27 نوفمبر، 2024 7:33 ص
Search
Close this search box.

(النساء والكتابة 2-15): في كتابات المرأة عوالم خفية لا يستطيع الرجل وحده أن يعبّر عنها، لسبب بسيط وهو أنه لا يعرفها

(النساء والكتابة 2-15): في كتابات المرأة عوالم خفية لا يستطيع الرجل وحده أن يعبّر عنها، لسبب بسيط وهو أنه لا يعرفها

 

خاص: إعداد- سماح عادل

اعتراف الكاتب بمحنة النساء حين يخترن طريق الكتابة، يعني تفهما ومراعاة، وفهما للتمييز الذي يحدث، وهذا الإقرار بما يحدث بمثابة شجاعة من الرجال، وموقفا يستحق التقدير،  خاصة إذا لم يكن مصحوبا بإدانات خفية للنساء أو نظرة دونية لهن.

هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:

  1. في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
  2. ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  3. ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
  4. هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
  5. هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟

عوالم خفية لا يعرفها الرجل..

يقول الشاعر والكاتب اليمني “صالح سالم عمير”: “للباحثة السورية “د. بثينة شعبان” دراسة كتبتها قبل أعوام بعنوان: (اليمين والشمال) قالت فيها إن المرأة العربية بدل أن تعمل بيمينها فقط، أصبحت تعمل بيمينها وشمالها، أي في البيت وخارج البيت، كما كتبت باحثة أمريكية في الموضوع نفسه كتاباً بعنوان (The second period) أو “الوردية الثانية” وهي تشير إلى أوضاع النساء، وكأن للمرأة دورتين تعمل فيهما، دورية للوظيفة ودورية للبيت. والمرأة مادامت تعمل بالمناوبة، فلا شك سيؤثر هذا على مستوى نتاجها الإبداعي.

ولهذا في الغالب بعد زواج الفتاة الكاتبة، وخاصة في البلاد المتخلفة  تتفرغ للبيت والأولاد. وتختفي ويطويها النسيان.  ولكنا اليوم وعلى مستوى المشهد الثقافي والأدبي العربي فإن الكثير من الكاتبات في البعض من الدول العربية يتمتعن  باستقلال شخصياتهن.  وكلّ كاتبة بالتأكيد كوّنت لنفسها شخصيتها الخاصة، وآراءها الخاصة وطريقتها في التعبير الخاصة بها. فحققت ذاتها وأثبتت وجودها رغم هذه الحيثيات المشار إليها في السؤال”.

وعن مقارنة النصوص يقول: “يتعامل النقاد مع النصوص النسوية كما أعتقد بإنصاف وبجديّة ودون مجاملة. ولا يفرّقون بين هذه النصوص وبين النصوص للكُتّاب من الرجال، خاصة وقد كفلت المجتمعات الواعية والمستنيرة للمرأة حق الإبداع وحرية الإبداع. ولهذا لم تختلف بعض الكاتبات حسب التحقيق مع هذا الطرح، مؤكدات على  قيمة النص الجيد، بل أنّ منهن من رفضت التقسيم بين كتابات للنساء وكتابات للرجال، ولكن في الوقت نفسه منهنّ من رأت أن كتابات النساء لها ملامحها الخاصة وعطرها الخاص.. إلخ”.

وعن تحطيم التابوهات في كتابات النساء: “نعم .ثمّة روائيات تتسم كتاباتهن بالجرأة وتصبح مثيرة للجدل، تناولن من خلال كتاباتهن الجنس والدين والسياسة، بالرغم من أنّ مجتمعنا العربي نادرا ما يقبل ذلك، ولكن اشتهرن بذلك وبعضهن مازلن على نفس هذا الدرب أمثال “أحلام مستغانمي” في (عابر سرير، وذاكرة الجسد)، والكاتبة الجزائرية الأخرى “فضيلة الفاروق” في ( تاء الخجل)، والسعودية “سهام مرضي” في (حين رحلتَ) . والسعودية الأخرى “رجاء الصانع” التي اشتهرت بروايتها اليتيمة (بنات الرياض) واللبنانية “ليلى بعلبكي” في روايتها (أنا أحيا). والأردنية “عفاف البطانية” في روايتها (خارج الجسد)، والسورية “سمر يزبك” في (رائحة القرفة). وغيرهن.

وقبل كل هؤلاء ومنذ الستينيات من القرن الماضي كتبت “نوال السعداوي” بجرأة منقطعة النظير وحِدّة لا شبيه لها، وقد وافاها الأجل في ٢١ مارس ٢٠٢١. وناقشت في  (التابوهات) كما لو أنها تحكي عن أمور حياتية عادية، حد أن سُجنتْ ونُفيتْ. ومن الكاتبات الجريئات “غادة السمان ورجاء عالم وزينب حفني”. ومثل هذه الكتابات الأيروتيكية إن صح التعبير، تختلف عن الكتابات الإباحية بنظري.

في الفن الروائي المتخيّل يستطيع الكاتب أو الكاتبة التطرق لأي شيء، على أن تتوفر في هذه الكتابة اشتراطات الإبداع، ومهارات الكتابة الفنية وبالتالي ترك بصمة قوية من الجرأة والقوة وترك جدل كبير في نفوس القراء.

إلا أنّ الحال عندنا في اليمن ربما يختلف، تكتب القاصة والروائية “هدى العطاس”:

“خلف نظراتهم تتربصني التهمة الجاهزة: “كاتبة إباحية فاسقة!” قالها عنهم (وبالميكرفون) خطيب المسجد المجاور لمنزلنا، ذَكَرَ اسمي في سيل من الشتائم والتهم بسبب مقال كتبته أدعو فيه الملائكة للّعب مع الأطفال”.

تضيف هدى العطاس: “أذكر أن المقال ذكر النساء وطالب أن يسفرن عن وجوههن، فالوجوه صفحات القلوب. وأنا على يقين أن هذا ما أثاره وهيّج مرجعيته. وأمثاله من يمتطون الإقصاء والتهميش والانتهاك علينا في اتساق متناغم مع منظومة العادات والتقاليد ورواسب السلوك الاجتماعي ضد المرأة.

هل الموت أصبح على مربط قلم أو فكرة أو رأي. في هذه البلاد؟!

تبدو المرأة التي تحمل رأياً وتعبّر عنه، محاصرة تتربصها آذان وعيون ومخالب الثالوث السلطوي: المؤسسة الذكورية، المؤسسة الدينية المتطرفة، ومؤسسة الدولة بآلياتها القمعية”.

هذا ما كتبته نخلة حضرموت السامقة “هدى العطاس”.

ويضيف: “قرأتُ لنجيب محفوظ يقول: “يرون الأدب رجسا، ويتكلمون عن أدب إسلامي، ولستُ أعرف أدبا إسلاميا خارج الأدب المكتوب في ظل التاريخ الإسلامي، وهو أدب يشتمل على أكثر مما يحتويه الأدب الغربي من صراحة في القول والتصوير. أبو نواس وبشّار أليسا من الأدب الإسلامي؟!”.

وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “نعم استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا، ولكن من غير الممكن تجاهل الأحداث الجارية في المنطقة العربية وتداعياتها، المؤثرة سلبا على أدب الجنسين، فضلا عن أميّة الرقيب وأهواء القارئ العربي، الذي قالت عنه “أحلام مستغانمي” أنه أصبح بدوره رقيبا يعمل لحسابه الشخصي، وقد يتكفّل بإصدار فتوى تكفّرك، أو تخوّنك، محرّضا الشارع عليك فتخرج مظاهرات تطالب بسفك دمك، وكسر قلمك، وتدخلك القرن الواحد والعشرين من بوابة المحاكم وغرف التحقيق والسجون!!”.

وعن وجود اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “كما أسلفنا الأدب هو الأدب سواء كتبه رجل أو امرأة، ولكن أيضا وكما يكتب الدكتور الناقد “عبد الحميد إبراهيم”: “من خلال كتابات المرأة سوف نطّلع على عوالم خفية، لا يستطيع الرجل وحده أن يعبّر عنها، لسبب بسيط وهو أنه لا يعرفها.

الاختلاف يثري الساحة الثقافية ويحقق التنوع..

ويقول الكاتب والمترجم السوري “ماهر رزوق”: “أعتقد أنه يؤثر نعم، لأن الكتابة ليست مجرد توفر أفكار وجهاز كمبيوتر للطباعة عليه، وإنما تحتاج أن يكون لها أساس قوي في القراءة، وهذا ما يصعب على الكاتبة أن تفعله إن لم تكن لديها شخص يرعى الأطفال بدلاً منها”.

وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “في العالم العربي يتفوق الرجال بالإنتاج الأدبي، وذلك كما ذكرتِ في سؤالك الأول: بسبب وضع المرأة الاجتماعي وواجباتها المنزلية. لكن مع ذلك نلاحظ العديد من الروايات المهمة النسائية التي ظهرت مؤخراً، وربما بسبب توفر فرصة الهجرة للكثير بسبب الحروب الحالية، مما وفر للنساء عيش الحياة الأوروبية المريحة، وربما الوقت للقراءة والكتابة”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “الكتابة الأيروتيكية أصبحت جزء لا يتجزأ من أي عمل يحاول أن يصورالحياة الطبيعية بدون تجميل، لذلك لا أجد فائدة من النضال لمحاولة منعها وحجبها. بعض الأشياء من الضروري التكلم عنها، لكسر حاجز الخوف والرهبة، كما يفيد الأمر في مجال ما يسمى التوعية الجنسية”.

وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “كما قلت سابقاً، كتابات النساء ليست كثيرة مقارنة بكتابات الرجال، وذلك طبعا بسبب عوامل متعددة: كالثقافة الاجتماعية والفهم الديني لدور المرأة وغيرها من الأمور. لذلك لا أعتقد أنه من الإنصاف أن نتحدث عن إنصاف النقاد لها. المشكلة هي أن المرأة مازالت مقيدة بدورها كأم ومربية وزوجة وربة منزل، فلذلك لا نجد كتابات كثيرة أو غنية”.

وعن وجود اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “الاختلاف لا بدّ منه، لأن نظرة كلا الجنسين للحياة والجنس والحب، تختلف عن الأخرى . ولكن لا مانع من الاختلاف، فهو يثري الساحة الثقافية ويحقق التنوع المطلوب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة