19 أبريل، 2024 11:17 ص
Search
Close this search box.

المشاركة السياسية للمرأة بعد عملية التغيير السياسي في اليمن

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ مجموعة باحثين في العلوم السياسية
· رانيا نادي محمد حسين

· ماجدة أحمد مصطفي

· وردة تامر فاوي

· ياسمين أبو الحجاج

مقدمة

تمثل المشاركة السياسية أرقى تعبيرات الديمقراطية لأنها تقوم علي مساهمة المواطنات والمواطنين في التصرف في قضايا المدينة، أو الحي، أو المؤسسة، وتعتبر فضلاً عن ذلك من الآليات الضرورية للتعبير عن إرادة المواطنات والمواطنين، وتكريس سيادة الشعب، وأيضا تعتبر المشاركة السياسية هي أساس الديمقراطية ومظهر أساسي من مظاهر المواطنة ومن أهم مكونات الدولة الوطنية الحديثة التي تميز بين الأنظمة السياسية الديمقراطية التي تقوم علي المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وبين الأنظمة الشمولية أو الاستبدادية التي تقوم علي احتكار السلطة من قبل مجموعة معينة.(1)

وتندرج المشاركة السياسية في إطار التعبير السياسي الشعبي وتسيير الشأن السياسي من قبل كل أطراف المجتمع من رجال ونساء، وخاصة في المراحل الإنتقالية التي تشهد تحولات سياسية جوهرية، ومن هذا المنطلق يعتبر دور المرأة له أهمية في عملية المشاركة السياسية باعتبارها تمثل نصف المجتمع، كما إنها تشغل نصف السكان في المجتمع اليمني أيضا، لذلك استطاعت المرأة اليمنية أن تعبر عن رأيها السياسي بظهورها بشكل لافت في الثورة اليمنية2011 جنبا إلي جنب مع الرجل، حيث كانت تقوم بدور ريادي في قيادة المظاهرات والمسيرات السلمية وتنظيمها، ورابطت في خيام الإعتصام التي نصبت في ساحات وميادين الحرية والتعبير في كافة المحافظات، وشاركت بحملات التوعية بضرورة وأهمية التغيير السياسي في البلاد، فكانت المرأة اليمنية هي أيقونة هذه الثورة ورمزها الحضاري وكان المجتمع الدولي شاهدا علي ما قدمته من ملاحم، لذا كان من الملح أن يكون لها دور في الحياة السياسية بعد الثورة يختلف عن مرحلة ما قبل الثورة بالرغم من المعوقات التي واجهتها في كلا الفترتين وهذا ما ستتناوله الدراسة في جل مباحثها.

أهمية الدراسة

الأهمية النظرية

من خلال دراسة موضوع المشاركة السياسية نجد ان معظم الباحثين قد ارتكز فكرهم حول هيكل المشاركة السياسية وشكلها ومستوياتها وعلاقتها بالمفاهيم الأخرى مثل التنمية السياسية والثقافة السياسية وتتمثل الاهمية النظرية في دراسة اطار جديد من اطر المشاركة السياسية وهو المشاركة السياسية للمرأة اليمنية في الحياة السياسية في فترات متباينة، كذلك تسهم الدراسة نظريا في تعميق الفهم لدي المهتمين بالشأن السياسي وصناع القرار بدور المرأة في الحياة السياسية وأثر ذلك علي تقدم ورفعة المجتمع باعتبار ذلك جزء من مظاهر المواطنة والمساواة.

الأهمية العملية

تكمن اهمية الدراسة في الرغبة في الاثراء العلمي بشأن المشاركة السياسية للمرأة اليمنية قبل الثورة والرغبة في توضيح تأثير الثورة اليمنية علي دور المرأة في الحياة السياسية بعد الثورة والرغبة في معرفة العقبات التي كانت تحول دون مشاركة المرأة في الحياة السياسية في كلا الفترتين وبالتالي الرغبة في حل تساؤلات الدراسة.

المشكلة البحثية للدراسة وتساؤلاتها

تهدف الدراسة إلي توضيح المشاركة السياسية للمرأة اليمنية بعد عملية التغيير السياسي في اليمن وذلك بالمقارنة بمرحلة ما قبل هذا التغيير السياسي، وذلك لمعرفة إن كان لهذا التغيير السياسي أثر علي المشاركة السياسية للمرأة اليمنية أم لا، وتتمحور المشكلة البحثية للدراسة في تساؤل رئيسي مفاده: كيف أثرت عملية التغيير السياسي في اليمن علي دور المرأة في الحياة السياسية؟

ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي التساؤلات الفرعية التالية:

1-ما هو دور المرأة في الحياة السياسية قبل عملية التغيير السياسي في اليمن؟

2-إلي أي مدي أثرت مشاركة المرأة في عملية التغيير السياسي في اليمن؟

3-ما هي مظاهر المشاركة السياسية للمرأة بعد عملية التغيير السياسي في اليمن؟

4- ما هي المعوقات التي واجهت المرأة في مزاولة نشاطها السياسي في تلك الفترات؟

الإطار الزماني والمكاني

الإطار الزماني

تتراوح الفترة الزمنية محل الدراسة من العام 2006 وذلك لان الدراسة تعمل علي مناقشة مشكلة المشاركة السياسية للمرأة في المجتمع اليمني وذلك لان هناك نظام انتخابي لا يحقق مشاركة سياسية للنساء حيث تنص بعض التقارير ان المرأة استثنت من انتخابات 2006 وقد كان هناك تقويض لعدالة العملية الانتخابية وكذلك لم تقم الانتخابات علي اسس ديمقراطية ، وتصل الفترة الزمنية الي 2016 مرورا بثورة التغيير في 2011 في اليمن التي حينها ازدادت المشاركة السياسية للمرأة في الحياة السياسية بشكل عام ثم نتطرق الي 2016 حتي نتمكن من معرفة اهم فعاليات المرأة في هذه الفترة المحددة.

الإطار المكاني

لقد تم اختيار جمهورية اليمن وكانت تلك الفترة (2006_2016) هي محل الدراسة نظرا لان هناك العديد من الاحداث السياسية حدثت في تلك الفترة وذلك لان اليمن يعد مجتمع ذكوري يلغي وجود المرأة قدر الامكان ويعمل علي تهميشها في الحياة السياسية.

منهج الدراسة

يقصد بالمنهج الطريقة العلمية الممنهجة التى يتبعها الباحث فى دراسة موضوع ما للوصول إلى قانون عام ولمعالجة موضوع الدراسة سيتم الاستعانة بالمنهج المقارن الذى يعتمد على المقارنة فى تفسير الظواهر المماثلة من حيث ابراز أوجه التشابه وأوجه الاختلاف فيما بينهما وفق خطوات بحث معينة من أجل الوصول للحقيقة العلمية بشأن الظواهر محل الدراسة والتحليل فيركز هذا المنهج من البحوث على مقارنة جوانب التشابه والاختلاف بين الظواهر الاجتماعية لغرض اكتشاف أى العوامل أو الظروف التى تصاحب حدوث ظاهرة اجتماعية أو ممارسة معينة(2)، وتطبيقاً على الدراسة سنقارن بين دور المرأة اليمنية في الحياة السياسية في فترة ما قبل الثورة، وفترة ما بعد الثورة، وذلك للتوصل في النهاية إلي أوجه التشابه والاختلاف في دور المرأة السياسي في تلك الفترتين.

مفاهيم الدراسة

الثورة :هناك الكثير من التعريفات للثورة منها الآتى:

الثورة:

عملية تغيير جذرى يتم لهدم النظام القديم الذى ثار الناس ضده والشروع فى بناء نظام آخر يحل محل القديم وذلك مع الأخذ فى الاعتبار الفارق بين هدم النظام الحاكم وبين هدم الدولة.(3)

وفي اللغة العربية استخدام التعبير لوصف تحركات شعبية من أنواع عدة مثل” ثورة الزنج” وثورة القرامطة وقد استخدمها عرب القرن العشرين المتأثرين بثورات عصرهم لفهم الماضي بمفاهيم الحاضر، وفى محاولة للارتباط بتراث ثوري مفترض يكتب كأنه سيرورة نضال الطبقات المضطهدة فكما يوجد ثورة الزنج والقرامطة يوجد ثورة عمال المختار وثورة الريف بقيادة محمد عبدالكريم الخطابي وثورة الجزائر والثورة الفلسطينية وثورة 23 يوليو بقيادة جمال عبدالناصر.

إن أقرب كلمة إلى مفهوم الثورة المعاصرة هي “الخروج” بمعنى الخروج لطلب الحق فهو خروج من البيت إلى الشارع أو الميدان طلبا للحق أو دفعا للظلم وهنا مغادرة الصبر والشكوى والتدمير وحالة عدم الرضا فى الحيز الخاص وحملها إلى الخير العام.(4)

المفهوم اللغوي لمصطلح الثورة

في اللغة اللاتينية تعني كلمة الثورة بمعناها اللاتيني الدقيق “مظهرة الحركة الدائرية للنجوم” والكلمة لا تشير إلى العنف، بل تشير إلى حركة دائرية متكررة وإن مصطلح الثورة مصطلح فلكى الأصل اكتسب أهمية متزايدة من خلال العالم الفلكي “نيكولاس كوبز نيكوس” ونشأ أصل الكلمة في علم الفلك، واستخدم على سبيل التشبيه فى السياسة، وظل مصطلح الثورة يعنى حتى القرن ال19 اضطرابا شعبيا فقط وإنها اتخذت معناها السياسي قبل عام 1798، عام اندلاع الثورة الفرنسية بمدة وجيزة.(5)

المشاركة السياسية

تتأسس المشاركة السياسية كمفهوم عرفي على الاعتراف بالحقوق المتساوية للجماعات والأفراد في أدوار شؤونهم والتحكم بمصائرهم وعلى قبول الآخر واعتباره كامل الأهلية والإنسانية بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو العرق أو اللون ويشمل مفهوم المشاركة السياسية مجمل النشاطات التي تهدف إلى التأثير على صانعى القرار السياسى (كالسلطة التشريعية والتنفيذية والأحزاب) وتأتى أهمية المشاركة السياسية في هذه الأشكال المختلفة في مواقع صنع القرار ومواقع التأثير في كونها تمكن الناس من الحصول على حقوقهم ومصالحهم أو الدفاع عنها. الأمر الذى يعطيهم في النهاية قدرة للتحكم بأمور حياتهم والمساهمة في توجيه حياة المجتمع بشكل عام.(6)

المشاركة السياسية

يقتضى الاقتراب من مفهوم المشاركة السياسية توضيح المقصود بمصطلح المشاركة السياسية بصفة عامة تمهيدا لطرح مفهوم المشاركة السياسية فالمشاركة السياسية قد تعنى أي عمل تطوعي من جانب المواطن بهدف تأثير غلى اختيار السياسات العامة وإدراك شئون العامة أو اختيار حكومي أو محلي أو قومي. وهناك من يعرفها على أنها عملية تشمل جميع صور اشتراك أو اسهامات المواطنين في توجيه عمل أجهزة الحكومة أو أجهزة الحكم المحلى أو المباشر للقيام بالمهام التي يتطلبها المجتمع سواء كان طابعها استشاريا أو تقريريا أو تنفيذيا أو دفاعيا وسواء كانت المساهمة مباشرة أو غير مباشرة وهى قد تعنى لدى البعض الجهود التطوعية المنظمة التى تتصل بعمليات اختيار القيادات السياسية وصنع السياسة ووضع الخطط وتنفيذ البرامج والمشروعات سواء على المستوى المحلي أو القومي كما قد تعني تلك الجهود المشتركة الحكومية والأهلية فى مختلف المستويات لتعبئة الموارد الموجودة أو التي يمكن إيجادها لمواجهة الحاجات الضرورية وفقا لخطط مرسومة وفى حدود السياسة الاجتماعية للجميع.(7)

الديمقراطية

الديمقراطية لفظا مشتقة من اليونانية وهى من اجتماع كلمتين تعنى وعن طريق نظام حكم فتصبحDemocratia أى حكم عامة الناس (حكم الشعب) والديمقراطية اصطلاحا يمكن استخدامها بمعنى واسع لوصف مجتمع حر وكشكل من أشكال الحكم هي حكم الشعب لنفسه بصورة جماعية وعادة ما يكون ذلك عبر حكم الأغلبية وعن طريق نظام التصويت والتمثيل النيابي.(8)

الدراسات السابقة

سيتم تقسيم الدراسات السابقة إلى عدة مجالات:

1- الدراسات التى تناولت المشاركة السياسية للمرأة اليمنية قبل ثورة2011

أ-عمرو بن معد يكرب حسين الهمدانى، المرأة اليمنية فى التراث والتاريخ

تقوم هذه الدراسة بإلقاء الضوء على أوضاع المرأة اليمنية ومكانتها على كافة المجالات والأصعدة ومدى مشاركتها فى الحياة ونظرة المجتمع إليها عبر مراحل التاريخ وكما تعرض بعض الشخصيات النسائية اللاتى كان لهن أدوار بارزة فى المجتمع اليمني.(9)

ب-منصور محمد المنتصر، الحياة السياسية للمرأة اليمنية ووسائل الاعلام

تنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة أبواب يتضمن الباب الأول دراسة نظرية لوضع المرأة اليمنية وواقعها السياسى قبل الوحدة وبعدها، والمراحل التى خاضتها لنيل حقوقها السياسية والقانونية مع أبرز المعوقات، بينما جاء الباب الثانى تحت عنوان الاعلام اليمنى ودوره فى توعية المرأة بحقوقها السياسية، أما الباب الثالث فيتناول دور وسائل الاعلام فى توسيع المشاركة السياسية للمرأة اليمنية.(10)

جـ- إيمان عمر عيظة، أثر المتغيرات الاجتماعية على الدور السياسى للمرأة اليمنية “دراسة سوسيولوجية ميدانية فى محافظة حضرموت: مدينة المكلأ نموذجاً”

تسعى هذه الدراسة إلى التعرف على المتغيرات التى تعمل على تحديد مستويات المشاركة السياسية للمرأة، وموقف المجتمع من مشاركتها والكشف عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لبعض النشاطات السياسيات من النساء، وطبيعة الحقوق السياسية للمرأة اليمنية من خلال تسليط الضوء على المراكز القيادية السياسية التى احتلتها ومعرفة أسباب عزوفها عن المشاركة السياسية.(11)

د- معد يكرب حسين الهمدانى، المشاركة السياسية للمرأة اليمنية

تناقش هذه الدراسة الآليات التى يمكن من خلالها تواجد نشاط واسع لمشاركة المرأة فى المعترك السياسى للدفاع عن حقوق المرأة فى كافة المجالات، التعرف على المعوقات التى تواجه المرأة فى مزاولة نشاطها السياسى كما تحاول التعرف غلى نوعية المراكز القيادية التى تشغلها المرأة فى المجتمع اليمنى.(12)

هـ- أسهام عبداللة محمد الارياني واخرون، المشاركة السياسية للمرأة اليمنية في المجالس المنتخبة في الفترة من(1993-2003).

تسعي هذه الدراسة الي التعرف علي علاقة العملية الديمقراطية بقضية المشاركة السياسية للمرأة اليمنية ودور الاحزاب السياسية في دعم وتكمين المرأة سياسيا لأنه برغم من دعوة جميع الاحزاب الي دعم المرأة وضمان حقها في المشاركة السياسية كناخبة ومرشحة علي قدم المساواة مع الرجل فأن الممارسة العملية تعكس غير ذلك، وكذلك تسعي الدراسة الي التعرف علي مدي تأثير المتغيرات الاجتماعية السائدة في المجتمع اليمني والتعرف علي نمط المشاركة السياسية للمواطن اليمني والتعرف علي مدي تأثير المستوي الاقتصادي والتعليمي والقانوني علي مشاركة المرأة اليمنية.(13)

و- مجاهد صالح سعد الشعبي، الحقوق المدنية والسياسية للمرأة اليمنية.

تناقش هذه الدراسة الجدل الدائر بين الآراء التي بعضها يقر بأن المرأة اليمنية قد حصلت علي حقوقها المدنية والسياسية كاملة ومن يقول بأنها لم تحصل عليها بشكل المفترض ان تكون علية تلك الحقوق ومن هنا فأن ذلك يثير جدلا حول تمكين المرأة اليمنية من خلال اعطائها حقوقها السياسية كاملة غير منقوصة ومن ذلك يتضح لنا ان الدراسة تحاول توضيح اهم الحقوق السياسية والمدنية التي حصلت عليها المرأة في الآونة الاخيرة.(14)

ل-خديجة عبد الكريم راجح واخرون، المشاركة السياسية للمرأة في الاحزاب السياسية .

تهدف هذه الدراسة الي التعرف علي المشاركة السياسية للمرأة اليمنية في الحياة السياسية والحزبية والعوامل التي دفعتها الي ذلك، والتعرف علي اثر المناخ السياسي والديمقراطي والعوامل الاجتماعية والاقتصادية علي مشاركة المرأة، وتهدف ايضا الي التعرف علي حقوق المرأة السياسية في الدستور وقانون الاحزاب والانتخابات اليمني.(15)

2- الدراسات التي تناولت المشاركة السياسية للمرأة أثناء ثورة 2011

أ- سماح بن عبادة، حلم اليمنيات بكسب حقوقهن السياسية بعد الثورة وئد فى مهده

تركز الدراسة على الاسباب التي جعلت المرأة اليمنية تخرج لثورة التغيير اليمنية فالمرأة اليمنية لا تختلف كثيرا عن نظيراتها فى الدول العربية التى شهدت ثورات ما يسمى بالربيع العربى من حيث مساهمتها فى الحراك الثوري وتواجدها في الصفوف الامامية من المظاهرات وذلك لعدة أسباب منها:

-الرغبة فى تنحي الديكتاتورية وبالتغيير.

-الرغبة فى التمتع بالحقوق وتحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

-حلمها بمستقبل افضل يخلو من مظاهر التهميش ومن مظاهر الفقر المدقع ومن الزواج المبكر ومن الامية ومن التبعية للرجل.

-تحمل المرأة الكثير منذ ولادتها معاناة صعبة فتحرم من التعليم كأقرانها الذكور حيث كان هناك فوارق في التعليم والمستوى الدراسى بينها وبين الرجل.(16)

ب- آلية بجاش، وآخرون، المرأة اليمنية أثبتت قدرتها وطموحها للاطالة على العالم والانفتاح نحو مظاهر الحياة المختلف

لعبت المرأة اليمنية دورا مشرفا فى مراحل الكفاح الوطنى المسلح ضد الاحتلال البريطانى الذي شهده جزء غال من الوطن وبفضل نضالها الدؤوب والمضنى استطاعت الانسلاخ تدريجيا من عباءة الاعراف الموروثة من قبل الاستعمار المستبد لتكون الى جانب الرجل فى مراحل الكفاح المختلفة ضد هذا الاحتلال مما يعنى ان دور المرأة لم تكن بدايته 2011 وانما كان قبل ذلك من خلال لعبها دورا هاما لا يقل أهمية عن الدور الذى لعبته فى ثورة 2011 فالمرأة اليمنية من أعظم النساء ول تفرط فى حقها يوما ما بل طالبت بكل حقوقها بدون خوف أو قلق.(17)

ج- تقرير البنك الدولي وضع المرأة اليمنية: من الطموح إلى تحقيق الفرص

على الرغم من تزايد فرص الحصول على التعليم إلا انها مازالت محدودة بالنسبة للاطفال في اليمن، ويشكل ذلك عبئا علي كاهل مستقبل البلاد وسيتطلب الحاق الفتيات والأولاد فى اليمن بنظرائهم حول العالم تحقيق تقدم على عدة جبهات هذا بالاضافة إلى التعليم النظامي فالتحديات المتمثلة في انتشار الفقر والجوع وارتفاع معدلات الخصوبة والنمو السكانى السريع وتدنى مستوى توفر معظم الخدمات الاساسية والمعوقات المتعلقة بالتقاليد تتفاعل مع بعضها البعض حيث تشكل عوائق اساسية ايضا وخصوصا بالنسبة للفتيات.(18)

الدراسات التي تناولت المشاركة السياسيىة للمرأة اليمنية بعد الثورة2011

أ- نهال ناجي العولقي، دور النساء في التحول السياسي في الجمهورية اليمنية (التحديات والمنجزات).

تتناول هذه الدراسة المشاركة الفعالة للمرأة اليمنية في الثورة2011 وفي فترة ما بعد الثورة، والمراحل التي مرت بها هذه الفترة وذلك من مشاركة ملحوظة للمرأة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وفي صياغة الدستور الجديد، وفي تولي بعض الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، وما واجهته المرأة اليمنية من تحديات وعقبات وما حققته من منجزات في تلك المراحل.(19)

ب- هدي علي علوي، واقع المرأة اليمنية(الفرص والتحديات)

تناولت هذه الدراسة دور وفعالية الحراك النسوي في تمكين المرأة وتبني قضاياها بشكل عام، وقامت بوصف واقع النساء في اليمن ومشاركتهن في الثورة، وما حققن من مكاسب، والتحديات التي تتعرض مسيراتهن الكفاحية وخاصة التحديات التي تتعلق بالأحزاب والتيارات الدينية والتي ما بين مؤيد ومعارض لمشاركتهن السياسية، وأيضا التحديات التي تتعلق بتمييز الرجل علي المرأة وعدم تحقيق التساوي بينهم في معظم الحقوق المختلفة.(20)

ج- خديجة شريف وآخرون، الثورات العربية: أي ربيع للنساء

يتناول هذا التقرير مظاهر مشاركة المرأة في ثورات الربيع العربي ومن بينها مشاركة المرأة اليمنية في ثورة التغيير2011، ومن هنا تناول التقرير تاريخ مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية قبل وبعد الثورة، ومدي تمثلها في الحكومة والبرلمان والمجالس المحلية والقضاء، وتناول أيضا حقوق المرأة في الدستور، والقوانين التمييزية التي تعيق المرأة في المشاركة في الحياة السياسية.(21)

د- المشاركة السياسية للمرأة اليمنية-حضور له جذور

تناولت هذه المقالة تاريخ وجذور المشاركة السياسية للمرأة اليمنية مرورا بالملكة بلقيس والملكة سيدة بنت أحمد الصليحي والمعروفة (بالملكة أروي)، ومرورا بالثورة اليمنية سبتمبر(1962-1963 )ن وصولا إلي مشاركتها الفعالة في ثورة التغيير 2011 ، وتناولت أيضا مشاركتها بعد الثورة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وصياغة دستور البلاد الجديد ونسبة تمثيلها في الحكومة الجديدة.(22)

المبحث الأول – المشاركة السياسية للمرأة اليمنية قبل ثورة2011

تعد المشاركة السياسية حق إنساني ووطني تشكل شخصية المواطن داخل المجتمع بالدرجة الأولى ولذا تعتبر مقياس لتقدم المجتمعات أو تأخرها، ومن هذا المنطلق يعتبر دور المرأة له أهمية فى المشاركة السياسية باعتبارها تشكل نصف المجتمع كما أنها فى المجتمع اليمنى تمثل نصف السكان لذا لابد من اشراكها فى العملية السياسية باعتبارها جزء لا يتجزأ من البناء الاجتماعى فى اليمن، فمن خلال هذا المبحث سنحاول التعرف على دور المرأة اليمنية فى الحياة السياسية وحقوقها فى الدستور اليمنى والقوانين وكذلك المعوقات التى تواجهها فى مزاولة نشاطها السياسي.(23)

المطلب الأول- دور المرأة اليمنية فى الحياة السياسية قبل ثورة 2011

تشير المؤشرات والاحصائيات إلى تدنى مشاركة المرأة اليمنية فى مختلف المجالات السياسية قبل ثورة 2011 سواء فى تمثيلها فى المجالس النيابية المنتخبة أو فى مؤسسات المجتمع المدنى، وكذا فى شغل المواقع القيادية والمناصب العليا فى الدولة أو نسبة تمثيلها فى السلك الدبلوماسى.(24)

الانتخابات الرئاسية والمحلية لعام 2006م

استمر تهميش المرأة اليمنية فى الانتخابات الرئاسية والمحلية لعام 2006م، فقد فشلت ثلاث مرشحات للانتخابات الرئاسية فى الحصول على الدعم اللازم للترشح من قبل مجلسى النواب والشورى. وإلى ذلك جاءت المؤشرات الأولية لترشيحات المجالس المحلية لتكشف الوضع الهامشى للمرأة فى اليمن، اثر اغلاق باب الترشيحات فى نهاية أغسطس. وقد بلغ عدد النساء المرشحات للانتخابات المحلية 168 امرأة فقط من بين اجمالى 19 ألف و223 مرشحاً يتنافسون على حوالى ستة آلاف مقعد، وعبرت الناشطات السياسيات عن غضبهن فى مظاهرة سياسية قبيل اغلاق باب الترشح.(25)

وقد اتفقت أحزاب المعارضة فى ذلك الوقت على أن تدخل ببرنامج انتخابى مشترك فى الانتخابات الرئاسية والمحلية فى 20 سبتمبر 2006 وقد وعدت أن تجعل للمرأة 30% من مرشحيه فى المجالس المحلية، أما حزب المؤتمر الشعبى العام فقد وعد 15% من مرشحيه وقد تولى اتحاد نساء اليمن التنسيق والتواصل مع الأحزاب وقام بتدريب واعداد 200 مرشحة منتميات لمختلف الأحزاب ومستقلات ولكن عند بداية الترشيح فجعت النساء المنتميات إلى الأحزاب بنكث الأحزاب لوعودهم.

وقد توصل تقرير البعثة الأوربية للرقابة على الانتخابات الرئاسية والمحلية سبتمبر 2006م إلى حقيقة أن المرأة اليمنية استثنيت بشكل شامل من انتخابات 2006، ويصل التقرير إلى نتيجة مفادها أن تعزيز الدور الهامشى للمرأة فى السياسة اليمنية بنتائج انتخابات المجالس المحلية حيث كانت نسبة المرشحات الفائزات تعادل % 0.5فقط من اجمالى الفائزين. وبهذا فتقرير البعثة الأوربية يؤكد على واقع غياب المشاركة السياسية للنساء فى المجالس المحلية.(26)

مشاركة المرأة فى المنظمات والمؤسسات المدنية:

تتواجد المرأة اليمنية فى الكثير من المنظمات والمؤسسات الأهلية كعضو نشط فى الصفوف الدنيا رغم تدنى نسبة تواجدها فى الهيئات القيادية لهذه المنظمات المدنية. إذ يتضح أن نصيب النساء فى هذه المواقع لا تتعدى نسبته 6% وقد ظهر عدد من منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال المرأة والتى تقتصر ادارتها وموظفوها على النساء وارتفع عددها إلى 87 منظمة وجمعية تتركز أنشطتها فى المدن الرئيسية ماعدا اتحاد نساء اليمن الذى تمتد أنشطته إلى كل فروع المحافظات وإلى مديريات مختلفة.

وتواجد المرأة اليمنية فى المواقع القيادية العليا مازال متواضعاً، حيث نجد أن تمثيلها فى مجلس ادارة المنظمات لا يتعدى 14.7% وتزيد تلك النسبة فى الوظائف الثابتة حيث تصل النسبة إلى 39.9% أما فى العمل التطوعى فإن النسبة لاتزيد عن 29.1% وفى الاجمال فإن تواجد المرأة فى هذه المنظمات يدل على رغبة المرأة اليمنية فى القيام بأدوار لصالح المجتمع.

تمثيل المرأة فى الأحزاب السياسية:

تبين الاحصائيات أن عدد النساء اللواتى يتولين مراكز فى قيادات الأحزاب اليمنية بلغ 259 امرأة من اجمالى 12975 فى كافة الأحزاب وبنسبة2% وهذه النسبة لا تعكس الحجم الحقيقى للنساء داخل المجتمع أو داخل الأحزاب نفسها.(27)

وعندما نتحدث عن تمثيل المرأة فى الحكومة اليمنية نجد أنه كان ثمة وزيرتان هما وزيرة حقوق الإنسان ووزيرة الشئون الاجتماعية والعمل، ولم يكن هناك سوى سفيرة واحدة من اصل 57 منصباً.

المطلب الثانى: الحقوق السياسية للمرأة اليمنية فى الدستور والقوانين التشريعية قبل ثورة 2011

1-الحقوق السياسية للمرأة اليمنية فى الدستور

إذا تحدثنا عن الدستور اليمنى سنجد أنه يتحدث عن مساواة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالحقوق السياسية ولا تخرج قواعده العامة عن هذه المساواة رغم أن نصوص الدستور جاءت فى صياغة لم تضع تعريفاً حاسماً للمقصود بالمواطن بحيث يتم حسم التعريف بشأنه فيقصد به الرجل والمرأة كأن يكون المواطن والمواطنة يمنى ويمنية، وعليه فيمكن وضع مقدمة فى الدستور تتضمن هذا التعريف لتحقيق ازالة أى لبس يمكن أن يعترض التعامل على قدم المساواة بين المرأة والرجل فى الدستور. وسنتناول فيما يلى نصوصاً دستورية أكدت على حق المرأة فى المشاركة السياسية:

مادة(24) تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

مادة(30) تحمى الدولة الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب.

مادة(31) النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون.

مادة(41) المواطنون جميعهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة.

مادة(43) للمواطن حق الانتخاب والترشيح وابداء الرأى فى الاستفتاء.

وبرغم أن هذه المواد تمثل عنصر المساواة لكنها لا تقدم تمييز ايجابى يساعد المرأة على الحصول على حقها فى المشاركة السياسية وفق ما تنص عليه اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.(28)

وحيث أن مواد الدستور تحيل إلى القوانين مهمة تنظيم الحقوق ووضعها موضع التنفيذ، ولكن غالباً تكون المشكلة فى القوانين التى تضع قواعد تفصيلية تنظم قواعد الدستور وهذا يأخذنا إلى الاطلاع على القوانين التشريعية فى اليمن.

2- الحقوق السياسية للمرأة اليمنية فى القوانين التشريعية

عندما نتحدث عن القانون سنجد أننا أما قانون مكتوب وآخر غير مكتوب، فالمكتوب يتمثل فى نصوص القوانين بمختلف فروعها العام والخاص منها، أما التشريع غير المكتوب فيتمثل فى العرف الذى يمثل قوة تتجاوز نصوص القوانين المكتوبة لأسباب كثيرة ليس هنا مجال تفصيلها.

قانون الانتخابات

تظهر القراءة المتفحصة لقانون الانتخابات العامة والاستفتاء رقم 13 لسنة 2001م أنه يتضمن معوقات أمام حصول التكين السياسى للمرأة خلافاً لما يتم التصريح به من أن القانون يشجع المشاركة السياسية للمرأة فإذا كانت المادة(2) فقرة(ب) تعرف المواطن بأنه كل يمنى أو يمنية، لكن العناية التى يوليها القانون للمرأة لا تتعدى دورها كناخبة فقط حيث يتم تشكيل لجان انتخابية نسائية تتولى تسجيل وقيد أسماء الناخبات ولكن عندما يتعلق الأمر بالمشاركة السياسية الكاملة للمرأة كناخبة لم يتحدث عنها القانون وكأن المطلوب من المرأة أن تكون صوت انتخابى فقط.

قانون السلطة المحلية:

كما ترى الدراسات القانونية أن القانون يتعارض مع العديد من القوانين التنفيذية النافذة فيما يتعلق بالعلاقة بين المجالس المنتخبة والأجهزة التنفيذية فى نطاق المحافظات والمديريات. وفيما يتعلق بالمرأة فإنه رغم المشاركة المحدودة للنساء اللاتى يصلن لعضوية المجالس المحلية فإنهن فى الغالب يحرمن من رئاسة اللجنة التى يشكلها المجلس بموجب القانون نص يلزم المجالس التى يوجد فيها مرأة بتمكينها من رئاسة لجنة على الأقل.(29)

المطلب الثالث: معوقات المشاركة السياسية للمرأة اليمنية قبل ثورة 2011.

هناك جملة من المعوقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى تعيق المرأة عن المشاركة السياسية الفاعلة.

1-الجانب الاجتماعى

يتكون هذا الجانب من عدة عوامل فرعية منها الأعراف والتقاليد فعلى مدار حقبة طويلة من الزمن تكونت أفكاراً واتجاهات معينة حول المرأة أثرت عليها وعلى مستوى أدائها فالبرغم من الدعم والمساندة للنساء من الدولة أو منظمات المجتمع المدنى، إلا أن ذلك لم يمنع الكثيرين أن ينظروا للمرأة باعتبارها فى مستوى أدنى من الرجل وخاصة فى القضايا السياسية، بمعنى أن الرجل أكثر قدرة من المرأة على تحمل تبعات العمل السياسى وأن هناك جوانب لا يصح للمرأة الخوض فيها ومنها فى المجالات السياسية.

وتلعب التنشئة الاجتماعية دوراً معوقاً للمرأة سواء فى الأسرة أو فى المدرسة أو فى الشارع، فكل هذه المؤسسات لا تنشئ المرأة على أساس أنها مساوية للرجل فى كل المجالات، بل تكرس فكرة أن لكل منهما مجاله وأن الرجل هو الأقدر على خوض المجالات الصعبة بما فى ذلك السياسة وأمور الحكم. كما أن هذه المؤسسات تعمل على أن يتوارث الأطفال مفاهيم معينة عن المرأة تحمل معانى تمييزية وتفضيلية للرجل، وبالتالى نجد أن الفتاة نفسها وهى تعرف أن لها حدوداً لا يمكن تخطيها، وأن قدراتها دون قدرات الرجل خاصة فى المجال السياسى.

2-الجانب الاقتصادى

تؤثر التحولات الاقتصادية على المرأة من حيث توفير فرص العمل، كما تؤثر فى نوع العمل وقد أثر العمل ببرنامج الاصلاح الاقتصادى على المرأة بما يعنيه من تحول إلى القطاع الخاص والتحول إلى الصناعات كثيفة رأس المال ونمو قطاع الخدمات على حساب قطاع الزراعة والصناعة وارتفاع الأسعار وزيادة التضخم والبطالة، بالإضافة إلى جملة من العوامل الأخرى التى تقف ضد تمكين المرأة اقتصادياً وتحجم من مشاركتها.

3-الجانب السياسى

بالرغم من التعددية إلا أن أوضاع المرأة اليمنية لم تتأثر ايجابياً بتلك التعددية، وذلك نظراً لاستمرار تهميش دور المواطن فى الحياة السياسية، وفى عمليات صنع القرار مما أدى إلى عزوفهم عن المشاركة، هذا بالإضافة إلى أن الأحزاب لم تقم بدور فعال فى حفز ودفع مشاركة المرأة باعتبارها دون الرجل فى المسائل السياسية.(30)

أيضاً من أهم المعوقات السياسية للمشاركة النسائية فى الحياة السياسية باليمن هو النظام الانتخابى والذى تجرى بموجبه الانتخابات، وهو نظام الدائرة الفردية الذى يقلل من فرص النساء حتى وإن كن أولات كفاءة عالية، فالرجال المنافسون غالباً ما يكونون من ذوى النفوذ والقوة.

وخلاصة القول أن التمكين السياسى للمرأة فى اليمن لن ينجح ولن يؤتى ثماره إلا من خلال تنمية المجتمع برمته، أى من خلال تحقيق تنمية مستدامة تهدف إلى تحسين نوعية الحياة لكل الأفراد، وعليه ستكون أوضاع المرأة أحسن فى سياق تنموى تحديثى متكامل ينظر إليها كإنسان منتج وكطاقة خلاقة.

المبحث الثاني- دور المرأة اليمنية أثناء الثورة

من خلال هذا المبحث سوف يتم استكمال مقولة شاع ذكرها بين الجميع ألا وهى “وراء كل رجل عظيم امرأة ” ويتم الوقوف عند هذا الحد ولكن من خلال الابحاث عن المرأة ومشاركتها السياسية وخصوصا هذا المبحث الذى يعبر عن دور المرأة في الثورة اليمنية في الثورة سوف يتم استكمال هذه المقولة “أن وراء كل رجل عظيم امرأة أعظم” ولكننا لا نريد أن كلامنا حد المبالغة أو الانحياز ونكتفى بمقولة “وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة”.

الثورة اليمنية هي من أهم وأعظم الثورات الشبابية علي النسيج الإجتماعي والتي عاشتها اليمن ولازالت تعيشها حتي الآن ولكن مالا يخفى علي أحد هو أن هذه الثورة هي صناعة شعبية شاركت فيها كل شرائح المجتمع وعلي رأسها المرأة. (31)

أهم ما تميزت به ثورة التغيير في اليمن المشاركة الفاعلة والواسعة للقطاعات النسائية في مختلف الاحزاب والقوي السياسية والمنظمات الحقوقية والمدنية والاتحادات النسائية والنقابات العمالية والمهنية، حيث كانت تقوم بدور ريادي في قيادة المظاهرات والمسيرات السلمية وتنظيمها ورابطت في خيام الاعتصام. (32)

المطلب الأول: أسباب خروج المرأة في الثورة اليمنية

خروج المرأة في الثورة اليمنية ليس بالأمر المألوف بل هو أمر أذهل الجميع ولم يكن من المتوقع من المرأة اليمنية أن تشارك في هذه الثورة بجانب الرجل رأسا برأس دون خوف أو قلق كانت شجاعة وسط النيران لم تهتز أو تخاف وشاركت في الثورة ليس من فراغ بل نتيجة تعرضها للكثير من الضغوط والكثير من الأسباب التي أدلت بها في النهاية إلي الخروج والمشاركة.

-الفقر كان من أهم العوامل التي دفعت المرأة اليمنية إلي الخروج.

-انتشار عادة أن من الأفضل زواج المرأة المبكر قبل الوصول إلي 18 من عمرها.

-الصراع الذى كان بين صناع القرار أي بين شرائح السلطة الموجودة وأجنحتها، مشكلة الجنوب وحراك الجنوب يطالب بالاستقلال والمطالبة بتغيير الاوضاع القائمة

-مشكلة الحوثيين وانتشارهم وسيطرتهم الآن ولم يتبق إلا أن يزيحوا الرئيس وهذا يعني أن هناك العديد من الازمات إضافة إلى الفقر والجوع وانتشار القاعدة وسيطرته علي العديد من المناطق التي غابت فيها الدولة.

(كل هذا يظهر لنا أن المسألة تتجاوز المرأة لتصل إلي الانسان وواقعه في اليمن)

-المرأة هي الاكثر حرصا علي السلام وعلي تحقيق نوع من العدالة ربما لأنها هي الاكثر تعرضا للنتائج الوخيمة لعدم وجود السلام.(33)

المرأة اليمنية لا تختلف كثيرا عن نظيراتها في الدول العربية التي شهدت ثورات ما يسمي بالربيع العربي من حيث مساهمتها في الحراك الثوري وتواجدها في الصفوف الامامية من المظاهرات ولذلك لعدة أسباب منها:

-الرغبة في تنحى الديكتاتورية وبالتغيير

-التهميش الذي كانت تعاني منه المرأة اليمنية

-رغبتها في التمتع بحقوقها وتحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

-حلمها بغد أفضل وبمستقبل يخلو من مظاهر التهميش ومن مظاهر الفقر المدقع ومن الزواج المبكر ومن الامية ومن التبعية للرجل

-تحمل المرأة اليمنية منذ ولادتها معاناة صعبة فتحدم من ارتيادها مقاعد المدارس الابتدائية وتحرم من التعليم كأقرانها الذكور حيث كان هناك فوارق في التعليم والمستوي الدراسي بينها وبين الرجل.

هذه الظروف مجتمعة مثلت منطلقات وأسبابا مركزية دفعت بالمرأة اليمنية للتظاهر جنبا إلى جنب مع الرجل في الثورة اليمنية، وجعلتها ترفع صوتها منادية بالتغيير وبتحسين الاوضاع وبتمكينها من حقوقها دون منة من أحد لأنها جديرة بها وقادرة علي تحمل مسئولياتها في المجتمع والادارة وجميع مجالات العمل والمناصب السياسية والقيادية.(34)

أن المرأة كثيرا ما تشارك في الثورات سواء اليمنية أو غيرها بفعل مواجهة احتلال أو انهاء استعمار أو ثورة وذلك بفعل الاوضاع السياسية والاقتصادية غير العادلة كما أن المرأة اليمنية شاركت في الثورة من أجل تحقيق العدالة.(35)

وعن اليمن إن المرأة اليمنية تعاني تهميشا علي مر السنين “ويقول خبراء إن تزويج القاصرات والاتجار بالنساء حيث لا يوجد حد أدني لسن الزواج من الاسباب التي جعلت المرأة اليمنية تخرج للثورة دون خوف أو تردد.(36)

زواج القاصرات هو أحد الأسباب والتحديات التي أدت إلي خروج المرأة في ثورة 2011 ففي عام 2009 قدمت الحكومة مشروع قانون ينص علي أن الحد الأدنى للزواج يكون 17 عام للإناث والذكور لكنه عطل من مجموعة في البرلمان قالت بأنكحى القانون مخالف للشريعة الاسلامية فالتحديات كثيرة أمام المرأة وخصوصا في اليمن، فالربيع العربي لم يأتي بثماره بعد للنساء في اليمن. الأمل هو أن يحظى جيل جديد من الفتيات بفرصة لمستقبل أفضل لهن.(37)

المطلب الثاني: دور المرأة في الثورة اليمنية

هناك علاقة وثيقة وأصيلة ربطت علي الدوام بين الوطن وبين المرأة، فلقد لعبت المرأة دورا في غاية الاهمية في الثورة اليمنية فكانت هي أم الشهيد التي تدفع بأبنائها للتضحية من أجل الحرية وكانت هي الفتاه التي تنادي بأقصى صوتها” الشعب يريد إسقاط النظام”.(38)

لقد أبلت المرأة اليمنية بلاء حسنا في هذه الثورة ولم يكن شيئا متوقعا أن تخرج المرأة في الثورة وتقوم بدورا موازيا للرجل فلم تخشي أي شئ فكانت بمثابة حجر صلب في وسط النيران والقنابل ولم تتزعزع أو تتراجع.

منذ قديم الازل وينظر إلي المرأة اليمنية علي انها شيئا هلاميا مهمشا شيئا محدود القيمة والاهمية لكن وفجأة أثبتت الثورات ومنها الثورة اليمنية أن المرأة ليست بالشئ الهائم أو المهمش بل انها أساس ومصدر كل شئ تمتلك أملا لا يموت حتي يصل، تمتلك القوة التي لا تضعف فلقد وقفت وسط قنابل الغاز وتهديدات الامن تنادى بأعلى صوتها دون خوف أو اهتزاز تعرضت للكثير من الآلام والعقبات ولكنها عزمت علي تخطيها فكانت بمثابة الصدمة العظمي للنظام والشعب اليمني مشاركة المرأة في الثورة اليمنية بهذه الطريقة وكأنها قنبلة التي حان الوقت لانفجارها.

فالمرأة اليمنية هي التي وقف لها التاريخ إجلالا وإعظاما حيث سطرت صورة من أروع الصور التي تعتبر دربا من دروب الخيال والتي ستظل عالقة في أذهان كل عشاق الحرية وصناع الصمود فكانت هي الثائرة وهي الصابرة وهي المجاهدة وهي السياسية فالمرأة اليمنية العظيمة أبت إلا أن تكون هي بصمة قوية في بناء المجد اليمني.(39)

سجلت المرأة اليمنية حضورا قويا لها في تركيبة المشهد في الساحة اليمنية خلال السنوات الاخيرة قاهرة الكثير من الاعراف والتقاليد السائدة في مجتمعها اليمني حيث شكلت حلقة كبيرة من النضال لحقوقها وحقوق شعبها فاقت في بعضها دور الرجل اليمني.(40)

ويرى الدكتور سمير الشيباني “أن دور المرأة اليمنية كان بارزا في مختلف مراحل النضال للقضايا الوطنية بدءا من خمسينات القرن الماضي، حيث برزت الحركة النسائية في عدن بشكل قوي وسجلت حضورها الرائع في مواجهة الاستعمار البريطاني ثم الترتيب والتنظيم لمواجهة الانظمة الاستبدادية التي أعقبت الاستعمار وقدمن أرواحهن فداء للقضايا الوطنية وتواصل دور المرأة اليمنية في ثورة2011 التي تحل علينا ذكراها الخامسة لنقف إجلالا لتلك التضحيات الجسيمة التي قدمتها المرأة التي سطع نجمها وتقدمت في أحيان دور الرجل حيث هي الزوجة والام والاخت والبنت وهي من حرضت الابن والزوج والاخ علي الخروج للتصدي لتلك الانظمة الاستبدادية رغم كل المعوقات التي واجهتها جراء الاعراف السائدة والتفسيرات الخاطئة لمفهوم الدين.(41)

خاضت المرأة اليمنية في ثورة فبراير تجربة فريدة كان لها حضورها المؤثر الذى جعل للثورة مذاقا خاصا فقد أشعلت ميادين الساحات، وظلت آثارها الابدية. حيث لعبت المرأة اليمنية دورا مشرفا في مراحل الكفاح الوطني المسلح ضد الاحتلال البريطاني الذى شهده جزء غال من الوطن وبفضل نضالها الدؤوب والمضنى استطاعت الانسلاخ تدريجيا من عباءة الاعراف والتركة الموروثة من قبل الاستعمار المستبد لتكون إلى جانب الرجل في مراحل الكفاح المختلفة ضد هذا الاحتلال ( مما يعنى أن دور المرأة لم تطن بدايته 2011 وإنما كان قبل ذلك).(42)

كان دور المرأة اليمنية في ثورة 11 فبراير 2011 مميزا وجاء متزامنا مع مرحلة وصلت فيها المرأة اليمنية إلى مستوي متقدم من الوعي بواجباتها وحقوقها المدنية والسياسية مقارنة مع الماضي فجاء خروجها ومشاركتها في الثورة الشعبية نابعا من إيمانها بأنها شريكة الرجل في الدفاع عن الحقوق والحريات وشريكته في عملية البناء والتنمية وقد أسهمت المرأة في نجاح الثورة بشكل مباشر وغير مباشر . كما أن المرأة اليمنية لها دور ايجابي في ثورة فبراير حيث تغيرت الكثير من المفاهيم عن المجتمع اليمنى من الخارج بأن المرأة فقط هي ربة منزل وليس لها قرار في داخل مجتمعها وأيضا نظرة المجتمع لها وأصبح لها قدرة وشأن أعلى من السابق وقد سعت إلى ذلك بنفسها، أيضا لا ننسى أن المرأة للأسف يصفها الكثير بالضعف أو الخوف أو قلة الحيلة وتفاجأ المجتمع بأن تلك المرأة قدمت العديد من الجرحى والشهداء من النساء وأيضا ثبات العديد من النساء عند استشهاد العديد من اخوانهن وأزواجهن فى ثورة 11 فبراير وأيضا المشاركة في خدمة الثوار في المستشفيات لتقديم العون للجرحى.(43)

كما أن دور المرأة اليمنية في ثورة 11 فبراير 2011 كان مميزا ومختلفا جاء متزامنا مع مرحلة وصلت فيها المرأة اليمنية إلى مستوى لا بأس به من الوعى بواجباتها وحقوقها المدنية والسياسية مقارنة مع الماضي فجاء خروجها ومشاركتها في الثورة الشعبية نابعا من إيمانها بأنها شريكة الرجل في الدفاع عن الحقوق والحريات وشريكة في عملية البناء والتنمية وقد أسهمت المرأة في نجاح الثورة بشكل مباشر وبشكل غير مباشر فكانت متواجدة في الساحات العامة وفي التحضير والمشاركة في المسيرات والمظاهرات السلمية وكانت الطبيبة والممرضة للجرحى والمصابين في المستشفيات الميدانية والعامة وكانت شريكة في الاعداد والتقديم للبرامج والانشطة المصاحبة للمد الثوري الذى استمر حتى توقيع المبادرة الخليجية كما أن الدور الغير مباشر الذى قامت به المرأة كان داعما ومحفزا لشباب الثورة المتواجدين في ساحات التغيير فقد كانت تقوم بإمداد الساحات بأنواع مختلفة من الدعم الذي يتمثل في التحضير للمؤن الغذائية والمشاركة في تقديم الدعم المادي.(44)

لا يزال العالم يذكر دور المرأة اليمنية في تظاهرات الربيع العربي التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح حيث خرجت النساء ليطالبن بحياة ومستقبل أفضل لجميع المدنيين.(45)

فلقد لعبت المرأة اليمنية دورا أساسيا في تظاهرات عام 2011 فكانت لحظة استثنائية لليمن آنذاك. و لكن بعد ثلاثة أعوام علي الربيع العربي تري كثيرات من النساء أحلامهن بحقوق وحريات أكبر لم تتحقق بعد.(46)

المبحث الثاني – المشاركة السياسية للمرأة اليمنية بعد الثورة 2011

تعتبر المشاركة السياسية من أحد آليات الفعل السياسي الناتج من النشاط البشري كونه حق وطني، لذا فيعتبر مقياس لتقدم المجتمعات أو تأخرها فكل المجتمعات المعاصرة تأخذ هذا المنحني باعتباره أحد آليات الفعل الاجتماعي داخل المجتمع، وعلي هذا الأساس فإن كل مواطن ينبغي أن يشارك بصورة فعالة في الشؤون السياسية، ومن هذا المنطلق للمرأة دور مهم في عملية المشاركة السياسية باعتبارها تشكل نصف المجتمع وايضا تشغل نصف عدد سكان اليمن(47)، وبالفعل استطاعت المرأة أن تتخطي كل الحدود والمعوقات التي تواجهها وتشارك في الثورة الشبابية 2011 وتظفر بالفوز لذا كان من الملح أن يكون لها دور في الحياة السياسية بعد الثورة وذلك وفقا لقوانين ونصوص دستورية جديدة تنص علي ذلك وهذا بالرغم من الكثير من المعوقات التي واجهتها آنذاك وهذا ما سنتناوله في المطالب التالية.

المطلب الأول: دور المرأة في الحياة السياسية بعد الثورة

شهدت المنطقة العربية مع مطلع عام 2011 قيام حركات احتجاجية مطالبة بالعدالة والمساواة والحياة الكريمة وقد شاركت النساء في كل هذه الثورات بقوة وفاعلية، حيث كان حضورها في الميادين مبهرا بعد أن إقتسمت الاعتصامات مع الرجال علي قدم المساواة في مشهد غير متوقع وفي ظل واقع مؤلم شديد التعقيد، وغني عن البيان أن هذه الثورات لم تساهم في الإطاحة بالأنظمة الطاغية فحسب بل في محو الصورة النمطية للمرأة، حيث لم تعد تنتمي للأغلبية الصامتة بل ساهمت بصوتها وروحها في نجاح الثورات وانتصار الحراك الشعبي(48).

والجدير بالذكر أنه كان للمرأة اليمنية حظ في المشاركة الواسعة في صنع التغيير في اليمن، حيث استطاعت أن تتجاوز العادات والتقاليد التي تحد من حركتها وصار معتادا حضورها في كافة الميادين وذلك علي الرغم مما تعرضت له من اعتداءات وانتهاكات إضافة إلي ما قدمته من شهيدات في سبيل التغيير والحرية والكرامة والمساواة، لذلك كان من الضروري أن يكون لها دور كبير في الحياة السياسية بعد نجاح الثورة اليمنية، حيث استطاعت أن تثبت دورها ومكانتها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بعد الثورة، حيث تميزت تجربة الحوار الوطني الشامل في اليمن بنجاح منقطع النظير علي مستوي تثبيت استحقاقات النساء في المرحلة القادمة لاسيما وثيقة مخرجات الحوار الوطني والتي نصت علي المساواة الفعلية بين المواطنين والمواطنات باعتبار هذه الوثيقة أساس يقدم عليها عملية وأسس صياغة الدستور الجديد، ويعتبر ذلك نتاج لنضال طويل للمرأة اليمنية من خلال تنظيماتها النسوية والحقوقية وذلك بغية تحقيق المساواة بين الجنسين.(49)

وشاركت المرأة اليمنية كمكون مجتمعي هام في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وذلك من خلال اللجنة الفنية التي أعدت لمؤتمر الحوار الوطني والتي فرضت علي الأحزاب والقوي السياسية المشاركة كوتا للمرأة لا تقل عن 30% من عدد ممثليها في المؤتمر، بالاضافة إلي تمثيل خاص للمرأة المستقلة ب40 عضو فوصل عدد النساء المشاركات إجمالا إلي 30% من قوام أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل والبالغ565 عضو.

وتضمنت المقررات النهائية للمؤتمر عدد من التوصيات التي من شأنها تعظيم المشاركة السياسية للمرأة، ويعتبر من أهم المكاسب السياسية التي تحققت للمرأة اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني علي النحو الآتي:

· تلتزم الدولة بتمثيل المرأة بما يمكنها من المشاركة الفاعلة في الهيئات وسلطات الدولة والمجالس المنتخبة والمعنية بما لا يقل عن 30%.

· للمواطنين رجالا ونساء الحق في المشاركة السياسية بالترشح في الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية والاستفتاء وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن ومواطنة في سجل الناخبين عند توفر شروط الانتخاب.

· تلتزم المكونات السياسية بترتيب قوائمها الانتخابية بما يضمن وصول 30% علي الأقل من النساء للمجالس الانتخابية، ويكون ترتيب المرشحين والمرشحات في القوائم الانتخابية كالتالي: امرأة واحدة علي الأقل من كل ثلاثة مرشحين ولا تقبل قوائم المكونات السياسية المخالفة لهذا القانون.

وهذا بالاضافة إلي العديد من النصوص التي تنص علي المساواة وعدم التمييز بين الجنسين، حيث تكفل الدولة للمرأة كافة الحقوق المدنية والسياسية وتلتزم بتمكينها من ممارسة كافة حقوق المواطنة المتساوية وغيرها من الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية.(50)

كذلك كان للمرأة اليمنية نصيب في تقلدها ثلاث حقائب وزارية في حكومة الوحدة الوطنية التي عينت في ديسمبر2011 بعد استقالة علي عبدالله صالح، فلقد ضمت هذه الحكومة ثلاث نساء هن “حورية مشهور” وزيرة حقوق الانسان، و”أمة الرزاق” وزيرة الشؤون الاجتماعية، و”جوهرة حمود” وزيرة الشؤون الحكومية.(51)

وأيضاً صدر في اليمن القرار الجمهوري رقم240 لسنة2014 بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة بعد مفاوضات استمرت شهور، وكان نصيب المرأة اليمنية في التشكيلة الجديدة أيضا ثلاث حقائب وزارية و وزيرة دولة وذلك للمرة الأولي التي تشغل فيها الحكومة اليمنية علي هذا العدد من الوزيرات وهن “نادية السقاف” لمنصب وزيرة الاعلام، و”أروي عبده عثمان” وزيرة للثقافة، و”قبول محمد عبدالملك المتوكل” وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل، و”سميرة خميس عبيد” وزيرة للدولة، ولقي تعيين اليمنيات الأربع ترحيبا كبيرا من الشارع اليمني.(52)

إلا أن البعض يري أن وصول المرأة إلي هذه المناصب لم يغير شئ من نظرة المجتمع للمرأة اليمنية، حيث إنهن لم يعملن علي تغيير الصورة النمطية عن المرأة العاجزة عن اتخاذ القرار، أو أن يقدمن صورة جديدة للمرأة تعكس تطلعاتها.

العقبات التي واجهت المرأة اليمنية في مشاركتها في الحياة السياسية بعد الثورة وخاصة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل:

سيتم تناول هذه الجزئية في شقين وهما: العقبات التي واجهت المرأة بعد الثورة بشكل عام، والعقبات التي واجهتها في مؤتمر الحوار الوطني بشكل خاص، وبالنسبة للعقبات التي واجهت المرأة اليمنية في مشاركتها في الحياه السياسية بعد الثورة فيمكن تناولها من ناحيتين وهما:

العامل القبلي:

وهو يعتبر من أهم العقبات التي واجهت المرأة اليمنية في مشاركتها في الحياة السياسية بعد الثورة، حيث تعتبر اليمن مجتمع قبلي يخضع للعادات والتقاليد القبلية بشكل رئيسي، وأيضا يتميز بأنه مجتمع ذكوري حيث هناك حقوق يحصل عليها الذكور ويحرم منها الإناث بحكم العادات والتقاليد كحق التعليم مثلا، فنجد أنه من خلال الاحصائيات وصلت نسبة الأمية في صفوف النساء إلي أكثر من خمسون بالمئة، وبالتالي كان من الصعب أن يتقبل هذا المجتمع بكل ما يتميز به من الخصائص السابقة بمشاركة المرأة في الحياة السياسية ووقوفها علي قدم المساواة مع الرجل واحتكاكها به.(53)

العامل الديني:

ويعتبر ذلك عامل مهم يؤثر علي مسار مشاركة المرأة في الحيا السياسية في اليمن، وهو متعلق بالعامل السابق إلي حد كبير، إلا أنه هناك ازدواجية في هذ العامل حيث أن التيار الديني في اليمن منقسم إلي تيارين اسلاميين أحدهما متشدد والآخر وسطي، وقد عارض التيار الاسلامي المتشدد وصول المرأة إلي سدة الحكم واشراكها في الحياة السياسية وذلك وفقا لبعض النصوص في القرآن والسنة دون إجتهاد لدلالة الآية أو الحديث وإسقاط مناسبتهم وأسبابهم، أما التيار الوسطي فقد أقر للمرأة حقها في المشاركة في الحياة السياسية، وشجع دور المرأة في العمليات الانتخابية البرلمانية والمحلية.(54)

بالنسبة للعقبات التي واجهت المرأة اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني:

تمثلت أهم التحديات في وجه المشاركة الفاعلة للمرأة اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني بعدم إلتزام كثير من الأحزاب والقوي السياسية المشاركة بحصة المرأة في قوائم ممثليها، حيث تراوحت النسبة الحقيقية للتمثيل في إطار تلك الأحزاب ما بين15% إلي 27% ، وضعف التشبيك فيما بين النساء الحزبيات والنساء المستقلات حول قضايا المرأة مما جعل تلك القضايا مشتتة في محاور الحوار المختلفة والأحكام المقررة بشأنها ضعيفة وغير متكاملة، وانصياع بعض الحزبيات لتوجيهات قياداتها الحزبية حتي في المسائل التي تعارض حقوق المرأة، واعتبار قضايا النساء مسألة هامشية بالمقارنة مع القضايا الوطنية الأخرى.(55)

المطلب الثاني: دور المرأة اليمنية في صياغة الدستور الجديد، والحقوق السياسية التي اكتسبتها والعقبات التي واجهتها

كان مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن مؤتمرا تأسيسيا بحيث تضمن مخرجاته مقررات تؤسس للدولة اليمنية الجديدة في شكلها الاتحادي ذات النظام الجمهوري القائم علي المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وقد تضمنت مقررات المؤتمر التوجيه بتشكيل لجنة لصياغة دستور الدولة الجديد تتكوم من 17 عضو وفق معايير محددة من أهمها أن تكون المرأة ممثلة في لجنة صياغة الدستور.

وتنفيذا لذلك صدر قرار جمهوري بتاريخ 18 مارس 2014 قضي بتشكيل لجنة صياغة الدستور وتسمية اعضاؤها، ومن بين17 عضو تم ترشيح أربع نساء يمنيات لتمثيل المرأة اليمنية في هذا العمل السياسي الكبير، وهنا يمكن اباء بعض الملاحظات التالية:

· لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث تشارك المرأة في صياغة دستور البلاد.

· وصلت نسبة تمثيل المرأة في لجنة صياغة الدستور ما يقارب من24% من قوام اللجنة.

· تم إختيار امرأتين من قائمة النساء المستقلات وامرأتين من قائمة نساء الاحزاب والتنظيمات السياسية.

· تم تكليف احداهن بشغل مهمة نائبة رئيس اللجنة لتكون ممثلة النساء في هيئة رئاسة اللجنة وشريكة في إدارة عملها.

· النساء الممثلات للمرأة اليمنية في اللجنة أتين من مشارب علمية متنوعة ومجالات تخصصية مختلفة مما أحدث قدر كبير من التكامل في العمل.

بالنسبة للحقوق والمكاسب السياسية التي حصلت عليها المرأة اليمنية في لجنة صياغة الدستور الجديد فهي كالآتي:

تمكنت لجنة صياغة الدستور من أن تترجم الكثير من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني إلي أحكام دستورية، وكان للمرأة اليمنية نصيب وافر من تلك الأحكام، حيث لم يخل باب ولا فصل في مسودة الدستور من حكم واحد علي الاقل لصالح المرأة.

وكانت هذه الاحكام تنص علي الكثير من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولكننا نحن هنا سنركز علي الحقوق السياسية للمرأة اليمنية في ظل هذه الاحكام الدستورية، وهي كالآتي(56):

· صيانة الحقوق للذكور والاناث علي نفس القاعدة من المساواة، وعلي فإن لفظ مواطن أو مواطنين تنصرف أي ما يعني ويشمل الانثي والذكر.

· تلتزم الدولة بتمثيل المرأة بما يمكنا من المشاركة الفاعلة في مختلف الهيئات وسلطات الدولة والمجالس المنتخبة والمعينة بما لا يقل عن30%.

· تتخذ الدولة الاجراءات القانونية التي من شأنها تمكين النساء من ممارسة كل حقوقهن السياسية والمشاركة الايجابية في الحياة العامة وفقا لأحكام الدستور.

· تلتزم المكونات السياسية بترتيب قوائمها الانتخابية بما يضمن وصول نسبة 30% علي الاقل من النساء للمجالس الانتخابية.

· تمثل المرأة في كل القوائم المتنافسة علي مقاعد الهيئة التشريعية بما لا يقل عن30%.

· تمكين المرأة سياسيا بنسبة لا تقل عن 30% في مختلف مواقع صنع القرار السياسي والهيئات المنتخبة.

· النص في القانون علي:

1-تمكين المرأة في هيئات الاحزاب والمنظمات بنسبة لا تقل عن30%.

2-تضمين برامج الاحزاب ورؤاها حقوق المرأة والنهوض بدورها ومكانتها في المجتمع.

وتعتبر ذلك من أهم النصوص التي تناولت الحقوق السياسية للمرأة اليمنية في ظل الدستور الجديد.

بالنسبة للعقبات التي واجهت المرأة في لجنة صياغة الدستور:

1) غياب القناعة التامة لدي معظم الاعضاء بحق المرأة في المكاسب التي حققتها في مؤتمر الحوار الوطني وعدم اعترافهم لها بتلك الحقوق ولاسيما المشاركة السياسية للمرأة وكوتا المرأة.

2) تأخير النقاش في الحقوق المقررة للمرأة والبحث عن الصيغ الدستورية الملائمة لترجمة تلك الحقوق وخاصة في موضوع الكوتا.

3) انتماء معظم أعضاء اللجنة من الرجال لمدارس فكرية دينية وتقليدية مما أسهم في انحسار المناصرة لقضايا المرأة داخل اللجنة وضعفها .

4) عدم الثقة بالمرأة وقدرتها علي العمل علي العمل والابداع وخاصة في المجال السياسي0

5) استهزاء بعض الأعضاء بكوتا المرأة واعتبارها اجراء تمييزي ينافي ثقافة المجتمع اليمني، تعمل المنظمات الدولية علي فرضه0

6) التأثير السلبي للصراع السياسي المحتدم حول السلطة والثورة والنفوذ علي قضايا المرأة و حقوقها.

7) الوضع الأمني المضطرب وانعكاساته علي نفسية النساء وصلابتهن في العمل علي دسترة حقوقهن وتكريسها.(57)

الهوامش

1) حفيظة شقير، محمد شفيق صرصار، النساء والمشاركة السياسية: تجربة الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات المهنية،(المعهد العربي لحقوق الإنسان: تونس، 2014).

2) عاطف علبى، المنهج المقارن مع دراسات تطبيقيه (بيروت: مجد المؤسسة الجامعية للحوار والنشر، 2006).

3) سارة محمود خليل، المرأة والمجال العام بعد ثورة 25 يناير، (مجلة الديمقراطية،القاهرة، مؤسسة الأهرام،العدد52،9-1-2014)ص1

4) مرجع سابق

5) مفاهيم المشاركة السياسية، التجمع النسائى لديمقراطى اللبنانى

6) السيد عبيوة،منى محمود، مفهوم المشاركة السياسية،(مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، مجلة مقاربات،22-12-2008)ص1

7) عدنان حمدان، الديمقراطية،(المجلس العلمى،18-11-208)ص1

8) عمرو بن معد يكرب حسين الهمدانى، المرأة اليمنية فى التراث والتاريخ(اليمن: الدار المحمدية الهمدانية للدراسات والأبحاث، 2010).

9) منصور محمد المنتصر، الحياة السياسية للمرأة اليمنية ووسائل الاعلام(اليمن: دار الآفاق للطباعة والنشر،2008).

10) إيمان عمر عيظة، أثر المتغيرات الاجتماعية على الدور السياسى للمرأة اليمنية”دراسة سوسيولوجية ميدانية في محافظة حضرموت: مدينة المكلأ نموذجاً، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة عدن، اليمن، 2012.

11) معد يكرب حسين الهمدانى، المشاركة السياسية للمرأة اليمنية(اليمن: الدار المحمدية الهمدانية للدراسات والأبحاث،2011).

12) أسهام عبداللة محمد الارياني ، المشاركة السياسية للمرأة اليمنية في المجالس المنتخبة في الفترة (1993-2003)(مصر: مجلة ادراة اعمال،2008)

13) مجاهد صالح سعد الشعبي، الحقوق المدنية والسياسية للمرأة اليمنية (مصر: مجلة البحوث والدراسات العربية، 2010)

14) خديجة عبدالكريم راجح واخرون، المشاركة السياسية للمرأة في الاحزاب السياسية (عمان: الجامعة الاردنية /كلية الدراسات العليا، 2003)

15) سماح بن عبادة، حلم اليمنيات بكسب حقوقهن بعد الثورة وئد فى مهدهن(العرب-لندن،25-1-2015، العدد9808)

16) آلية بجاش واخرون، المرأة اليمنية أثبتت قدرتها وطموحها للاطالة على العالم والانفتاح نحو مظاهر الحياة المختلفة(14 اكتوبر، ديسمبر2008،العدد14309)

17) تقرير البنك الدولى،وضع المرأة اليمنية من الطموح الى تحقيق الفرص(البنك الدولى،مايو 2014)

18) نهال ناجي العولقي، دور النساء في التحول السياسي في الجمهورية اليمنية(التحديات والمنجزات)، (مركز نظرة للدراسات النسوية: بيروت،2015).

19) هدي علي علوي، واقع المرأة اليمنية(التحديات-المنجزات)، (مركز المسار للدراسات: دبي، 2016).

20) خديجة شريف وآخرون، العالم العربي: أي ربيع للنساء؟،

21)

22) معد يكرب حسين الهمدانى، المشاركة السياسية للمرأة اليمنية(اليمن: الدار المحمدية الهمدانية للدراسات والأبحاث، 2011).

23) رمزية عباس الإريانى، فى عهد الوحدة: اليمنية.. وزيرة وسفيرة وبرلمانية، حضرموت نيوز(اليمن: 1يونيو2016).

24) ايمان شايف، اليمن مشاهد وأحداث 2006م(الرياض: مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث، 2007).

25) جمال الجعبى، المشاركة السياسية للنساء ارادة غائبة ونظام انتخابى لا يساعد(اليمن: مرصد البرلمان اليمنى، 2007).

26) جمال الجعبى، مرجع سابق.

27) معد يكرب حسين الهمدانى، المشاركة السياسية للمرأة اليمنية(اليمن: الدار المحمدية الهمدانية للدراسات والأبحاث،2010).

28) معد يكرب حسين الهمدانى، مرجع سابق.

29) وليد الحسينى، معوقات المشاركة السياسية للمرأة اليمنية(اليمن: مركز المرأة للبحوث والتدريب، 2007).

30) هناء ذيبان، المرأة الدور الخفي في ثورة الشباب في اليمن، في(مأرب برس،الثلاثاء19 أبريل2011)ص1

31) نهال ناجي العولقي ، دور النساء في التحول السياسي في الجمهورية اليمنية التحديات والمنجزات، (ورقة بحثية مقدمة الي نظرة للدراسات النسوية في اطار الاجتماع التشاوري حول النساء في السياسة، (منظمة الشرق الاوسط، بيروت-لبنان، 23-25 يوليو 2015)

32) إلهام مانع ،معضلات اليمن تتجاوز المرأة لتصل إلي الانسان وواقعه،(قنطرة ، دويتشة فيلة 2014)

33) سماح بن عبادة، حلم اليمنيات بكسب حقوقهن بعد الثورة وئد في مهده،(العرب،لندن،25-1-2015،العدد9808)ص20

34) حوار جواهر الوادعي مع الهام مانع، المرأة اليمنية هي من يدفع ثمن الحروب، (ثقافة ومجتمع ،27-12-2014)

35) خليل علي حيدر، حقوق المرأة العربية، (الاتحاد، الاثنين27يناير 2014)ص1

36) شيماء خليل، ثلاثة أعوام علي الربيع العربي.. تحديات تواجه النساء في اليمن،(BBC،صنعاء،18 ديسمبر 2013)ص5

37) عبدالله الفقيه، الحكومة والمواطنة: ثورة ال 11 فبراير 2011،(مدونات عبدالله الفقيه، الجمعة 19 يوليو 2013)

38) أحلام عبدا لكافي، المرأة اليمنية شراكة في بناء الدولة.. من ثورة 21 سبتمبر وصولا إلى مواجهة العدوان، في(تقرير وكالة مرصد للأنباء،20-9-2016)

39) محيى الدين الشوترى، اليمنية تذيب جليد الاستبداد، (الوطن، 14-4-2016)

40) آلية بجاش وآخرون ، المرأة اليمنية أثبتت قدرتها وطموحها للاطالة علي العالم والانفتاح نحو مظاهر الحياة المختلفة، (14 اكتوبر،1 ديسمبر2008،العدد14309)

41) خديجة عبدالرحمن الكاف، مشاركة المرأة في الثورة الشبابية كان نابعا من إيمانها الراسخ بأهمية التغيير، في(14 اكتوبر،13-2-2014)ص1

42) مرجع سابق

43) فؤاد الصلاحي، الدور السياسي للمرأة من منظور النوع الاجتماعي،( منشورات فيريدرتش، بيروت الالمانية، صنعاءن2005)،ص4

44) شيماء خليل، ثلاثة أعوام علي الربيع العربي.. تحديات تواجه النساء فى(اليمن،BBC،صنعاء،18ديسمبر 2013)،ص2.

45) مرجع سابق،ص3

46) عارف المعمري، واقع المشاركة السياسية للمرأة اليمنية في إطار التشريعات الدولية والوطنية، صحيفة يافع نيوز،2014 .

47) هدي علي علوي، واقع المرأة اليمنية(الفرص والتحديات)، (دبي: مركز المسار للدراسات،2016).

48) هدي علي علوي، مرجع سابق.

49) نهال ناجي العولقي، دور النساء في التحول السياسي في الجمهورية اليمنية(التحديات والمنجزات)، (بيروت: مركز نظرة للدراسات النسوية، 2015).

50) الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان، الربيع العربي: أي ربيع للنساء(2012 ،ص42 )

51) همدان العليي، (لأول مرة في اليمن: أريع نساء في التشكيلة الحكومية الجديدة(سيرة ذاتية))، يمن برس،(اليمن:2014)

52) سماح بن عبادة، حلم اليمنيات بكسب حقوقهن بعد الثورة وئد في مهده، صحيفة العرب، (لندن: 2015 )،ص20

53) هدي علي علوي، مرجع سابق.

54) نهال ناجي العولقي، مرجع سابق.

55) “مسودة دستور اليمن الجديد”، الأمانة العامة للحوار الوطني، 2015 .

56) نهال ناجي العولقي، مرجع سابق.
المصدر/ المركز المصري للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب