المفكِّر والمفكَّر فيه:
علي المؤمن ومدرسته الاجتماعية الدينية الشيعية
د. أمل محمد الأسدي
(باحثة وأكاديمية من العراق)
الأمة وإشكالية الهوية
نتناول ــ ابتداءً ــ مفهوم الأمة، ليكون مدخلاً لطرح رؤية المفكر الإسلامي العراقي علي المؤمن للأمة، ومشروعه حول الأمة وكيانها ووجودها الواقعي، وكيف تمظهر ذلك في فكره، وتحديداً ما عبّر عنه في مشروعه الفكري الذي كان كتاب “الاجتماع الديني الشيعي” أحد حلقاته.
الأمة تعني الكيان الواحد الذي تربطه روابط مشتركة، وتجمعه خصائص مشتركة، ومميزات خاصة بنسيجه الاجتماعي؛ فقد أراد الله (تعالی) ورسوله وأهل بيته لمّ شتات العرب وغيرهم ممن أسلم، وتحويلهم إلی أمة، تنتظم بدولة، أو لنقل بسلطة، تسعی الی تقنين الحياة وضبط إيقاعها؛ فقد قال تعالی: ((إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ))(١)؛ فدلالة الأمة هنا، وبحسب صاحب تفسير الميزان تعني: جماعة يجمعها مقصدٌ واحد، والخطاب خطاب عام يشمل جميع الأفراد المكلفين من الإنسان، والمراد بالأمة النوع الإنساني الذي هو نوع واحد(٢).
وعلی الرغم مما أرساه رسول الله من مدنية وتحضر وتشريعات تنظم الحياة العامة منذ استقراره في المدينة المنورة؛ فقد شهدت الأمة انتكاسةً أعرابية، بمجرد رحيله (صلی الله عليه وآله)، وهذه الانتكاسة ظلت ماثلة حتی عصرنا الراهن، وهي التي هشّمت مفهوم الأمة العزيزة المنيعة التي أرادها الرسول؛ فعادت الحياة مقترنة بالبداوة والتصحر والغزو والمصالح الفردية والقبلية المفرطة…الخ، عادت الحياة أعرابية بعيدة عن كيان الأمة الواحدة المتمدنة، الأعرابية التي تحدث عنها القرآن الكريم في مواطن عديدة منها: ((قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))(٣)، وكذلك قوله تعالی:((الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم۞وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(٤).
وترتب علی هذه الانتكاسة تفتيت النسيج الاجتماعي الفتي الذي أسسه الرسول الأعظم، وبناه مستثمراً خطی أجداده: هاشم بن عبد مناف، وعبد المطلب وعمه (أبوطالب)؛ إذ كانت لهم الريادة والسبق الزمني في السعي لتكوين الأمة ولمّ شتات القوم؛ ففي الحياة عمادان رئيسان ينهضان بها نحو الوجود الواقعي، وإن هذين العمادين يقوم عليهما البناء الاجتماعي السليم، وهما: الأمن والاقتصاد، فبهما يكتسب الإنسان الاستقرار الفكري الذي يمكِّنه من أداء رسالته، وبهما يكون الإنسان في المنطقة الوسيطة التي تمكنه من العمل من دون إفراط أو تفريط؛ لذا قدّم الله تعالی هذين العنصرين في دستوره الإنساني (القرآن الكريم) وجعلهما مرتبطين ببني هاشم، مبينا قدرة هذه الجماعة البشرية علی القيادة والتغيير نحو ما يحبه ويرتضيه لعباده؛ فتأمين الجانب الاقتصادي كان علی يد هاشم بن عبد مناف (جد الرسول الأعظم)؛ فهو قائد رحلتي الصيف والشتاء وهو من سنّهما، وبها أمن الناس الجوع والقحط والإجحاف، وقد تحدث رسول الله عن ذلك مستشهداً بقول الشاعر:
يا ذا الذي طلب السماحة والندى
هلّا مررت بآل عبد مناف
لو أنّ مررت بهم تريد قراهم
منعوك من جهد ومن إيجاف
الرائشين وليس يوجد رائش
والقائلين هلمّ للأضياف
والخالطين غنيّهم بفقيرهم
حتى يصير فقيرهم كالكافي
والقائلين بكلّ وعدٍ صادقٍ
ورجال مكة مسنتين عجاف(٥)
سفرين سنّهما له ولقومه
سفر الشتاء ورحلة الأصياف(٦)
فهاشم هوَ أوّل من أطعم الثّريد في مكة، وَإنّما كان اسمُه عَمْراً، فما سُمّي هاشما إلّا بهشمه الخبز لقومه. وقد قال شاعرٌ من قريشٍ فيه:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون عجاف
لقد كان هاشم صمام الأمان الاقتصادي لأهل مكة، وكان منقذاً لهم من الجوع؛ فكلما تعرضوا لأزمة وقحط، قصد فلسطين مشترياً الدقيق وعائداً به إلی مكة؛ فيأمر بنحر الذبائح؛ فيثرد بمرقها الخبز ويطعم قومه وضيوفه من الحجيج(٧). وبذا تكفل الهواشم بهذا الجانب وهم بذلك يوفرون العماد الأول للحياة الكريمة وهو الاقتصاد، وتوفير لقمة العيش التي تسد رمق الإنسان وتحفظ كرامته.
أما العماد الآخر وهو عنصر الأمن؛ فكان بقيادة الهواشم أيضاً، حيث أنقذهم سيد مكة بحكمته وإيمانه المطلق بالله (تعالی)؛ فحين تعرّضت الكعبة للخطر وتعرّض أهل مكة لخطر الحرب وقصدهم “ابرهة” بفيلته، عازماً علی هدم الكعبة وإذلال العرب، حمتم دعوة السيد الهمام (عبد المطلب) حين قال لإبرهة وهو يطالب بإبله: ((أنا ربّ الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، قال: ما كان ليمنع مني، قال: أنت وذاك، اردد إليّ إبلي))(٨). ثم أخذ حلقة باب الكعبة بيده قائلاً:
يا رب لا أرجو لهم سواكا
يا رب فامنع منهم حماكا
إن عدو البيت من عاداكا
امنعهم أن يخربوا قراكا(٩).
ثم قال: ((لَاهُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ فَامْنَعْ حَلَالَكْ لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ غَدْرًا مِحَالَكْ))(١٠)؛ فاستجاب الله (تعالی) لكلمة الرجل المبارك وحمی الكعبة، إذ أرسل طيراً أبابيل، أبادت جيش إبرهة وخلّدت صدی كلمة سيد قريش إلی يومنا هذا، وبيّنت قدرة الهواشم القيادية، ومدی عطائهم، ومدی تمكنهم من البناء الاجتماعي المثمر، وقد خلّد الله هذه القدرة القيادية المتعلقة بهذين العمادين (الاقتصاد والأمن) في نصين قرآنيين، وهما بمثابة نص واحد يشرح فضل الهواشم، ويذكّر الناس بشكر الله (تعالی) علی هذه النعمة،كما في قوله تعالی: ((لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ۞إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ۞ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ۞الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ))(١١). وكذلك قال في النص الآخر:((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ۞أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ۞وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ۞تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ۞فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ))(١٢).
إذن؛ هناك من مهّد الطريق لرسول الله الأعظم (صلی الله عليه وآله)، هناك جماعة مؤسسة، عملت وبذلت وضحّت، وليس الأمر كما صوّره الإعلام السلطوي؛ إذ غيّب مراحل التأسيس التي سبقت بزوغ نور الإسلام وبدء انطلاق الرسالة، وكأنّ رسولنا بدعاً من الرسل؛ فكل الأنبياء والمرسلين لهم مرحلة تمهيدية، يسهم فيها عدد من الأشخاص ويشكلون الجماعة الساندة للرسالة في مرحلة التأسيس التي تسبق الشيوع والانتشار.
فبعد تحول العرب والمسلمين من الشتات والتبعثر والخوف إلی مرحلةٍ جديدة وهي مرحلة الأمة ــ كما ذكرنا ــ وتخلصهم من واقعهم الذي كانوا يعيشون فيه، والذي عبّر عنه القرآن الكريم في قوله تعالی: (( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(١٣)؛ عادوا إلی الشتات من جديد، ولكنهم هذه المرة استغلوا ما وصل إليه الإسلام بقيادة الرسول الأعظم، ما وصل إليه من نفوذ وعزة وجمهور وقوة وجيش وسلطة؛ فزجوا الرسالة الإنسانية في سجن السلطة والاستحواذ عليها والتفرد بها، وبدّدوا جهود الرسول والإمام علي في أنسنة الحياة العربية والإسلامية، وترتّب علی ذلك بقاء مجموعة من الخُلّص علی نهج الرسول الأعظم الذي رسمه لهم، ومنذ تلك المرحلة بدأت طاحونة الظلم والتهميش تطحنهم وتعاقبهم حتی هذه اللحظة، ومن هنا بدأت الإشكالية في فهم السلطة والدولة والدين، وبدأ الإعلام السلطوي عمله المضلل الذي يستهدف كل من يخالف السلطة.
الإعلام السلطوي وصناعة الذات المهزومة
سعت الماكنة السلطوية التي تريد أن تربي المجتمعات علی الخضوع والإذعان إلی خلق ذاتٍ عربية وإسلامية منهزمة، دونية، تشعر بأنها أقلّ من غيرها، وهذه الماكنة الاستعمارية السلطوية سادية التفكير، أي أنها تستلذ بتعذيب الشعوب وحرمانها من حقوقها، وتسعی إلی تبرير اطروحاتها ورغباتها عم طريق الفقه السلطوي الذي جعل من الدين والعقيدة توابع للسلطة، بغض النظر عن الحلال والحرام واحترام النفس الإنسانية، وبعيداً عن إحقاق الحقوق والعدل والمساواة…الخ من القيم الأخلاقية التي ترتقي بالحياة وتنظمها.
وعلی سبيل المثال، وكي تتضح الصورة أكثر، نری ماقام به الإعلام السلطوي ورسخته النظريات الغربية، والذي أدی إلی صناعة فكرٍ مقلوبٍ مشوّه ومزيف، مفاده أن الدين الإسلامي، دين إنسانية وكرامة؛ لذا لايمكنه أن يبني دولة، أو بمعنی آخر أن رجال الله المتدينين أمثال (علي بن أبي طالب) الذي يؤمن بوجوب تحقيق العدالة والمساواة بين الأفراد، لايصلح للحكم والإدارة وقيام الدولة؛ فمفهوم الدولة لديهم يقترن بالجور والظلم والحديد والنار؛ فشوهوا الحقائق وسرقوا من رسول الله والعصبة المؤمنة التي ساندته وكتاب الله المنزل، ما تم تحقيقه علی أرض الواقع، الذي جمع شتات العرب والمسلمين وحولهم إلی أمة، وهذه الأمة انتظمت بدستور عادل وهو القرآن الكريم، الذي ضم التشريعات والقوانين التي تغطي مساحة الحياة البشرية بكل تفاصيلها، وهذه الأمة حكمتها سلطة متمثلة برسول الله الأعظم، وكان ذلك في أخطر المراحل وأشدها صعوبة، مرحلة التأسيس والمواجهة، وإذا لم يكن مفهوم الدولة والمواطنة يعني أنه الانتظام بقانون أو دستور تحكمه سلطة، تعمل علی تطبيق القوانين بين الناس، وتنظم مفاصل حياتهم، كما تجسد ذلك في الدولة المحمدية التي أسسها رسول الله وأهل بيته ؛ فكيف يكون تعريف الدولة إذن؟!
فنجدهم يجترّون الأحاديث المعلبة ذاتها، ويبررون للفقه السلطوي الذي يبيح دمـاء الناس وأرواحهم، يمدحون حروب الفتوح، بغض النظر عن التجاوزات اللاإنسانية الفادحة!، وبغض النظر عن خزائن السلطة التي امتلأت بأموال الشعوب!(١٤)، ويمدحون معاوية ويزيد علی الرغم من بشاعة ما فعلوه بالمسلمين وبالانسانية؛ فتضج قصورهم بالجواري والسبايا والغلمان والشراب والأموال؛ فتخيل أن (أبو قيس) قرد يزيد له مكانة وكرامة وحظوة، بينما تهان مقدسات الأمة وتزهق أرواح الأولياء، وتُسفك الطفولة، ومع ذلك يسمون هذا الإجـرام دولة!.
ومن أكثر الشعوب التي قست عليها الماكنة الغربية الشيطانية، الشعب العراقي؛ فالعراق الذي اختاره الإمام علي ليكون مركز الدولة، ليخلصه من الإقصاء والتهميش، فضلاً عن معرفة الإمام بطبيعة هذه المنطقة وخصائصها الحضارية، العراق وشعبه تعرض لشتی أنواع الجور والظلم؛ فقد سلط عليه الأمويون الحجاج الثقفي الذي أوغل في تعذيبهم وتفنن في أساليب سجنهم وترويعهم(١٥)، وعلی الرغم من ذلك يتم الترويج الی قضية أنها دولة وأنه كان قائدَ دولة!. وهكذا في العصر العباسي الذي لم يسلم فيه لا إمام ولامتصوف ولاشاعر ولا كاتب ولامعلم من القتـل والتنـكيل والتمثيل بجـثامينهم، العصر الذي تكتظ فيه أزقة بغداد بالشحاذين والعيارين والشطار، العصر الذي تكون فيه لـلجارية (خالصة) السطوة والحظوة أكثر من العلماء والأولياء والتابعين!! العصر الذي يتمتع فيه القصر وسكانه والمتملقون للسلطة بالمال والثروة والنعيم، هكذا يصفون هذا العصر بأنه دولة!.
وبهذا الترويج والتزييف صنع الطامعون شعوباً ماسوشية، تخضع لمعذِّبيها، وتسلِّم لهم، وكلما ولّی نظام قاس ظالم، اشتاق إليه الشعب؛ فالمجتمع توّاق الی من يهينه ويجلده، ويحرمه، ولايبالي بقضية الكرامة؛ فقد تمت تربيته علی أن الكرامة في الدولة، والدولة تعني الظلم، وتعني تسلط فئةٍ ساديةٍ تستلذ بسفك الـدمـاء علی الأغلبية، وتحرمها حقوقها في الحياة والتعلم والتنعم والاستقرار!؛ فلا عجب ــ بعد هذا ــ أن تری الآن من يمدح الأمويين أو العباسيين أو العثمانيين أو الملكية أو البعـثية!.
هكذا تم خلق الذات المهزومة، التي وقع الشيعة فريسة لها؛ فالظلم والجور الذي تعرّضوا له كان كفيلاً بخلق إشكالية الهوية لديهم؛ فصار إخفاء الهوية والتقية أمراً مسّلماً وسلوكاً طبيعياً لديهم؛ وذلك للخلاص من الموت والملاحقة والسجون والتعذيب. لهذا وجدنا من الضروري تناول فكر الدكتور المؤمن والاطلاع علی معالجاته لهذه الإشكالية.
إشكالية الهوية الشيعية: العراق أنموذجاً
قلنا ــ آنفاً ــ إنّ أشد من تعرض الى محاولات طمس الهوية والمحاربة والملاحقة هم (شيعة العراق)؛ فبعد أن منح الإمام علي (عليه السلام) العراق الحظوة والثقل والمركزية حين جعل الكوفة مركزاً للخلافة الإسلامية؛ جاء الأمويون ليشنّوا حرباً بشعة ضد الهوية الشيعية القائمة علی اتباع علي بن أبي طالب ومحبته؛ فنقلوا الخلافة الی الشام، ولم يكتفوا بذلك، بل تفننوا في اختيار أكثر الولاة سفكاً للدماء وسلّطوه علی العراق!؛ فأعادوا العصبية القبلية وأضرموا النار بين المسلمين بحجة العرب والعجم، وجعلوا من العراق بلد الاضطرابات والفوضی علی الأصعدة كافة، بغية إقصاء الشيعة نهائياً عن التفكير في الحكم أو المشاركة في إدارة بلدهم!؛ فلم يسلم شاعر شيعي من الملاحقة والسجن، ولم يسلم عالمٌ، ولم يسلم تابعٌ، ولم يسلم قارئ، ناهيك عن مجزرة الطف التي تلتها مجازر أخری كثيرة.
وعلی نهج الأمويين سار الحكم العباسي الذي ملأ السجون بالشيعة، وملأ السراديب بجماجم الشيعة، صغاراً وكباراً وأطفالاً وشيوخاً؛ فهجّروا الأئمة، وقيّدوهم وفرضوا عليهم الإقامة الجبرية (وذلك في أحسن الأحوال)، وقطعوا ألسن أتباعهم، وقتلوهم، ومثّلوا بهم، ولم تبق وسيلة من وسائل التعذيب إلا ومارسوها ضدهم، ناهيك عن الجوع والفقر والحرمان الذي كانوا يعيشون فيه رغم الخراج الذي يجبی للدولة من شتی بقاع الأرض!.
وهكذا ظل الفرد الشيعي محارَباً علی هويته، مبعداً، مستلَب الحقوق، مكبوت الأنا، مُهجّراً، ترافقه دموع الفقد وأوجاع الفراق!. وصولاً الی الحكم العثماني الذي سلّط غضبه وطائفيته علی الشيعة؛ فكانت الفرمانات حاضرة لاعدامهم، وكأنّ هويتهم جرمٌ يستحقون عليه العقاب الأبدي!. ثم الاحتلال الانجليزي الذي أوغل في محاربة الشيعة وملاحقتهم، وحرمانهم من تولي أمورهم بأنفسهم، مع أنهم ــ وعلی مر العصور ــ هم جوهر العراق وهم مصدر خيراته، وهم جوهر هويته الثقافية والفنية، وهم مادته البشرية المتحضرة؛ ففي الوقت الذي كانت فيه القبائل الغربية تسكن الخيم؛ كان للشيعة بساتين وارفة ويد عاملة مستقرة، وثروة حيوانية منتجة، وقد أسهبت “مس بيل” في وصفها لبيئة الشيعة التي نجحت هي في التنعم بكل ملذاتها، بينما خاضت هي ودولتها والعملاء حرباً ضد الشيعة، محاوِلةً بكل الوسائل طمس الهوية الشيعية. وعلی الرغم من أن ثورة العشرين قامت بدماء شيعية، إلّا أنّ الانجليز رتّبوا الأمور كما يرغبون، مستندين علی عدم وعي الجمهور الشيعي بضرورة المشاركة في السلطة؛ فكيف يشارك في السلطة والحكم وهو ملاحق علی كلمة (الشيعة) وهو محارَب علی هويته؟!(١٦).
أما بالنسبة للحكم البعثي؛ فهو امتداد أصيل للحكم الأموي؛ فقد شرّد الشيعة وهجّرهم وصادر أموالهم، وحرمهم، وزجّهم في الحروب، وتفنّن في إقصائهم من كل الامتيازات والحقوق؛ فملأ السجون بهم، ولم يسلم أحد منه (صغار، كبار، نساء، رجال، عالم، مثقف، فنان…الخ)، كما تفنّن في طرق تعذيبهم، وارتكب بحقهم جرائم لاتخطر في بال إنس أو جن؛ فمن يتخيّل أن يعتدی علی النساء أمام أزواجهن وآبائهن؟!، وغيرها وغيرها من الجرائم؛ فصار الشيعي يخشی أن يقول: ((أنا شيعي)) حتی في منامه!؛ فقد كانت الهوية تهمة في زمن الطغاة المستحوذين!.
أما الآن؛ فالحرب علی هوية الشيعة تزيّت بزي جديد؛ فالإعلام الأموي الأمريكي يلعب لعبة جديدة؛ فبعد الحرب التي شنتها بعض الدول العربية المجاورة علی هوية الشيعة، ومحاولة إبادتهم بالمفخخات والانتحارين والتحريض، ودفع الأموال الطائلة من أجل إقصاء الشيعة وحرمانهم من المشاركة في الحكم، ومن أجل تغييب هويتهم التي أرعبت الطغاة علی مر العصور.
وبعد دخول (داعش) وإعلانهم أنهم قدِموا من أجل إبادة (الرافضة الفرس المجوس)، بعد كل هذه الويلات، وبعد الدماء الشيعية التي سالت من أجل تحرير العراق وإعادة كرامته المسفوحة وإغلاق أبوابه المفتحة للأغراب!، بعد كل ذلك؛ ابتكروا وسيلة أخری لمحاربة الهوية؛ إذ تمكّن الإعلام الأصفر من جعل الشخصيات السياسية الشيعية مساوية للتشيع!، في حين لايعد (داعش) مساوياً للسنة، ولايعد نظام صدام مساوياً للسنة، ولايُتّهم السنة بإراقة الدماء الشيعية؛ فهو منطقي جداً في هذه الجوانب، وحقّاني ومنصف، لكن مع الشيعة الأمر مختلف؛ لابد من محاربة هويتهم، لابد من طمسها؛ فكيف فلت الشيعة من بين أيدي الماكنة الشيطانية، وصار لهم وجود وقوة عسكرية تحميهم!؛ فلابد من طمس هويتهم وتغييبها!.
لقد قلنا إنّ الهوية حق من حقوق الفرد والجماعة، وعلی هذا يمتاز العراق بتعدد الهويات المحلية؛ ففيه المسيحي والصابئي والأيزيدي، والعربي (السني والشيعي) والكردي (السني والشيعي)، والتركماني (السني والشيعي)، ولكلٍّ من هذه الفئات هوية تميزها وتميز نسيجها، وقطعاً هناك خصائص مشتركة تجمعهم لتكون هوية البلد برمته، إلّا أنّ الغريب الذي لايمكن للعقل السليم أن يقبله، أنه من حق أي جماعة من الجماعات أن تحافظ علی هويتها، وأن تتحدث بها، وأن تفتخر بإيجابياتها، وأن تعلّي صوتها مطالبة بحقوقها، ولايرفض أحد ذلك؛ لأنه حق طبيعي، إلّا الشيعي لايحق له ذلك!.
فقد خلقت الماكنة الشيطانية (الصهيوــ أمريكية ــ الخليجية ــ البعثية)، خلقت حماقةً، وسوّقتها الی المجتمع الشيعي، خلاصتها أنّ قول الفرد: أنا شيعي تعني الطائفية!، في حين أنّ الذي يتحسس من هذه المفردة، ويرفضها ويحاربها، هو الطائفي البغيض!. وقد استغلت الماكنة الشيطانية فشل أغلب السياسين الشيعة في أدائهم، مع أن أصابع هذه الماكنة ممتدة في هذا الفشل، بوساطة عملائها ورجالاتها، وبوساطة الحروب التي شنوها علی العراق منذ 2003!، استغلت ذلك الفشل لضرب النسيج الشيعي، وإشعال الحرب علی هوية الشيعة من جديد!.
فماذا جنی الشيعة ليتحمّلوا كل هذا العداء والمحاربة؟! ولماذا لاينصفهم أحد؟! ولماذا لايعاملونهم بالمثل؟؛ فالشيعي صفح عن السني المتورط الذي أوغل في قتله خلال حكم البعث، والشيعي صفح عن السني المتورط الذي احتضن (داعش) وقتل أبنائه ومثّل بهم، والشيعي قد صفح عن المقابر الجماعية وعن مجازر عروس الدجيل وتكريت ووو، والشيعي هبّ مدافعاً عن أرض العراق، والشيعي قدّم خيرة شبابه دفاعاً عن الإنسان في أي بقعة عراقية!، والشيعي تُنهب أمواله وتُعطی إلی غيره، ومازال محباً للجميع، ولايحمّل إخوته وزر الحكومات، ولايحمّلهم وزر الضالين منهم.
فلماذا يلاحقونه علی هويته؟!
لماذا يريدون تغييب هويته؟!
لماذا يتنازل هو فقط دون غيره؟!
هذه الأسئلة وهذه الإشكاليات، لابد لها من معالجات وحلول تنظيرية قابلة للتطبيق، وهذا ما فعله الدكتور علي المؤمن في طروحاته عموماً، وفي كتابه “الاجتماع الديني الشيعي: ثوابت التأسيس ومتغيرات الواقع” خصوصاً.
مدرسة المفكر علي المؤمن وإشكالية الهوية
قلنا مدرسة ولم نقل فكر علي المؤمن؛ ذلك أننا ستتحدث عن مدرسة اجتماعية إسلامية حديثة بإزاء المدرسة الغربية التي تركت أثراً سلبياً علی الاجتماع الشيعي عموماً والعراقي خصوصاً، وفي هذه المدرسة الإسلامية تكون الريادة للدكتور المؤمن في تأسيس خطاب جديد، ووضع أسس كفيلة بتفكيك إشكاليات الهوية التي يعاني منها المجتمع؛ فقد ألصق متبنّوا النظرية الغربية الكثير من الاتهامات والعيوب والسلبيات بالمجتمع الشيعي، وخلطوا خلطاً عجيباً يتنافی مع المنهج العلمي.
علی سبيل المثال: علي الوردي، الذي خلط بين الديني العقدي والثقافي والأدبي والعلمي والإعلامي والاجتماعي، وحوّل الحالات الفردية إلی ظواهر اجتماعية، وراح يتحدث بمنتهی اللامنهجية واللاحيادية عن المجتمع الشيعي، ويضع استنتاجاته ويصدِّر حلولاً وضعها هو بحسب قناعاته وميوله، وتجد ذلك في كتبه “وعاظ السلاطين”، و”دراسة في طبيعة المجتمع العراقي”، و”شخصية الفرد العراقي”؛ إذ تخلو من المنهجية، وكانت طروحاته علی طريقة السرد الحكواتي. وبطبيعة الحال؛ إن الإنسان يتعلق بالحكاية ويجذبه السرد القصصي، لهذا بقيت حكاياته عالقة في الأذهان من جهة، ومن جهة أخری نال دعماً كبيراً من الغرب، الذي يعد قضية تفتيت الهوية الإسلامية وتمييعها من أهم قضاياه؛ فهي الوسيلة التي تمكنه من تحقيق أهدافه الرأسمالية في السيطرة علی البلدان الغنية، وإلی الآن يتم الترويج لأفكار الوردي، وكأنّها مسلّمات وحقائق، وليست شطحات ورؤی غير مستندة إلی دليل وإحصاءات علمية دقيقة!.
وهذا المد العلماني الغربي، يدفع الذات الشيعية يوماً بعد يوم الى مستنقع الدونية، ويشوِّه كل ما لديها من إيجابيات، ويلهث نحو الغرب ليتلقّف كل ما يصدره حتی الفضلات الفكرية والنظريات الفاشلة التي أخفقت حتی في البيئة التي نشأت فيها. وبإزاء هذا المد ظهرت مدرسة علي المؤمن الفكرية الاجتماعية، التي تمثل الخط الإسلامي الحديث، الذي يسعی الی تعزيز الذات الشيعية، وترسيخ الهوية الشيعية الإسلامية، ويزيل عنها لغط المد الأول، ليدعو بكل وضوح إلی نبذ الطائفية، ويبيِّن أن الهويات تتعدد ولا تتصادم، وأن لكل إنسان مجموعة من الهويات التي تعرّفه وتجيب عن تساؤل: من هو؟ أو من أنتَ؟
ويقدم الدكتور علي المؤمن كل السبل التي تحفظ الهوية وتحافظ علی كيان الأمة، وهو في ذلك يتناول الاجتماع الشيعي بعيداً عن الجانب الديني العقدي، وبعيداً عن التزام الفرد دينياً من عدمه، هو يتعامل مع المجتمع الشيعي علی أنه كتلة بشرية متراصة، تجمعها خصائص مشتركة، وتمتلك عناصر قوةً عديدة، تؤهّلها أن تكون أمة، ولهذه الأمة نظام اجتماعي ينظمها وتنتظم به.
هذا الطرح الواعي المتطور، يضمن لنا تحقيق ما هو غائب عن ساحتنا العربية والإسلامية ألا وهو الوحدة، وحدة الصف، وحدة الكلمة، وحدة المنظومة القيمية، وحدة الاجتماع، بغض النظر عن الحدود التي تفصل الشعوب؛ فهو يجمع القدرات البشرية تحت جناحيه بعيداً عن قضية التزامهم وتديّنهم، وهذا من شأنه أن يغيِّر فهم المجتمع الشيعي للسلطة والمشاركة فيها، ويغيِّر وجهة نظرهم تجاهها، تلك الوجهة التي فُرضت عليهم نتيجة الظلم والاضطهاد حتی صارت طبعاً فيهم. ولو نظرنا نظرة مقارنة سريعة بين الغرب العلماني والشرق الإسلامي؛ سنلاحظ أن الشائع لديهم هو (توحيد الكلمة)، وأن الشائع لدينا هو(كلمة التوحيد)، وهنا نكون بإزاء معادلة مهمة ومحورية وهي:”كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة”؛ فهذه المعادلة تتكون من دفتين رئيستين، لا تتحق فائدةٌ لإحداهما من دون تحقق الفائدة للأخری، ولا يمكن أن نجد الثمار الاجتماعية المترتبة علی كلمة التوحيد من دون أن تتحقق الدفةُ الثانية من المعادلة وهي: توحيد الكلمة.
وفي الوقت نفسه لايمكن تحقيق الفائدة المنشودة من توحيد الكلمة من دون أن تتحقق كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، ولايمكن تحقيق هذه المعادلة وتطبيقها من دون وجود عوامل مشتركة موحدة؛ فتوحيد الكلمة والاجتماع في الغرب، منحهم النجاح المادي علی حساب الروح؛ فهناك خواء روحي ينخر الحياة ويغتال فطرة الإنسان، ويحولها إلی حياة حيوانية، وهذا كله نتيجة الابتعاد عن كلمة التوحيد وتطبيقاتها. أما كلمة التوحيد في المجتمعات الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً؛ فهي حاضرة، ولكنها ــ غالباً ــ دون تفعيل وثمار اجتماعية؛ ذلك أنها تفتقد إلی توحيد الكلمة، وتفتقر إلی مفهوم الجسد الواحد والكيان الواحد.
من هنا؛ تكون أطروحة الدكتور المؤمن مهمّة ومُخلِّصة؛ فهي تزيل هذه الإشكالية الناجمة عن أسباب كثيرة، ذكرنا أغلبها آنفا، وكذلك ناجمة عن الخلط بين تديّن الفرد والتزامه من عدمه، وعلاقة ذلك بهويته، إذ وضع علي المؤمن التدين والالتزام جانباً؛ فذلك أمر خاص بين الفرد وربه، وتحدّث عن النظام الاجتماعي برمته، تحدث عن الأمة التي تمتلك عناصر قوة وتأثير، تحدث عن العودة إلی منحنی الحضارات، تحدث عن نهضة الأمة، ونهضة المجتمع المرتبطة بنقطة مركزية وهي المرجعية الدينية الشيعية، وبيّن أن المرجعيات لايمكن بأي شكل من الأشكال أن تصطدم بالدولة الشرعية ونظامها؛ بل ــ علی العكس ــ هي توجب الالتزام بالقوانين والانتظام بها وعدم مخالفتها، وهو عنصر قوة ودعم للدولة برمتها.
جعل الدكتور المؤمن عناصر قوة النظام الاجتماعي الديني الشيعي في اثني عشر عنصراً، وتأتي علی رأس هذه العناصر وأولها القضية المهدوية؛ فهو يری أن قضية انتظار الإمام المهدي(عج) قضية ميدانية حاضرة في الواقع الإسلامي الشيعي، حاضرةً كعنصرٍ فاعلٍ مؤثرٍ؛ لذلك بقيت محل استهدافٍ دائم من التيارات المناوئة للإسلام من الخارج الغربي والداخل العلماني المُتَّبِع لفكر الخارج!(١7). وستمر عليكم في الفصول الآتية هذه العناصر بالتفصيل. وبطبيعة الحال لايروق لتابع الغرب، الحديث عن عناصرِ قوةٍ واقتدار، فهو يصدّر السلبيات دوماً ويضخِّمها، ويدلِّس علی سلبيات الغرب وهشاشة واقعهم.
وبناء على ماسبق؛ فإن كتاب “الاجتماع الديني الشيعي” للدكتور علي المؤمن، يعد أهم الكتب التي عالجت إشكالية الهوية الشيعية والهوية، دون مجاملات أو تخفٍّ خلف مصطلحات رومانسية موجهة لطمس الهوية، وهو في الوقت نفسه يحمِّل كل فرد، وكل عالِم، كما يحمِّل المؤسسة الدينية، المسؤولية تجاه ما اصطلح عليه “النظام الاجتماعي الديني الشيعي” المترابط، أو لنقل هو يدعوها إلی التعامل بهذا المنطق، منطق “علم الاجتماع الديني الشيعي” الذي وضع قواعده ومعالمه، والذي يثبت أن الشيعة كتلة بشرية واحدة، عابرة الحدود، بعيداً عن إشكاليات تدين الأفراد والتزامهم، ودون الاصطدام بباقي الهويات، ودون اختراق ضوابط القوانين الوطنية والدولية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإحالات
(1) سورة الأنبياء، الآية ٩٢.
(2) السيد محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج ١٤ ص ١٣٢.
(3) سورة الحجرات، الآية ١٤.
(4) سورة التوبة، الآيتان ٩٧ـ ٩٨.
(5) المسنتون: الذين أصابتهم السنة، وهي الجوع والقحط، والعجاف: من العجف، وهو الهزال والضعف، ينظر: ابن منظور، لسان العرب، مادة “سنت”.
(6) ينظر: الثعلبي، تفسير القرآن، ج ١ ص ٣٠٣، والطبرسي، مجمع البيان، ج١٠ ص ٤٥٢.
(7) ينظر: الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج ٢ ص ٢٥٢.
(8) المصدر السابق، ج ٢ ص ١٣٤.
(9) المصدر السابق نفسه.
(10) ابن الأثير، الكامل في التأريخ، ج١، ص ٤٠٤.
(11) سورة قريش، الآيات ١-٤.
(12) سورة الفيل، الآيات ١-٥.
(13) سورة الأنفال، الآية ٢٦.
(14) ينظر: د. علي الوردي، وعاظ السلاطين، ٢١٠- ٢١٧.
(15) ينظر: د. أمل الأسدي، أبو جلدة اليشكري، ٢٤-٢٧.
(16) لمزيد من الاطلاع مراجعة كتاب: العراق في رسائل المس بيل، ترجمة جعفر الخياط.
(17) ينظر: د. علي المؤمن، الاجتماع الديني الشيعي، ص ٢٠٤- ٢٠٩.