كانت.
أخيراً، فالنص الأدبي الجيد يفرض نفسه بمعزل عن هويّة صاحبه ويبقى للتاريخ حتى لو لم يلتفت إليه أحدٌ الآن مع موجات الفوضى والتضليل والعبث، وما سوى ذلك من كتابات تطفو وتأخذ أضواءها سريعاً في الضحيج ثم تتبعثر بلا عودة ولا ذكر لها ولا لكاتبيها رجالاً ونساء، والمجد فقط هو للنص الجيد والأدب الحقيقي المحمل باللغة والفكر والإبداع”.


الروتين اليومي يقتل الإبداع..
وتقول الكاتبة الجزائرية “أسماء بو زيد”: “رغم اختلاف الثقافات والرقع الجغرافية إلا أن النساء تواجهن لحد الآن نفس المشاكل حين يخصّ الأمر المجال العلمي و الثقافي. النساء الكاتبات يعانين من نقص الوقت للتفرغ للكتابة والإبداع مقارنة بالرجال، المرأة تحمل على عاتقها مهمة تربية الأطفال والحفاظ على نظافة المنزل والحرص على تغذية أفراد أسرتها، إلى جانب العمل خارج البيت. جميع هذه المهام تأخذ قسما كبيرا من وقت المرأة وقد تشغل يومها كاملا فتجد نفسها مرهقة بعد أن قامت بعمل أربعة أو خمسة أشخاص بمفردها, كل هذا قد يضع فعل الكتابة في أسفل قائمة الأشياء التي يجب إنجازها”.
وعن تأثير العوائق على إنتاج الكاتبات كما وكيفا: “لخصّت فيرجينيا وولف مشكلة النساء الكاتبات حين جزمت بأن المرأة إن أرادت الكتابة فهي بحاجة إلى دخل مالي وإلى غرفة تختلي فيها بنفسها. الكتابة تحتاج إلى وقت وتحفيز للإبداع، لذلك فإن الروتين اليومي قد يقتل حس الإبداع أو جزء منه، لكن ذلك لا يعني أن كتابات النساء ليست بالجودة الكافية. أما بالنسبة للكم فعدم توفر الوقت الكافي والتفرغ قد يؤثر عليه سلبا”.
وعن الشعور بالظلم حين تتم المقارنة تقول: “تعوّد الكتاب الذكور على التعبير بحرية وبدون قيود، أما النساء فقد صارعن للدخول إلى مجال الكتابة التي كانت حكرا على الرجال. في الوقت الحالي، حرية الفكر مازالت حكرا على الرجال، فالمرأة تضع لنفسها قيودا في بعض الأحيان خوفا من مجتمع يمكن أن يحاسبها فقط لأنها من جنس الإناث بالإضافة إلى العراقيل التي ذكرتها سابقا. ليس من العدل استخدام نفس المعايير للمقارنة بين عملين لم ينجزا في نفس الظروف دون التنويه لذلك. مع ذلك، تكون نصوص النساء أقوى في الكثير من الأحيان لأنها كُتبت ببراعة على الرغم من كل شيء”.
وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء تقول: “الرقابة شديدة جدا على قلم المرأة في بعض الثقافات، وذلك لأن المرأة يُنظر إليها على أنها أقل شأنا من الرجل لأسباب دينية ومجتمعية. حين يكتب الرجل بجرأة عن الجنس أو الدين أو أي موضوع آخر يصفق له الجميع. أمّا إذا كان كاتب النص أنثى، فالأمر يختلف حينها، و تصبح الكاتبة في عين الكثيرين بدون أخلاق أو شرف، و في هذا ظلم كبير للكاتبات وانتقاص من شأنهن”.
وعن النقاد تقول: “ما دامت كتابات المرأة غير مأخوذة على محمل الجد في مجتمعاتنا، فهي حتما مظلومة. ما يزعجني هو أن يضع البعض المرأة في خانة الرومانسية الحالمة دون سواها. هذا أمر قد شهدته بنفسي حين قال لي مرة رجل باستهتار: “دعك من السياسة واكتبي عن الحب خير لك”. لكن ذلك لا ينفي حقيقة أن هناك الكثير من النقاد والقراء الذين يحكمون على النص من جودته، بغض النظر عن جنس كاتبه”.


ضغط الحروب والهجرة..
وتقول الكاتبة السودانية “نوال حسن”: “الكتابة قضية لمن يؤمن بها وهي أداة من أدوات التغيير الفعالة. إذا ما آمنا أن الظروف الخاصة بالكاتبات مثل إدارة منزلها والالتزامات العائلية الأخري من تربية أطفال وغيره بالإضافة لعملها خارج المنزل تؤثر تأثيرات ملحوظة علي الكاتبة وعلي إنتاجها الإبداعي، فنجد الآن أنه قد أضيفت لها أعباء أخري نتاج الحروب التي أدت إلي نزوح وهجرة كثير من الكاتبات. السياسات الدولية وتمركز الرجال في مراكز صنع القرار يؤثر كثيرا علي إبداع المرأة الكمي والنوعي.
رغم ذلك تذهلنا كثير من الكاتبات بالكثير من الكتابات التي استقطعن لها الكثير من الوقت رغم المعاناة متحديات كل الصعوبات ومنتصرات لشغفهن وحقهن في التعبير عن أنفسهن وقضاياهن.

اذا أردنا ياعزيزتي ان نتكلم عن الظلم الذي يقع علي المرأة فهذه قضية كبيرة و هوظلم مؤسس منذ الالاف السنين، وكما اسلفت استخدام الكتابة وقبول التحدي من قبل الكاتبات يشعرني بالكثير من الفخر بأننا نكتب وننتج رغم الظروف ونحن في كفة ميزان غير متوازنه.ل معان كثير من الأقلام وازدحام منصات الإبداع بالاصوات النسائية يعزز فكرة الصمود والتحدي.نحن نواجه الظلم بالقلم والفكر لنساهم في بناء مجتمعات معافية للجميع يدنا بيد الرجل لأن معركتنا ليست ضد الرجل بقدر ماهي معركة ضد تركيبة مجتمعية متوارثة”.

وتضيف: “لا اتوقع ان تكتب امرأة بجرأة غير مؤسسة ومن غير وعي وفكرة صاخبة خلفها.صحيح طرق بعض المواضيع كالحب والجنس من الموضوعات التي يستخدمها المجتمع ضد المرأة ليعطل مسيرتها الحاشدة بالوعي والجمال..هنالك تابوهات وقضايا لابد من الكتابة فيها بوعي وهي ليست حكرا علي الرجال.فكرة تقبل المجتمع لنفس الموضوعات من أصوات رجالية ورفضها من أصوات نسائية لايسنده اي منطق.الكتابة بمسؤولية مطلوبة من الاثنين رجل أو امرأة اما وصف كتابات بعض النساء بأنها خادشة للحياء هذه حجة العاجز. الكتابة ثورة مفاهيمية لايمكن تعطيلها بتفاهات القول من ذوي التفكير الرجعي.

الكتابة النسائية لاتحظي بالقدر الكافي من النقد والنظر لها بعين الناقد الفاحصة كغيرها من الكتابات الرجالية.
اري ان هنالك أزمة نقد علمي مؤسس تظهر في جلياً في فقر ساحة الإبداع و الفجوة الكبيرة مابين المنتج والدراسات النقدية بصورة علمية فنجد في الكثير من الحالات نقد مبني علي المعرفة الشخصية او كما يقول السودانيون” قصة صاحبي وصاحبك” وهذا ليس بنقد بل يمكن تسميته بكتابات مجاملة، ولكن مع كل هذه الظروف مجتمعة يأتي التفكير في نقد إنتاج المرأة في ذيل القائمة. وفي كثير من الاحيان يتم نقد الإبداع الانثوي بعين ذكورية لاترحم الكاتبة وتحمل الكتابة مايحملون من اوذارهم.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب