13 أبريل، 2024 5:48 ص
Search
Close this search box.

المذاهب الفقهية اكتملت في القرن السادس عشر الهجري فهل كان الصحابة شوافع أو حنابلة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

بقلم محمد مختار ( باحث وكاتب ) 

يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴿٩٨ الأنعام﴾، وجاءت كلمة يفقهون في أكثر من موضع من القرآن الكريم، منها قول الله عز وجل: قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴿٨١ التوبة﴾، وقول الله تعالى ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴿٣ المنافقون﴾، ولكن ما معنى الفقه ؟ ولماذا قصر المسلمون معنى الفقه على شئون الدين فقط؟ الفِقْه بالمعنى اللغوي الْفَهْمُ، وأصله بالكسر والفعل فَقِهَ يَفْقَهُ بكسر القاف في الماضي وفتحها في المضارع، يقال: فَقِهَ الرجل أي: فهم، وقيل الفقه هو مطلق الفهم، وبذلك يطلق الفقه على علوم الدين والدنيا، والعلوم الشرعية والعقلية ومنها الرياضيات والطب والقانون والمنطق، فيقال فقيه في القانون، وتفقه في الطب والمنطق والعلوم. ولكن لماذا انصرف مدلول كلمة الفقه إلى العلوم الدنيوية فقط؟

ذكر الإمام الغزالي أن الناس تصرفوا في اسم الفقه فخصوه بعلم الفتاوى ودلائلها وعللها» واسم الفقه في العصر الأول كان مطلقا على علم الآخرة. وعلم السلوك، أما الفقيه فقد قال عنه الحسن البصري: إنما الفقيه هو الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بذنبه، المداوم على عبادة ربه، الورع الكاف. وعلى ذلك فقد أطلق الفقه في العرف بغلبة الاستعمال على معنى الفقه في الدين، أي: المخصوص بكونه في الدين، والدين والشرع والشريعة بمعنى: ما شرعه الله على لسان نبيه من أحكام، وكل ما أتى به الرسول من عند الله. وجاء في القرآن: ﴿ليتفقهوا في الدين﴾، أي: ليتعلموا أحكام الدين

لكن في نفس الوقت فقد نشأ الفقه في المدينة المنورة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك مصداقا لقول الله تعالى : ما كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعيش بين ظهراني المسلمين يرجعون له في كل كبيرة وصغيرة، الباحث في تاريخ الفقه الإسلامي محمد محفوظ يقول في دراسته بعنوان : نشأة الفقه الإسلامي أنه بعد أن مر عصر الصحابة وجاء عصر التابعين ظهر من بين هؤلاء التابعين من هم فقهاء في الدين ممن نبغوا في استنباط الأحكام، ولم تظهر بدايات الفقه إلا في القرن الثاني الهجري، ولم تتأسس مدارس الفقه إلا في القرن الرابع الهجري، كما لم تكتمل المذاهب الفقهية على ما وصلت لنا الان وهى مذهب الإمام أبوحنيفة النعمان بن ثابت (ولد80 هـ وتوفي 150هـ) ، ومذهب الإمام مالك بن أنس الأصبحي (ولد 93هـ وتوفي 179هـ).، ومذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ولد 150هـ وتوفي 204هـ). ومذهب الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (ولد 164هـ وتوفي 241هـ). بما يعني أن أحدا من صحابة النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن شافعيا ولا مالكيا و لاحنبليا.

ويشير الباحث في دراسته إلى أن المذاهب الفقهية الأربعة ليست تجزئة للإسلام ولا إحداث تشريع جديد، وإنما هي مناهج لفهم الشريعة، وأساليب في تفسير نصوصها، وطرق في استنباط الأحكام من مصادرها الكتاب والسنة والإجماع والقياس. كما أشار إلى أن تلامذة الأئمة الأربعة بالاستمرار في تدوين كتبهم، وشرحها ونشر علمهم بين الناس، وظهر علماء آخرون في مختلف الأمصار الإسلامية وآراؤهم محفوظة في الكتب الفقهية، وأن أصول المذاهب تتميز عن بعضها بسبب اختلاف أصحابها في مناهج الاجتهاد والاستنباط، وليس في الأصول الكلية أو الأدلة الإجمالية. إذ المنهج الاجتهادي الخاص، واختيارات كل إمام فيما يأخذ به من الأدلة التبعية، هو الذي يميز بين “أصول المذهب” و”أصول الفقه”.

تثور الخلافات بين بعض المسلمين حول جواز أن يقوم المسلم العادي غير الفقيه في الدين بتأدية شعيرة من شعائر الاسلام وفقا لمذهب من المذاهب، وفي نفس الوقت يقوم بتأدية شعيرة أخرى على مذهب آخر. فهل يجوز للمسلم أن يقلد مذهبا من المذاهب ويجمع في تأدية الشعائر بين أكثر من مذهب؟ وهل يمكن أن يتعبد المسلمون بدون مذاهب وفقا لما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أم أن المسلم يجب أن يتبع مذهبا واحدا في جميع شئون دينه ويؤدي علي هذا المذهب جميع الشعائر التي تتعلق بالعقيدة من عبادات ومعاملات؟ وما هى الأدلة الشرعية على ذلك ؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب