22 ديسمبر، 2024 4:47 ص

(النساء والكتابة 2-1): ما يدعيه البعض من وجود إبداع نسوي نوع من الترف التنظيري غير الدقيق فالإبداع إنساني

(النساء والكتابة 2-1): ما يدعيه البعض من وجود إبداع نسوي نوع من الترف التنظيري غير الدقيق فالإبداع إنساني

 

خاص: إعداد- سماح عادل

بعد أن جمعنا آراء الكاتبات وبوحهن في الصعوبات التي تواجههن حين يخترن طريق الكتابة، واتفقت العديد من الكاتبات على وجود صعوبات كثيرة ومتنوعة، وحددنها من واقع تجاربهن الحياتية. كان التفكير في أخذ رأي الكتاب من الرجال، وكيف ينظرون إلى تلك الصعوبات التي تواجهها المرأة، هل يشعرون بها وبحجم تفاوت الفرص الذي تعاني منه المرأة في مجتماعتنا، وكان السعي نحو معرفة رؤية الكتاب الرجال ضرورة لاكتمال الصورة.

وفي أول حلقة كان التأكيد على أهمية الإبداع وجودته،  دون اعتبار لجنس كاتبه، مع الاعتراف بوجود صعوبات تقع على عاتق المرأة، ووجود مبدعات استطعن التواجد وبقوة على الساحة الثقافية، وتخليد أسماءهن.

هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق، وطرحنا هذه الأسئلة:

  1. في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
  2. ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  3. ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
  4. هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
  5. هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟

انتظر قراءة امرأة تكتب من جسدها الحر..

يقول الشاعر والروائي السوري “نديم الوزة”: “التفرّغ للكتابة حلمٌ للمرأة والرجل العربيين، لأنّ المجتمعات العربية لا تقرأ وسوق الكتاب فيها ضعيف ويكاد يكون معدوماً، لذلك لا يستطيع الاثنان أن يعيشا من مردود كتاباتهما، فيضطران للعمل  إلى جانب الكتابة. الطريف أنّ المرأة إلى جانب عملها في وظيفة خارج المنزل سوف تتحمّل الأعمال والمسؤوليات التي ذكرتها في سؤالك. بهذا المعنى تتحمّل المرأة صعوبات أكثر من الرجل وتقلّ فرصها أكثر منه. لكن، مهلاً، هناك الكثير من الكاتبات مدلّلات في أسرهنّ ومتفرغات للكتابة تماماً”.

وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “الكتابة كتابة، فهي عمل!. ولا يمكن التغاضي عن نواقصه في أيّ نتاج كان للمرأة أو للرجل. “نوال السعداوي، وغادة السمان، وسنية صالح، ونازك الملائكة وسعاد الصباح”.. قدّمن أعمالاً متفوقّة على الرجال والنساء”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “أوّل تحطيم للتابو قرأته كان نسائياً في رواية “امرأة عند نقطة الصفر” ل”نوال السعداوي”، وكنتُ فتى في السابعة عشرة من عمري، ومن يومها وأنا أنظر إلى نوال بعين الاحترام والتقدير المتميزين. وكذلك “غادة السمّان” قدّمت وجهة نظر متقدّمة في علاقتها مع الرجل قد نختلف عليها لكنّها تعبّر عن امرأة حرة ومستقلّة في حياتها وتعبيرها.

وشيء لافت أن تتقن “نازك الملائكة” و”سعاد الصباح” عملهما ولا تنتظرا مجاملات الرجل لهما. بالنسبة للإيروتيك أصدرتُ حتى الآن روايتين تجاوزت فيهما الايروتيك إلى البورنو غراف، وهذا لا يعني أنّني أتحدّث عن العاهرات في سردي الروائي لا من قريب ولا من بعيد وإنما أتحدّث عن البورنو غراف كما يمكن أن يحصل بين رجل وزوجته أو بين حبيب وحبيبته وهما في طريقهما إلى الزواج أو بين راغبين بممارسته لشهوة مرتجلة، وإنما أفعلُ ذلك لأنّ البورنو هو من أجمل المتع التي منحنا إياها الله ولكي تتعلم مجتمعاتنا كيف تحترمها وتمارسها برقيّ وحضارة وسلام”.

وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية يقول: “لقد ذكرت لك في هذا الحوار أربع نساء وهذا يعني أنّهنّ متواجدات. وغالباً لا ينصف النقاد المرأة من ناحية مجاملتها أكثر من أخذ عملها على محمل الجدّ، وعموماً النقد العربي ضعيف في تعامله مع الرجال والنساء”.

وعن وجود اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “غالباً ما تهتمّ المرأة بتقنيات الكتابة أكثر من الرجل- أتحدّث عن الكاتبات المحترفات- ولكنّهنّ أقلّ جرأة منه. وفي الحقيقة أنا أنتظر أن أقرأ لامرأة تكتب من جسدها الحرّ، لا من عواطفها ومن حرمانها، وعلى الأغلب سنقرأ ذلك قريباً عند عدد كبير من النساء!”.

إدعاد وجود إبداع نسوي ترف تنظيري..

ويقول الروائي والقاص اليمني “الغربي عمران”: “من المؤكد أن الكتابة بشكل عام تتطلب راحة بال، وفسحة في الوقت. لكن المبدعة كالمبدع، مهما تكن هناك من مهام عملية أو أسرية، فإن المبدع المهووس بإبداعه لا يجد السلوى إلا بالانغماس بإبداعه، ولا يجد نفسه إلا في التوحد مع بنات أفكاره، إذا أن الأمر يتطلب فقط تنظيم للوقت، وجدولته بين الضروريات الحياتية، من عمل ومهام أسرية، و قراءة وكتابة أو رسم أو عزف… إلخ ما يهمه.

فاليوم 24 ساعة، يمكن أن نضع تلك الساعات ضمن جدول، نوم، طعام، عمل، مشاغل أسرية، ونقتطع من تلك الساعات القليل للقراءة والإبداع أي كان. ونقلل من أوقاتنا أمام التلفاز، أو قضاء ساعات مجاملة الأصدقاء والصديقات أو نهدر ساعات في متابعة المواقع الاجتماعية. المسألة مهما كان لدينا من مشاغل، يمكن أن نستغني عما يستهلك وقتنا دون طائل،  ونوزع الوقت بين الضروريات. ذكورا أو إناث. ومن يتعذر بكثرة مهامه وزحام مشاغلة إنما يفتقد لجنون الإبداع، أو أن تكون ضمن أنصاف المبدعات”.

وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “مثلما يمتلك الرجال مواهب وقدرات، هناك كثيرات ممن وصلن بإبداعهن إلى مكانة عالية، وكثيرات تجاوزن بأدائهن كثيرون من الذكور، فمثلا هناك أعمال الجزائرية “أحلام مستغانمي”، التركية أليف شفق”, العراقية  السعودية “رجاء عالم”، اليمنية “نادية الكوكباني”، العمانية “هدى حمد” أو “جوخة الحارثي”. الأردنية “سميحة خريس”  والمصريات “سلوى بكر، منصورة عز الدين, هالة البدري، ريم بسيوني ” والروائية العراقية “أنعام كجهج”… والقائمة تطول.

لا تفاوت في عصرنا في إتاحة الفرص، ولا في الإمكانيات، التقدم الإلكتروني جعل أصحاب المواهب والمجدين في نسق واحد، والأعمال الفارقة تفرض نفسها”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “وظيفة الإبداع هدم المسلمات وتحريض العقل للإتيان بالمختلف. ولم يعد الجنس أو السياسة أو الدين بنفس حدة الماضي، كما كان قديما، إذ يمكن  لأي فرد من أي عمر الدخول بسهولة عبر الوسائط الإلكترونية ، ليعبر أو يتابع.

بل يمكن أن نتحدث حول توظيف الجنس في إبداعاتنا فنيا وموضوعيا وكذلك نقد السياسية والممارسات غير المنطقية دينيا في عصر أضحى العالم فيه مجتمع واحد.  ولا نأتي بما زائد عن حاجته، أو مفروضا، لابد أن  نعالج كل ما يسيء لإنسانتينا سواء أتصل بالدين أو السياسة أو الجنس بفنية عالية. وكما ذكرت سابقا غاية الإبداع هدم المسلمات وقواعد المطلق، والإتيان ببنيان النسبية وبما يرفع من مكانة العقل وقيم الحرية. وإن كانت المبدعة في وطننا العربية تتحكم بها الذهنية الذكورية حتى من قبل النساء”.

وعن تواجد كتابات المرأة على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “الإبداع الناضج والمتجدد يفرض نفسه. إناث قبل الذكور. وكما أوردت سابقا هناك عشرات الأسماء من مختلف الأقطار العربية يتابع القارئ بلهفة جديدهن نتيجة لتميز إبداعهن، الإبداع العربي تجاوز المحلية.

المشهد النقدي العربي، ما يزال كسيح أمام نهر هادر من الإبداعات. إذ نجدهم يقفون عاجزين. وإن حظي ما تصدره المبدعات من نقد  فهو نقد التقرب الذكوري وليس نقدا موضوعيا بل نقد لاهث في معظمه. ولذلك نجد أن بعض من ينقدون أعمال النساء لأغراض ذكورية ولذلك تحظى بعضهن بضجيج ليس هدفه أعمالها بل التقرب من ذاتها. ولذلك تظلم الأعمال الجادة والمتجددة لدى النساء”.

وعن وجود اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “هناك من يدعو إلى أدب نسوي، يسعون بتنظيراتهم في محاولة لأن تكون لأصواتهم وجود. وأجزم بأن الإبداع  هو إنساني، فلا يوجد هناك إبداع نسوي وآخر رجولي أو أنثوي. فمثلا لو جمعت مجموعة من النصوص لذكور وإناث وحجبنا الأسماء وقدمنا تلك النصوص لأي كان ليخبرنا أيها للذكور وأخرى للنساء، سنجد من الصعب تمييزها.

ما يدعيه البعض من وجود إبداع نسوي نوع من الترف التنظيري غير الدقيق فالإبداع إنساني. من رسم إلى موسيقى وكتابة، ولا اختلاف بوجه عام وإن أصر البعض على تكريس الفصل والبحث عن خصائص لا وجود لها إلا في إبداع الكل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة