خاص: إعداد- سماح عادل
يتحمس بعض الكتاب لقضايا المرأة، ويظهر من خلال ذلك التحمس حسه الإنساني العالي، لأنه استطاع أن يخرج من دائرة مصالحه الضيقة، ودائرة مشاعره وأحاسيسه وعالمه كذكر في مجتمع يعطيه بعض المميزات، إلى أن يشعر بالمرأة ومعاناتها، ويتفهم شعورها وأحاسيسها تجاه تلك الأعباء المتزاحمة على كاهلها.
هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:
- في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
- ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
- ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
- هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
- هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟
تقييم عمل الروائيات مدفوع الثمن من قبل دور النشر..
يقول الكاتب العراقي “محمد سيف المفتي”: “هذا السؤال استفزني جدا! بالضبط كما استفزني تصريح أحد السياسيين العرب قبل أيام في دفاعه عن حقوق المرأة قائلا: “آن الأوان لكي نعامل المرأة على أنها كائن حي”، أليست المرأة إنسانة تعيش على هذا الكوكب ولها في اليوم 24 ساعة ولها طاقات محددة كبقية البشر.
نعم! وبكل تأكيد تؤثر المهام المناطة بالمرأة من مسؤوليات متعلقة بعملها خارج البيت في مجتمعات أصبحت العوائل تحتاج إلى دخلين لتغطية نفقاتها، بالإضافة إلى المهام المناطة بها والتي توصف في المجتمع الذكوري بالقدسية. ألا وهي المسؤوليات الملقاة على عاتقها بعد عودتها من العمل، من تربية الأطفال وتحضير الطعام للعائلة، وتدريس الأطفال وعشاء الزوج وإسعاده وإرضاء غرائزه. فكيف يمكنها أن تتفرغ للكتابة ومتى تتواجد في الساحة الثقافية بعد أن نفذت بطارية صبرها وطاقتها؟ مع هذا تعتمد القضية على إرادة الكاتبة وبيئتها”.
وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “يصبح النص ملك القارئ والناقد بعد الطبع ودليل رقي العمل أن نسمع رأي النقاد عنه بقلم حاد. من ناحيتي ككاتب وروائي لا أحب المقارنات لكل كاتب وعمل أسلوبه وثيمته الخاصة، لهذا أفضل النقد الموجه. بالمناسبة تشعر الكاتبة الأوربية بالغبن في تساوي الفرص وهي التي قطعت شوطا طويلا في الحصول على حقوقها فكيف بالمرأة العربية. لأجل الارتقاء بالقلم النسوي على الأنظمة رعاية إنتاجها ودعمه وعلى الكاتبات دعم القضايا المتعلقة بحقوقهن ككاتبات ونساء”.
وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “في هذا الموضوع لا فرق عندي بين الرجل والمرأة وأهتم بالأعمال التي تحطم التابوهات وتقوم بتحليل الآفات الاجتماعية التي يتم التستر عليها في مجتمعاتنا كسفاح الأقارب وغيرها، إلا أنني أكرر ما أقوله لزملائي وزميلاتي، نكتب عن الإثارة الجنسية عندما يكون لها وظيفة في النص وبناء العمل، ولسنا بحاجة لنص يدخل في منافسة خاسرة مع الأفلام الإباحية”.
وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “نعم! تمكنت الكاتبة العربية من ذلك بعد تجاوزها آلاف العقبات، أخذتنا كتابات المرأة إلى عالمها الحقيقي، إلى عالم الأنوثة وليس عالم توقعه الكاتب من موقعه في المجتمع الذكوري وكأنه يتلصص من ثقب الباب على عالم محاط بوشاح السرية. وهذا نصر حققته أقلام الكاتبات العربيات، وبالفعل تمكنت هذه النصوص من أن تثير نقاشا حقيقيا حول المرأة ومعضلة حقوقها.
رأي الشخصي نتيجة معطيات الواقع والتي أتمنى أن أكون مخطئا فيها تقول بأن لسان النقاد لم يكن منصفا تجاه الكاتبات اللواتي يكتبن موضوع خارج المعتاد، خارج السياقات الثابتة. عندما يكتب الروائي عن الماخور وحياة الليل يوصف الروائي كما وصف “غابريل ماركيز” وعندما تكتب الروائية عملا مشابها تتهم أبسط ما يكون أنها باحثة عن الشهرة الرخيصة. وأشعر أحيانا أن تقييم عمل الروائيات عمل مدفوع الثمن من قبل دور النشر ولا أجد في النقد تلك الروح الصادقة مع العلم أن العمل يستحق تقييما عاليا.
وعن وجود اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “سيدتي الكريمة سأجيبك وبصراحتي المعتادة. لو كان هذا السؤال لك فأنت تشبهين مانديللا عندما صعد الطائرة وشاهد أن الطيار إفريقي فخاف من ركوب الطائرة قبل أن يتفطن إلى أن هذه الفكرة هي ما زرعته أفكار الفصل العنصري في رأسه. للمرأة نفس قدرات الرجل في الخيال تكتب المرأة عن الكره والحب وعن الحرب والسلام بنفس قدرات الرجل. إلا أنه يمكنني القول بأن تعابير المرأة في وصف القسوة والعنف أرق من الرجل”.
الكاتبة مختلفة في الرؤية والتقدير والمنهج..
ويقول الروائي التونسي “الأمين السعيدي”: “نعم كثرة المشاغل تجعل الإنسان بصفة عامة يبتعد عن القراءة والكتابة، لأن المشاغل تنتج الإرهاق والتشتت، والكتابة تحتاج إلى تماسك وراحة نفسية. أكيد المرأة مشاغلها أكثر من مشاغل الرجل؛ تربي وتراقب وتعمل وتلتزم بكل ما يهم الأسرة. لذلك يؤثر كل هذا في الانتاجات الأدبية للمرأة”.
وعن مقارنة النصوص يقول: “مثلما توجد إنتاجات قيمة ومهمة في مجال الأدب توجد كذلك مع النساء، كما أن الكم متقارب. هذا دليل على اجتهاد المرأة وحبها في الإبداع والتميز.
وفي الحقيقة، الكثرة في الإنتاجات الأدبية للمرأة في السنوات الأخيرة كانت نتيجة لاهتمام المرأة الشابة بالكتابة؛ أي المرأة الصغيرة غير المتزوجة. الإنتاجات الأدبية للمرأة مثلها مثل إنتاجات الرجل كما وكيفا”.
وعن تحطيم التابوهات يقول: “الجرأة الهادفة في الكتابة مطلوبة، بل أنها سر نجاح العمل. ولكن في الحقيقة في السنوات الأخيرة كثرت الكتابات الغارقة في القدم والتي يعتقد أصحابها أن الإباحية تجديد، فيسقطون في تقديم مشاهد باللغة للقارئ دون هدف ودون طرح لقضية ما، وهذا ما تواجد بكثرة في كتابات النساء والرجال في السنوات الأخيرة وخاصة مع المرأة.
المرأة في هذا المجال تبدع إذا فكرت في أن تكون الغاية منه إيصال رسالة أو طرح قضية”.
وعن تواجد الكتابات النسائية على الساحة الثقافية يقول: “كتابات النساء لها مكانة أكثر من كتابات الرجال في وطننا العربي، فالقارئ العربي يقرأ للنساء أكثر، ويهتم بإنتاجاتهن أغلب الشباب حيث كثرت الإنتاجات الأدبية النسائي وتنوعت في السنوات الأخيرة.
حتى بعض الدراسات النقدية اليوم أصبحت تهتم فقط بما لدي النساء وبعض الجوائز الأدبية كذلك مخصصة للنساء فقط، المرأة العربية هي محور الأدب وموضوعه، حتى الكتابات التي ينتجها الرجال أغلبها تتمحور حول المرأة”.
وعن وجود اختلافات بين الكتابات التي تكتبها النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “طبعا تختلف إنتاجات النساء عن إنتاجات الرجال فالمرأة مختلفة في الرؤية والتقدير والمنهج. تنظر إلى الأشياء بطريقتها الخاصة
فمثلا عندما تتناول قضية سياسية طبعا ستكون برؤيتها المختلفة، وعندما تتحدث عن المرأة وقضياها ستطرحها من زوايا نظر عميقة لأنها تعرف بني جنسها أكثر من الرجل. إضافة إلى رقة المرأة وحبها للطبيعة وصدقها في الحب وإصرافها في العاطفة، كل هذا يجعل كتابات المرأة مختلفة عن كتابات الرجل”.