مقدمة
عند قراءة سريعة للتطورات التي يعيشها العالم العربي في هذه المرحلة ، وبالرجوع الى ما تعرض له الوطن العربي من مخاطر خارجية استعمارية، وفي كثير من الاحيان ، لم يكن الذين تولوا قيادته او تم فرضهم عليه بمعزل عما حدث من اعتداءات على الانسان العربي وثرواته ،ولربما زادت الاطماع الاستعمارية وبخاصة الغربية بعد اكتشاف هذا الاستعمار ما يمتلكه الوطن العربي من إمكانيات اقتصادية ، مع بداية العقود الاولى من القرن العشرين ،حيث تم اكتشاف النفط من قبل الشركات الأجنبية ( وبشكل خاص البريطانية والامريكية) بكميات هائلة جدا ، وجاءت ثروة الغاز العربي لتزيد من حدة المخاطر والتحديات على الوطن العربي، اضافة الى الموقع الجغرافي الاستراتيجي ،اذ كان الوطن العربي -وما يزال – منذ مئات السنين محط انظار التآمر من قبل القوى الاستعمارية للتحكم بمصيره والسيطرة على مقدراته وخيراته وثرواته المتعددة، وذلك لما يتميز به الوطن العربي الممتد ما بين الخليج العربي الى المحيط الاطلسي ،أي كل ما يمتلكه من المميزات الاستراتيجية ، ويتضح ذلك عند مراجعة دقيقة وقراءة للتطورات السياسية التي مر ويمر بها الوطن العربي، نتيجة للصراع بين تلك القوى الاستعمارية، بهدف اساسي وخطير، الا وهو فرض الهيمنة على مكونات الوطن العربي، وهكذا فان هذا التوجه الاستعماري ، جاء نتيجة لما يمتلكه الوطن العربي من موقع سياسي استراتيجي، وما تكتنزه إراضيه من ثروات وموارد، اضف الى ذلك اهمية الوطن العربي من الناحية الثقافية والحضارية، فهو كما هو ثابت مهبط الديانات السماوية، وكذلك لأنه يتوسط العالم منذ القدم وحتى وقتنا الحاضر، ومما ساعد على التوجهات الاستعمارية ضد الوطن العربي ، اننا جميعا شعوبا وقادة لم نعط هذا الوطن الاهتمام الذي يفترض ان يكون، وفي حالات كثيرة لا نبرأ انفسنا عما لحق بالوطن العربي من انتهاكات واعتداءات ، ولعل ما نعيشه اليوم في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين من اكبر الامثلة اما على تواطأنا ، او عجزنا، اذ نحن شعوبا وقادة اما قد فتحنا الابواب امام التدخل في أمورنا وسهلنا للقوى الاستعمارية بالتدخل ، وفي حالات قمنا باستدعاء تلك القوى الاستعمارية..
وعندما نتحدث عن الثروات والقدرات المتنوعة التي تتواجد داخل اراضيه وفي بحاره ، فانه متعددة ومتنوعة ، وجميعها ذات اهمية اساسية في التطور والنهوض البشري، وكل جزء من هذه الثروات والموارد الطبيعية بحاجة الى دراسة متخصصة ، وعليه فان هذه القدرات ،وان كان من المفترض لصالح ابناء الوطن ، الا ونتيجة للأطماع الاستعمارية والصراعات الداخلية بين القوى السياسية في الدول العربية ، وكذلك الصراعات فيما بين تلك الدول المالكة لتلك الثروات، فقد اصبحت في كثير من المراحل السياسية وبخاصة في القرنين الماضيين، سببا لكثير من المخاطر على مستقبل هذا الوطن العربي ، لاسيما في الفترة التي كانت جميع مكونات الوطن العربي الجغرافية والسياسية خاضعة لنفوذ وسيطرة القوى الاستعمارية الغربية ، اما عن طريق فرض اتفاقيات الحماية او الوصاية ، حيث الكلمة الفصل للدول الاستعمارية ،وفي مقدمتها البريطانية والفرنسية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وفي القرن العشرين دخل الاستعمار والاحتلال الامريكي ابرز بل اسوأ وأخطر القوى الاستعمارية التي تمددت الى ارض الوطن العربي ، ولا سيما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث تم زرع الكيان الصهيوني على ارض فلسطين ، وما نتج عنه من قيام هذا الكيان ، حيث بذل ويبذل الكثير من المحاولات للتحكم في كثير من الثروات والموارد الطبيعية، لدى العديد من الدول العربية، والسعي الى التدخل في الوطن العربي سواء بعلم او طلب من دول هذا الوطن العربي كما فعلت فرنسا في ارسال قوات عسكرية الى ليبيا دون علم السلطات الليبية حيث انكشف امر التواجد بعد الاعلان عن مقتل ثلاثة جنود فرنسيين نتيجة تحطم هيلوكوبتر يوم الاثنين الموافق 1/يوليو/ 2016 ، بالتعاون مع كثير من القوى الاقليمية المحيطة بالوطن لعربي ، حيث اخذت اقطار عربية تسعى لاهثة للتعاون مع الكيان الصهيوني، وتعزز ذلك بتوقيع الكثير من الاتفاقيات مع عدد من الدول العربية ، ومن بينها ما يتعلق بالثروة المائية، وكذلك ثروات الطاقة ، وبخاصة اتفاقيات النفط و الغاز مع عدد من الدول العربية ، وبخاصة المطلة على البحر الأبيض المتوسط، والتعاون مع قوى اقليمية للاستحواذ على الثروات النفطية العربية ، في المنطقة الجغرافية الممتدة ما بين مضيق جبل طارق ومضيق باب المندب وما بينهما البحر الابيض المتوسط ، والبحر الاحمر
دخل العالم مرحلة من الصراع الدولي بين قطبين رئيسيين، وزاد النفوذ الامريكي المتفرد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي (سابقا)، وكانت نهاية القرن العشرين الاسوأ في التطور السياسي في العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص ، حيث شهد الوطن لعربي احتلالا خطيرا جدا الا وهو الاحتلال الامريكي للعراق ، وفي هذا السياق فلابد من التأكيد ان الاحتلال لفلسطين ، كان المقدمة والبداية الاكثر سوءا في تاريخ العالم العربي المعاصر ، حيث كان لزرع هذا الكيان وخلق الاضطرابات في كثير من الدول العربية ، مع بداية العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين ،(تحت عنوان الربيع العربي) بالتعاون مع القوى الاستعمارية الغربية بقيادة الولايات المتحدة ،كما حدت في سوريا واليمن وتونس وليبيا منذ بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، حيث تمدد الاخطار السياسية والامنية من مضيق جبل طارق الى مضيق باب المندب ، طمعا لما لدى هذه المنطقة من الثروات الطبيعية والمميزات الجغرافية، فضلا عن اهميتها، كنقاط اتصال بين مختلف دول العالم
ونظرا لأهمية هذه المنطقة العربية من حيث ما تحتويه من خيرات وثروات طبيعية ، وبخاصة ثروات الطاقة ، وبشكل اكثر تحديدا النفط و الغاز ، والصراعات التي اخذت مؤشراتها تتضح وتتأكد حول المخزون النفط والغاز الطبيعي اضف موارد الطاقة النظيفة كالشمس والماء في توليد الطاقة ، فقد تناولت هذا الموضوع من خلال العناوين التالية، مع التركيز على مورد الغاز.ولقد اجتهدت في تدعيم الشروحات بصور وخرائط تتعلق بمحتويات هذا العمل المتواضع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معلومات عن الكتاب
المؤلف : عليان محمـــــــــــود عليـــــــــــــان
الطبعة الأولى “2017″ – كتاب الغاز الطبيعي العربي: من مضيق جبل طارق الى مضيق باب المندب التحديات والمخاطر الاستعمارية
جميع حقوق الطبع محفوظة: للمركز الديمقراطي العربي ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو اي جزء منه أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن مسبق خطي من الناشر .
الناشر: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية
المصدر/ المركز الديمقراطي العربي