13 أبريل، 2024 5:50 ص
Search
Close this search box.

(النساء والكتابة 2-29):  درجة وحجم وطريقة توظيف الدفقة الشعورية في عملية السرد يحدد أن المرأة حتى وإن كانت كاتبة فإن قلبها قلب امرأة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

هناك طرح هام في تلك الحلقة يتعلق بإحساس الكاتبة أثناء الكتابة، وتماهيها مع ما تكتب من أحداث ومع ما ترسم من شخصيات، فالمرأة في أغلب الأحيان حين تكتب يكون ذلك من خلال أحاسيسها وقلبها وتعايشها مع ما تحكي عنه، فهي تحسه وتتماهى معه وتتضامن أو تتعاطف مع تلك التفاصيل، لكن مع أهمية هذا الطرح يجب القول أن هناك كتاب من الرجال يتماهون مع ما يحكون أيضا، ويشعرون به ويحسونه بطريقتهم، ويتفاعلون معه، وتشعر وأنت تقرأ لهم أنهم جزء من الأحداث التي يحكون عنها وتعشر بحرارة تعاطيهم معها.

هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:

  1. في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
  2. ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  3. ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
  4. هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
  5. هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟

كل ما يقدم من أدب في العالم هو نتاج إنساني..

يقول الكاتب والفنان العراقي “علي إبراهـيم الدليمي”: “من خلال تجربتي في الساحة الثقافية والفنية والصحفية، تمتد لأكثر من 45 سنة متواصلة، قد زاملت العديد من الكاتبات والفنانات، فكان أن العديد منهن كان دورهن شعلة متقدة في الإبداع والعطاء المتواصل هنا وهناك، ولكن بعد الزواج أضمحل نشاطهن بشكل كبير، والسبب ضرورات الحياة الزوجية والأطفال، وإذا تحب إحداهن تقديم شيئا من عطائها، فهي لا تقدم 1 – 2 % مما كانت تقدمه قبل الزواج ومسؤولياته!! وأنا على يقين تام بأنهن يودن تقديم إبداعهن. ولكن التزام المسؤولية الاجتماعية ما بين الزوج والأطفال وشؤون البيت، وظروف الحياة الاقتصادية الآن يحول دون ذلك”.

وعن مقارنة النصوص يقول: “صدقيني في بداية مشواري الأدبي، كنت متأثر جداً فكتابات النساء، في الرواية، والقصة، والتحقيق الصحفي، بما يمتلكن من إحساس إنساني رقيق، يلفت الأنظار والفكر والضمير لها.

كما لا يوجد شيء اسمه (فرصة) لهذا أو لذاك، فعندما تكون هنالك (فكرة) إنسانية معينة، حتماً ستشغل فكر الكاتبة أو الكاتب، وبعد أن يعيشا أحداثها، ستكون سهلة جداً في عملية الكتابة، لاسيما وأنهما يحملان أدوات الكتابة الصحيحة والمتميزة. ولكن يبقى العمل الإبداعي بالتالي هو سيد الموقف الحاسم، إذا كان بقلم كاتب أو كاتبة”.

وعن تحطيم التابوهات في كتابات النساء يقول: “نحن كمثقفين (عرب) متطلعين، لا مانع لدينا من ذلك، ولكن لا تنسي بالتالي نحن مجتمع شرقي له تقاليده الاجتماعية والأفكار الصارمة واتجاهه الديني، (جميع الديانات والمذاهب)..

أما الكتابة الأيروتيكية، عندما تتناول الكاتبة أو الكاتب، هكذا جنس أدبي، وهو يحمل في طياته (غرائز جنسية) إنسانية خالصة، ستكون حينئذ الكتابة مختصرة للنخبة فحسب، وقد يتقبله الشباب المراهق فقط، وتلفظه الأغلبية، فهنالك من يقرأه نعم، ولكنه لا يريد أحد من عائلته النساء أو الأطفال أن يطلع عليه!! خصوصاً عندما تكون بقلم (أنثى) وستوجه لها سهام غير حميدة.. وخير مثال الكاتبة (نوال السعداوي) التي كانت كتاباتها وخطاباتها في خندق ضيق، بينما أفواه البنادق ترمي عليها من كل صوب!!

وملاحظة مهمة لا بدّ أن أزجيها للجميع، أن (الجنس والسياسة) هما ممنوعان نهائياً، وخط أحمر للكاتبة والكاتب العربي!!”.

وعن تواجد الكتابات النسائية على الساحة الثقافية يقول: “العديد من النساء الكاتبات العربيات في جميع الأجناس الأدبية، أثبتن حضورهن المتميز والرائع في المجتمع العربي وخارجه. ولهن منابرهن الثقافية الجادة، وعلى تواصل مع الناس، أما كنقد لأعمالهن الأدبية، نعم بحاجة إلى تسليط الضوء أكثر”.

وعن وجود اختلافات ما بين كتابات النساء وكتابات الرجال يقول: “كل ما يقدم من أدب، في العالم عموماً، هو نتاج إنساني، وما يحيط في هذا الكون، فكل يتناوله ويستلهمه بصيغته الأدبية، وكل يريد أن يتميز عن الآخر، وهو تنافس شرعي حسن ومقبول من أجل الارتقاء بفن الأدب، وذائقة المجتمع في آن واحد.. أما غير ذلك، فهو ثرثرة وفوضى، ولا ينتمي لأي أدب أو إنسان!!”.

تحطيم التابوهات انتصارا للحداثة..

ويقول الشاعر والكاتب المصري “د.عيد صالح”: ” بداية الكتابة موهبة وليست مهنة والموهبة لا تأتي في مواعيد ثابتة وتفرض نفسها، ومع ذلك فهي بالنسبة للمرأة عملية شاقة مع وضعها كأم ومع الحمل والولادة ومسؤوليات المنزل والأولاد، وبالتالي يعتبر وضعها عائقا للكتابة. والمرأة التي كسرت الطوق بإبداعاتها في كثير من الأحيان لا تكون حياتها العائلية مستقرة وربما كان عدم الاستقرار هذا حافزا ومفجرا للكتابة، لا بمعني السير الشخصية ولكن بإبداع حقيقي.

والعالم العربي والعالمي مليء بإبداعات المرأة المذهلة وهناك من حصلن علي جائزة نوبل ك”بيرل بك ودوروليس ليسنج” وفي العالم العربي حصلن علي البوكر  ك”إنعام كجة” وغيرها من الروائيات والشاعرات،  مثل الشاعرة “نازك الملائكة” التي بدأت الحداثة الشعرية بقصيدتها “كوليرا” عام ١٩٤٧ و”فدوي طوقان” شاعرة الأرض المحتلة،  والأديبات “مي زيادة وبنت الشاطئ وعائشة التيمورية وسهير القلماوي”. ثم موجات من الروائيات العربيات علي سبيل المثال “سلوي بكر وسهير المصادفة وسهير بيومي”.

لكن في العموم هناك طبيعة وضع المرأة بيولوجيا وإنسانيا واجتماعيا توجد صعوبات وأسميها تحديات حقيقية لكن في النهاية الموهبة تغلب لكن بإنتاج أقل من الرجل”.

وعن المقارنة بين النصوص يقول: “المقارنة ظالمة لما قلنا من معوقات طبيعة المرأة، يضاف إليها عدم المساواة بين الرجل والمرأة المقموعة  حتى في أكثر البلاد تحررا، وكم من كاتبات انتحرن شرقا وغربا بسبب حياتهن غير المستقرة، ومع ذلك فثمة كما ذكرت من قبل أن هناك كتابات عملاقة للمرأة حصلت علي نوبل وبعض الكاتبات مثلن ظاهرة في مجتمعاتهن، ك”فرنسواز ساجان” في فرنسا و”غادة السمان” في لبنان”.

وعن تحطيم التابوهات في كتابات النساء يقول: “لا أري في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء عيبا بل أراه فتحا وانتصارا للحداثة وكشفا لعيوب المجتمعات وتعرية للنقائص، أنا مع تحطيم التابوهات في الجنس والسياسة والجنس علي أن تكون موظفة في النص ولها دلالتها، وهي غير كتابة الفضائحيات الصحافية والبورنو وينطبق ذلك علي الكتابة الأيروتيكية أن تكون موظفة في النصوص ولها دلالتها الإنسانية والأخلاقية لا بمعني الوعظ ولا بمعني البورنو”.

وعن استطاعة الكتابات النسائية التواجد على الساحة الثقافية يقول: “الآن ثمة حضور لكتابة المرأة التي حصلت هذا العام حصلت عل نوبل وفي العالم العربي سبق وذكرت الأسماء التي لها إبداعات فارقة ومدهشة”.

وعن وجود اختلافات ما بين كتابات النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “ربما كانت طبيعة المرأة لها خصوصية ما لكنها غالبا لا تظهر في كتاباتها مثلا “مرجريت ميتشل” كتبت في “ذهب مع الريح” عن الحرب الأهلية بصرف النظر عما أصاب الأبطال رجالا ونساء. و”سلوي بكر” كتبت الرواية التاريخية، و “غادة السمان” كتبت “بيروت بيروت”، و”سهير المصادفة” كتبت عن مصر التاريخية، كما كتبت عن أدق العلاقات بين الرجل والمرأة ولكن بانتصار الفن في الجميع”.

الكتابة عمل خارج عن المألوف..

ويقول الكاتب الكردي السوري “حميد مرعي”: “في اعتقادي أن مهام الكتابة ومسؤوليات الوظيفة المناط بالمرأة تتعارض مع الكتابة بحكم تراكبية وتعقيد وظيفة المرأة بحد ذاتها”.

وعن مقارنة النصوص يقول: “لا أشعر بوجود ذلك الفرق الهائل الذي يستلزم منا الدخول في مقارنات ربما تكون ظالمة..  فعلى سبيل المثال أنا كأب أجد وقتي في الكتابة فقط بعد العمل وحين يخلد أطفالي إلى النوم، أما أيام نهاية الأسبوع فلا أستطيع الاقتراب من الكتابة بسبب وظيفتي كأب وكرب أسرة”.

وعن تحطيم التابوهات يقول: “الكتابة أصلا عمل خارج المألوف وأشعر بسعادة كبيرة عندما أقرأ كتاب جريء أو رواية  جريئة سواء لكاتب أو كاتبة” .

وعن تواجد الكاتبات على الساحة الثقافية يقول: “حتى الآن الكاتبات مثل كل النساء في المجتمع يعانين من نمطية الصورة واهتزازها لمجرد أن من يقوم بهذا العمل هي امرأة. أما رأي النقاد وإنصاف الكاتبات فأعتقد لا لا يوجد إنصاف بحق الكاتبات”.

وعن وجود اختلافات ما بين كتابات النساء وكتابات الرجال يقول: “سؤال صعب جدا.. على الأغلب نعم هناك اختلاف فعلى سبيل المثال رواية “سماح عادل” المعنونة ب “جسد دافئ” تشعر أثناء القراءة أن الكاتبة تبكي وهي تدون المعلومات والتفاصيل، وكأنها تتجرد من عقلية الكاتبة وتتحول إلى باحثة اجتماعية أو أم تصرخ في وجه الظلم، أو صحفية تريد أن تحول الأنظار باتجاه معاناة شريحة ما من المجتمع. بينما في رواية “البوساء” ل “فيكتور هوغو” نجد سرد سلس وتمتع بالسرد وأريحية في الوصف وكأن الكاتب يريد فقط أن يكتب”.

ربما الصرخة هي واحدة ولكن درجة وحجم وطريقة توظيف الدفقة الشعورية في عملية السرد هو الذي يحدد أن المرأة حتى وإن كانت كاتبة فإن قلبها قلب امرأة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب