13 أبريل، 2024 5:39 ص
Search
Close this search box.

النساء والكتابة (34): يروج الكتاب الذكور أن الكاتبات ينتشرن كونهن إناث، في تلميح خفي إلى استخدام الرشوة الجنسية أو سلطة الجسد

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

ولأن موضوع العوائق التي تواجه النساء حين يخترن طريق الكتابة موضوع ثري وهام، فقد عدنا بحلقة أخرى في الجزء الأول منه.

هذا التحقيق جمع آراء الكاتبات من مختلف بلدان منطقة الشرق حول الصعوبات التي تواجهها النساء حين يقررن أن يصبحن كاتبات، وتضمن التحقيق الأسئلة التالية:

  1. هل تواجه الكاتبات صعوبات للتفرغ للكتابة مثل عملها، ومهام الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل؟
  2. هل العوائق التي تمنع الكاتبات من التفرغ تؤثر على إنتاج الكاتبات سواء على مستوى الكم وأيضا الكيف؟
  3. هل تشعرين بالظلم حين تتم مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  4. ما رأيك في انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء والذي قد يصل إلى حد الوصم؟
  5. هل تشعرين أن كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد والمهتمين بالأدب؟

الكتابة بلا عوائق تكون باردة وعلى وتيرة واحدة..

تقول الكاتبة السورية “فاطمة خضور”: “الكتابة من العوالم التي يحلق بها الخيال وتحتاج إلى صفاء ذهني، ومخيلة بعيدة عن صخب الحياة أثناء لحظة الكتابة، والمسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة ليست هيّنة، وتحتاج كل امرأة إلى إكمال أعمالها البيتية لمواكبة الحياة ومتغيراتها، فهمها كانت رسالة الأدب بالغة الأهمية، فرسالة الأمومة هي الأهم من وجهة نظري، ولا فائدة مرجوة من أديبة ناجحة وأمٍّ فاشلة، لذا أرى أن الكتابة شغف أحتاج إليها كما يحتاج الجسد إلى الهواء، ولكنها تأتي بالدرجة الثانية بعد أسرتي”.

وعن العوائق التي تمنع الكاتبات من التفرغ سواء على مستوى الكم وأيضا الكيف تقول: “الذي يعيق الكتابة هو نفسية الكاتبة، فالكتابة لذة لها طعمها ولا يعيقها شيء سوى الاستقرار النفسي لحظة الكتابة، وحتى المشكلات التي تحصل للكاتبة واضطراب نفسيتها قد تنتج نصوص رائعة يمكن قراءتها ضمن المنهج النفسي، الذي يدرس نفسية الأديب ومعرفة خفايا تقلباته لحظة كتابة النص، فالكتابة بلا عوائق تكون باردة وعلى وتيرة واحدة، فالضغوط والتحديات والعوائق تنتج أدباً حقيقياً”.

وعن الشعور بالظلم حين تتم مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ تقول: “منذ زمن ليس بالقليل أخذت المرأة دورها الأدبي واتسع مجال اشتغالها، وأرى أن المجال مفتوح أمامها لإظهار إبداعها، ومسألة الجنوسة بينها وبين الرجل أخذت حيّزاً كبيراً في الدراسات الاجتماعية، وظهر الأدب النسوي من حيث الرواية والشعر، وقد طغى في السنوات الأخيرة كثيراً حتى نرى كيف شهدت كثير من المهرجانات والتجمعات دور المرأة في عرض إبداعها.

ناهيك عن تقدم التكنولوجيا الذي أتاح للمرأة التعبير عن رأيها بالتواصل اجتماعياً عن بعد، وظهرت ثقافات المرأة بشكل جلي، وفتحت الآفاق لها للتعبير عن أفكارها سواء باسمها الصريح أو باسم مستعار، حسب المادة المعروضة وظروفها الخاصة، لكن بالنتيجة هو أدب نسوي واضح وصريح. وكما للمرأة انشغالاتها وأعمالها، فللرجل أيضاً أعماله وانشغالاته، ولاسيما أنه المسئول الأول عن رعاية الأسرة ومتطلباتها، وبالتالي لا أرى وجود لأي ظلم بحضرة الإبداع”.

وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء تقول: “الكتابة دائماً معرضة للنقد، ولولا الإبداع لما عرف النقد، فالنقد هو علم يختص بتقويم الأعمال الأدبية بصورة علمية تحتكم إلى الموضوعية، وهذا يشمل أعمال الرجال والنساء، ولكن البعض يعد أن كتابات المرأة الجريئة عيباً.

وهذا شيء مغلوط وفهم سطحي، فما يميز الجيد من الرديء هو القيمة الفنية للعمل وليس الأهواء والتوجهات المبنية على مبنى شخصي أو ذاتي، فالذاتية هي رصاصة مميتة للعمل الفني الإبداعي، وكثير من النساء كتبن أعمال فنية تتسم بالجرأة وأنا منهن ففي روايتي (مضاجعة الموت) كتبت ما يحسب على الأعمال الجريئة”.

وعن عدم إنصاف النقد لكتابات النساء يقول: “لو كان هنالك ظلماً لما كان هنالك نقداً، ولما كانت هنالك موضوعات أكاديمية كبيرة وكثيرة تدرس الأدب النسوي، فقد ظهرت في السنوات الأخيرة حسب علمي كثير من الكتب ورسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه التي تدرس بشكل مفصل أدب النساء (الشعر والرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً والخاطرة وغيرها) وهذا إن دل على شيء إنما يدل على حجم الأدب النسوي المكتوب الذي يحتاج إلى كل هذه الدراسات النقدية.

وفي الختام تبقى المرأة بحاجة إلى الرعاية والعناية والاهتمام فهي شريكة الرجل في كل ميادين الحياة، وما أجمل الميدان إذا كان إبداعيا! وما أجمل الميادين التي تتفرد بها وتتميز بها على الرجل وهي (الأمومة)! فعندما تبني المرأة أسرتها بحرفية وإنسانية عالية تقدم بتلك المهمة طاقتها الإنسانية العالية، فالأم هي أيقونة الحنان والمحبة للرجال فضلاً عن النساء، وقد تأثر العظماء وشهدوا بأهمية المرأة في حياتهم ومن تلك الشواهد ما قاله المتنبي في جدته التي ربته وأخذت دور الأم له، فعندما فارقت الحياة قال فيها:

أحنُ إلى الكأس التي شرِبَتْ بها

وأهوى لمَثواها التّرابَ وما ضَمّا

بكيتُ عليها خِيفةً في حَياتِها

وذاقَ كلانا ثكْلَ صاحبه قِدْمَا.

تهميش إبداع المرأة التي تخرج عن النسق الذكوري..

وتقول الكاتبة المصرية “أمينة عبد الله”: “هذه الصعوبات في رأيي الصعوبات العادية والتي تعرف أي مقدمة على الكتابة أو أي نشاط غير تقليدي أن العمل ومهام الأسرة والأعمال المنزلية تقف لها بالمرصاد وكل ذلك يمكن ترتيبه بترتيب الوقت وتوزيع المهام، لكن الأسوأ هو عدم تقبل دائرتك القريبة منك لما تفعلين واعتباره هدرا للوقت والطاقة والأموال، وتقبل وجودك في مساحة التحركات الإبداعية باعتبارها منة وفضل من الأب أولا ثم من الزوج وأحيانا الأبناء فيما بعد.

هذا فصل وفصل آخر يروجه الكتاب الذكور أن الكاتبات ينتشرن كونهن إناث في تلميح خفي باستخدام الرشوة الجنسية أو سلطة الجسد في الوصول لأي مساحة انتشار وكأن من تصل لشيء لابد وأن تكون موصومة ودافعة الثمن. وفكرة أخرى أيضا أنه لا تجربة أنثوية مؤثرة أو ذات جذر وبالطبع لا يملك هؤلاء حصرا ولا متابعة لكل ما تكتبه النساء وإنما هو الشعور الكاذب بالتفوق.

وبشكل شخصي تغيرت وجهات نظري في المهام المنزلية وأصبحت أتعامل معها بحب لا كواجبات، واستطعت الكتابة عن حوض الأطباق والغسالة والفرش أمام باب الشقة، وغيرها من المفردات التي كنت أنزعج من التعامل معها، بل أصبحت أكافئ نفسي بطهو نوع أحبه أو احتفي بمن أحبهم عن طريق ثقافة الأكل”.

وعن العوائق التي تمنع الكاتبات من التفرغ على مستوى الكم وأيضا الكيف تقول: “يتوقف تأثير أي عوائق على نظرة المرأة المبدعة لنفسها وترتيب أولوياتها إذا كان الإبداع معادلها الموضوعي الحقيقي للحياة، ستكون المعوقات دوافع وإذا كانت نظرتها للكتابة من باب الوجاهة والبرستيج ستترك أيضا مهامها المنزلية وتسقط بامتياز.

ولكن من مدخل الحق والإنصاف لا تتاح لمعظم النساء أن يجربن تجارب غير مجتمعية كما الرجال، وأتصور تصور شخصي، أن ذلك يؤثر على التجربة الإبداعية كما وكيفا، لتوضيح هذه النقطة لن يسمح مثلا لمبدعة بدخول بيت دعارة من باب التعرف على التجربة، بينما يسمح لمبدع ذكر، بل وقتها يتحدثون عن ذلك باعتباره مغامرة وصدق وتميز ومجرد حديث المرأة عنه من باب الاكتشاف، لا أخلاقي بل ويمتد أحيانا لاتهامها بهدم قيم الأسرة، وهي تهمة لم توجه لرجل واحد حكم عليه بتهمة زنا محارم مثلا.

أرى المرأة المبدعة تمتلك جنوح التجريب وجرأة التجربة لكن المجتمع أصعب وأجبن من تحمل ذلك، حتى مجتمع المبدعين الذكور الذين حاربوا بشدة تجربة الشاعرة السكندرية “شهدان الغرباوي” لجرأتها في تناول تابوهات الجنس والدين والسياسة، رغما عن حساسية إبداعها شكلا وموضوعا.

ومحاربتي سنوات بسبب تجربتي “ألوان رغاوي البيرة الساقعة” والتي قدمتها بأنها نتاج مراقبة عالم البارات لمدة ثلاث سنوات كاملة، واختلف فيها شكل الإبداع حيث لا عناوين داخلية ولا أرقام صفحات، مع تنبيه بأحقية القارئ في ترتيب قطع البازل كيف ما يتراءى لك. تدفع المبدعة الاستثنائية ثمنا باهظا لخروجها عن الركب الذكوري”.

وعن الشعور بالظلم حين تتم مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ تقول: “بشكل شخصي لم أشعر بالظلم بل شعرت بالغبن والقهر حيث يختلف التقييم للمرأة أصلا، بمعنى في إحدى السنوات منحت جائزة الدولة التشجيعية لشاعرة وكانت شاعرة جيدة فعلا لكنها ليست الأفضل، لكن قد تكون الأفضل فيمن تقدموا، أشاعت لجنة التحكيم أنها منحت الجائزة لمرضها الشديد واحتياجها المادي، وهذا لم يكن حقيقيا على الإطلاق. فعلا كانت مريضة ولكنها أبدا لم تكن معوزة، وجاء هذا التصريح الذي تفرق دمه بين قبيلة لجنة التحكيم بإهانة الشاعرة رفضا داخليا لمنحها لامرأة شاعرة في وجود رجال متقدمين للجائزة.

فرص التمثيل الدولي مثلا، لا تمنح لمبدعات، تمنح من قبل الدولة لمبدعين وإن تمت دعوة المبدعة من الجهة الفاعلة أو المانحة تقابل بعراقيل، كأن سفر الشاعرة أو الكاتبة يعني المساس بشرف العائلة، والذي يودعه الكاتب الرجل على باب المطار ولا يذكر من جميع مشاركاته الدولية إلا النساء اللائي وقعن في غرامه!.

تمييز أسوأ وهو الخاص أيضا بنوعيات الكتابة، فمثلا كاتبات قصيدة النثر العربية والمصرية يشهدن نقلة نوعية هامة وتجارب جد مميزة، وهؤلاء المبدعات يتم إقصائهن من الفعاليات الرسمية وبعض الأماكن التي تمولها دول خليجية، تحث هذه الأماكن على إظهار الأضعف والرث لإضعاف القيمة المعنوية للمتميزات، ودفعهن لاعتزال الكتابة، ولا تقبل عضويتهن في اتحاد الكتاب مثلا، ولا يفزن بالجوائز، وفي حين فوزهن يبتكرون طرقا للتحايل كمنح الجائزة المالية لشاعر تقليدي والتقدير فقط لكاتبات النثر”.

وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء والذي قد يصل إلى حد الوصم تقول: “تعرضت بشكل شخصي لذلك في ديواني الأخير “بنات للألم”، حد أن صاحب وصفي وتصنيفي بالعاهرة الكافرة والبغي مهينة اسم الرب، قال في أحد تبريراته “إحنا في الصعيد بلد الرجالة لما نحب نهين راجل نقول له: “أنت مره” وإنت تيجي تقولي على الله مره”، فسأله أحد الأصدقاء لو الكاتب رجل قال له نصا: “سأجد له تأويلا فنيا، لكن لا تقف امرأة معنا رأس برأس”.

الوصم الأخلاقي أسهل ما يكون لأنه كيف ينتقد هل يضع أسس نقدية؟ لو وضع أسسا نقدية لن يعنيه جندر الكاتب هل سيضع معايير فنية لا يخصه بموجبها التعامل مع الكاتبة بل يتعامل مع الكتابة وبدون حكم قيمي أو أخلاقي أو ديني، لذلك يلجأ المبدع الضعيف لوصم المرأة الجريئة، وأقسم بالله أنه لم يقرأ مثلا شعر “ولادة بنت المستكفي” أو لم يطلع على حديث السيدة “فاطمة الزهراء” لصويحباتها و”عائشة” منهن عن صوتها أثناء الجنس مع زوجها الإمام “علي”.

ولم يقرأ هؤلاء المتشدقين بالفضيلة قصيدة “حسان بن ثابت” شاعر الرسول في هجاء السيدة “هند بنت عتبة” واصفة عضوها التناسلي.

أتصور أن ضعف حجة الرجل المدعي إبداعا هي ما تدفعه لوصم التناول الجريء في الكتابة لصاحبة الكتابة وعدم القدرة على تحييد موقفه كمتلقي تفاعلي”.

وعن الظلم لكتابات النساء من قبل النقاد والمهتمين تقول: “توقف ذلك الظلم على موقع الكاتبة من الشلل والتربيطات والمصالح ومدى قربها أو بعدها عن مانحي الدكتوراهات الفخرية والتكريمات التي بلا منجز والتحزبات لشكل أو ايديولوجيا، وبشكل عام يواجه الجميع الجيد والمختلف تهميشا متعمدا من قبل النقاد خاصة المقولبون الذين ينتجون نموذج وينوعون عليه، يقفون عجزة أمام من يطور نفسه وكتابته في كل عمل وليس في كل منتج متكامل.

ويزيد هنا تهميش إبداع المرأة التي تخرج عن النسق الذكوري، لابد وأن تنسحق المرأة في كتابات المظلومية والهجر والحب والشجن وإلا صارت متمردة متجبرة، لا تحتاج لأحد، وعلينا مجتمع النخبة محاربتها وإحباطها واغتيالها معنويا بالتواطؤ بالصمت حينا، و بالاغتيال المعنوي في السمعة والعرض حينا، وبالصمت على ذلك الاغتيال المعنوي وجعله سنة تكرر وأملك نماذج حية أدلل بها على ذلك”.

النقد البناء غير المبالغ فيه يصنع أديبات متميزات..

تقول الكاتبة الأردنية “نسرين حمود”: “نعم تجد الكاتبات صعوبات ويؤثر ذلك على تنسيق وإنتاج أفكارها، وبالنسبة للعوائق التي تمنع الكاتبات من التفرغ أكيد تؤثر، البيئة الاجتماعية والمكان يؤثران”.

وعن الشعور بالظلم حين تتم مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ تقول: “يوجد ظلم ولكنه ليس كبيرا، تكمن قوة كتابات المرأة من معاناتها، فهي تضع بصمة ملحوظة وتتميز بكتاباتها أكثر من الرجال”.

وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء تقول: “الانتقاد غير البناء لكتاباتها بعض الأحيان يكون سبب تمردها ونجاحها بكتاباتها، وهذا يقلل من تقدير الناقد وليس الكاتبة”.

وعن ظلم كتابات النساء من قبل النقاد والمهتمين بالأدب تقول: “بعض منهن يجدنَ الاهتمام بهن، وبعض منهن يظلمن بنقد ليس بمحله، والكاتبة التي كتاباتها غير قوية تجد التقييم المبالغ لها والذي لا يحفزها بالعكس يضرها، إما الاهتمام بكتابات النساء والنقد البناء غير المبالغ فيه يصنع أديبات متميزات”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب