13 أبريل، 2024 5:35 ص
Search
Close this search box.

القمري الحسين.. انتمى إلى جيل المثقفين السبعينيين الذين عاشوا زمن انهيار الأحلام

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“القمري الحسين” محامي، شاعر، أديب وكاتب مسرحي مغربي، اسمه “الحسين علال بوعزة القمري”

حياته..

ولد بمدينة الناظور عام 1944 بشمال شرق المملكة المغربية، اشتغل كمعلّم بمدرسة لعري الشيخ (حاليا مدرسة الإمام مالك) ثمّ مديراً. حاصل على شهادة البكالوريا سنة 1974، حاصل على إجازة في العلوم القانونية سنة 1976، زاول مهنة المحاماة ابتداء من سنة 1978 بمكتبه الكائن بشارع الحسن الأول بالناظور. انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1976، مثّلَ المغرب في مؤتمر الشعر العربي المعاصر في بغداد. شارك في مؤتمر المحامون العرب في سوريا.

قدّم شعره في جامعة الخرطوم عاصمة الثقافة العربية سنة 2004، شارك بقصيدة المنبوذ والبحر في معجم البابطين للأمير عبد العزيز البابطين للشعراء العرب المعاصرين سنة 1996، وهو صاحب ركن أسبوعي في جريدة البيان وصاحب مقالات في جريدة الاتحاد الاشتراكي والعلم ومجلة الأديب اللبنانية.

من دواوين شعره..

“ألف باء – كتاب الليالي – هديل الروح – سنابل الزمان – حصاد العمر” مسرحيات..

“بطولة العرش- رجوع الملك محمد الخامس من المنفى- مطلع النور (دينية)- المتمّردون- جحا يتسلّم بطاقته الوطنيّة (فكاهية)- عمالقة يذوبون- سفينة نوح (نالت جائزة المغرب بأكادير)”.

ويعتبر الحسين القمري من الفاعلين الثقافيين الأوائل الذين سارعوا إلى تأسيس الفرق المسرحية بالناظور. ومن بين هذه الجمعيات والفرق التي ارتبط بها فرقة المشعل المسرحي، وجمعية أهل دربالة للموسيقى والمسرح، علاوة على إسهاماته الكثيرة داخل فرع اتحاد كتاب المغرب بمدينة الناظور.

وكان آخر ظهور للقمري في الناظور، كان سنة 2017، حين تم تكريمه من طرف مهرجان السينما، حيث منحته سفيرة الهند ذرع ذاكرة مياه المحيط.

معايشة التحولات..

في مقالة بعنوان “الشاعر والمسرحي الحسين القمري حلم وناضل ثم رحل” كتب “عبد الرحيم الخصار”: “كان ناشطاً ثقافياً وسياسياً في الآن ذاته، انتمى إلى التيار اليساري في زمن مغربي صعب، وعاش تحولات البلاد منذ أن كانت تحت الاحتلال الفرنسي، إلى زمن الاستقلال ونشاط الحركة الوطنية، ومرحلة التوتر السياسي في السبعينيات، إلى العقود اللاحقة التي تغير فيها مجرى الثقافة والسياسة على السواء.  أصدر عمله الأول “ألف باء” الذي طغى عليه الجانب الوجداني، ثم تحوّل في أعماله اللاحقة إلى القضايا الإنسانية والفكرية، متأثراً بأجواء الثقافة التي سادت خلال السبعينيات في العالم العربي، ومستثمراً نشاطه السياسي والنقابي، حين كان عضواً نشطاً في حزب التقدم والاشتراكية اليساري. وفي أعماله الأخيرة تحوّل الشاعر إلى كتابة نصوص طافحة بالتأمل والحكمة والبعد الفلسفي والميتافيزيقي، في نزوح واضح إلى الصوفية. يقول عنه شقيقه الناقد البشير القمري الذي رحل هو الآخر قبل أشهر قليلة: “في شعر الحسين القمري نزوع إلى ضرب من ضروب الصوفية، بخاصة عندما يلحّ الموت ويختفي الأهل والأقرباء والأحبة والأصدقاء، وعندما يشتد الوجع والألم النفسي، وعندما تدق مسامير العزلة والفقدان”. يرى البشير القمري أن الشاعر كان مشغولاً بهاجس اللغة، إذ عمل باستمرار على تطوير أسلوبه في الكتابة بالحفر الدائم في لغتها”.

شعرية المكان..

ويضيف: “وفضلاً عن المسحة الصوفية والاشتغال على اللغة، كانت السمة الأبرز في تجربة القمري هي شعرية المكان، فهو كتب كثيراً عن مدن عاش فيها أو زارها: الناظور ووجدة وفاس وطنجة ومراكش، وبيروت وبغداد، إضافة إلى سبتة ومليلية المدينتين المغربيتين المحتلتين من لدن إسبانيا منذ القرن السابع عشر”.

وعن نضاله يقول: “كانت نصوص الحسين القمري منسجمة إلى حد كبير مع ممارساته في الحياة. فالنضال الذي زاوله في الواقع تسرب مراراً إلى قصائده، إذ كان ينتقد الحيف والفوارق الاجتماعية وهيمنة ذوي النفوذ واستفرادهم بخيرات البلاد على حساب الطبقات الأخرى للشعب. عُرفت عنه مواقفه الشجاعة والتزاماته الفكرية، وكان مناضلاً حالماً يترقب باستمرار التحولات الإيجابية للبلاد، ويحلم بذلك الغد الذي يئس كثيرون من وصوله. ويلمس القارئ هذا الأمل الغزير في قصائده التي كانت تراوح بين المباشرة والغموض: “ربما كنت أحلم أن رياح بلادي/ تهبّ على موعد العاشقين/ وأن الحَمام على الأكمات/ يزف صباحاتها للّقاء”. وربما كان الحلم أو الخيال هو طوق نجاة الشاعر من واقع يغذي اليأس والتعاسة: “أين يا جبل الريف تنمو الكآبة أو تختفي/ حين يتلاشى الخيال؟””.

ظل الشاعر لعقود يحتفي بالحياة بالأمل هو الذي انتمى إلى جيل المثقفين والسياسيين السبعينيين الذين عاشوا لاحقاً زمن انهيار الأحلام: “أثمرت أشجارنا/ جيشاً من الموتى”. عبّر عن أحلامه وأفكاره ورؤيته إلى الحياة والوجود في مختلف أعماله الشعرية: “كيمياء الحياة والأمكنة” و”كتاب الليالي” و”سنابل الزمان” و”حصاد العمر” و”هديل الروح” وغيرها”.

وفاته..

توفى “الحسين القمري” صباح الأربعاء، 19 يناير 2022، بعد إصابته بمرض في مصحة خاصة بالرباط، بعدما نقل إليها في حالة حرجة إثر تعرضه لشلل مفاجئ أفقده القدرة عن الحركة. وكان الراحل قد فقد بصره قبل مدة، لكنه بالرغم من ذلك ظل متشبثا بحياته الطبيعية، حيث شوهد لأكثر من مرة رفقة أصدقائه في مقهى الأدباء بالناظور”.

قصيدة “هديل الروح”

ل “الحسين القمري”..

  1. في مهب الغنـاء

الهواء إليك رسولي

دعيه يحدثك عن جسد يتضور شوقا

إليك

ليفض عنه غبار السنين

ويلهو

على سمر بابلي

يخبئ أسراره

في الصباح لينشرها في المساء

المداد إليك

طريقي

وأولى المحطات

مشرعة للفجاءات

والشعر

فالتقطي في الزحام

يدي

ودعيني أجرب مغامرة الأنبياء

الرحيل إليك سمائي

فضمي إليك نجومي

وأسطورتي

وتخومي

ولا تدعيني على طرف العمر

أبني الحروف

وأهديها في مهب الفناء

  1. هديل الروح

لأسماء الحمام نذرت أسمائي

فأية حرقة أكلت فراشاتي

وأية هوة سرقت سمائي

فلم أخلع – غداة تنافر الأبدال – عن ألمي ردائي

ولم أسمع هديل الروح حين وقفت في أقصى

انمحائي

أسأل كاهنات الصمت

عما كنت أغزل من ربيعي أو

شتائي

وأتبع حوريات الطيف نحو مساقط الأضواء

أسكن

منزل الرؤيا

وأمرح في بساتين اللقاء،

متى

يا دوحة العشاق

يدنو الفجر من بوحي وإيمائي

وتخضر الحقول

على تخوم الرمل والماء

فإني ما فتحت الجرح إلا

بين أحضان المساء

وما اخترقت مغاور النسيان

إلا حين أشرقت الكواكب في دمائي

وإني ما اجترحت غواية

إلا وهذا الكون

عافيتي ودائي.

  1. في حضرة محيي الدين بن عربي

على عتبات الولوج

على جبل من دخان

رأيته

يغزل ثوب الغيم

وبين يديه قناديل من ذهب

وأباريق يسكب منها الرؤى الشاردات

رأيته

ينشر أوراقه

ويغني

لحورية من بنات الضباء

اقتربت

فأوثقني من ثمالات صبري

ومن ظمأى مزج الكأس ثم سقاني

طقوس الندى

وخمور عوالمه الغائبات

انسلت إلى دهشة اللون والكائنات

وصوت على بابه:

“نخلة في صقيع التنائي”

عراجينها ألسن في جميع الجهات

انخدعت لأسطورتي برهة

وتحللت من شبحي

في إهابي عقيق

ونخل يلفقه قلقي

وانشطاري

انتبهت

على ضوء أيقونة

تتدلى على سفح رؤيا

مدنسة بخطايا الوصول

اشتهيت ثمار حدائقه الفاتنات

فأومأ لي أن

تجلد

فإن الخطيئة

بنت اليقين

وبوصلة

تسرق الوقت منك

وأن حدائقنا سفن

وفصول

فكدت أحطم كأسي –أمزق أشرعتي

ثم

أعلن موت الرقاع

لأهدم ما بيننا من عروش

فجاوبني من صداه

صدى

يتخثر بين الزوايا

كما لو تشظى طريقي

ووغادت كواكبه الخادعة

ولكنه ضمني من ثمالات صحوي

وأسكرني بعناقيد من جنة الفقد

بين خدور المعاني

وأخيلة حرة سافرات

وأدخلني للمدى المتحفز للمحو والانكسار

دعاني إلى إغفاءة في شرود الخيال

وتغريبة في انصياع اللغات

وأوثقني للمرايا

فلم أر إلا

اشتباهي

ولم أر إلا مشارقه والتباسي

قلت:

يا سيدي عتبات الولوج تلوح لي انسياب المدى والمدار

قدسي ظهورك لي

قبل أن يطمس العمر وهم النهار

  • كأنه قوس قزح

إليك

أفاض الفجر حينا وسلمت عليك عيون للصباح تودع ولو شئت أحللت اللقاء محل ما تفرق من شمل فهل أنت تسمع، فلو سئل الديباج أين مراحه لجاءك من فرط المحبة يهرع وتأيك أنوار من البشر فجأة فتمرح نشوى في مداك وتسطع، فهل يستريح العاشقون وكلهم يرونك وجها للحبيبة يسطع، فما لهوى الألوان يجرح سيرتي ويزرع فيها حيرة تتفرع وما للفضاء الرحب يخفي دماء فتفلت منها قطرة تتضوع وتترك أسراب الطيور مهادها إليك.

مع الفجر الذي يتخلع

  • إشارات بين لا ونعم

كن

كما

لا

تريد

وانتظر قمرا ينشر القرب من طيلساني

ومن خطواتي أشعر قبسا للرحيل

وأزمنة

للنشيد

قف وعاكس هبوب الرماد

ولا تلتفت للوراء

فإن الرؤى ساحرات

لجأن

إلى كهفهن البعيد البعيد

كن كما لا تريد

فإنك لن تتسلطن من غير

موت

وعمر جديد

فما ألفيت إلا انتحار الغيوم

بأشواقها في الفضاء المديد

قلت:

كيف التحول منك إليك،

وكيف هذا الفراغ العنيد

قال:

كن

طاهرا

يتخلق من أرجوان التخلي

وطين الخفاء

ولا تتخذ أي رجم

يصدك عني

فإني مغارات هذا الفضاء.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب