13 أبريل، 2024 6:03 ص
Search
Close this search box.

النساء والكتابة (15):  تتعرض الكاتبة للتحديات خاصة حين تكون في بيئة مغلقة لا تؤمن بما تصدره المرأة من إبداع

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

هناك بعض الكاتبات يعتقدن أن المرأة الكاتبة حين تتراكم عليها الصعوبات التي تمنعها من التفرغ في الكتابة فإنها لا تختلف في ذلك عن الكاتب الرجل، الذي لديه صعوبات أيضا تمنعه من التفرغ، وكأن هؤلاء الكاتبات لا يشعرن بالضغوط المضاعفة التي تقع على عاتق المرأة، حيث أنها في مجتمعاتنا الشرقية مسؤولة عن الأعمال المنزلية سواء تزوجت أم تعيش في بيت أهلها، في حين أن الرجل معفي منها منذ ولادته سواء تزوج أم لا، ومسؤولة عن رعاية الأطفال في كل مراحل حياتهم والرجل أيضا معفي من ذلك،  وكأن تلك الأعمال هي رمز عبوديتها التي تدين به للمجتمع.

بالإضافة إلى أن بعض النساء مطالبات بمساعدة الزوج في الإنفاق على الأسرة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، فيضاف إلى أعمالها المنزلية عمل آخر بالخارج مضطرة إلى مزاولته، بينما الرجل  مطالب فقط بالعمل في الخارج، هذا بالإضافة إلى أن المجتمعات الشرقية بها نسبة كبيرة من الأسر تعولها نساء فقط، لأسباب متعددة منها ارتفاع نسب الطلاق، والكاتبات جزء من ذلك المجتمع الذي ارتفعت فيه نسبة إعالة النساء لأسرهن.

لذا كان لنا هذا التحقيق الذي يجمع آراء الكاتبات من مختلف بلدان منطقة الشرق حول الصعوبات التي تواجهها النساء حين يقررن أن يصبحن كاتبات، وتضمن التحقيق الأسئلة التالية:

  1. هل تواجه الكاتبات صعوبات للتفرغ للكتابة مثل عملها، ومهام الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل؟
  2. هل العوائق التي تمنع الكاتبات من التفرغ تؤثر على إنتاج الكاتبات سواء على مستوى الكم وأيضا الكيف؟
  3. هل تشعرين بالظلم حين تتم مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  4. ما رأيك في انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء والذي قد يصل إلى حد الوصم؟
  5. هل تشعرين أن كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد والمهتمين بالأدب؟

الإبداع فعلا إنسانيا..

تقول الكاتبة العراقية “د. هناء أحمد” عن صعوبات للتفرغ للكتابة: “أرى أن الكتابة الأدبية ليست وظيفة  لكي تحتاج إلى التفرغ التام، كما أنها ليست محددة بزمكان معين، هي نتاج انخراط المرأة الكاتبة بمحيطها وحياتها بكل ما فيها من مهام وليس انعزالها عن دورها في المجتمع، وباستطاعة المرأة الكاتبة أن تنهل أفكار كتاباتها من مهامها الحياتية هذه، مما يضفي على ما تكتبه خصوصية بكونها أما أو زوجة أو ربة بيت وغير ذلك، الكتابة لا تتقاطع مع الحياة، الكتابة حياة داخل هذه الحياة، تؤثر فيها وتتأثر بها”.

وعن تأثير العوائق في إنتاج الكاتبات سواء على مستوى الكم والكيف تقول: “ربما هناك بعض العوائق التي تقف في طريق المرأة الكاتبة، ويرجع هذا إلى طبيعة مجتمعاتنا العربية بنحو عام، التي ترى أن دور المرأة الرئيس يجب أن يكون في البيت أولا وما يترتب عليه من أعمال ومهام أسرية قد تشغلها سهوا أو عمدا عن طقوس الكتابة.

ولا شك أن ذلك يؤثر في نتاجها الإبداعي من حيث الكم والنوع فيما لو لم تجد الوقت الكافي للكتابة، أعرف كثير من النساء اللواتي وقفت ظروفهن الأسرية في طريق الكتابة لديهن، وانقطعن عنها، وأمست لديهن مجرد ذكريات كتابية، وربما لو أتيحت لهن الظروف المناسبة لكتبن إبداعا يستحق الإشادة. تحدث بعض التحديات والصعوبات أمام المرأة الكاتبة لاسيما حين تكون في بيئة مغلقة لا تؤمن بما تصدره المرأة من إبداع وفكر وثقافة متنوعة، وصحيح أن الكتابة ليست وظيفة، لكنها تحتاج إلى الاستمرار والمداومة عليها، فهي تصقل – كما هو معروف-  بالقراءة وبالممارسات الكتابية المتنوعة”.

وعن الشعور بالظلم حين تتم مقارنة النصوص تقول: “أجد أنه ليس من الإنصاف أن نقارن كتابات المرأة بكتابات الرجل، وبالرغم من الظروف المتاحة للرجل أمام الكتابة، فقد تتفوق بعض النساء الكاتبات على الرجال، إذن ليس من المنصف للطرفين أن نقارن، مثلا، السيء الذي تكتبه المرأة بالجيد الذي يكتبه الرجل ولا العكس أيضا، أنا لا انحاز إلا إلى النص الإبداعي الإنساني سواء كان كاتبه رجلا أم امرأة.

العبرة في طريقة المعالجة للموضوع والأفكار المطروحة وليس بتجنيس النص الكتابي  بيولوجيا، وأجد أن تلك المقارنات تخلو من النظرة الواعية للإبداع بوصفه فعلا إنسانيا أولا، فضلا عن كونه بنحو عام التعبير غير المألوف عن المألوف وهذا يعني أن ذلك يعتمد على الأسلوب عند الكاتب بغض النظر عن جنسه”.

وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء تقول: “الجرأة نوعان في كتابة المرأة، ولا شك أن كلا النوعين يركز في التطرق إلى المكبوتات والتابوات “السياسية والدينية والجنسية”، وأغلبها قد تعتمد على الإيروتيكيا، النوع الأول: هو الطريقة الإبداعية الواعية في التطرق إلى موضوعات كهذه، ولا شك أن طريقة المعالجة الفنية التي تقدمها المرأة الكاتبة في ذلك لا يستطيع أن يمسها ناقد بسوء من الناحية الفنية، بغض النظر عن الانطباع الشخصي الذي قد يقدمه بعض النقاد لغاية أو لأخرى، اللغة بوصفها رموزا تخدم المرأة في البوح وبث أفكارها.

النوع الثاني: هو ما شاع من كتابات بعض النساء اللواتي وجدن في التطرق إلى هذه الموضوعات تمردا حسب آرائهن، وهو في الحقيقة تمرد عشوائي لا يمت للأدب أو للإبداع بصلة، بل أغلبه عبارة عن هذيانات لا تستحق النقد والوقوف عندها، وهنا وقف بعض النقد مستغلا رصد هذه الخربشات، والتعميم بها على أغلب النساء الكاتبات وهذا التعميم ليست منصفا إطلاقا”.

وعن الشعور بأن كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد تقول: “لا أجد ظلما في تناول إبداع المرأة الكاتبة من قبل النقاد أو المهتمين بالأدب عموما، نحن الآن أمام موجة إبداع كبيرة جاءت بها كثير من النساء المبدعات بفعل التقدم التكنولوجي ووسائل التواصل، وهذا لا يعني أن كل هذه الكتابات فنية، لكن النص الحقيقي الذي تؤمن كاتبته به، يفرض نفسه في دائرة الإبداع، وفي التلقي النقدي سواء أكان ذلك التلقي في المؤسسات الأكاديمية أو خارجها، فلدينا  كثير من الدراسات النقدية التي تناولت إبداع المرأة في الأدب عموما، وحتى في النقد”.

الإشادة بعمل لا يستحق ظلم..

وتقول الشاعرة والكاتبة المغربية “جليلة الخليع”: “الكتابة بالنسبة للكاتبة تدخل في إطار المهام الحياتية، فإن أولت اهتماما بالمهام الأخرى وأهملت الكتابة، فيجب عليها أن تسقط عنها صفة كاتبة، نفس الشيء بالنسبة للمهام الأخرى المنوطة بها، فعليها إذن أن تنظم وقتها حتى لا تسقط في هذا المأزق”.

وعن تأثير العوائق على إنتاج الكاتبات كما وكيفا تقول: “هذا يدخل في التسيير الحياتي والتدبير المنزلي، إن استطاعت أن تسيطر على الوضع العام فهذا يغنينا عن التساؤل بكيف، أما بالنسبة للإنتاج فهنا يجب فتح الأقواس لأنه ليس الكم هو الهدف، بل ماهية الإنتاج، فالجودة تظل نصب عينها، والجودة تتطلب في الكثير من الأحيان وقتا طويلا للتدقيق والتحقيق”.

وعن الشعور بالظلم حيث تتم مقارنة النصوص تقول: “الكاتب هو أكثر حظا من الكاتبة، ظروفه تكون سانحة أكثر، لذا لا يجب النظر إليهما بمنطق المقارنة، هناك نساء كثيرات استطعن أن يثبتن عن جدارتهن وخلدن أسماءهن بكثير من الاعتزاز والفخر رغم مشاغلهن الكثيرة، فالمقارنة هنا غير عادلة  بالأساس. لذا يجب التنويه بأي إنتاج إبداعي أو علمي عميق، أما الظلم الحقيقي فيكمن بالأساس في الإشادة بعمل لا يستحق”.

وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء تقول: “بالنسبة لي الانتقاد يجب أن يقع على الطرفين وأن لا ينظر للكتابة بالمفهوم الذكوري المسيطر في مجتمعاتنا، فالخطأ واحد إن اعتبرنا الجرأة خطأ، فالضوابط تقع على الجنسين معا”.

وعن الشعور بأن كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد تقول: “بالنسبة لي أرى أن الحركة النقدية أولت اهتماما بالإنتاج الأدبي النسوي وإن كنت لا أحبذ هذا التجنيس في الأدب، فالكم في هذا الانتشار الكاسح للأدب النسوي، مرده بالأساس إلى الدراسات العميقة والتي أولت المرأة المبدعة حيزا هاما، هذا فضلا عن ترجمة الكثير من أعمالها إلى لغات أخرى”.

الكتابة عالم جميل..

وتقول الكاتبة الجزائرية “خديجة حسين تلي”: “الكتابة عالم جميل جدا غالبا ما يخذك من نفسك ومن كل من حولك، لذلك فهي تحتاج إلى تفرغ كامل ووقت أطول لتبدع ويولد على يديك روائع تستحق أن تقرأ.

على الصعيد الشخصي رغم أني امرأة عازبة ليس لدي مسؤولية الزوج والأولاد كما المرأة المتزوجة، غير أني أعاني جدا من مشكلة الوقت، في ظل ظروف العمل الذي يأخذ جل وقتي من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء. ثم تأتي بعدها أعمال المنزل التي لا أنتهي منها إلا وقد حل الليل، فأجد نفسي في قمة التعب والإرهاق الجسدي والفكري، ما يحول بيني وبين الكتابة والمطالعة أيضا”.

وعن تأُثير العوائق على إنتاج الكاتبات كما وكيفا تقول: “طبعا هذه العوائق تمتع الكاتبات من إنتاج مؤلفات أكثر، وأيضا أكثر إبداعا وتميزا، حين لا يكون الذهن صاف من مشاغل الحياة لا يعمل بشكل أفضل في مجال الكتابة، ويمنع الكاتبة من استعمال واسع للخيال”.

وعن الشعور بالظلم حين مقارنة النصوص تقول: “أبدا لا أشعر بالظلم لأن الرجل أيضا ليس معفيا من مشاغل الحياة ومسؤولياتها المختلفة، هو أيضا يعمل ويقضي وقتا أكبر في عمله، ووقت برفقة أصدقائه وعائلته وأولاده، وبالتالي فهو أيضا أمام معوقات كثيرة تشبه إلى حد كبير ما تعاني منه المرأة الكاتبة”.

وعن انتقاد البعض للجرأة تقول: “أنا ممن يتحفظ كثيرا في الكتابة، هناك خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها احتراما للقارئ العربي المسلم المحافظ، واحتراما للنفس أيضا فالكتابة الجريئة التي أصبح البعض يتخذها موضة العصر في الكتابة ما هي إلا تفاهة لجلب انتباه بعض التافهين الفضوليين من القراء”.

وعن النقد تقول: “كلا لم تكن كتابات النساء في منأى عن النقد أو عن دراسات النقاد والبحوث الأكاديمية، والمهتمين بالشأن الأدبي والدليل كتابات “أحلام مستغانمي”، “غادة السمان” والكثيرات. ومؤخرا تم تناول روايتي الأولى “لا تفلتي يدي” ضمن دراسة أكاديمية كمذكرة تخرج ليسانس من إحدى الجامعات الجزائرية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب