19 أبريل، 2024 7:52 م
Search
Close this search box.

المغنية والكاتبة سحر طه ترحل تاركة رسائل شوقها وحنينها لبغداد

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص / واشنطن – كتابات

توفيت الفنانة والكاتبة العراقية سحر طه منذ قرابة االجمعة في مستشفى هنري فورد بميشيغان الأمريكية عن عمر يناهز الـ 61 عاماً بعد صراع طويل مع مرض السرطان، فيما بدأت عائلتها الاجراءات اللازمة لنقل جثمانها إلى بيروت.  

الراحلة من مواليد بغداد اصيبت بالسرطان مرتين الأولى في العام 2003 والثانية 2006، لكنّها تمكّنت من هزيمته، لتعود معركتها مع الخبيث في العام 2011 وظلّت تتلقّى علاجها الكيميائي في الولايات المتحدة إلى حين وفاتها أمس.

والمغنية العراقية المقيمة منذ نحو عشرين عاما في لبنان سحر طه برعت في اداء الموروث الغنائي البغدادي الى جانب الموروث الغنائي العربي واللبناني، غير انها لا تعتبر ذلك تكريسا لصورة المغنية المحترفة، ولا ترى ان الغناء سيكون الشكل الوحيد لتاثيرها في تظاهرات موسيقية عربية عدة تشارك فيها، فهي تكتب النقد الموسيقي ولها آراء مهمة في توسيع دائرة الثقافة الموسيقية تنشرها في صحيفة “المستقبل” اللبنانية ومنابر أعلامية عربية اخرى.

وعن بداياتها في العراق وعن علاقتها بالغناء والنقد الموسيقي كان للكاتب والصحافي العراقي علي عبد الأمير هذا الحوار مع سحر طه.

ما الفكرة في تحولك من البحث والنقد الى الغناء؟
لم اتحول وانما العكس هو الصحيح، فانا درست الموسيقى والغناء قبل ان ابدا الكتابة في النقد والبحث الموسيقي، وانا نتيجة دراستي وممارستي الطويلة منذ العام 1986 للغناء جعلت لدي الحس النقدي، كذلك انا ابنة شاعر ونشات في جو ادبي وفني، ومنذ طفولتي كانت الكلمة جزءا اساسيا من تكويني، لذا جاء النقد متمما ومكملا للغناء.
ولكن تحصيلك الدراسي لم يكن له علاقة بالموسيقى والغناء؟
دراستي الاولى في بغداد هي ادارة الاعمال، ولم تكن حسب رغبتي وانما بحسب رغبة الاهل غير ان امالي ظلت في دائرة الموسيقى، وكنت احلم ان اكون عازفة على الة الاوكورديون، لكن لم تكن لي الجرأة حين وصلت مرحلة دراستي الجامعية ان اطلب من الاهل الدخول الى المعهد الموسيقي، كما لم يكن في العائلة احد له علاقة بالموسيقى والغناء، وفي المجتمع العراقي لم تكن النظرة الى المغنى او المغنية نظرة حصيفة بل هي نظرة تقارب “العيب” و “الحرام”.

بعد انتقالي مع زوجي اللبناني سعيد طه الذي كان يدرس معي في الجامعة المستنصرية في بغداد، الى بيروت العام 1980، كان يعلم رغبتي الشديدة في دراسة الموسيقى والفنون وكان يشجعني على دخول ميدان الفنون الجميلة لدراسة الرسم والتشكيل، وبعد ثلاث سنوات لم استطع مقاومة الرغبة في الدهول الى المعهد الموسيقي الوطني في لبنان ودراسة العود والغناء فيه وعملت الحرب الاهلية اللبنانية على توقف الدروس النظامية، والى جانب ذلك انغمست في واجباتي العائلية ما دفعني الى الاستعانة بموسيقيين لبنانيين كبار لاكمال دراستي معهم، مثل الراحل سعيد سلام عازف العود الشهير، ودراسة “تركيز الصوت” على يد الموسيقية بديعة حداد ابنة الراحل وديع صبرا صاحب النشيد الوطني اللبناني.

تعرفين ان الموسيقى والغناء لا يعتمدان الدراسة الاكاديمية فقط، فثمة الخبرات المكتسبة من الانغماس في الحياة الموسيقية من حفلات ومهرجانات، كيف تحولت سحر طه موسيقيا من الجانب الاكاديمي الى ميدان العلاقة المباشرة مع المتلقي؟

-اثناء الدراسة وفي العام 1984 بدات في تاسيس فرقة موسيقية تراثية مع الفنان نبيه الخطيب، وكانت الفرقة معنية بالتراث الغنائي العربي “الموشحات والادوار” وفي اطلالة للفرقة العام 1986 قدمنا 24 عملا لسيد درويش ضمت ابرز ملامح انتاجه الموسيقي الذي اعتبر اولى خطوات التحديث في الموسيقى العربية.

تبعت ذلك امسيات عدة للفرقة اذكر اهمها، احياء حفل افتتاح مكتب الخطوط الجوية الاردنية “عالية” في بيروت بحضور الملك الراحل الحسين بن طلال 1986.

وبسبب ظروف الحرب توقفت اعمال الفرقة لكن الاصرار كان موجودا، فاسسنا فرقة جديدة “فرقة التراث اللبناني” ومن اسمها فهي تعني بالتراث اللبناني، وبدانا التنقيب عن الاعمال الموروثة الاصلية في القرى اللبنانية لنصل الى تقديم الالحان الاصلية على المسرح، وفي الفترة ذاتها كنت افضل العمل الجماعي، فالعمل الموسيقي التراثي قريب الى الحس الجماعي منه الى الفردي غير ان وطاة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال الحرب وانحسار التاثير الفني جعلتني اختار العمل الانفرادي، وبعد اختيار ومران وعلاقة مع كل من الانواع الغنائية مصريا ولبنانيا وجدت ذاتي في اللون العراقي فذلك اصدق مع ذاتي ومع الجمهور.

ما الرسالة التي كنت بصدد نقلها بعد اصدارك اسطوانة “بغداديات” اهي رسالة حنين شخصية للعراق، ام هي تعبير عن وجدان عراقي في الغربة؟ ام تعريف بفن تكاد تخفت معالمه؟
هي كل الذي ذكرته في السؤال، هي حنين شخصي لدي ولدى كل عراقي، والاسطوانة وكما لاحظت، فيها محافظة على الاصل الغنائي ودون اضافات فهي عندي تشوه الاصل وانا حين انقل بامانة لا ازايد على اولئك الذي ابدعوا الالحان ولست افضل منهم، وارى ان تسمع الاجيال الجديدة، هذه الالحان كما كانت مع الاتها الموسيقية القديمة “الجوزة” و “السنطور” الفضل من تقديمها باشكال جديدة تفقد الاصل عناصره المهمة، كما انني قصدت اظهار الغناء الموروث كي لا يذهب ادراج الرياح، حتى وان كانت محاولتي تاتي عبر صوتب المتواضع، فانا اعرف صوتي متواضعا قياسا باصوات المغنيات الكبيرات، سليمة مراد، لميعة توفيق، زهور حسين، زكية جورج وغيرهن.

اللبناء اللحني

كناقدة موسيقية كيف ترسمين مشهد الغناء العربي اليوم؟

– المشهد اليوم مختلف عما كان عليه قبل نصف قرن حين كانت مقاييس الصوت والبناء اللحني والمقام العربي هي الشغل الشاغل لفناني تلك الايام، تلك المقاييس انسحبت وثمة اولويات غيرها الان، ومباديء اخرى لانتاج الغناء، فالصورة هي العنصر الاول على حساب النغم، وضخامة الموسيقى وضجيجها هما الشغل الشاغل لملء الاسماع بدلا عن التدرج المقامي واصبحت عناصر التوزيع الموسيقي اهم من اللحن ذاته، وكل من يرغب الغناء يستطيع دخول الميدان فمع تقنيات التسجيل الصوتي المتطورة في “السيكوينسر” يمكن اصلاح ما فسد في الصوت، المشهد الغنائي اليوم “مثير” و “ملتهب” وراقص ويبدو ان هذه الملامح يحاول طرف ما تثبيتها على انها ملامح الغناء الذي يريده جيل اليوم، غير انني وبحسب خبرتي في العلاقة مع الجمهور وعبر حفلاتي تاكدت من ان هذا الجيل سيسمع بحب ما تعطيه له بصدق من الوان الغناء العربي الاصيلة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب