15 نوفمبر، 2024 8:24 م
Search
Close this search box.

اللجوء في التراث الإسلامي.. ومنظومة القانون الدولي والعربي

اللجوء في التراث الإسلامي.. ومنظومة القانون الدولي والعربي

في سياق الجغرافيا العالمية الراهنة لتوزيع اللاجئين وأوضاعهم ومستقبلهم أيضًا، يطرح الكتاب الذي صدر حديثًا عن مركز الجزيرة للدراسات، تساؤلات كثيرة بشأن نظرة الإسلام إلى قضية اللاجئين، لاسيما أن نسبة كبيرة منهم حول العالم هم من الدول الإسلامية، أو يقيمون في هذه الدول، ومع ذلك، فإن نسبة قليلة من هذه الدول وقَّعت على المعاهدات الدولية المتعلقة باللاجئين. فهل اللجوء يتعارض مع المفاهيم الإسلامية؟ وإن لم يكن كذلك، فَلِمَ لا يتوفر كثير من الدول العربية والإسلامية على قوانين تتعلق باللاجئين؟ وما المبادئ الإسلامية المتعلقة باللجوء؟ وما الحقوق والواجبات المترتبة على الدولة الإسلامية تجاه اللاجئين؟ وما درجة التقارب والاختلاف بين مفهوم اللجوء في الإسلام وبين معاهدة جنيف للاجئين لعام 1951؟

وكان التحدي في هذا الكتاب، لمؤلِّفه الدكتور عرفات ماضي شكري، هو أن التراث الإسلامي لم يشمل بابًا واضحًا تحت اسم اللجوء أو اللاجئين؛ فعمد إلى الغوص في مصادر التراث الإسلامي المختلفة ليحدد مرتكزات ما يعتبره نظام اللجوء في الإسلام، ثم اجتهد في مقارنة هذا النظام بمعاهدة جنيف الدولية المتعلقة بوضع اللاجئين لعام 1951 فدرسها بندًا بندًا لمعرفة مدى التقارب والاختلاف بين النظامين. وإذا لم تكن ثمة نصوص مفصَّلة وواضحة في التراث الإسلامي تقابل مواد المعاهدة، بحث المؤلِّف في هذه الحالات عن المبادئ والقيم في التراث الإسلامي التي تلتقي أو تختلف مع بنود المعاهدة. وخلص بعد دراسة كل بند إلى النظر إليه من الزاوية الإسلامية سواء بالاتفاق أو الاختلاف. ثم بعد هذا التأسيس استعرض القوانين في الدول العربية التي تعالج موضوع اللجوء ليرى إن كانت هذه القوانين، إن وُجدت، تتفق أو تختلف مع النظام الإسلامي للجوء والقانون الدولي بهذا الخصوص.

وفي ضوء ذلك قسَّم شكري الكتاب إلى أربعة فصول؛ يناقش الفصل الأول، وهو بعنوان “الجوار عند العرب في الجاهلية”، معنى الجوار وتطبيقاته عند العرب في شبه الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام؛ حيث كان هذا العُرف يحتل مكانة مرموقة عند القبائل العربية هناك. ويستعرض أهمية هذا العرف في حياتهم وأنواع الجوار والأسباب الداعية له وكيفية إنهائه وأمثلة كثيرة لتجلياته في تلك البيئة.

أما الفصل الثاني، والمعنون بـ”الجوار في التراث الإسلامي”، فيفصِّل في الجوار في التراث الإسلامي وكيفية تعامل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مع هذا العُرف بعد نزول الوحي وهو في مكة المكرمة؛ وذلك بهدف معرفة تعامل المسلمين مع هذا العرف عندما كانوا مضطهدين هناك وطالبين للحماية من كفار قريش. ثم يقارن ذلك بنظرة المسلمين لهذا العرف عندما تمكَّنوا في المدينة وأصبحوا مانحين للجوار لغيرهم من المشركين. كما يتعرض بكثير من التفصيل إلى كيفية تعامل القرآن الكريم مع هذا الموضوع عبر تسليط الضوء على الآية السادسة من سورة التوبة (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ)؛ وذلك عبر استعراض معظم التفاسير عبر الأزمنة المختلفة والخروج بتفسير مناسب لهذا السياق. فهذه الآية تعتبر حجر الزاوية للتشريع القرآني للجوار.

ويعالج هذا الفصل أيضًا موضوع “عقد الأمان” في الفقه الإسلامي، والذي بجوهره يعني اللجوء في العصر الحديث. كما يعرِّف بمصطلحات مهمة في سياق هذا البحث مثل دار الإسلام ودار الحرب والمهاجر والمستأمن والذمي، وما لكل واحد من هذه الفئات من حقوق وواجبات.

أما الفصل الثالث، وهو بعنوان “معاهدة جنيف للاجئين في ضوء التراث الإسلامي”، فيعقد مقارنة بين التراث الإسلامي ومعاهدة جنيف الدولية، لعام 1951، المتعلقة بوضع اللاجئين لنرى إن كان ثمة توافق أو اختلاف بين النظامين.

ويستعرض الفصل الرابع، الذي يحمل عنوان “وضع اللجوء في الدول العربية واقعًا وقانونًا”، واقع اللجوء واللاجئين في العالم العربي من الناحيتين الواقعية والقانونية بشكل عام. فبعض الدول العربية وقَّعت على معاهدة جنيف، لعام 1951، وبعضها الآخر لم يوقِّع. ولكن معظم الدول العربية تستقبل أعدادًا كبيرة من اللاجئين، فكيف يتم التعامل معهم؟ وأية قوانين تحكم ذلك؟ ثم جاءت الخاتمة لتقديم خلاصة المقارنة بين القانون الدولي والنظام الإسلامي والواقع القانوني المتعلق باللجوء في الدول العربية.

معلومات الكتاب

العنوان: اللجوء في التراث الإسلامي ومنظومة القانون الدولي والعربي

تأليف: عرفات ماضي شكري

الناشر: مركز الجزيرة للدراسات-الدار العربية للعلوم ناشرون

التاريخ: 2018
المصدر/ الجزيرة للدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة