15 نوفمبر، 2024 11:35 ص
Search
Close this search box.

 العنف الأسري.. تدريب الآباء على الطرق السليمة في معاملة الأبناء

 العنف الأسري.. تدريب الآباء على الطرق السليمة في معاملة الأبناء

خاص: قراءة- سماح عادل

في دراسة (العلاقة بين العنف الأسري الموجه نحو الأبناء وممارستهم للعنف المدرسي في إطار خدمة الفرد السلوكية) للباحث “د. عاطف مفتاح أحمد عبد الجواد” أستاذ مساعد بقسم العمل مع الأفراد والأسر- كلية الخدمة الاجتماعية- جامعة حلوان.

العنف الأسري يتنامى بمجتمعاتنا، الأمر الذي سيترك تأثيراً على المجتمع ويهدد ترابطه وتماسكه الأسري. أن العنف الأسري ينتشر بنسبة كبيرة وسط جميع الأسر في كافة المجتمعات سواء العالم الأول أو الثالث وفي جميع الطبقات الفقيرة والغنية، ووسط فئات المتعلمين وغير المتعلمين . هدفت الدراسة لقياس العلاقة الارتباطية بين تعرض الأبناء للعنف الأسري داخل أسرهم وممارستهم للعنف المدرسي، واستخدمت مقياسين أحدهما لقياس العنف الأسري والآخر لقياس العنف المدرسي.

على عينة مكونة من ١٨٥ طالب وطالبة من طلاب المرحلة الإعدادية، توصلت النتائج إلى وجود علاقة إيجابية دالة إحصائيا بين المتغيرين وإمكانية التنبؤ بالعنف المدرسي من خلال العنف الأسري الموجه للأبناء داخل أسرهم وانتهت الدراسة بوضع مقترحات لبحوث مستقبلية حول العنف الأسري والعنف المدرسي.

العنف سلوك..

يرى أصحاب النظرية السلوكية أن العنف شأنه شأن أي سلوك يمكن اكتشافه ويمكن تعديله وفقاً لقوانين التعلم ولذلك ركزت البحوث والدراسات السلوكية في دراسة العنف على حقيقة أن السلوك برمته متعلم من البيئة، ومن ثم فإن الخبرات المختلفة التي اكتسب منها الشخص السلوك العدواني قد تم تدعيمها بما يعزز لديه ظهور الاستجابة العدوانية كلما تعرض للموقف المحبط.

تتعدد أشكال العنف بتعدد أطراف العلاقات الداخلية فيه، العنف ليس مرحلة قصيرة يمكن أن يتجاوزها الطفل بعد مرور بضع سنين، ثم يتحول بعدها إلي شاب سوي ناضج كما يعتقد البعض، صحيح أن السلوك العدواني يبدأ في سن الطفولة، ولكنه إن لم يعالج يقوم فأنه يمكن أن يلازم الصغير سن الشباب ربما يستمر مدي الحياة، فالعدوان والعنف هما من أكثر أنماط السلوك البشري ثباتا ديمومة.

المدرسة..

وتعتبر المدرسة المؤسسة الاجتماعية الثانية التي تستقبل الطفل منذ سن مبكرة بعد

الأسرة، ولها دور مهم في عملية التنشئة الاجتماعية له، ففيها يقضي وقته مع رفاقه

وغيرهم ويمارس العديد من الأنشطة بالإضافة للتعلم، فهي تسهم في تكامل شخصيته

تربويا وتعليميا ونفسيا واجتماعيا، ولكن قد تظهر بعض التصرفات السلوكية من البعض والتي تحتاج إلى اهتمام وعلاج من المسئولين حتى لا تتفاقم فيما بعد، وقد تفشل المدرسة في أداء وظائفها كمؤسسة اجتماعية تربوية لعوامل متعددة، لعل من أهمها نقص ذوي الاختصاص المؤهلين للقيام بأدوارهم كما ينبغي.

إن الهدف الأسمى لأي نظام تربوي إلى تحقيقه هو عنصر جذب لطلاب مدارسنا ومجتمعنا بصورة تشجع الطلاب على التفاعل الإيجابي والبناء مع المدرسة، فعملية التعلم لا يمكن أن تحتل مكانتها في نفوس الطلاب عن طريق الخوف أو التهديد في محاولة للحد من ظاهرة العنف الطلابي داخل المدارس، لكن الطريقة الأفضل هي تطوير الاستراتيجيات التي تتبعها المدارس اليوم للحد من ظاهرة كما وكيفا، فما تنفقه الدولة من أموال على الأجهزة الأمنية والعاملين والمعلمين والإداريين بالمدارس يصبح هدراً إذا لم تتبع المدارس طرق واستراتيجيات جديدة مبتكرة للحد من تلك الظاهرة .

إن ظهور السلوكيات العنيفة عند بعض الطلاب يؤثر سلباً على علاقة المجتمع المدرسي المبني على التفاعل والتعاون، ويؤثر على مستوى الأداء المدرسي عند هؤلاء الطلبة الذين يتصرفون تصرفاً عنيفاً مع زملائهم، ويسبب سمعة سيئة للمدارس التي تكتنفها تلك السلوكيات وتصبح عوامل طاردة من المدارس التي تسود فيها مثل تلك السلوكيات، وتصبح وصمة سيئة للمدرسة على رغم أن السلوكيات لم تكن موجودة سابقاً فيها وبصورة عامة فإنها أيضاً تسيء إلى التعليم المتوسط .

أهمية الدراسة:

١- تتناول الدراسة الحالية ظاهرة العنف الأسري الذي أصبح ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا العربية، ويمكن لنتائج الدراسة الحالية أن تسهم عن نتائج ومقترحات يمكن توظيفها لبناء برامج مناسبة للتدخل المهني لأخصائي خدمة الفرد للتعامل معها.

٢- ربما تسهم نتائج الدراسة الحالية في توعية الأسرة والمربين بخطورة ممارسة العنف ضد الأبناء، وما يترتب على ذلك من أثار سلبية واضطرابات سلوكية تضر الأسرة والمجتمع بأكمله .

3- تأتى هذه الدراسة كمحاولة علمية متواضعة لإثراء التراث النظري لخدمة الفرد فيما يتعلق بمتغيري العنف الأسري والعنف المدرسي ومسببات وتأثيرات كل منهما

كمتغيرات ذات صلة وثيقة بتخصص خدمة الفرد ومجالات ممارستها.

أهداف الدراسة.

١- تحديد العلاقة الارتباطية ودلالتها الإحصائية بين درجات طلاب المدارس المتوسطة على مقياس العنف الأسري وفقا لمتغير العنف اللفظي الذي يتعرضون له ودرجاتهم على مقياس العنف المدرسي.

٢- تحديد العلاقة الارتباطية ودلالتها الإحصائية بين درجات طلاب المدارس المتوسطة على مقياس العنف الأسري وفقا لمتغير العنف البدني الذي يتعرضون له ودرجاتهم على مقياس العنف المدرسي.

٣- تحديد العلاقة الارتباطية ودلالتها الإحصائية بين درجات طلاب المدارس المتوسطة على مقياس العنف الأسري وفقا لمتغير الإهمال الذي يتعرضون له ودرجاتهم على مقياس العنف المدرسي.

٤- تحديد العلاقة الارتباطية ودلالتها الإحصائية بين الدرجة الكلية للعنف الأسري الموجه نحو الأبناء والدرجة الكلية للعنف المدرسي الذي يمارسه الأبناء.

العنف الأسري..

يمكن تعريف العنف الأسري (إجرائيا) في الدراسة بأنه:

١- كل سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر من أحد أفراد الأسرة، ويكون موجهاً

من الإباء أو الأمهات أو الإخوة نحو الطالب.

٢- يتسبب هذا السلوك في إحداث أضرار مادية أو جسدية أو معنوية للطالب.

٣- يظهر ذلك العنف الممارس ضد الطالب في ثلاثة صور أو أشكال هي:

(العنف البدني- العنف اللفظي- الإهمال) .

٤- يمكن قياس ذلك العنف بصوره الثلاث من خلال الدرجة الكلية التي يحصل عليها الطالب بالإجابة على بنود مقياس العنف الأسري ل (محمد القرني) المستخدم في الدراسة الحالية .

العنف المدرسي..

العنف المدرسي هو جملة الممارسات (الإيذاءية) البدنية أو النفسية التي تقع على الطلبة من قبل بعضهم في المدرسة، كما يعرف العنف المدرسي بأنه ذلك الصراع الذي ينجم بين الضوابط والقيم التربوية التي تمثلها المدرسة ورغبات وتصورات عناصر العملية التربوية (الأستاذ، الإدارة، التلميذ)، ويتخذ العنف المدرسي أشكالا مختلفة منها ما يتعلق بالأفراد، ويكون العنف هنا إما باستخدام الضرب بالأيدي أو باستخدام الألفاظ النابية، ومنها ما يكون اتجاه الأدوات والمعدات والهياكل المدرسية ويكون باستخدام التخريب سواء بالحرق أو الكسر أو الكتابة المسيئة “.

أما العنف فهو شكل من أشكال العدوان الإنساني، الذي يتضمن الخسارة أو الأذى للأشخاص أو الممتلكات، والسلوك العنيف يكون له النية في التكرار، ولا يمكن التحكم فيه زائدا أو متطرفا، أو صاخبا، أو مفاجئا أو وقتيا.

أما العنف الدلالي أو الرمزي: يسمى عند علماء النفس بالعنف التسلطي، وذلك للقدرة التي يتمتع بها الفرد مصدر هذا العنف، والمتمثلة في استخدام طرق تعبيرية أو رمزية تحدث نتائج نفسية وعقلية واجتماعية لدى الشخص الموجه ضده، وهو يمثل التعبير بطرق غير لفظية كاحتقار الآخرين أو الامتناع عن النظر إليهم، وقد يكون العنف المدرسي مباشر وهو العنف الموجه نحو الشخص المثير للاستجابة العدوانية مثل: الأستاذ أو الإداري أو التلميذ بوصفهم مصدرا أصليا للاستجابة العدوانية أو غير مباشر وهو العنف الموجه إلى رموز الموضوع الأصلي.

فمثلا: عندما يثير الأستاذ أو الإداري تلميذ يتسم بالعنف لا يستطيع هذا الأخير الرد عليه، عندئذ قد يوجه عنفه إلى شيء خاص بالأستاذ أو الإداري أو حتى الممتلكات.

نتائج وتوصيات..

وفي إطار النتائج التي توصلت إليها الدراسة توصي بثلاثة أمور هامة للتعامل مع تلك الظاهرة والحد منها فيما يلي:

١- تجنب الممارسات وأساليب المعاملة الوالدية غير السوية في تربية الأبناء، سواء في ذلك الإفراط في تدليلهم والاستسلام لمطالبهم، أو التفريط في إهمالهم وعدم تمكينهم من حقوقهم، بل وممارسة العنف بحقهم ومعاملتهم بقسوة، وحرمانهم من العطف والحنان.

٢- إعداد برامج للتدخل المهني موجهة لمقاومة العنف والحد منه، بحيث تشمل المجالات الثقافية والاجتماعية، وتهدف برامج التنمية الاجتماعية إلى مساعدة الأطفال والمراهقين على تطوير مهاراتهم الاجتماعية، وكيفية حل الصراعات بينهم، والبرامج العلاجية التي تهدف إلى تقديم المشورة لضحايا العنف، والعلاج السلوكي لاضطراباتهم النفسية، وكذلك برامج تأهيل الآباء وتدريبهم على تطبيق الطرق السليمة في معاملة الأبناء.

٣- تجنب الوالدين اللجوء إلى حل مشكلاتهم بالعنف والقوة من حيث المبدأ، فإن ألجأتهم الظروف إلى العنف فليحرصوا على أن يكون ذلك بعيدا عن مشاهدة الأبناء لهذا السلوك.

٤- تقترح الدراسة الحالية مجموعة من الدراسات المستقبلية ترتبط بدراسة دينامية لواقع العنف الأسري في البيئة المصرية في ظل التغيرات المعاصرة، دراسة العلاقة بين العنف الأسري والاتجاه نحو الانتحار لدى الإناث من طالبات المرحلة الثانوية أو المرحلة الجامعية، دراسة العلاقة بين العنف الأسري والدافعية للإنجاز والرضا عن الحياة لدى النساء العاملات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة