قصّة قصيرة
خاص : بقلم – عدّة بن عطية الحاج (ابن الريف) :
كان “مراد” فتى وسيمًا له جاذبية كبرى اتجاه النّساء، يجري وراءهنّ يُريد أن ينال من شرفهنّ، ما إن يرى وجهًا حسنًا إلاّ ووقع في غرام ذلك الوجه الواضح القسمات، ذهب ذات يوم ربيعيّ إلى أحد مطاعم المدينة ليتناول وجبة الفطور ودخل محلاًّ من محلاّت الأكل السّريع، فجاءته النّادلة وهي في أبهى زينتها حيّته بابتسامة ناعمة وساحرة وقالت له: مرحبًا بك ياسيّدي، وقدّمت له لائحة الطّعام ليختار منها ما يشاء من الأطعمة الشّهيّة، فاختار طبقًا من الكباب الممزوج مع البطاطس مع قليل من البندورة والخسّ، كانت تلك النّادلة فتاة جميلة ترتدي سروالاً من الجينز يكاد يُظهر معالم وتضاريس جسدها النّاعم ولها ثديان بارزان ولها حلمتان ناتئتان تظهران من وراء ذلك القميص الشّفّاف الذي يبدو كأنّه ملتحم بجسدها، ولها ثغر قرمزيّ اللّون كأنّه خاتم سليمان قُدّ من عقيق، كانت “أحلام” النّادلة قمرًا يمشي على قدمين، وهلالاً يكاد يخترق عنان السّماء في ليالي الشّتاء اللّيلاء.
وهو يدفع الحساب تقدّم منها وقال لها: أنت فتاة جميلة، سحرني جمالك وأريدك أن تكوني خليلتي تنسيني همومي وتجعلني أقبل على حبّ الحياة، أريد أن أقضي شبابي الذي ضاع منّي معك أمتح من رحيق شفتيك وأداعب نهديك كما يُداعب العازف قيثارته، أريدك أن تبقي معي إلى الأبد نُحلّق في سماء الحبّ كأنّنا عصافير من الجنّة، أحببتك من أوّل نظرة وأريد أن أقضي معك ليلة حمراء نسكر ونُعربد ونفعل ما نشاء من طقوس الحبّ الممنوع، سنتجاوز كلّ الخطوط الحمراء سنلج مناطق الحبّ المحرّمة وسنتجاوز كلّ الأعراف والتّقاليد.
ضحكت النّادلة وبان ضرسها العاجي وقالت لي: أنا كذلك أحبّك وأعبدك ووقعت في غرامك عندما رأيتك مارًّا أمامي ذات يوم خريفي حزين يعزف الرّيح فيه ألحان الطّبيعة الحزينة، أنت فارس أحلامي الذي كنت أتمنى أن أراه وأصادفه في هذه الحياة، لقد عشت طفولة قاسيّة وأريد أن أعوّض ما فاتني من السّعادة الوهميّة، أنت “روميو” الذي أبحث عنه وقرأت عنه في مسرحية “شكسبير” التي عنوانها: (روميو وجولييت)، أنت “عنتر” فارس أحلام “عبلة” الذي قرأت عنه في سيرة عنتر الشّعبيّة، وسألتني قائلة: ما إسمك يا حبيبي ؟
ـ قلت لها: إسمي “مراد” وأبلغ من العمر ما بلغ الشّباب، ولي مهنة وهواية فريدة من نوعها تتمثّل في اصطياد الفتيات الحسان، أنا زير نساء، ما إن أرى امرأة إلاّ وأفتن بها وأقع في غرامها.
ـ قالت لي وهي تبتسم ابتسامة ماكرة وخبيثة: يا لك من شيطان عجيب أمره وغريب شأنه، تريد أن تنال منّي ما تُريد دون تعب ودون شطط، الويل لك منّي، أنا إسمي “أحلام” وأعمل نادلة في هذا المطعم وسأفتح لك قلبي ليلج حبّك من أبوابه المتفرقة، ومنحتني رقم هاتفها؛ وقالت لي: اتصل بي في هزيع اللّيل الأخير لنحكي قصص وطقوس الحبّ الممنوع، دوّنت رقم هاتفها في مفكرتي وأزمعت أن أهاتفها اللّيلة عندما يرخي اللّيل سدوله ويرمي ظلامه الدّامس على أركان هذا الوجود، وخرجت من المطعم فرحًا مغتبطًا لأنّني عثرت على كنز ثمين وسأخوض تجربة غراميّة أخرى تجعلني أجرّب مغامرة الحبّ من جديد، لقد دخلت هذا العالم العجيب المليء بالأفراح وبالأتراح، إنّه عالم يُسعدنا ويُحزننا في نفس الوقت.
جاء اللّيل الرومانسيّ الجميل الذي كنت أنتظره على أحرّ من الجمر وتناولت هاتفي واتصلت بـ”أحلام” في هزيع اللّيل الأخير: ألو أحلام، كيف حالك حبيبتي ؟
ـ ألو مراد، أنا بخير حبيبي، كنت أنتظر مكالمتك انتظار العطشان للماء البارد، أنا أحبّك عزيزي.
ـ أنا كذلك أحبّك عزيزتي، وأريد أن نلتقي في آخر أيّام الأسبوع لنذهب إلى السينما ونشاهد فيلم (لحن الوفاء) من بطولة: “عبدالحليم حافظ” و”شاديّة”،إ نّه فيلم رومانسيّ جميل وسيمُدّنا بجرعات الحبّ الزّائدة التي ستُساهم في رفع درجات ترمومتر الحبّ.
ـ لا مانع عندي حبيبي، لنلتقي يوم الخميس مساءً، ولنذهب إلى السينما لنشاهد فيلم (لحن الوفاء) بل نحن من سيمُثّل أحداث هذا الفيلم في كواليس قاعة السينما.
جاء يوم الخميس والتقيت بـ”أحلام” وذهبنا إلى السينما لنشاهد فيلم (لحن الوفاء) وجلسنا في المقاعد الخلفيّة بعيدًا عن الأنظار، وبدأ الفيلم مع بداية فيلمنا نحن ونسينا أحداث فيلم (لحن الوفاء)، وضعت يدي على فخذها فلم تُمانع القحبة، وشرعت أداعب خصلات شعرها النّاعم الأسيل وقبّلتها في شفتيها ووضعت يدي بين ثدييها فأحسّت بنشوة أدخلتها في غيبوبة الحبّ العميق وانتهى الفيلم السينمائي ولم ينته فيلمنا، وشرعت في التهامها كأنّني ألتهم فاكهة شهيّة، واشتعل ثغرنا بنار الحبّ الحارقة لكلّ المشاعر والأحاسيس، وأحسست بنشوة الحبّ التي جعلتني أحلّق بعيدًا في أجواء الهوى الفسيحة، لقد تجوّلت في تضاريس جسدها كما أشاء واخترقت مناطقها المحرّمة ووقعنا في المحظور.
افترقنا على أمل أن نلتقي في يوم الخميس القادم، وكنت أهاتفها ليلاً ونسرد طقوس الحبّ الممنوع، كنّا نُمارس الجنس عن طريق الهاتف ونحصل على اللّذة المنشودة، وجاء يوم الخميس الموعود وقبل أن ألتقي بحبيبتي وأنا في طريقي إليها اشتريت قارورة خمر من نوع النّبيذ الأحمر وقارورة خمر من نوع البيرة واشتريت دجاجة مشويّة واشتريت قطعًا من الخبز، وهرولت مسرعًا إلى الشّاطيء المهجور حيث حبيبتي تنتظرني هناك، وما إن وصلت حتّى توارينا بين الصّخور وشرعنا نشرب ونُعربد ونُمارس طقوس الحبّ الغجريّة ونمرح في مروج الهوى الفسيحة، ولكنّني في ذلك اليوم المشؤوم قمت بافتضاض بكرتها وسال الدّم القرمزيّ من فرجها، فصاحت “أحلام” وكأنّها أفاقت من نشوة السّكر: سأقتلك، لقد قمت باغتصابي أيّها الوغد الحقير.
ـ قلت لها: سامحيني يا أحلام، لقد أسرفنا في الشّرب وتجاوزنا الحدود، ووقع الذي وقع، ولكنّني سأصحّح هذا الخطأ وهذا الجرم الكبير الذي اقترفته في حقّك، سنتزوّج.
ـ قالت لي: نتزوّج، هذا مستحيل، أنا مخطوبة لـ”فؤاد” تاجر المخدرات، إذا عرف الحقيقة سيقتلنا معًا.
ـ قلت لها: لقد وجدت الحلّ، سأمنحك بعض المال وقومي بإجراء عملية رتق غشاء بكرتك، لقد فرحت “أحلام” باقتراحي هذا وقالت لي: هيّا، ناولني هذا المال لكي أقوم بتلك العمليّة التي اقترحتها عليّ لكي أتزوّج بذلك الغرّ السّاذج، ولكنّني أعدك بأنّني سأبقى على علاقة عاطفيّة معك، إنّي أحبّك ولا أستطيع أن أفارقك سنشرب وسنُعربد كلّما التقينا معًا، وسيكون هذا الشّاطيء المهجور شاهدًا على هذا الحبّ الممنوع وعلى هذا الغرام المحظور، سنعيش من أجل أن نبقى معًا إلى الأبد، وستؤرّخ الأجيال القادمة هذا الحبّ الفريد من نوعه وستجعله عبرة للمحبّين وآية للوالهين في كلّ زمان وفي كلّ مكان.
تمت