16 نوفمبر، 2024 8:01 ص
Search
Close this search box.

المسيحيون في إيران .. تاريخ من القمع والتمييز في دولة الملالي

المسيحيون في إيران .. تاريخ من القمع والتمييز في دولة الملالي

إعداد/ عمر رأفت
يتعرض المسيحيون الإيرانيون لمخاطر شديدة في إيران، بسبب موجة جديدة من القمع الذي لم يتم تسليط الضوء عليه إلى حد كبير في وسائل الإعلام، بسبب الانهيار الاقتصادي للبلاد والانتفاضة الشعبية من قبل شعب سئم من الطبيعة الاستبدادية للنظام، كما يوجد العديد من الطوائف الدينية في إيران الذين يتعرضون لحالات من الاقصاء والقمع مثل البلوش والأكراد والمسيحيون والسُنة بجانب ديانات أخرى ومنها الزرادشتية.

تاريخ الديانة المسيحية في بلاد فارس

المسيحية بالطبع ليست غريبة على إيران حيث وصلت إلى بلاد فارس بعد موت المسيح بزمن طويل، ويعتقد أن هناك ما يقدر بنحو 350 الف مسيحي في إيران ، في ظل اتجاه متزايد نحو التحول إلى المسيحية، في حين أفاد المركز الإحصائي الإيراني أن هناك 117.700 ألف مسيحي في بلد لا يزيد عدد سكانه عن 82 مليون نسمة.

ويعتبر العدد الحقيقي للمسيحيين الإيرانيين ربما يتجاوز 350 الف بسبب الظروف المعادية للمسيحيين التي يواجهونها في البلاد، بجانب تلك العناصر؛ كان للثورة الاسلامية تأثيرًا كبيرًا على تواجد المسيحيين في إيران ، حيث أدت ثورة الخميني إلى هجرة الكثير من المسيحيين الإيرانيين خصوصًا بعد حرب الثماني سنوات مع العراق وصراع إيران مع الولايات المتحدة الأميركية إضافةً إلإ أن توجهات الثورة الإسلامية نحو أسلمة المجتمع الإيراني دفعت إلى أكثر من ثلثي مسيحي إيران للرحيل إلى الخارج، وتنقسم الطوائف المسيحية إلى عدة طوائف وهي: (الأرمنية ، الآشورية، الكاثوليكية ، البروتستانتية ).

كيف يتعامل مسيحيي الملالي مع المسيحيين ؟

حسبما أبرزت شبكة فوكس نيوز الأمريكية، فقد أطلق الملالي حملة قمع لإسكات معارضيهم، وعلى رأسهم المسيحيين الإيرانيين المضطهدين، وفي 9 أغسطس من عام 2018، حكمت محكمة في بوشهر على اثنين من المسيحيين المتحولين وعشرة إيرانيين آخرين بالسجن لمدة عام واحد لكل منهم بسبب “معارضتهم لتشريعات النظام الإيراني لصالح الديانة المسيحية”.

جاءت العقوبة بعد أسابيع فقط من تعهد الرئيس الإيراني “حسن روحاني” – الذي غالباً ما يصور في الغرب بأنه معتدل ذو توجه إصلاحي – بأن “للمسيحيين نفس الحقوق التي يتمتع بها الآخرون”، في حين تشير الدلائل نحو العديد من الانتهاكات الموثقة المتعلقة باضطهاد المسيحيين في إيران، ولا يقتصر ذلك على الإنجيليين، ففي العام الماضي 2017، اعتقلت قوات الحرس الثوري الإيرانية اثنين من المسيحيين – أم وابنها – كجزء من حملة قمع مفرطة ضد الكاثوليكية في مقاطعة أذربيجان الغربية في البلاد.

كما تقوم السلطات الإيرانية بانتظام باعتقال المصلين، ومداهمة كنائس المنازل، ومصادرة الكتاب المقدس، والأقراص المدمجة المسيحية والأدب الديني الآخر، بينما تقوم وسائل الإعلام التي يسيطر عليها النظام بنشر الدعاية المعادية للمسيحية.

وذكر لاحظ تقرير لجنة الحرية الدينية الدولية لعام 2018 أنه “في العام 2017، شهدت إيران العديد من الإجراءات المتعلقة بالتضييق على الحريات الدينية واستمر مؤشر الحريات الدينية في التراجع لكل الجماعات الدينية المعترف بها وغير المعترف بها؛ حيث استهدفت الحكومة البهائيين والمسيحيين المتحولين على وجه الخصوص”.

بجانب ذلك ألقي القبض على أربعة مسيحيين إنجيليين في مايو 2017، وحكم على كل منهم بالسجن لمدة 10 سنوات لأنشطة كنيسة بيت الكاثوليكية. وقد قُسِّم القس يوسف ندركاني في يوليو على طول ثلاثة متهمين آخرين بسبب أنشطتهم الكنسية في منزلهم، وتم الحكم عليهم جميعا بالسجن لمدة 10 سنوات.

وعلى خلفية هذه الاتهامات أعلنت الإدارة الأمريكية الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية في أكتوبر 2017، على خلفية العديد من الممارسات الوحشية في سجل الحرس الثوري القائم على استهداف المسيحيين والحركات المعارضة لنظام الملالي، كما وفرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على تجارة المعادن الثمينة في إيران وقطاع السيارات واستخدام العملة الأمريكية في أغسطس (2017).

قمع ممارساتهم الدينية

قال ماركوس روده، الخبير في الشؤون الإيرانية لدى منظمة “الأبواب المفتوحة”، في أكتوبر 2017)، إن وضع المسيحيين الإيرانيين “مأساوي للغاية”، حيث أنهم يتعرضون دائما للقمع من النظام الإيراني. (2)

ويتعرض المسلمين الذين اعتنقوا المسيحية إلى مضايقات أكثر بكثير من قبل السلطات. ويتم الزج بالكثير منهم في السجون، كما يتعرضون للتعذيب أو للإعدام لأسباب واهية.

ولا تقام الشعائر المسيحية إطلاقاً باللغة الفارسية، فالسلطات الإيرانية تمنع تداول كل أنواع الكتب المسيحية باللغة الفارسية، بهدف منع العمل التبشيري، ولا يكون أمام المسيحيين في إيران إلا التواري عن الأنظار”، كما أن العديد منهم يجتمعون في كنائس منزلية صغيرة داخل البيوت لأداء شعائرهم الدينية.

القمع والأحكام القاسية ضد مسيحيي إيران

حًكم على نادارخاني وهو مسلم تحول للديانة المسيحية في عام 2010، بالإعدام ، وبعد حملة ضغط عالمية، أطلق النظام الإيراني سراحه من السجن بعد ثلاث سنوات.

وفي يونيو 2017، حكمت محكمة إيرانية على راعي الكنيسة الآشورية الخمسينية فيكتور بيت تمراز وثلاثة أعضاء آخرين في مجتمعه بالسجن لمدة 10 أو 15 سنة بسبب إيمانهم بالمسيحية، وبوصفها دولة موقعة على الإعلانات الدولية لحقوق الإنسان ، يجب على إيران أن تلتزم بالقانون الإنساني الأساسي – بما في ذلك حرية الدين والمعتقد – أو يتم انتقادها على أنها منبوذة في عائلة الأمم.

إنكار دورهم وتواجدهم السياسي

يلاقي مسيحيو إيران الكثير من الأهمال في البلاد على الصعيد السياسي، فلا يوجد لهم تمثيلًا واضحًا في البرلمان الإيراني، أو مجلس صيانة الدستور، وكان هناك تشريعًا يتم مناقشته في الأونة الأخيرة في إيران من قبل مجلس صيانة الدستور بشأن إشراك الاقليات الدينية في المجالس المحلية، ولكن تم رفض هذا التشريع نهائيًا.

ورفض مجلس صيانة الدستور التشريع ، وفي هذا الصدد، أكد أن “الأقليات الدينية لا يمكنها الاشتراك في المجالس المحلية ذات الأغلبية المسلمة، وتلك اشارة إلى أن هذه المؤسسة يوجد بها شئ من التمييز العلني بين المواطنين على أساس الدين، بجانب تلك الأمور، لديهم حريات صارمة وهشة للغاية في ممارسة أدوارهم السياسية، مثل المشاركة في البرلمان ، والمجالس المحلية بالرغم من اعتراف الدستور بهم.

مصير مسيحيي إيران بعد عودة العقوبات الأمريكية

أدت العقوبات الأمريكية على إيران دون قصد إلى حملة قمع ضد مجتمعها المسيحي المضطهد على أنه حركة آيات الله لتعزيز سلطتها في مواجهة الاضطرابات المتزايدة في جميع أنحاء البلاد، في هذه الأثناء، أصبحت محنة الطائفة المسيحية المضطهدة في إيران أكثر سوءًا خلال الفترة الأخيرة، بالتزامن زيادة إيران لأحكام السجن وغيرها من الإجراءات القضائية.

وقال جيف كينغ، رئيس اللجنة الدولية المعنية بالاهتمام المسيحي الدولي، لموقع فوكس نيوز: “يخضع النظام الإيراني لقدر كبير من الضغط في الوقت الحالي، وأضاف أن هناك العديد من التقارير التي تفيد بأن المتشددين في إيران يرون المسيحية بطبيعة الحال بمثابة تهديد لقوتهم، لهذا السبب ، ليس من المستغرب أننا نشهد زيادة في الاضطهاد المسيحي، في حين أدت الظروف الاقتصادية السيئة المقترنة بقسوة حكمهم الإسلامي إلى اضطرابات واسعة النطاق حددت البلاد لعدة أشهر.

إدانات دولية وأكاذيب النظام الإيراني

أدانت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) احتجاز إيران للقس نادارخاني في الأول من أغسطس 2018، كما صنفت وزارة الخارجية الأمريكية إيران على أنها “بلد مثير للقلق بشكل خاص” بموجب قانون الحرية الدينية الدولية لعام 1998 “بسبب الانخراط أو التسامح مع الانتهاكات الشديدة للحرية الدينية.”

وفي سبتمبر 2018، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن “للمسيحيين نفس الحقوق التي يتمتع بها الآخرون”.

وينص دستور إيران، الراسخ في الشريعة الأصولية، على أن الزرادشتيين واليهود والمسيحيين، باستثناء المتحولين من الإسلام، يمكنهم أن يمارسوا طقوسهم “في حدود القانون”.

ويتعرض المسيحيون للاعتقال التعسفي والاستجواب بسبب أنشطتهم الدينية في إيران وما زالوا يُعاملون بقسوة، حيث يواجه بعضهم تعذيبًا جسديًا ونفسيًا قاسيًا خلال فترات الاحتجاز، ويتعامل القضاء الإيراني مع الأنشطة المسيحية مثل الاجتماع فى المنازل الخاصة واجتماعات الصلاة ودراسات الكتاب المقدس كنشاطات سياسية تهدد الأمن القومي، ويتم سجن المسيحيين وتغلق الكنائس، ويتم الاستيلاء على ممتلكاتهم، ويواجهون كذلك التمييز فى مجال التوظيف، واستمرت هذه الانتهاكات للحريات الأساسية على الرغم من انتخاب حسن روحاني الذى يظهر نفسه دوليًا كمصلح داخل الجمهورية.

في نفس السياق، أشار تقرير مجلس حقوق الإنسان هذا العام التابع للأمم المتحدة حول إيران إلى أن أفراد الأقليات الدينية والعرقية استمروا في تحمل الانتهاكات والتمييز ومواجهة الاضطهاد، بما في ذلك الاعتقال والسجن ، والطرد من المؤسسات التعليمية ، والحرمان من الفرص الاقتصادية ، والحرمان من الحقوق ، وتدمير المواقع الدينية ، مثل المقابر ومراكز الصلاة.

وأفادت منظمة العفو الدولية أن “حرية الدين والمعتقد تم انتهاكها بشكل منهجي في القانون والممارسة” في إيران، في ظل استمرار الهجمات واسعة النطاق والمنهجية ضد الأقليات ومنهم الديانات، بما في ذلك “الاعتقالات التعسفية والسجن الطويل والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، والإغلاق القسري للأعمال التجارية المملوكة للبهائيين، ومصادرة الممتلكات البهائية، وحظرت الأقليات الأخرى غير المعترف بها.

ووفق العديد من الدلالات فإن من المتوقع أن لا يكون هناك ثمة دور لمسحيي إيران سواء سياسيًا أو فيما يتعلق بممارسة الحريات في البلاد في ظل تواجد النظام الإيراني الحالي، وهو النظام الذي يقمع كل من يقف ضد إما بالسجن وإما بالإعدام.

الهوامش

1- Iran’s forgotten persecuted Christian minority, Julie Lenarz, Fox News, Aug 26 , 2018, at:

http://www.foxnews.com/opinion/2018/08/26/irans-forgotten-persecuted-christian-minority.html

2- Iran regime ramps up crackdown on persecuted Christians after US sanctions, Fox News, Aug 11 , 2018, at:

http://www.foxnews.com/world/2018/08/11/us-sanctions-in-iran-lead-to-crackdown-on-persecuted-christian-community.html

3- المسيحيون المضطهدون في إيران والبحث عن الأمل الضائع ، 10 ابريل 2017، دويتش فيله، الرابط:

https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D8%B9/a-19004891

4- اقلیت‌ها در حکومت دینی، یا زندگی در امپراطوری تبعیض‌ها ، راديو فردا، شهريور 18 ، 1397، الرابط:

https://www.radiofarda.com/a/commentary-on-how-Islamic-republic-treats-religious-minorities/29401556.html

5- Why Is Trump Turning His Back on Christians in Iran? , Doug Bandow, national interest, March 9, 2018, at:

https://nationalinterest.org/blog/the-skeptics/why-trump-turning-his-back-christians-iran-24843

المصدر/ المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة