26 ديسمبر، 2024 10:08 ص

الغزل في كتابات النساء (3): التنزه بجوار بركان خامل أم تعبير عن الذات أم لفت الأنظار لأهمية الحب

الغزل في كتابات النساء (3): التنزه بجوار بركان خامل أم تعبير عن الذات أم لفت الأنظار لأهمية الحب

 

خاص: إعداد- سماح عادل

عندما تخوض الكاتبة في مجال الغزل في الكتابة، قد يكون بذلك بمثابة من يسير بجوار بركان خامل، لا يعرف متى ينفجر. فهناك بعض الكاتبات اللاتي يفضلن التعامل بهدوء وروية مع موضوع الغزل، وكاتبات أخريات يعتبرنه تعبيرا عن الذات والمشاعر، وهو اقرب في جماله إلى النفس. وكاتبات يرين أن الغزل وسيلة من الكاتبة للفت أنظار القراء إلى أهمية الحب في حياة الإنسان، وكيف يحقق السلام والطمأنينة والأمان في حياة الناس.

هذا التحقيق عن (الغزل في كتابات النساء) وقد جمعنا الآراء من كاتبات وكتاب وقراء من مختلف بلدان العالم العربي. وقد وجهنا للكاتبات الأسئلة التالية:

  1. ما رأيك في الغزل وهل تكتبينه، وما رأيك في الجرأة في كتابة الغزل؟
  2. هل قرأت الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم؟
  3. هل اطلعت على غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر سواء في الشعر أو القصص القصيرة أو الرواية وما رأيك فيه؟
  4. وهل يختلف الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال؟
  5. ماذا تريد أن تقول الكاتبة حين تكتب الغزل هل تحاول إثبات حقها في المساواة، أم تعبر عن ذاتها ومشاعرها، أم تحاول أخذ دور الشريك الفاعل في علاقة الحب؟

التنزه بجوار بركان خامل..

تقول الكاتبة المصرية “شيرين شحاتة”: “الغزل لون من الفنون وإن اختلفنا أو اتفقنا بطريقة تناوله.. ومن وجهة نظري المتواضعة أرى أن تناوله بالطرق السليمة يتطلب مهارة قد تفوق التعامل معه بصراحة، وككاتبة لم أطهو للآن وجبات الغزل الدسمة والتي قد تسبب لقلمي عُسر كتابة قد يلازمني طويلًا بعد تجربة الطبخ.

ورأيي في كتابة الغزل أنه أقرب للتنزه بجوار بركان خامل يحركك نشوة المغامرة والتي قد تدفعك بالمراحل المتأخرة لوضع عنقك داخل فوهته، والتي قد يزول عنه صفة الخمول بأي وقت. غير أننا لا نمتلك جميعًا له بوصلة تصنيف ثابتة لتحديد ما هو جرئ للغاية أو أقل جرأة،  فما قد يراه البعض غير جرئ نجد من يتحدث عن الجرأة المبالغ بها بالعمل وعن نفسي أميل للطرق فوق الأبواب بهدوء لا لنزعها”.

وتضيف: “نعم قرأت الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم وإن كان بطريقة مؤقتة لا كدائمة، واللقاء مع أبيات الغزل تم من خلال القراءة للشاعرة “ليلى الأخيلية” و”ولادة بنت المستكفي” ومن الأبيات التي ما زالت عالقة بذهن الكثير:

أَلا هَل لنا من بعد هذا التفرّق

سبيلٌ فيشكو كلّ صبّ بما لقي

وَقد كنت أوقات التّزاورِ في الشّتا

أبيتُ على جمرٍ من الشوق محرقِ

فَكيفَ وقد أمسيت في حال قطعة

لَقد عجّل المقدور ما كنت أتّقي

تمرُّ اللّيالي لا أرى البين ينقضي

وَلا الصبر من رقّ التشوّق معتقي

سَقى اللَه أرضاً قد غدت لك منزلاً

بكلّ سكوب هاطل الوبل مغدقِ

ل”ولادة بنت المستكفي”

وتواصل: “بالوقت الحاضر لم أطلع بصورة كبيرة على الغزل فيما تكتبه الكاتبات، وإن حضر سريعًا أعلى أسطر محدودة بين أوراق رواية أو مجموعة قصصية الغزل فيهم بالمجمل أشبه بزيارات ضيف لا  إقامة صاحب البيت، فالحضور يتبعه مغادرة مباشرة بعد حصوله على واجب الزيارة”.

وتؤكد: “في العموم أجد اختلاف في تناول الغزل بكتابات النساء عن الرجال، فالغزل عند الرجل يكون أكثر صراحة ووضوح عن المرأة لطبيعتها الخجلة المتكونة داخلها منذ كانت طفلة صغيرة، والتي إن حاولت ككاتبة تفاديها جرمها القراء بفعل فاضح أعلى الورق، وعلى الرغم من ذلك فبعض الكاتبات يتبعن ما يمليه عليهن القلم دون الاطلاع على نتائج ما أحدثه هو”.

وأخيرا تقول: “تختلف كاتبة عن أخرى في السبب لتناولها الغزل داخل عمل فني، والذي قد يكون رغبتها في التماس مع كافة السطور دون أن يدفعها أحدهم خارجه، أي أنها ليست مؤهلة للخوض فيه لأسباب لا تتعلق بقدرتها على الكتابة وقد يكون الدافع إيمانها بحقوق مساواة والتي لن تتحقق إلا باتباع أكثر أساليب الكتابة وعورة، طريقة مباشرة منها لحل مسائل حسابية دون أن تهتز النتيجة لنقصان رقمها، وعند بعض الكاتبات يكون السبب محاولة توثيق لدورها كشريك فاعل في علاقة الحب لا كدور ثانوي تلتف حول كلماته ليبدو بمظهر غير مناسب من وجهة نظرها”.

 

أقرب للنفس وتعبير عن المشاعر..

وتقول الكاتبة “أشواق الدعمي”: “الغزل من أجمل الأغراض الأدبية وأصدقها وأقربها للنفس، نعم أكتب الغزل، الغزل الفاضح والصريح جدا لا أفضله.

الشعر هو ديوان العرب، والمجتمع العربي مجتمع شرقي محافظ، العصبية سمته لذلك نجد عدد الشاعرات قليل جدا مقارنة بعدد الشعراء، هذا لا يعني عدم وجود الملكة الشعرية لدى المرأة أو أنها غير قادرة على مجاراة الرجل في هذا الغرض أو غيره، ولكنها محكومة بمنظومة عادات وتقاليد ومجتمع ذكوري بحت”.

وتضيف: “قرأت  شعر “ليلى الأخيلية” وهي من كسرت الطوق الذكوري في شعر الغزل، وكذلك قرأت ل”ولادة بنت المستكفي” و”حفصة بنت الحاج وغيرهن”.

وعن الغزل في كتابات النساء في الوقت الحالي تقول: “اطلعت على كتابات “أحلام مستغانمي وغادة السمان ولميعة عمارة” وغيرهن، وفي هذا الوقت هناك عشرات المنشورات على المواقع الالكترونية أو تلك التي طبعت ورقيا”.

وعن اختلاف الغزل لدى الكاتبات عنه لدى الكتاب تقول: “أكيد هناك اختلاف بين غزل المرأة وغزل الرجل برأيي غزل المرأة أكثر صدقا وعاطفة بالرغم من غزل الرجل أكثر جرأة”.

وعن أسباب اتجاه الكاتبة إلى كتابة الغزل تقول: ” أنها تفعل ذلك لتعبر عن ذاتها ومشاعرها”.

الحب هو المعنى العظيم للوجود..

وتقول الكاتبة العراقية “سلامة الصالحي”: “نعم أكتب الغزل والشعر وجد أساسا لأغراض كثيرة من أهمها الغزل. الكتابة فعل وجودي كالحب تماما تأتي بهاتف مجهول وعندما تستدعي لحظات الحب الكتابة كمن يستدعي المطر للعشب فتينع المشاعر وتتألق أرواح العاشق والمعشوق وتصل ذروة مجدها تلك المشاعر السامية. وأن لا تفصح بشكل مباشر عن الرغبات الدفينة التي قد تأخذ مسرى الابتذال وانحطاط لحظات السمو إلى منخفض الرغبة القاتل”.

وعن الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم تقول: “نعم قرأت الكثير من غزل الشاعرات والشعراء بأحبابهم والنهايات غير السعيدة بسبب الأعراف والتقاليد، حيث كان التغزل بالمحبوب فضيحة توجب الثأر”.

وعن الغزل في الوقت الحالي لدى النساء تقول: “نعم أطلع كثيرا على غزل مبالغ به وقد يكون فاضحا ويشي بأحداث غرف النوم، وهذا النوع من الشعر لا استجيب له وقد يلقى رواجا لدى الذكور، لكنني أميل إلى الغزل الذي يغور في العمق الإنساني للمرأة وحاجتها إلى التعبير عن هذا العمق بأجمل ما يمكن من سمو ونبل وحياء.

أما فيما يخص القصة والرواية فان المجال فيها أكثر اتساعا وحرية وحتى شرعية في الدخول لتفاصيل النفس الإنسانية والتعبير عن رغباتها وعشقها  ولواعجها، سواء بالنسبة للمرأة أو الرجل لأن تابوهات الجنس والحب ماتزال تشكل عائقا أمام الكاتبة العربية، التي قد يساء فهمها بهذا المجال.

ولكن استطاعت بعض منهن من امتلكن الشجاعة والمقدرة عن التعبير عن مكابدات وحرمانات الأنثى العربية، وكيف يقف الدين والموروث حاجزا صما في التعبير عن النفس الإنسانية وما تعانيه، وأول تلك الشجاعات كانت “غادة السمان” التي شكلت كتاباتها بداية الصفعة لهذا الجدار وصدعه، بما استطاعت من جرأة وعنفوان وإقامة في بلاد متحررة كأوروبا أعطتها من الحرية الكثير في تجاوز محنة النشر والقبول”.

وعن اختلاف لدى الكاتبات والكتاب تقول: “الغزل لدى الرجال ينحصر في جسد المرأة ومفاتنه ورغبته الماحقة في الاستمتاع بهذا الجسد، أما المرأة فإن الحب والرغبات غير الحسية تشكل همها الأول، لما يعنيه الحب من سمو بالمشاعر وصعود إلى النقطة العليا”.

وعن أسباب كتابة الغزل لدى الكاتبة تقول: “نعم تريد الكاتبة أن تنبه الناس إلى أهمية الحب في حياة البشرية، وكيف يكون ركيزة قوية في ثبات المواقف وعنادها، تريد أن تقرع جرس الإنذار بوجه الممنوع، بوجه الحب، وكيف صور بعض العصابيين والعصابيات أن الحب ممكن أن يكون جريمة في عرفهم ضد التقاليد والموروث والدين. تريد الشاعرة والكاتبة أن ترسل رسالتها أن الحب هو الصيغة الأجمل للجمال والحياة والدلالات والمعنى العظيم للوجود، وهو سبب رئيسي في السعادة والخروج من نفق التعاسة والألم والحرمان، والذي ممكن أن يكون الحب هو ثراء وغنى يجعل من حياة الناس أكثر سلاما وطمأنينة ومعنى”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة