12 مارس، 2024 2:42 م
Search
Close this search box.

(النساء والكتابة 2-31):  اكتب جيدًا وستقودني إلى روحك وستنير لي دهاليز نفسي، ولو كنت من عكس جنسي فستكون الرحلة مبهرة بحق

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

هناك طرحان في هذه الحلقة، الأول: أن المرأة والرجل ثنائيا الجنسية ولا يحدث التوازن لأيٍ منهما إلا إذا التقت الأنثوية بالذكورية في داخلهما، مما يعني أن الشخص الذي يحدث التوازن ما بين الذكورية والأنثوية في داخله هو من يفوز بالتوازن والسلام النفسي، ويستطيع تحقيق النجاح في الحياة وفي الكتابة، وينفى هذا الطرح وجود تمييز ما بين المرأة والرجل معتبرا أن الحديث فيه أمر مستهلك.

بينما الطرح الآخر يؤكد على وجود اختلافات ما بين الجنسين، ينبع هذا الاختلاف من فكرة أن محركات أدمغة وأرواح الاثنان تعملان وفق ديناميكيتين مختلفتين تمامًا، ويؤكد هذا الطرح على أن الكتابة تكشف عن روح كاتبها إذا كانت جيدة، بل وستنير للقارئ دهاليز نفسه.

هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:

  1. في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
  2. ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  3. ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
  4. هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
  5. هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟

الحديث حول التمييز ضد المرأة مستهلك..

يقول الكاتب اليمني “هايل علي المذابي”: “المرأة يا عزيزتي ليست آلة ولا هي ذات قلبين في جوفها أو عقلين في رأسها، على العكس هي امرأة في الأول والأخير تظل أضعف من الرجل سواء على الصعيد الاجتماعي أو حتى على صعيد القوة البدنية، وعموما فالواقع يفرض على الرجل حين يذهب إلى التوفيق بين مسؤولياته الأسرية وبين مسؤولياته سواء الإبداعية أو المهنية والعملية يفرض عليه الاختيار بين أحدهما، ولعل أعظم المفكرين والمبدعين في أي عصر من عصور التاريخ قد أبدو فشلا ذريعا في التوفيق بين المسؤولية الأسرية والإبداعية، وقلة قليلة فقط من نجحوا في ذلك، ولدينا أمثلة كثيرة منها “جبران خليل جبران” و”العقاد” وقبلهم “المتنبي”، وفي الغرب هناك نماذج كثيرة مثل “بودلير” ومثل “إرنست هيمنغواي” وهناك الكثير غيرهم الذين لا يتسع المقام لذكرهم.

ولا يختلف الأمر بتاتاً بالنسبة للمرأة فهي أمام خيارين إما أن تهتم بمسؤولياتها الأسرية وإما أن تختار الحياة الإبداعية وعوالم الحياة الثقافية، ولعل الواقع يخبرنا بذلك جيدا فمن نجحن في حياتهن الإبداعية والعملية معظمهن، وأقول معظمهن فاشلات أسريا، فجاء هذا النجاح على حساب ذلك الفشل إلا من رحم الله. أما من يقول غير ذلك فسوف يستدل بأنصاف مبدعات ومثقفات وأنصاف زوجات”.

وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “نحن في زمن أنثوي بامتياز ولعل الفرص المواتية للنساء أكثر بكثير من الفرص المواتية للرجال، وأنصحكم بعدم الترويج لمثل هذا التمييز العنصري الذي لن يعمل إلا على زيادة الفجوة الحاصلة بين الرجال والنساء أكثر، وأقصد هنا فجوة التمييز العنصري ولن يزيد المجتمع ذلك إلا تراكمات أكثر في التردي والنكوص. لو تأملنا قليلا في عالم الرياضة لوجدنا أن للمرأة فرصتها مثلما للرجل تماما ولا يمكن أن تهضم المرأة ولا بأس إن كانت زاوية الرؤية هي ذاتها إلى إبداع المرأة وإبداع الرجل في المشهد الثقافي، حيث لكل شيء خصوصيته التي يمكن أن نتحدث عنها.

وبالإمكان المساواة أكثر بين العالمين من خلال استحداث المؤسسات الثقافية الكبيرة جوائز إبداعية خاصة بالنساء، موازية أيضا لجوائز الإبداع الخاصة بالرجال باعتبار ما سيكون فرضا. أما التمييز فيحدث من الجمع بينهم في جوائز واحدة والقياس بمعايير واحدة أثناء التقييم وهنا يحدث الإجحاف والظلم فلكل منهما، أقصد من حيث الخصوصية الكتابية والإبداعية، عالمه المستقل وامتيازاته، ولا بأس أن يوكل الأمر إلى مختصين في ذلك كما يحدث في عالم الإبداع الرياضي الذي لا يجمع بين الرجال والنساء في مباريات واحدة”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “المرأة أو الرجل حين تكتب أو يكتب فهو بالضرورة يمثل المجتمع الذي يعيش فيه زائد نفسه، وإذا خرج الكاتب أو الكاتبة عن هذا السياق فذلك سيكون شأن لجنة التحكيم والقراءة لدى دار النشر لأن ببساطة تحطيم التابوهات في مجتمع محافظ لا يعني إلا عدم الاحترام لعادات وتقاليد المجتمع. وهنا سيكون الرد من المجتمع بعدم الاحترام لذلك الكاتب والمجتمع هنا يتحدد باللغة التي يكتب بها الكاتب.

أما الكتابة الأيروتيكية فلها جمهورها الخاص وسوقها الخاص ومعظم من كتب في هذا المجال كانوا إما من المجتمعات المنفتحة أو كتابا استخدموا أسماء وهمية في المجتمعات المحافظة. إنها تعد جريمة في المجتمعات الشرقية ولها قوانين وأحكام قضائية وتشريعات قبلية واجتماعية”.

وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “نعم استطاعت ولها حضور الرجل بل وأكثر في الكثير من المحافل، ولا يجب التمييز واستغرب مثل هذه الأسئلة حول مثل هذه المواضيع المستهلكة حول التمييز ضد المرأة في هذا الزمن، الذي يعتبر عصرا ذهبيا للمرأة على الأقل كما أرى وأجد دائما في عمليات البحث والقراءة”.

هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “أكبر اختلاف يمكن أن أراه بين كتابات الرجل والنساء هو التاء المربوطة ونون النسوة حين تكتب المرأة. أما غير ذلك فأنا أؤمن تماما بأن داخل كل امرأة حس ذكوري وداخل كل رجل حس أنثوي، أي أن المرأة والرجل ثنائيا الجنسية ولا يحدث التوازن لأيٍ منهما إلا إذا التقت الأنثوية بالذكورية في داخله، كما يعبر “محمود درويش” عن ذلك في آخر قصيدة له “لاعب النرد” وكما تجسد ذلك في نظرية عالم النفس “كارل يونغ”..

أكتب جيدًا وستقودني إلى روحك..

ويقول الكاتب المصري “محمد راجح”: “بالطبع هي صعوبات مانعة لا يُستهان بها، لكن الكاتبة أنثى، أي أنها مزودة بقدرة خارقة لا نفهمها نحن الرجال، وهي القدرة على إنجاز كل شيء، في الوقت المناسب، وبدقة. كما أن الكاتب -أي كاتب- الحياة بالنسبة له هي الكتابة، ربما يُغرق رأسه في مستنقع الانشغال اليومي، لكنه دائمًا سيجد تلك الفرجة من الوقت التي يرفع فيها رأسه ويستنشق حروفه، لذلك أرى أن قلة فرص التواجد تكون إرادية ومحض اختيار”.

وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “مبدأ مقارنة الإنتاج غير صحيح بالمرة، فهذا يختلف من شخص إلى آخر، هذا السؤال بشكل ما يجبرني على إجابة بعينها للسؤال الفائت، عكس ما قلته أنا، أما عن مقارنة النصوص، فهي مرفوضة عندي، إما أن تكتب أدبًا أو تكتب عبثًا”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “إذا كانت الكتابة جيدة وصادقة وتتكلم عن الشجاعة في وقت المِحن، فأنا مع تحطيم التابوهات تمامًا، أما عن الكتابة الأيروتيكية، فأنا لا أعترف إلا بمعيار واحد، كتابة جيدة أو كتابة رديئة، هناك من يصرّون على أن يتقيأوا أعمالا رديئة مدعين تحطيم التابوهات، أو القالب الأيروتيكي، أنا لا يعنيني مسمياتهم، أنا معني بالجودة والصدق، فقط. وإذا أردتِ رأي في الكتابة الأيروتيكية عمومًا، فطبعًا أقبلها، لأن الجنس محرك أساسي وفاعل ودائم للبشر، والحياة عمومًا”.

وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “الكتابة الحقيقية والأدب الجيد سيفرض أيًا كان كاتبه، بالطبع استطاعت كتابة المرأة التواجد، أما عن موضوع النقاد فلن أجيب لأن الأمر تحول إلى مهزلة حقيقة، والمعيار تحول من قدرة المرأة على كتابة الأدب، إلى قدرتها على قلة الأدب، لذلك لن أقول هذا الذي قلته”.

وعن وجود اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “بالطبع أعتقد ذلك، نحن جنسان مختلفان، ومحركات أدمغتنا وأرواحنا تعملان وفق ديناميكيتين مختلفتين تمامًا، وأجد هذا ساحرًا، أكتب جيدًا وستقودني إلى روحك، وستنير لي دهاليز نفسي، ولو كنت من عكس جنسي، فستكون الرحلة مبهرة بحق. أعتقد أن الاختلاف بين الكتابتين سيكون هو أن واحدة تحركها العاطفة، وبالتأكيد ستكون رحلة تمرد، أو صرخة بقول “لا”، الأخرى تحركها النساء”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب