5 مارس، 2024 5:35 ص
Search
Close this search box.

المساءلة الجنائية في العدالة الانتقالية

Facebook
Twitter
LinkedIn

المؤلف : أ. القباقبي عبد الإله
مقدمة:
في إطار التحولات العميقة والكبيرة التي يعرفها العالم اليوم، تحتل قضية العدالة الانتقالية مركز الصدارة في اهتمام الرأي العام الوطني والدولي، بل باتت مطلبا كونيا في عالم اليوم. وإذا كانت هذه القضية قد طفت إلى السطح بشكل قوي خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي، كتعبير عن مسار تاريخي من بين سماته الأساسية بداية تراجع بطش الأنظمة الشمولية والسلطوية في العالم، وذلك تحت ضغط دولي متنام وبفضل تنوع مظاهر الاحتجاج وتصاعد المطالب السياسة والحقوقية في وجه هذه الأنظمة، فإنها ما فتئت أن انصبت كوصفة معيارية تختزل في جلها إشكالية الانتقال الديمقراطي في الدول المتخلفة على وجه الخصوص.

وقد بــات مفهــوم العدالــة الانتقاليــة متجــذرا فــي أغلــب الأمــم الناهــضة مــن جحــيم النزاعات الأهلية والاضطرابات الـسياسية وحقـب القمـع والاضـطهاد والملاحقـة، وتتزايـد الحاجة له في جميع مناطق العالم بمـا يتناسـب مـع حجـم الـضغوط والتحـديات التـي تجابـه تقدم المجتمعات نحو الديمقراطية والتنمية والاستقرار.[1]

فالعدالة الانتقالية كمجال يهتم بتنمية و تطوير مجموعة من الاستراتيجيات المتنوعة لمواجهة إرث انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، يهدف الوصول إلى مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية، و يشير التقرير الصادر عن الأمين العام الأمم المتحدة سنة 2004 حول ” تعزيز سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات النزاع ومجتمعات ما بعد النزاع” إلى التقدم المحرز منذ إصدار التقرير المرجعي عام 2004 الذي، وللمرة الأولى، ربط بين مفاهيم “سيادة القانون” و”العدالة” و”العدالة الانتقالية” في تعريف على صعيد منظومة الأمم المتحدة ككل.[2]

ويعيد التقرير التأكيد على العدالة الانتقالية كمكون أساسي في عمل الأمم المتحدة الأوسع نطاقا” في مجال سيادة القانون. وتظهر نتائجه كيف أن غياب المساءلة الجنائية و الإفلات من العقاب على الانتهاكات الماضية يطرح تهديداً خطيراً على الأمن والسلم الدوليين. ويمكن للفشل في تعزيز المؤسسات الأمنية التي أضعفها النزاع أو الفساد والتدخّل السياسي، أو في معالجة إرث هذه النزاعات أو الانتهاكات، أن يترك فراغا في السلطة سرعان ما تملأه شبكات الجماعات الإجرامية المنظمة أو المنظمات الإرهابية، مما يؤدي إلى استمرار العنف وعدم الاستقرار وانتهاك حقوق الإنسان.

وتظهر هذه النتائج الحاجة لأن يقوم المختصون والممارسون في مجال العدالة الانتقالية بتحديد الأولويات للنظر عن كثب في الرابط بين وضع حد للإفلات من العقاب وتكريس مبدأ المساءلة الجنائية كمبدأ أساسي من المبادئ التي تقوم عليها العدالة الانتقالية ومنع بروز هذه “المخاطر الناشئة”.

كما يشير التقرير أيضاً إلى حاجة أكبر لنهج يأخذ بالمساواة بين الجنسين ويركز على الأطفال في مسائل العدالة الانتقالية ممّا يطابق آخر الدراسات في برامج وأبحاث المركز الدولي للعدالة الانتقالية. وتتم الإشارة إلى خلاصات تقرير التنمية في العالم لعام 2011 الذي شارك فيه المركز في الأبحاث والمشورة مع تسليط الضوء على ضرورة إدماج عمليات العدالة الانتقالية في أجندة التنمية الأوسع نطاقاً. كما عملت بعثات الأمم المتحدة بموازاة جهود العدالة الانتقالية وشاركت في إرساء المحاكم الدولية والمختلطة، وشددت على أهمية وضع حد للإفلات من العقاب وضمان المحاسبة على الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطبعة الأولى “2018″ – كتاب: المساءلة الجنائية في العدالة الانتقالية
الناشر: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب