19 أبريل، 2024 10:12 م
Search
Close this search box.

الميليشيات العراقية في سوريا: الدور والمستقبل

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ حاتم الفلاحي

تبحث هذه الورقة في تفاصيل الميليشيات العراقية العاملة في سوريا، والدور الذي قامت به لدعم النظام خلال الحرب ضد معارضيه. وما زالت هذه الميليشيات في سوريا رغم تراجع العمليات القتالية، لتنفيذ مهام وأدوار جديدة.بدأ حضور الميليشيات الأجنبية لدعم النظام في سوريا في عام 2012، بعد نحو عام من بدء الثورة السورية، ويعتقد أن إيران قامت بالدور المحوري في تنظيم استقدام هذه الميليشيات (الشيعية) من كل من العراق، وإيران، ولبنان بالدرجة الأولى، ثمّ اليمن، وأفغانستان، وباكستان، وبعض الدول الآسيوية التي يتواجد فيها الشيعة، تحت شعار نصرة المذهب، وحماية المراقد المقدسة، وتحرير القدس، والمقاومة، والممانعة مقابل مبالغ مالية، فضلا عن محفزات أخرى مثل: منح الجنسية السورية.

وكان حزب الله اللبناني من أول الميليشيات التي تدخلت وشاركت في دعم نظام الأسد، بالتنسيق مع إيران، قبل أن يتوالى حضور قوات الحرس الثوري الإيراني، والعشرات من الميليشيات العراقية والأفغانية، والباكستانية، واليمنية التي دربتها إيران.

وبرغم انحسار العمليات العسكرية في سوريا بشكل كبير، واستعادة النظام سيطرته على الكثير من مناطق البلاد، إلّا أنّ الميليشيات الأجنبية الشيعية لا تزال في سوريا. فما هو الهدف من بقائها؟ وهل هناك أهداف ومشاريع تريد تنفيذها بعد أن انحسر القتال؟ وما هي أدوارها التي قامت بها طوال الفترة الماضية وأدوارها المستقبلية على ضوء هذه التطورات والمتغيرات؟.

إيران والتحشيد الطائفي للقتال في سوريا
يعتمد حشد المقاتلين الشيعة للقتال في سوريا على الإغراء المادي، كما يعتمد على الحشد الطائفي العقائدي الفكري الذي مارسته المنابر الإعلامية ومنابر الرأي الداعمة للقتال في سوريا من مساجد، وحسينيات، وفضائيات، ومجلات، وصحف، ورجال دين وصولاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي أخذت تُطلق شعارات طائفية لإثارة الناس ومنها: “يا لثارات الحسين” “ولن تُسبى زينب مرتين”(1).

تتركز شرعية القتال في سوريا على حماية المراقد المقدسة عند الشيعة، لذا فمعظم تواجدهم في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق؛ لأنّها العماد الأساس للتعبئة والتحشيد الطائفي، ثمّ توسّعت مشاركتهم بعد ذلك إلى بقية المناطق الأخرى حيث قاتلت الميليشيات الشيعية في سوريا على جميع الجبهات الشمالية، والوسطى، والجنوبية. ويعمل بعضها تحت إمرة حزب الله اللبناني ومستشارين وضباط من الحرس الثوري الإيراني، وكان دور الميليشيات العراقية مركزيًا في القتال في دمشق وريفها وفي مدينة حلب منذ يونيو/حزيران عام 2013، حيث شاركت ميليشيا أبو الفضل العباس ولواء عمار بن ياسر بشكل رئيس في استعادة مدينة خناصر وطريق الأمداد، وعُرفت المجازر التي ارتكبت هناك باسم مجازر (الآبار)، أمّا تسليح هذه الميليشيات فهو يتشابه إلى حد بعيد، بسبب اعتمادها على مصدر واحد للتسليح والتدريب والتمويل هو الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.

وكشف أحد قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا الجنرال محمد علي فلكي عن تفاصيل خطيرة تخصّ تشكيل ما يسمى “جيش التحرير الشيعي” الذي يُقاتل الآن على ثلاث جبهات هي: العراق وسوريا واليمن، بقيادة قائد فيلق القدس، وقال: “نحن بصدد إعادة التنظيم للميليشيات الموالية لطهران في سوريا لصهرها في بوتقة إطار تنظيمي يحمل اسم جيش تحرير الشيعة والمسلمين في سوريا”(2). وقال أيضا: “إننا نذهب إلى لبنان واليمن وسوريا وننفق الأموال من أجل دعم وحماية الشيعة”.

وفي آخر تصريح له، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، إنّ الحرس الثوري قام بتجنيد (200) ألف عنصر في العراق وسوريا، وقال إنّ بلاده: “قامت بتجنيد 100 ألف عنصر في العراق، ونفس العدد في سوريا” مؤكداً أنّ هذا الإجراء هو من ضمن سياسات إيران في دول المنطقة(3).

تشكيل قوات التدخل السريع الشيعية (متعددة الجنسيات)
يقول الجنرال فلكي إنّ الإرادة الإيرانية تهدف لتشكيل ميليشيات تكون بمثابة قوات تدخل سريع شيعية من جنسيات متعددة، تخدم الأمن القومي الإيراني ومصلحة دولة الولي الفقيه، إذ ليس من العقلانية الزّج بقوات إيرانية في صراعات خارجية. وقال: “إنّ الألوية تقاتل تحت راية واحدة، وتلبس زيّاً موحّداً، ولها نظام واحد”(4)، ومن أهم الألوية الخاصة بالميليشيات الشيعية في سوريا:

أ. لواء زينبيون: ويتألف من الشيعة الباكستانيين.

ب. لواء حيدريون: ويتألف من الشيعة العراقيين

ت. لواء فاطميون: ويتألف من الشيعة الأفغان اللاجئين في إيران، ويتكون هذا اللواء من عدة فرق.

ث. لواء حزب الله: ويتألف من شيعة لبنانيين جلبهم الحرس الثوري للقتال في سوريا أو من شيعة سوريين، وهذا اللواء ينقسم إلى قسمين:

– حزب الله لبنان.

– حزب الله سوريا: ويتألف من أهالي دمشق ونُبُّل والزهراء.

الميليشيات العراقية (حيدريون)
انخرط الآلاف من الشباب العاطل عن العمل في هذه الميليشيات، بعد أن جرى تغريرهم بالمال والعاطفة الدينية، ولكنّ الغريب، حسب الخبير بشؤون الحوزة الدينية، حسين الكاظمي، هو عدم وجود مكاتب للتطوع في إيران في حين فُتحت في بغداد ومدن الجنوب (ذات الغالبية الشيعية) العشرات من مكاتب التطوع التابعة لميليشيات الحشد الشعبي بمختلف أشكالها، وتُعرف باسم مكاتب الجهاد والدفاع أو (جهاد الدفع).

ويدير رجال دين شيعة بينهم إيرانيون هذه المكاتب، وهم من يتولى عمليات التجنيد والانتقال إلى سوريا مقابل مرتبات شهرية تتراوح بين (300- 1500) دولار، وحسب مصدر حكومي عراقي فإنّه يتم تجنيد ما بين (300 إلى 400) مقاتل شهريا،(5) منحدرين على الأغلب من أسر فقيرة.

وقال الشيخ حسيب الدجيلي إنّ المتطوعين يتسلمون راتبًا شهريًا، وهناك مكافآت مقطوعة من إيران تُصرف بين مدة وأخرى، على أن تقوم الحكومة السورية بتوفير الطعام والمنام وكافة احتياجاتهم، وتتولى وزارة النقل والمواصلات العراقية عمليات نقل المتطوعين إلى سوريا عبر مطاري بغداد والنجف، برحلات مجانية، تحت عنوان (زيارة العتبات المقدسة في دمشق).

ويجري تدريب هذه الميليشيات في معسكرات في كل من العراق وإيران ولبنان، غير أنّها تخضع -أيضا- للتدريب في معسكرات داخل سوريا هي:

– معسكر يعفور بريف دمشق، المقام في موقع عسكري تابع للفرقة الرابعة.

– معسكر السيدة زينب بدمشق.

– معسكر مدرسة ميسلون التابع للمخابرات العسكرية.

– معسكر نجها لأمن الدولة، من أهمها.

– معسكر شهيد المحرابفي مدينة حلب.

– معسكر الزهراء في مدينة حلب.

ويبلغ عدد الميليشيات العراقية المتواجدة في سوريا أكثر من (20) ميليشيا مسلحة(6)، وهي موضحة في الجدول التالي:

(جدول يُبين قائمة بأسماء الميليشيات الشيعية العراقية التي تُقاتل في سوريا وتتبع الحشد الشعبي )

وتُعتبر كل من ميليشيا (أبو الفضل العباس) و (النجباء) من أهم وأكبر الميليشيات العراقية المشاركة في الحرب السورية منذ بدايتها تقريبا. وفيما يلي استعراض لأهم الميليشيات العراقية في سوريا:

أولاً: ميليشيا لواء أبو الفضل العباس:
وهي من أول وأكبر الميليشيات العراقية التي قاتلت في سوريا، حيث تشكلت نواة اللواء من مقاتلين تابعين لميليشيات متعددة، منها، عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، وكتائب حزب الله العراق، وجيش المهدي، وبعض الشيعة السوريين، وبعض المتطوعين من اليمن ودول شرق آسيا.

وكان أول ظهور للميليشيا في منطقة السيدة زينب بدمشق منتصف عام 2012، بدعوى حماية مرقد السيدة زينب عليها السلام، وهو يتمتع بتجهيز عالٍ من السلاح والآليات وغيرها، ويتبع بشكل مباشر قيادة الحرس الثوري الإيراني. تحظى هذه الميليشيا باهتمام المرجعية في إيران، ويستمر بقاؤه في سوريا إلى يومنا هذا، ولكن بعد سقوط مدينة الموصل عام 2014، تم سحب بعض مقاتليه من سوريا بسبب النقص العددي والحاجة الكبيرة للخبرات التي اكتسبها مقاتلوه، وقام حزب الله اللبناني باستلام نقاطه في حلب. تتراوح أعداد مقاتلي الميليشيا ما بين (4800 إلى 5000) مقاتل، ويتكون من عدة كتائب، تم تسميتها بأسماء بعض الأئمة الاثني عشر(7). ومن أهم قيادات ميليشيا أبو الفضل العباس:

أوس الخفاجي: وهو المؤسس الرئيس لهذه الميليشيا في العراق وسوريا. عمل الخفاجي كمساعد لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في جيش المهدي الذي كان تابعًا للتيار قبل حلّه، وقد انفصل عن الصدر عام 2006، اعتقل الخفاجي في فبراير/شباط 2019 من قبل الحشد الشعبي الذي أسهم في تأسيسه، بتهمة فتح مقر وهمي.
القيادي أحمد حسن كيارة: كان من أول القيادات التي قادت ميليشيا أبو الفضل العباس في معارك السيدة زينب، وقد قُتل فيما بعد في منطقة ريف دمشق.
القيادي علي حسن عجيب جظة الملقب أبو عجيب السوري: واستلم القيادة بعد مقتل كيارة وهو من بلدة نبل بريف حلب الشمالي، وبسبب حدوث بعض المشاكل بين العراقيين والسوريين، انقسمت قيادة اللواء فأصبح السوريون تحت قيادته.
القيادي هيثم الدرّاجي: وهو من القيادات العراقية، ومقرب من رجل الدين الشيعي بشير النجفي، تولى قيادة المتطوعين العراقيين في الميليشيا.
تنتشر ميليشيا أبو الفضل العباس في المناطق السورية التالية:

– منطقة السيدة زينب: وهي المقر الرئيسي للميليشيا.

– مدينة حلب: لهم نقاط مرابطة في أغلب مناطقها.
– مدينة نبل والزهراء في ريف حلب: لهم فيها تواجد خاص بسبب أهميتها، وكون سكانها من الشيعة.
شاركت هذه الميليشيا في أغلب المعارك بجانب القوات السورية، ومنها: معارك طريق المطار، معارك القلمون، معارك جنوب دمشق، معركة استعاد بلدة الحجيرة جنوب دمشق، معركة المليحة التي استمرت (135) يوماً، معارك حي جوبر، معارك حصار الغوطة ومجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام في أغسطس/آب عام 2013، معارك ريف حماة الشمالي، معارك مدينة حلب في أغسطس/آب 2013

ثانيًا: ميليشيا حركة النجباء (المقاومة الإسلامية حركة حزب الله النجباء):
وهذه الميليشيا المكونة من مقاتلين شيعة عراقيين، تقاتل في “أي مكان يأمر به المرشد الأعلى”، حسب تصريح قائدها أكرم الكعبي(8)،وهي ميليشيا شيعية عراقية، تفرعت عن ميليشيا (عصائب أهل الحق)، التي انشقت بدورها عن ميليشيا جيش المهدي عام 2006. وكل من النجباء والعصائب يدينان بالولاء إلى (الولي الفقيه) في إيران.

وقد أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة النجباء العراقية وقائدها أكرم عباس الكعبي، على لائحة المنظمات الإرهابية العالمية(9)، حيث يمتاز الكعبي بالمزج بين الشخصية الدينية والعسكرية، وقد ذهب إلى قم لأخذ بعض الدورات الدينية، وكان يحظى باهتمام الإيرانيين بشكل كبير، وكانت أول ميليشيا يؤسسها في سوريا عام 2013، تحت مُسمّى لواء عمار بن ياسر، ثمّ أصبح تحت مسمى حركة النجباء.

تسيطر ميليشيا (النجباء) على مناطق واسعة في ريف حلب الجنوبي، ومقرها الرئيسي في مدرسة رسم بكور خلف جبل عزان، وتنتشر على جبهة تمتد من مطار حلب الدولي إلى بلدة الحاضر، ولها أيضا تواجد على تخوم العاصمة دمشق في مناطق حي جوبر، والنشابية، ومطار النيرب، وعلى طريق حرستا.

تعتبر (النجباء) ثاني أقوى مليشيا عراقية متواجدة في سوريا، وتحظى باهتمام ورعاية ودعم الحرس الثوري الإيراني، ويشكل العراقيون أغلب عناصرها، ويتواجد معهم عناصر من السعودية والبحرين والكويت، ويبلغ تعداد ميليشيا (النجباء) -حسب تقرير موقع “إيران واير”- في العام 2017 حوالي 10آلاف مقاتل موزعين على ثلاثة ألوية عسكرية (10)، تنتشر في كل من حلب ودمشق، وهي:

(لواء عمار بن ياسر)، وساحة عمله في حلب، التي انتقل إليها من ريف دمشق في 2013.
(لواء الإمام الحسن المجتبى) ومقره في دمشق، ويعمل على تأمين طريق مطار دمشق الدولي.
(لواء الحمد)، ومقره في ريف دمشق، وهو متخصص استعمال المدفعية والصواريخ.
ويخضع عناصر هذه الميليشيا، قبل إرسالهم إلى سوريا، لدورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر في جنوب العراق، تتركز على استخدام الرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية وبنادق القناصة، كما يتلقى البعض منهم تدريبه في لبنان ثمّ يعبر براً إلى سوريا، أمّا في إيران فيتلقى عناصر الميليشيا تدريبًا متخصصًا في نزع الألغام، والاتصالات، وتشغيل الطائرات بدون طيار. وقال زعيم الميليشيا، أكرم الكعبي، إنّ جماعته تستخدم الطائرات بدون طيار من نوع (ياسر) وهي النسخة الإيرانية من الطائرة (سكان ايجل) الخاصة بالاستطلاع والتي تنتجها شركة بوينغ.(11)

وكشف تقرير لوكالة أنباء تقريب الإيرانية في يناير/ كانون الثاني 2019، عن إنشاء أكاديمية خاصة لتدريب عناصر الميليشيات العراقية(12)، انخرط بها مقاتلون من (النجباء)، ويخضع المتدربون فيها إلى دروس في العقيدة الشيعية -جنبًا إلى جنب- مع تدريبات عسكرية متطورة، مكثفة، كما أقيمت دورات (دراسات عسكرية عليا) في مدينة سامراء شمال بغداد، مشدّدة على أنّ الخريجين منهم ينخرطون في دورات تمهيدية للدراسات العليا.
ومن أهم الدورات التدريبية التي يخضع لها مقاتلو ميليشيا (النجباء): دورات المشاة، المدفعية، المدفعية والهاون، دورات الرشاشات المتوسطة والثقيلة، دورات قيادة ورماية الدبابات، دورات في نزع وزراعة الألغام (في إيران)، دورات في تصنيع وتوجيه الطائرات بدون طيار (في إيران)، ودورات في الاتصالات.
ومن أهم قيادات هذه الميليشيا كل من:
أكرم الكعبي، وهو قائد الميليشيا ومؤسسها، كان من ضمن عناصر جيش المهدي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتولى إدارة العمل الثقافي في النجف، ثمّ تمّ اختياره قائدا للمجاميع الخاصة التابعة لجيش المهدي ثم لعصائب أهل الحق المنشقة عنها.
هشام الموسوي (أبو وراث)، وهو المتحدث الرسمي باسم ميليشيا النجباء.
حيدر جاسم الدنيناوي، وكان المسؤول عن تجنيد المقاتلين في العراق، وقد تمكنت المعارضة السورية من قتله بريف حلب في حي الراشدين أثناء جولة استطلاعية.
ومن أهم المعارك التي شاركت فيها ميليشيا (النجباء) في سوريا: معارك القصير إلى جانب حزب الله اللبناني، معارك طريق المطار، معارك العبادية، معارك السيدة زينب، معارك مخيم اليرموك، معارك الشيخ نجار في حلب، فك الحصار عن نبل والزهراء، معارك العيس وخان طومان، معارك الغوطة الشرقية، معارك سهل الغاب، معارك سلمى، هجوم الكليات في حلب، معارك جبين وخناصر.

ثالثًا: قوات الشهيد محمد باقر الصدر (منظمة بدر الجناح العسكري):
بدأت مشاركة ميليشيا (منظمة بدر) في سوريا بشكل سري من خلال وضع عناصرها تحت قيادة ميليشيات أخرى، مثل: ميليشيا أبو الفضل العباس أو ميليشيا سيد الشهداء وميليشيا ذو الفقار، وذلك قبل أن تعلن (بدر) في يونيو/حزيران 2013 عن أنّها منخرطة فعليًا بالقتال في سوريا، من خلال الكشف عن مقتل أحد عناصرها في منطقة السيدة زينب. وبعد أيام أعلن زعيم المنظمة، هادي العامري، أنّ قواته تقاتل في سوريا، وفي 21 يوليو/تموز عام 2013، أعلنت منظمة بدر -بشكل رسمي- مقتل القيادي في المنظمة أبو ذر المسعودي، وبعد مقتله أعلن عن تشكيل ميليشيا (قوات الشهيد محمد باقر الصدر)، ويبلغ عدد مقاتليها في سوريا بحدود (1500 إلى 2000) مقاتل، وشاركت المنظمة في الكثير من المعارك في كل من: منطقة السيدة زينب، مناطق جنوب دمشق، ومناطق الغوطة الشرقية.(13)

رابعًا:كتائب حزب الله العراق:
ظهرت كتائب حزب الله العراق في العام 2006 تحت شعار مقاومة القوات الأمريكية وبتبني شعار حزب الله اللبناني: (المقاومة الإسلامية في العراق). بدأت هذه الميليشيا مشاركتها بالمعارك في سوريا في مارس/آذار2013، وأعلنت أنّها ستتصدى لكل من يحاول إسقاط نظام بشار الأسد، وفي يونيو/حزيران عام 2013 أعلنت هذه الميليشيا أنّها سترسل مقاتلين من سوريا للتصدي للمشروع الأمريكي السّعودي، ويظهر من بيانات النعي لمقاتليها إنّهم كانوا يعملون تحت قيادة أبو الفضل العباس والعصائب (للدفاع عن المقدسات)، يقود هذه الكتائب -حاليًا- هاشم الحمداني، الملقب بأبو آلاء وهو عراقي الجنسية، وقد تعرضت الكتائب، داخل العراق، إلى عدد من الانشقاقات والانقسامات كان أهمها انشقاق أبو مصطفى الشيباني الذي شكّل كتائب سيد الشهداء، وانتقل للقتال في سوريا.

خامسًا: ميليشيا كتائب سيد الشهداء:
تشكلت ميليشيا (كتائب سيد الشهداء) في أبريل/نيسان عام 2013 على إثر خلافات بين قيادات (حزب الله العراق)، انتهت بانشقاق حميد الشيباني الملقب بـ (أبو مصطفى الشيباني) الذي يحمل الجنسية العراقية والإيرانية، وتشكيله لهذه الميليشيا.

انتقلت ميليشيا (كتائب سيد الشهداء) للقتال في سوريا في أغسطس/آب 2013 بتوجيه إيراني، لوقف الاحتكاك بين الطرفين المنقسمين. وفي سوريا جرى تكليف الميليشيا بمنع قوات المعارضة من التسلل عبر الخط الفاصل مع قوات النظام في الغوطة الشرقية بريف دمشق.

قُدر عدد عناصر ميليشيا (كتائب سيد الشهداء)، في سوريا، بنحو 700 مقاتل، وقد سقط عدد كبير منهم قتلى منذ بدء مشاركتهم في المعارك هناك، وكانت أبرز مشاركاتهم في معارك منطقة السيدة زينب، ومعارك الغوطة الشرقية.

سادسًا: فيلق الوعد الصادق:
انشقت هذه الميليشيا عن جيش المهدي في العام 2006، بعد أن أعلن قائدها محمد حمزة التميمي (أبو علي النجفي) موالاته لإيران ولولاية الفقيه، وبدأ برفع شعار (المقاومة الإسلامية في العراق) أسوة بالفصائل الشيعية المتحالفة مع النظام الإيراني.

لهذه الميليشيا تواجد عسكري في (11) محافظة عراقية، ولها قسم إعلامي وثقافي إضافة إلى نشاطها العسكري، وقد ظهرت لأول مرة في سوريا في سبتمبر/أيلول عام 2013، ويبلغ عدد مقاتليها نحو (2000) شخص، وقد خاضت معارك ريف دمشق، ومعارك القلمون، ومعارك حلب وريف حلب.

سابعًا: ميليشيا لواء أسد الله الغالب:
أعلن عن تشكيل هذه الميليشيا أمام مطار دمشق الدولي في كانون الأول عام 2013 لشخص يرتدي شعار قوات التدخل السريع العراقية ويدعى (أبو فاطمة الموسوي)، أمّا القائد الميداني العام للميليشيا فهو عبد الله الشباني.

صرح الشباني «سنقوم بمساندة الجيش العربي السوري لتحرير الغوطة الشرقية وكل نقطة في سوريا»،(14) وأكّد بأنّه سيقود معارك المقاتلين الشيعة في ريف دمشق لطرد أهالي الغوطة الشرقية.

تضم ميليشيا (لواء أسد الله الغالب) عدداً من التشكيلات الصغيرة مثل كتيبة (علي الأكبر) وهي أصغر من الميليشيات الأخرى، ويُقدر عدد المقاتلين فيها بين (300- 500) شخص، وقد اشتركت هذه المليشيا بمعارك منطقة السبينة في ريف دمشق، ومعارك منطقة السيدة زينب، ومعارك الغوطة الشرقية.

ثامنًا: ميليشيا لواء ذو الفقار:
هو تشكيل عسكري، انشق عن (لواء أبو الفضل العباس)، ويعمل في هذه الميليشيا مقاتلون من فصائل (عصائب أهل الحق) و(منظمة بدر)، وتعمل هذه الميليشيا تحت قيادة فاضل صبحي الملقب بـ (أبو هاجر)، ومسؤوله الحالي أبو شهد الجبوري، والقائد العسكري أبو مهدي الكناني، ومعاونه علي البياتي. يبلغ عدد مقاتليها (1000) مقاتل، شاركت بمعارك رئيسة منها: معارك منطقة السيدة زينب، ومعارك طريق المطار، ومعارك منطقة عدرا، كما شارك في اجتياح مدينة النبك.

تاسعًا: لواء كفيل زينب- عصائب أهل الحق:
أسستها ميليشيا (عصائب أهل الحق) داخل سوريا في يوليو/ تموز عام 2013 داخل سوريا، وشاركت في الكثير من المعارك ومنها: معارك منطقة السيدة زينب، ومعارك طريق المطار، ومعارك الغوطة الشرقية، ومعارك القلمون، ومعارك حلب.

عاشرًا: فوج التدخل السريع:
تعتبر أعداد عناصر ميليشيا (فوج التدخل السريع) قليلة بالنسبة للميليشيات الأخرى، لاسيما ميليشيات النجباء والعصائب وفيلق بدر. يُرجح أنّ أغلب عناصر هذه الميليشيا ينتمون إلى قوات التدخل السريع (سوات) التابعة للجيش العراقي، ويتولى قيادتها أحمد الحجي الساعدي، وهو مقرب من مقتدى الصدر، ومن أحمد حسن كيارة أحد قيادات ميليشيا أبو الفضل العباس. شاركت هذه الميليشيا في المعارك التالية: معارك منطقة السيدة زينب، ومعارك طريق المطار، ومعارك ريف دمشق.

حادي عشر: ميليشيا (فيلق تحرير الجولان):
وقد أنشأتها ميليشيا (النجباء) في 8 مارس/آذار عام 2017، وقالت إنّها ستكون قوة مدربة، ولديها خطط دقيقة، ومكونة من قوات خاصة، مسلحة بأسلحة استراتيجية ومتطورة، و”إذا طلبت الحكومة السورية، فنحن مستعدون إلى جانب حلفائنا لتحرير الجولان”.(15)

خسائر الميليشيات في سوريا:
لا توجد أعداد موثقة لهذه الخسائر، ولكن هناك بعض المواقع الرسمية التي نشرت خسائر هذه الميليشيات مثل: ميليشيا (النجباء) التي بلغت خسائرها نحو (500) قتيل، وضعف ذلك من الجرحى، وأعداد من الأسرى أغلبهم في حلب.

وتتكتم السلطات العراقية وقيادات ميليشيات (الحشد الشعبي) في بغداد على وصول جثث أفراد الميليشيات عبر مطاري بغداد والنجف، وتقول حركة (مجاهدي خلق) الإيرانية المعارضة إنّها حصلت على معلومات من داخل مؤسسة قوات الحرس الثوري الإيراني، بأنّ خسائر الحرس والميليشيات المكونة من اللبنانيين، والأفغان، والباكستانيين، والعراقيين قد تجاوزت (10) آلاف قتيل ناهيك عن الجرحى والأسرى.(16)

مستقبل الميليشيات العراقية في سوريا
يمكن أن يشكل بقاء الميليشيات العراقية، في سوريا في الفترة القادمة، جزءًا من عملية التغيير الديمغرافي التي يعمل النظام وإيران على تنفيذها، خصوصاً وأنّ البيئة السورية مؤاتيه لمثل هذا التمدد والتغيير.

وصرح قائد الحرس الثوري الإيراني في 16 يناير/كانون الثاني عام 2019 “إنّ إيران ستُبقي على وجودها العسكري في سوريا في تحدّ للتهديدات الإسرائيلية باستهدافها ما لم تخرج من هناك”.(17)

وبعد الخسائر الكبيرة لجيش النظام وموجات الهروب والانشقاق، أصبحت قوات النظام بحاجة ماسة للقوى البشرية المقاتلة التي يمكن إدراجها ضمن القوات العسكرية النظامية.

وما تزال، أمام الميليشيات، مهام لخدمة النظام حتى بعد انتهاء المعارك الفعلية مع قوات المعارضة في معظم أنحاء سوريا، إذ أنّ هناك دعوات للسيطرة على حزام العاصمة دمشق، وتكوين حزام أشبه بحزام بغداد. وقال رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية “محمد باقري”، إن إيران والنظام السوري سيواصلان الهجمات العسكرية على الغوطة الشرقية لتأمين حزام العاصمة…” متجاوزاً اتفاقات خفض التصعيد عام 2017، وقرار مجلس الأمن الرقم (2401) للعام 2018.

ولتثبيت بقاء هذه الميليشيات، أصدر النظام السوري قرارات تنص على مصادرة أراضي وأملاك للمعارضين، وتوزيع بعضها على منتسبين في الجيش والأجهزة الأمنية والميليشيات التي تقاتل في سوريا، لاسيما بعد تصريح لرئيس النظام بشار الأسد قال فيه “إنّ سوريا لمن يدافع عنها أياً كانت جنسيته”،(18) كما وردت العديد من التسريبات عن منح الجنسية السورية لعناصر من الميليشيات وفي مناطق مختلفة من سوريا، ويمكن أن يكون بقاؤها في سوريا ضمن شروط معينة.

ويبدو أنّ من الأدوار المستقبلية للميليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا، هو تهديد الدول المجاورة سواء كانت تركيا أو الأردن أو إسرائيل، واستخدامها كورقة للمساومة وتوظيفها في أي مفاوضات قادمة مع إيران، وقد كانت الميليشيات الأجنبية حاضرة في اتفاقات مع كل من إسرائيل والأردن، فبعد ضربات جوية إسرائيلية للتواجد الإيراني في سوريا، جرت صفقة اتفاق روسي إسرائيلي إيراني تقوم على إبعاد الميليشيات مسافة (85) كيلومترا عن مرتفعات الجولان المحتلة، على أن تؤول مسؤولية هذه المناطق لقوات النظام السوري، كما ساعد الأردن في اتفاق يقضي بتسليم المعارضة السورية للأسلحة الثقيلة والخروج الآمن مقابل عدم اجتياح الميليشيات (لواء زينبيون ولواء فاطميون وحزب الله اللبناني وميليشيا ذو الفقار العراقي) لمناطق درعا والقنيطرة قرب الحدود الأردنية.

مراجع
(1)في القصير.. “زينب لن تسبى مرتين، أورينت نت، 3يونيو/حزيران عام 2014، (تاريخ الدخول15 مارس /أذار عام 2019م) :https://goo.gl/fR4WPy
(2) تشكيل جيش التحرير الشيعي، العربية، ،24 أغسطس/أب عام 2016، (تاريخ الدخول 19 مارس /أذار عام 2019 م) : http://ara.tv/b5kbd
(3) الحرس الثوري يعترف جنّدنا 200 الف عنصر بالعراق وسوريا، العربية، 17مارس/اذار عام 2019، (تاريخ الدخول 19 مارس/أذار عام 2019م) :http://ara.tv/msbkd
(4) تشكيل جيش التحرير الشيعي، مصدر سابق.
(5) تجنيد عراقيين للقتال مع الأسد: 1500 دولار و”العرض لفترة محدودة، العربي الجديد، 4 فبراير/شباط 2016، (تاريخ الدخول 18مارس/أذار عام 2019) :https://goo.gl/xe4qC2
(6) الميليشيات الشيعية في سوريا القصة بالدماء والأرقام، العربية، 8 يونيو/حزيران عام 2014، (تاريخ الدخول 16مارس/أذار عام 2019): https://goo.gl/sEYArq
(7) الميليشيات الشيعية في سوريا، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، ،1يناير /كانون الثاني
2015، (تاريخ الدخول 19 مارس/أذار عام 2019): http://rawabetcenter.com/archives/2364
8- ميليشيا النجباء العراقية: سنقاتل في أي مكان يطلبه خامنئي، الخليج الجديد، 22/9/2019 (تاريخ الدخول: 18/3/2019): https://goo.gl/nbFBLm

(9) النجباء” العراقية على قائمة الإرهاب الأميركية، الجزيرة، 6 مارس/اذار عام 2019م (تاريخ الدخول 13 مارس/أذار عام 2019): https://goo.gl/4gwtNc

(10) النجباء” الإرهابية.. بوابة الحرس الإيراني للسيطرة على انتخابات العراق، العين الاخبارية، 30 مارس/اذار 2018، (تاريخ الدخول 17مارس/أذار 2019):

https://al-ain.com/article/revolutionary-guard-into-iraq

(11) النجباء فصيل عراقي يقاتل في أي مكان يأمر به المرشد الأعلى، العرب، 24 سبتمبر/أيلول 2017، (تاريخ الدخول 19 مارس/أذار 2019): https://goo.gl/nxRpsK
(12) النجباء” الإرهابية.. بوابة الحرس الإيراني للسيطرة على انتخابات العراق، مصدر سابق.
(13) دراسة تكشف هويات الميليشيات الشيعية في سوريا وتطالب بإدراجها على قوائم الإرهاب، زمان الوصل، 9 أغسطس/أب 2014، (تاريخ الدخول 19مارس/أذار 2019):
https://www.zamanalwsl.net/news/article/52649
(14) بين طهران ودمشق… قائد «قوات أسد الله الغالب» العراقية ينسق لمزيد من الدعم العسكري واللوجستي) القدس العربي، 13 فبراير/شباط 2017، (تاريخ الدخول 10 مارس/أذار 2019): https://goo.gl/YurGDu

(15) (12) مليشيا عراقية لـ “تحرير” الجولان.. وبرلماني يبرر، عربي 21 ، 8 مارس/اذار 2017 ، (تاريخ الدخول 15 مارس/أذار 2019): https://goo.gl/6cDmfb
(16) منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، 9/8/2017، (تاريخ الدخول: 19 مارس/آذار 2019):
https://arabic.mojahedin.org/newsar/82396/listar/

(17) الحرس الثوري الإيراني: سنبقي على قواتنا العسكرية في سوريا رغم تهديدات إسرائيل، الشرق الاوسط، 16 يناير/كانون الثاني 2019 ،(تاريخ الدخول 19 مارس/أذار 2019):https://goo.gl/L3ZU4q

(18) سوريا لمن يدافع عنها أيا كانت جنسيته، سبوتنيك عربي، 27/7/2015، (تاريخ الدخول: 14 مارس/آذار 2019): https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201507271015093149/

المصدر/ الجزيرة للدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب